السفيرة الأميركية الحالية في الكويت قد تكون من أضعف السفراء الأميركيين وأقلهم ذكاءا واندفاعاً، وأشياء أخرى... كما أنها لا تحسن مهمتها الأساسية في التواصل الاجتماعي والإعلامي، لكنها أيضاً باندفاعها وعدم دقتها قد تورط سياسة دولتها في الكثير من الورطات التي لا داعي لها، ولا يقع بها أصغر ديبلوماسي في الخارجية الأميركية. السفيرة التي تعتقد أن دورها الأساسي التدخل في سياسات دولتنا وتصنيف مجتمعنا حسب هواها بتقاريرها التي لا تنطبق على حقيقة الواقع لأنها لا تحسن قراءته كما هو، تورطت أخيرا مع «الراي» في تحديها السلبي بعدم تعرض أي صحافي للحبس في أميركا بسبب آرائه وأفكاره، واتضح أنها لم تقرأ التاريخ الأميركي كما ينبغي مثلما كشف لنا الزميل في «الراي» عبدالعليم الحجار في تقريره يوم السبت الماضي، كما أنها بطريقة سيئة حاولت التملص من بعض محاولات تكميم الأفواه التي تمارس في أميركا، وخاصة الحادثة الأخيرة التي تعرضت لها الإعلامية أوكتافيا نصر من الطرد من ال «سي ان ان» بسبب رأيها الذي كتبته عن الإمام حسين فضل الله، واعتبرت أن ال «سي ان ان» قناة خاصة وليست حكومية، وكنت أتمنى لو سئلت السفيرة عن رأيها بطرد أوكتافيا، ورأيها فيما تعرضت له عميدة صحافيي البيت الأبيض هيلين توماس من الإحالة إلى التقاعد بسبب آرائها في حق إسرائيل، وهل البيت الأبيض جهة خاصة أيضاً؟ أتمنى أن تعيد السفيرة الأميركية حساباتها بشكل جيد، وتعيد قراءة الساحة الكويتية والتاريخ الأميركي كي لا تتورط مرة أخرى وتورط سياسات دولتها التي ترفع شعار الحرية والديموقراطية. * السياسة الأميركية الخارجية مرت بمراحل عدة، وبالتأكيد أنها لا تقوم على أسس واضحة ومحددة وقواعد ثابتة، وبالتأكيد هي اتجاه روسيا ليست هي ذاتها اتجاه الكويت، فتلك دولة تتعامل معها بندية، ونحن دولة تتعامل معنا على أساس الوصاية والتوجيه، وتسعى إلى التدخل في أبسط التفاصيل الدقيقة، ولا تتردد أو تجد الحرج في ابداء رأيها في قضايا داخلية تخصنا. كما أن السياسة الأميركية تجاه فلسطين ليست هي ذاتها تجاه إسرئيل، وهكذا الأمر يقاس على بقية الدول... فموريتانيا مختلفة عن بريطانيا، وفرنسا ليست جيبوتي... واعيدوا قراءة التاريخ. كنا نحلم بأميركا، كنا نرسمها على جدران أحلامنا، كنا ننتظر أن يتوقف مسار قطار أحلامنا عند محطاتها، كانت غاية أشرعتنا الطائرة. لكن الحلم تحول إلى كابوس للأسف الشديد والأسى المرير، تخلت أميركا عن دورها التنويري والثقافي والعلمي والفكري والإنساني، وحصرت وجودها بيننا في الساسة، والأزمات الدولية والحروب، وملاحقة الإرهاب و«القاعدة» في الأماكن كافة، أشاحت أميركا بوجهها عن المشرق، ولزمتنا وجهها البائس اليائس الشرير الذي يحاول أن يرد الصفعة التي تلقاها بغتة. أتمنى أن تستوعب أميركا أننا في حاجة إلى استعادة الثقة، وأننا في حاجة إلى الوجه المشرق القائم على التنوير والتثقيف والتعليم، وأننا نحب أميركا ولا نبغضها، وأننا حين ننتقد السفيرة الأميركية لأنها انشغلت بمتابعة الصراعات السياسية عن أدوارها الأخرى التي من الممكن أن تلعبها. أتمنى أن تعمل السفيرة الأميركية على تقوية العلاقات بين العرب وبلادها، أتمنى أن تستكشف بواطن الخلل في تلك العلاقة، وأن تتعرف بصدق على مشاعر العرب تجاه أميركا، وتقوية الإيجابيات فيها ومكافحة السلبيات، أتمنى أن تكون حلقة اتصال إيجابية بين الكويت وبلدها بدل من أن تكون حجر عثرة وعامل تنفير، أتمنى أن تساهم السفيرة في إزالة مشاعر السوء التي تعتري العرب تجاه أميركا... فليس من مصلحتنا ولا مصلحتكم النفور والتباعد. ودمتم سالمين. المصدر: الرأي العام الكويتية 19/7/2010