بإيداع اسماء أعضاء مفوضية الاستفتاء منضدة البرلمان السوداني تكون أولى الإجراءات الفعلية للشروع في استحقاق الاستفتاء قد بدأت، فالمفوضية عقب اقرارها بواسطة البرلمان وأدائها القسم، سوف تباشر على الفور مهمتها التاريخية الكبرى بالسجل، والطعون، وتوزيع المقار والدوائر. وتشكل المفوضيات الفرعية. وبحسب ما توفر من أنباء من مصادر مطلعة بالبرلمان السوداني فإن الأسماء المعروضة جرى التوافق حولها – كما هو معروف شأنها شأن كل الأمور المشتركة الأساسية بين شريكي نيفاشا – ومن ثم فإن من غير المتوقع أن تثور بشأنها خلافات تذكر، وان كانت مصادر جنوبية تشير الى أن الحركة الشعبية ظلت تصر على أن يترأس المفوضية شخص من الجنوب في حين أن الاسم المطروح المتفق عليه حتى الآن من الشمال وهو الاستاذ محمد ابراهيم خليل ذي الخلفية، والذي سبق وأن ترأس أول جمعية تأسيسية عقب انتفاضة ابريل 1985 التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل جعفر نميري والمعروف عنه مرونته واتساع أفقه وخبرته الجيدة على غرار مولانا أبيل ألير الذي قاد بنجاح فموضية الانتخابات العامة. ولا يبدو إصرار الحركة الشعبية على أن يترأس مفوضية الاستفتاء أحد الاخوة من الجنوب أمراً معقولاً، فالأمور لا ينظر اليها من زاوية العرق والإثنية بقدرما أن المهم هو الحيدة والنزاهة والخبرة الجيدة، بل ان ترؤس جنوبي لمفوضية الاستفتاء ربما يعطي انطباعاً عن أن قضية الاستفتاء في مجملها قضية جنوبية محضة، بينما هي في الواقع ليست كذلك وانما هي قضية سودانية قومية تهم السودان بأسره. وحتى ولو جارينا منطق الحركة هذا وسايرناه، فإن مفوضية الانتخابات العامة ترأسها جنوبي هو مولانا أبيل ألير دون أن يطعن فيه طاعن من الشمال ايماناً من الجميع بأن الرجل قومي وله من الاحترام والحيدة ما يكفي للقيام بهذه المهمة الصعبة، ولهذا فإن ترؤس مفوضية الاستفتاء باعتبارها شأناً قومياً ينبغي أن يوكل الى شخصية شمالية، بحيث يصبح الأمر متوازناً ومن ثم فيه عدالة للجانبين. ومن المهم هنا للغاية أن تلتزم الحركة الشعبية عقب اختيار مفوضية الاستفتاء باحترام هذا الاختيار حتى لا نفاجأ بما فعلته من قبل من طعن واتهام في مفوضية الانتخابات العامة بعد أن قامت باختيار ثلاثة منها اختياراً فردياً لم ينازعها فيه أحد ولم يعترض عليه شريكها الوطني، حيث لا يصح أن تختار اليوم ثم تعود لتنقض اختيارها غداً، حين لا تروق لها النتائج والاجراءات. وعلى كل فإن مفوضية الانتخابات ومفوضية الاستفتاء كلتاهما ضمّت شخصيات جديرة بالإحترام، ليس من حسن إدارة الأمور النيل من أي منها لمجرد أن الأمور بالنسبة لهذا الطرف أو ذاك لم تمضي كما كانت تشتهي!