تنفست الخرطوم الصعداء مساء أمس بعد نجاح السلطات الأمنية والسياسية في العبور بالمباراة الفاصلة بين مصر والجزائر إلي بر الأمان, ونجح الخضر في خطف آخر بطاقة للتأهل لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا وسط حضور جماهيري كبير, فيما تحلي الجمهور المصري بروح رياضية عالية رغم مرارة الهزيمة بهدف عنتر يحيي القاتل الذي أحرزه في الدقيقة 40 من الشريط الأول ليقود الجزائر إلي ثالث نهائيات كأس عالم في تاريخ الكرة الجزائرية. وتلقي رئيس الجمهورية المشير عمر البشير بحسب التلفزيون الجزائري اتصالا من نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة شكر فيه السلطات السودانية علي حسن التنظيم والضيافة وتسهيل إجراءات دخول المشجعين الجزائريين للخرطوم. نجاح أمني وكان رئيس الجمهورية المشير عمر البشير قد اطمأن قبل ساعات من بداية اللقاء علي الترتيبات الأمنية والإدارية للمباراة خلال لقائه بالأمانة العامة لمجلس الوزراء بوالي ولاية الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر.. ونجحت قوات الشرطة في تأمين دخول وخروج مشجعي الفريقين دون حدوث أي احتكاكات بين الطرفين, وكانت القوات النظامية قد فرضت إجراءات احترازية ورفعت درجة استعدادها 100% تحسبا لأي طارئ قد يحدث وانتشرت القوات يوم أمس بطول العاصمة وعرضها, وقامت بتطويق استاد المريخ والإحياء المجاورة له بصورة لم تحدث من قبل, كما قامت الشرطة بتأمين الإستاد من الداخل بقوة تجاوز عددها الخمسة آلاف جندي, وتم إغلاق الشوارع المؤدية للإستاد وهي شارعا العرضة والأربعين منذ الثانية ظهرا بواسطة القوات النظامية وسمح بالمرور فقط للراجلين علي مدخل الإستاد كما تم فصل المشجعين الجزائريين والمصريين بالمشجعين السودانيين مع وجود امني كثيف بأرضية الميدان. وتلاحظ ارتداء الكثيرين للكمامات الواقية من انتقال أنفلونزا الخنازير, ونقلت سيارات الإسعاف ثلاثة مشجعين تعرضوا لحالات إغماء لجهة الوجود الجماهيري الكبير. وأدت أحداث الشغب المحدودة التي صاحبت مباراة مصر والجزائر في 14 نوفمبر لجذب انتباه الجميع لخطورة هذا الأمر وما قد يحدثه من انقسامات بين الأشقاء, وكان الأمر الأهم في هذا الصدد هو صدور فتاوي دينية تحرم التعصب وانتهت في أجواء تسودها الروح الرياضية بعد الدعوات التي صدرت من عدة جهات تطالب بالتهدئة. واستبق مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف المباراة الفاصلة بإصدار فتوي تقضي بتحريم التعصب الكروي واعتبرت أن من يتعصب يستحق إقامة حد الحرابة عليه, مشيرا إلي أن التعصب الكروي من شأنه أن يؤدي إلي التدمير والإرهاب وإزهاق الأرواح. وأشارت إلي أن كرة القدم في أساسها هي لعبة لإبهاج الناس لا للإفساد في الأرض, داعية الحكومات إلي حماية الأبرياء ومعاقبة المخربين ومن يرهبون المواطنين بسبب التعصب لكرة القدم. وفي الساق ذاته, دعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي إلي تهدئة التوتر بين البلدين, منتقدا التصعيد غير المنطقي لهذه القضية خصوصا من جانب الإعلام ومطالبا بدور أكبر للحكماء والعلماء. وجاءت دعوة القرضاوي من خلال بيان أصدره تحت عنوان (نداء إلي الإخوة في مصر والجزائر) قبل ساعات من انطلاق المباراة الفاضلة, وفي هذا البيان, تساءل القرضاوي عن الروح العربية والإسلامية بل والروح الرياضية التي غابت عن الأجواء في الفترة الماضية, مؤكدا أن الإسلام يبرأ من هذه العصبية العمياء. إطفاء النار ودعا القرضاوي إلي إطفاء النار (التي أوقدها الشيطان) قبل أن تحرق الجميع, مؤكدا انه دهش لما رآه من تصعيد إعلامي للموضوع شابه التهويل واستباحة الكذب, مما أحيا العصبية الجاهلية التي محتها عقيدة الإسلام. وأضاف أنه سمع أن المصرين في الجزائر غير أمنين علي أنفسهم ولا أهليهم وأولادهم, مشيرا إلي أنه يستبعد علي أبناء الشهداء وأحفاد الأمير عبد القادر وتلاميذ ابن بأديس والبشير الإبراهيمي أن يعتدوا علي ضيوف في بلدهم, هم في الحقيقة إخوان لهم, وبعضهم لا يعير لعبة الكرة أي اهتمام.