تناثرت و تبعثرت على نحو مثير للشفقة منظومة أحزاب جوبا وكان أمراً محزناً حقاً ان ذات التجمع الوطني فى تسعينات القرن المنصرم ذهب اليه تحالف جوبا . فالحركة الشعبية وبوصفها المشغل الرئيسي (و صاحب الامتياز) للتحالف ،وجهت ضراباتها المتتالية للتحالف فى الانتخابات المنصرمة، فلا هي نسَّقت مع أى حزب من أحزاب جوبا و لا تحالفت ،ولا حتى أشركت أحداً منهم فى خطة من خططها وكانت ضربتها مؤلمة لهم حين سحبت مرشحها الرئاسي عرمان فى آخر لحظة وأحدثت بلبلة لدي بقية التحالف الذى لم يستطع أن يجاري الحركة و لا عرف سبب تصرفها ولا إستشارته ، ولا حتى قدمت مبرراً أو اعتذاراً ، والأَنكي من كل ذلك فان الحركة حتى الآن تتعامل على اساس انها تتجه نحو الانفصال ،و وجد بقية فى مجموعة التحالف ان من الخطل والمغامرة مسايرة الحركة فى توجهها الانفصالي ومن الخطر ايضاً و المغامرة انتقاد موقفها ،و فبقوا بين بين لا الى هؤلاء و لا الى هؤلاء ! الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة الميرغني تسببت مذكرة رسمية خطها للمؤتمر الوطني بغرض المشاركة فى الحكومة ثم أنكرها و حاول التملص منها فى زيادة جراحه التنظيمية و إستقالة البعض ،و محاولة إخضاع البعض لمحاسبة ورفض البعض للموقف فإنشغل الحزب بنفسه، و بدا موفقه مثيراً للشفقة حيث لا تنظيم قائم على أسس ،ولا رؤية سياسية واضحة و لا وجود فى الساحة السياسية حتى فى شارع المعارضة ولا قدرة على التأثير على مجريات الأمور . ولم يجد الميرغني ما يفعله سوي ان يطالب بإشراك حزبه فى مفاوضات الدوحة للإسهام فى حل أزمة دارفور ! اما حزب الامة بزعامة الامام الصادق المهدي فحدث ولا حرج ! الحزب الذى تقلص الى درجة اصبح فيها أعضاؤه وقادته هم أسرة السيد الصادق المهدي ، فانه موعود بانشقاق جديد يقوده مادبو من شأنه ان يقضي على وجوده تماماً ،ولها فان السيد الصادق لم يجد هو الآخر ما يفعله سوي اطلاق المصطلحات من شاكلة( حوكمة الحزب) أو اطلاق مبادرات أكاديمية من شاكلة مبادرة لحل ازمة مياه حوض النيل . وقد كانت آخر انباء الحزب ان بعض المنشقين عنه مثل مبارك الفضل وجهوا نقداً للسيد الصادق باعتباره لا يزال يدير الحزب بعقلية السيد و زعيم الطائفة متجاهلاً الواقع الحديث للأحزاب و المتغيرات السياسية. اما الحزب الشيوعي فيكفي ان نقف فيه على صراعات تجري بين قادته المسنين ،الذين تجاوزت اعمارهم السبعين ، يتصارعون على حزب ليس لديه اية عضوية يمكن ان تجعل منه حزباً له وجود. و هكذا فان تحالف جوبا لم ينفرط عقده فحسب ، ولكنه اصبح بمثابة رمال ، وحبات حصي غير متجانسة ،تذروها الرياح وتتلاعب بها الأنواء والأعاصير ،و اضطر كل حزب للفرار من الآخر و البحث عن مخرج ....و لا مخرج !