يبقى في السجن معتقلا لمدة أربع سنوات دون أن يوجه إليه اتهام.. وبالتالي دون أن يقدم إلى محاكمة. كذلك بعد أن يفرج عنه لايقال له لماذا اعتقل. ذلك هو اللواء جميل السيد مدير الأمن العام اللبناني سابقا علما بأن الاعتقال غير المسبب والإفراج غير المسبب شمل أيضا ثلاثة مسئوولين أمنيين آخرين. الأمر يتعلق بقصة التحقيق الدولي في ملابسات اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. وتعليمات الاعتقال صدرت عن المحقق الدولي السابق ديتلف ميليس الذي عينه مجلس الأمن الدولي بناء على اشتباه بأن ضباط الأمن الأربعة متورطون في الجريمة.. ولحساب سوريا. لقد بنى المحقق ميليس اشتباهه على أقوال شهود. ومن هنا كان اعتقال القادة الأمنيين واحتجازهم لأربعة أعوام. لكن أمر الإفراج صدر عن قضاة المحكمة الدولية التي أقيمت في لاهاي خصيصا لتتولى أمر قضية الحريري. ماذا يعني ذلك ؟ يعني ببساطة أن أمر الاعتقال الصادر عن المحقق ميليس كان مبنيا على باطل.. تحديدا على أقوال شهود زور - الأمر الذي يثبت أن التحقيق الدولي مسيس يهدف توريط السلطات السورية ومعها الضباط اللبنانيون الأربعة. الآن يتحرك اللواء جميل السيد بما يجعل المحكمة الدولية أمام امتحان. فقد تقدم اللواء بطلب قانوني إلى المحكمة في لاهاي لتتخذ أحد إجراءين : إما أن تحاكم شهود الزور الذين استعان بهم المحقق الدولي السابق ميليس.. وإما أن تعطيه نص تقرير ميليس ليرفع على أساسه دعوى قضائية في المحاكم اللبنانية لمحاكمتهم محليا. يقول اللواء السيد عن نص هذا التقرير : كل مكان ذكر فيه اسمنا في النص نريد الوثيقة أو المستند الذي تم الارتكاز عليه. ويتساءل اللواء : لماذا لا يستدعى ميليس ويسأل : لماذا اعتمدت على شهود زور لاتهام الضباط الأربعة وسوريا ؟ بالطبع لا نستطيع الآن أن نجزم بأن المحكمة الدولية مسيسة.. لكن التحقيق في مرحلته الأولى - مرحلة ميليس - كان بالقطع مدفوعا بدوافع سياسية. المحاكم الدولية بصورة عامة ليست منزهة عن الغرض. فهي تخضع لنفوذ القوى الدولية الكبرى. وفي كل الأحول فإن قضاة مثل هذه المحاكم يدركون أكثر من غيرهم من أين تأتي رواتبهم وامتيازاتهم المالية والعينية. وعلى هذا الأساس فهي مؤسسات قانونية مسيسة. ومن الفوارق في هذا الصدد أن الولاياتالمتحدة تتصدر المطالبة بامتثال الرئيس السوداني عمر البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية بينما هي على رأس الدول التي ترفض التوقيع على المعاهدة التي بموجبها أنشئت المحكمة والتي يطلق عليها «ميثاق روما». ولننتظر لنرى كيف تفصل محكمة لاهاي في طلب اللواء جميل السيد. المصدر: الوطن القطرية 27/7/2010