مجموعة الازمات الدولية قالت: ان ما قامت به مصر تجاه الوحدة الجاذبة أكثر مما قام به السودان! و علامة التعجب مقصودة لذاتها فى الفقرة أعلاه ، ليس تأييداً لوزير الخارجية الجديد الذى يدير الآن الدبلوماسية السودانية بالضربات الحرة (المباشرة) ..متعمداً على مقدراته العالية فى ا للعب ب(العنف القانوني) . و لكن احقاقاً للحق ..فمن الناحية الاقتصادية قامت مصر بشراء بضعة وابورات لإنارة مدينة واو (نشكرها عليها) و وعدت.. و وعدت ..و عدت مصر بإنشاء فرع لجامعة الاسكندرية فى مدنية جوبا و لن تف بوعدها .. و وعدت بزيادة قبول الطلاب الجنوبيين فى الجامعات المصرية و لم تف بوعدها .. وعدت مصر بإقامة مؤتمر دولي لأعمار الجنب..و لكن غلبتها غيرتها من الدوحة فحولت المؤتمر الدولي لاعمار دارفور ..وعدت مصر بالكثير و أوفت بالقليل ، كما يقول الشعب المصري خفيف الظل: هو الكلام بفلوس ؟ و قد طلبت الخارجية المصرية توضيحات من الخرطوم بشأن تصريحات وزير الخارجية الجديد.. و الحقيقة ان مصر لا تحتاج الاستيضاح الخرطوم بشأن تصريحات كرتي.. فيكفي ان ننقل بعض الحديث الذى أدلي به احد ابرز القيادات الفكرية و السياسية المصرية.. فالمحاضرة ألقاها الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري فى مركز الدراسات الحضارية و حوار الحضارات التابع لجامعة القاهرة و يكفي (كشهادة ملك) على تراجع الدور المصري ليس فى السودان فحسب بل فى كل المنطقة العربية. الفقي قال ذلك التراجع فى دور مصر الإقليمي هو تراجع (إرادي) أى بمحض ارادة مصر ،و هو انكفاء قصدت به معالجة مشاكلها الداخلية .. ولم ينس ان يضع المعالجات الكافية التى تعيد مصر الى صدارتها الإقليمية ..بإعادة العلاقات مع إيران و مراقبة الأوضاع فى السودان .. خطأ وزير الخارجية السوداني هو خلطه بين الفاضح بين الراي ( الذي يتكون بناء على معلومات) و بين الموقف الذى تم تجميعه واتخاذه بناء على الرأي .. فقال وزير خارجيتنا : ظللنا نشكو ضعف معلومات مصر عن الحياة السياسية و تعقيداتها فى السودان. و مصر لا تشكو من قلة معلومات فى أى شئ ، فالمعلومات فى مصر هى المهنة الاولي التى يجيدها كل الشعب المصري . و تتم تصفية المعلومات وتنقيتها والاحتفاظ بها فى الملفات او الأقراص المدمجة بعدان يطلع عليها متخذوا القرار المصري .. فلا يتخذون قراراً . و عدم اتخاذ القرار هو فى حد ذاته موقف ،و له مسبباته ..قالها الفقي ، و هو موقف لا ينتج عن(ضعف معلومات مصر عن الحياة السياسية و تعقيداتها فى السودان ) ...و لكنه موقف إرادي ..بارادة مصر الخالصة . و لعله .. وزيرنا يقصد (ظللنا نشكو ضعف مواقف مصر تجاه قضايا السودان المعقدة ) ..فمواقف مصر ضعيفة ،و لكن معلوماتها قوية. ظل الملف المصري فى الذاكرة السودانية محفوفاً بالأوهام ،و ظل الملف السوداني عند مصر الرسمية بعيداً عن الاهتمام..بعيداً عن التخطيط الاستراتيجي (على الاقل قبل أزمة مياه النيل) .. و السودان هو الاكثر شكوي لأنه اكثر احتياجاً لمصر ،و الا لما بدأَ وزير الخارجية الجديد أولي تصريحاته عن مصر . لماذا لا تكون هذه التصريحات و الاستيضاحات التى طلبتها مصر بناء عليها فرصة لبداية تفاهم جديد بين قيادات البلدين ؟ تفاهم يضع فيه كل طرف تحفظاته على الطرف الآخر ، و الاهم ان يضع كل طرف مطلوباته و توقعاته ..و رب استيضاحات نافعة ! نقلا عن التيار 22/6/2010