تحليل رئيسي عند تكوين المفوضية العامة للانتخابات السودانية قبل نحو أكثر من عامين لم يدري وقتها العديد من المراقبين ان التكوين قد تم بناء على مقترحات القوي السياسية المعارضة و الحركة الشعبية ،و ان الحزب الوطني – الذى يحتفظ بوثائق هذا التكوين حتى الآن – لم يكن له أي دور فى تكوين المفوضية و لم يقدم أى اسم لأي عضو ، ومع ذلك فان الهجوم و الانتقادات اللاذعة التى تفجرت فيما بعد ضد هؤلاء الأعضاء لم يشفع للحزب الوطني فيها أنه لم يكن له يد فى اختيار أعضاء المفوضية . و يمكن القول ان مفوضية الانتخابات العامة إبتداءاً من رئيسها مولانا ألير و حتى آخر عضو لم تكن لها صلة بالحزب الوطني ،و كان الحزب الوطني فيما يبدو يريد ترسيخ نهج استقلالي حقيقي للمفوضية ويبعد عن نفسه شبهة الاختيار . الآن عاود الحزب الوطني ذات الشئ و ربما بصورة أكثر سفوراً بشأن مفوضية الاستفتاء ، حيث ترك أمر تكوين المفوضية لاختيارات الحركة الشعبية و الأحزاب الجنوبية ،و ربما لهذا السبب ظهر ان عدد اعضاء المفوضية المنتمين للحركة بات يمثل أغلبية أصبحت تتحكم بطريقة عمل المفوضية ، للدرجة التى تعرقل فيها اختيار أمين عام للمفوضية ،ولعل الحزب الوطني بهذا المسلك ينأى بنفسه عن الشبهات و فى الوقت نفسه يرضي الحركة الشعبية ، و هذا يحتم فى ذات الوقت ان تتحلي الحركة الشعبية بقدر وافر من النزاهة و الشفافية ، فهي على اية حال مطالبة بإجراء استفتاء نزيه لا يتطرق اليه أى شئ من الشك ،و لا تعتريه هواجس و ليس معني ان (الأمور فى المفوضية بيد ا لحركة) هو ان تستغل الحركة هذا الأمر و تجعل من وجود هذا العدد من الأعضاء سلماً لكي تصل من خلاله لما تحب تشتهي . وقد لاحظنا - كمراقبين- منذ الآن كيف أساءت الحركة استخدام سلطتها هذه و اتضح اولاً ان من بين أعضائها منحدرين من (اصول يوغندية) ! و هناك أعضاء لهم آراء و مواقف سافرة بحيث يصعب إثبات حيدتهم و نزاهتهم و هذا سوف يؤدي عاجلاً أم آجلاً الى إفساد العملية برمتها او على الأقل التشكيك فى سلامتها ، و لم يستبعد بعض المراقبين ان تستغل الحركة هذا الموقف ايضاً فى تمرير بعض أجندتها – فى ظل وجود هؤلاء الأعضاء – و بما قد يفضي الى (تزوير) فى العلمية كلها لتأتي لصالح ما تريده. ان الحزب الوطن و مهما كان حسن النية حيال هذا الأمر إلاّ ان حقائق الواقع تقول ان الاستفتاء شأن وطني استراتيجي لا مجال فيه لإرضاء طرف على حساب وحدة السودان، وأمنه و استقراره ، كما ان الحركة الشعبية عليها ان تحترم و تراعي هذا الشأن الوطني الاستراتيجي و تحافظ على حيدة ونزاهة العملية .و اذا لم يحدث ذلك فإنها سوف تحصل عليه من نتائج جراء عملية مشوبة بهذه الشوائب لن تكون لديه شرعية و لن يكون له مذاق وطني قط !