خمسة مليون طن من الحبوب هي الاحتياج الفعلي للسودان تكفي (5) مليون فدان لانتاجها، اذا اقتصر انتاج الفدان الواحد على انتاج طن واحد، هذا بالنسبة للزراعة في المجال المروي فقط سواء في مشروع الجزيرة أو دلتا القاش وطوكر ومناطق الزراعة المروية وسط وشرق السودان – ولا شك أن السودان يتمتع بامكانيات زراعية كبيرة هي التي أضفت عليه لقب سلة غذاء العالم منذ عقود. وقد بدأ الموسم الزراعي الحالي في السودان وحاز هذه المرة على اهتمام كبير من قبل الحكومة السودانية في ظل تحديات تجابه الاقتصاد السوداني الذي يعتمد الآن بشكل كبير على مورد النفط. وتسعى الحكومة السودانية لإيلاء اهتمام أكبر للزراعة باعتبارها المورد الرئيسي للبلاد الذي ظل يشكل عماد اقتصادها قبل دخول السودان الى نادي النفط قبل نحو من أكثر من عقد من الزمان. ويقول وزير الزراعة السوداني د. عبد الحليم اسماعيل المتعافي في مؤتمر صحفي عقده قبل أيام بوزارته في الخرطوم أن الحكومة حين أقرّت مشروع النهضة الزراعية، أقرّت معه موازنة مالية مستقلة قائمة بذاتها وأبان أن الغرض من قيام مشروع النهضة الزراعية هو في الواقع للاستفادة من وضع الخطط والسياسات والبرامج الكفيلة بتطوير العملية الزراعية لتصبح الزراعة في مقدمة موارد السودان الاقتصادية. وعوضاً عن اكتمال عمليات تمويل القطاعات الزراعية المختلفة المروية والمطرية والآلية في ظل موسم مطري جيد وفوق المعدّل، فإن وزارة الزراعة السودانية تؤكد أنها شرعت بالفعل إبتداءً من هذا الموسم في حل بعض الاشكالات الإدارية والمالية التي ظلت تعيق نشاط مشروع الجزيرة أحد أهم وأبرز المشاريع الزراعية المروية في وسط السودان. وقد بدأت عملية الإصلاح بالفعل حيث وصلت حتى الآن حوالي (400) تراكتور وتجري عمليات تسهيل وتشجيع للقطاع الخاص لاستجلاب آليات إضافية وقد أشارت دراسات أجريت مؤخراً أن مشروع الجزيرة قابل لإنجاح عدد من المحاصيل دون الإقتصاد على محصول واحد وذلك لأن الزراعة المروية تعتبر من أفضل أنواع الزراعة حيث يتوفر الري بغير القطاع طوال العام حسب نظام المساقي والري عن طريق القنوات والترع المعروفة. وتشير متابعات (سودان سفاري) الى أن مشروع النهضة الزراعية بدأ أنشطة فعلية لترجمة الدراسات المتوفرة لديه في شكل واقع على الأرض وقد شرعت الأمانة العامة في ادخال تجربة إنشاء (110) بيت محمي في (7) ولايات سودانية هي ولايات (البحر الأحمر، كسلا، الجزيرة، النيل الأبيض، الشمالية، شمال كردفان، نهر النيل). ويهدف مشروع البيوت المحمية الى الاستمرار في انتاج محاصيل باستمرار دون التقيد بمواسم بعينها ولحل مشكلة ندرة بعض المحاصيل في بعض المواسم، وهو أمر اذا ما قدّر له النجاح من المتوقع أن يحدث ثورة هائلة في المجال الزراعي في السودان ويشجع على تعميم التجربة على كافة ولايات السودان. وفيما يتصل بقنوات الري، فإن وزارة الزراعة السودانية تتجه لادخال نظم ري حديثة، هي الآن قيد التنفيذ، بعد ما ثبت وجود بعض المشاكل التي تعيق عملية الري. وتفيد أنباء واردة من ولاية شمال كردفان – غرب السودان – الى أن الولاية اكملت استعدادها لزراعة (12) ألف فدان اعتماداً على المياه المتدفقة من خور أبو حبل من جملة مساحة قدرها (21) ألف فدان يرويها الخور المذكور. وفي ولاية سنار (وسط السودان) فإن الولاية واضافة الى الزراعة الآلية التي شرعت فيها فعلياً فقد ابرمت عقداً مع شركة (تراكيا) التركية لزراعة (100) ألف فدان بالأرز بالولاية كتجربة رائدة أجريت لها دراسات جدوى ناجحة. وفي ظل هذا الحراك الزراعي الكبير فإن وزارة الزراعة السودانية وعبر الخطط التي وضعتها أمانة النهضة الزراعية تتجه الى زراعة مليار شجرة، كما تجري الدراسات بشأن امكانية إستصلاح الأراضي الصحراوية حتى تكتمل كافة مساحات زراعة الأرض في بلد تمتد مساحته الى مليون ميل مربع.