ترقب و حذر يسود الأجواء السياسية هذه الأيام بعد ان رفضت حكومة الجنوب الاقتراحات التى قدمها المؤتمر الوطني بتأجيل الاستفتاء المزمع عقده فى التاسع من يناير 201 ، فالشريكان بدا كل واحد منها فى تبادل الاتهامات بعرقلة الاستفتاء و القصور فى الإيفاء بالترتيبات المسبقة له ، الأمر الذى ربما يضيف ازمة جيدة فى سجل الازمات بين الشريكين التى بدأت منذ التشكيل الوزاري للحكومة الانتقالية التى نصت عليها اتفاقية نيفاشا ، ثم بعد ذلك انسحاب وزراء الحركة من حكومة الوحدة الوطنية الذى تم حله بصدور مصفوفة . و قد نصت اتفاقية السلام على اجراء الاستفتاء فى التسع من يناير 2001 على ضوء ذلك اعتبرت الحركة الشعبية على لسان أمنها العام أموم ان أى حديث عن تأجيل الاستفتاء يعد خرقاً لاتفاقية السلام و انتقاصاً لها و خطراً على مجمل العملية السلمية .. إلاّ ان د. امين حسن عمر وزير الدولة بوزارة الثقافة والاعلام يري ان تمسك الحركة بعدم التأجيل رغم الاسباب التى بررتها الحكومة يأتى بدافع من اسرائيل و هى دولة معادية لوحدة السودان و تعمل على تغذية الانفصال. و ساقت الحكومة مبرراتها للمطالبة بالتأجيل الى عدم اكتمال ترسيم الحدود بين الشمال و الجنوب ،و فى هذا السياق اكد طارق عثمان مقرر المفوضية أنه وفقاً للجدول الزمني فان الفترة الباقية لا تكفي لإجراء الاستفتاء و أشار لوجود مصاعب حقيقية تواجه عملية الاستفتاء ، فالترتيبات للاستفتاء لم تتم حسب الجدول الزمني ، حيث كان من المفترض ان تكون مفوضية الاستفتاء فى منتصف العام 2008 لكنها تأخرت لأكثر من عامين ، إذ تم التصديق عليها فى 28 يوليو 2011 و أوكلت رئاستها للأستاذ محمد ابراهيم خليل المحامي وزير الخارجية الاسبق ، رئيس الجمعية التأسيسية من 86 الى 19988م . و ألمح مقرر المفوضية انه ربما لو ظلت هذه الصعوبات يكون هنالك اتجاه لتعديل قانون الاستفتاء لاختزال الفترة المتبقية ،و بعض الخطوات الخاصة بعملية الاستفتاء ، الا انه يري ان اختزال اى خطوة ربما يؤثر على شفافية و نزاهة الاستفتاء ،واضاف ان تأخير تعيين الأمين العام للمفوضية و بعض الإجراءات الخاصة بها ايضاً من ضمن الأسباب .. أما حزب المؤتمر الوطني فقد رفض المبررات التى دفعت بها الحركة الشعبية لعدم اجراء الاستفتاء قبل اكمال عملية ترسيم الحدود بين الشمال و الجنوب ،وقال قيادي الوطني مستشار رئيس الجمهورية تميم فرتاك فى تصريحات صحفية ، أنهلا يمكن اجراء علمية الاستفتاء قبل الانتهاء من ترسيم الحدود لأن اجراء الاستفتاء قبل ذلك سيؤدي لنزاعات وحروب تؤدي لانهيار اتفاقية السلام. لكن يبدو ان لهجة الحركة الشعبية اصبحت اكثر حدة و ا صراراً على اجراء الاستفتاء فى ميعاده ،ووصلت هذه اللهجة حد التهديد باتخاذ آليات اخري غير الاستفتاء لتقرير مصير السودان وحدة ام انفصالاً من قبل البرلمان الجنوبي حتى ان دعا الداعي لقيام برلمان الجنوب بتولي مسئولية تنظيمه بشكل كامل دون الشمال ، اذا كان الشمال يصر على الرفض و التعويض ،و قال باقان فى تصريح خاص ل(التيار) ان المحطة الاخيرة لاتفاقية السلام هى لاستفتاء قبل حلول التاسع من يناير 2011 و انه فى حال تعثر ارجاؤه لأى سبب او تماطل جهة ما سيتم تفعيل البند المتفق عليه فى برتوكول ميشاكوس الذى ينص على منح جنوب السودان الآلية المناسبة لتعزيز مصيره من خلال الفئة المنتخبة داخل البرلمان الجنوبي ،و اعتبر اموم ان الوقت ما زال كافياً لاجراء الاستفتاء و ان الشركاء الدوليين الاممالمتحدة و و المجتمع الدولي بدآ فى الإعداد لمساعدة المفوضية و تقديم الدعم لها ، الا أن كثيرا من المراقبين وصفوا مواقف الشريكين بالضبابية و التناقض ، فبينما هما فى حالة شد و جذب ذهاب الى القاهرة لناقشة ترتيبات ما بعد الاستفتاء ، فى حين ان الجدول حول قيام الاستفاء من عدمه لم يحسم بعد ،و اضاف مراقبون ان الشريكين هما المسئولان وحدهما عن ترتيبات ما قبل الاستفتاء و يجب ان يعترفا معاً بالفشل و محاولة علاجه ، كما يري المراقبون ان هناك تناقضاً داخل المؤتمر الوطني تجاه قيام علمية الاستفاء ، فالبروفسير غندور يري انه يجب التأجيل الى حين اكتمال عملية ترسيم الحدود فى حين شدد القيادي بالوطني مستشار وزير الاعلام د. ربيع عبد العاطي ضرورة قيام الاستفتاء فى مواعيده المقررة ،وقال للتيار: ليس من حق اى جهة ان تقرر بتأجيل الاستفتاء و ان الامر يحدد بواسطة اتفاق بين الشريكين و المفوضية مشيراً الى ان المفوضية جهة تنفيذية فقط . و فى ظل ها الزخم نفت المفوضية ما تردد حول طلب تقدمت به لرئيس الجمهورية بالتأجيل و قال رئيس المفوضية ان هياكل المفوضية فى الجنوب اكتملت بنسبة 80% بجانب الفراغ من اعداد الميزانيات لعملية الاستفتاء . الأستاذ عثمان عمر الشريف القيادي بالحزب الاتحاد الاصل وزير العدل فى حكومة الديمقراطية الثالثة سألناه الى اى مدي يمكن ان تثير مسألة الخلاف حول تأجيلا لاستفتاء ازمة بين الشريكين و كيفية الوصول لحل مرض بالنسبة للطرفين و ما هى الحلول المفترضة لتجاوز هذه الازمة فى حال تمسك اى من الأطراف برأيه فقال فى حديثه للتيار: ان الأمر ليس بالصعوبة التى يتحدث عنها الناس فالسودانيون عودونا ان يأتوا بالحلول فى آخر لحظة دون استخدام الوسائل العملية فى حل الأزمات،الا ان اخطر ما فى الأمر ان القائمين عليه يواجهون الموقف برمي كل طرف المسئولية على الآخر ، فإخواننا فى الجنوب يعتقدون ان المؤتمر الوطني سيأتي لهم بالوحدة فى طبق من ذهب و نحن فى الشمال نعتبر الوحدة خطاً أحمر ، و حول ما اذا كانت اتفاقية نيفاشا التى اصلاً قائمة على بروتوكولات ميشاكوس تسمح للجنوبيين و انه بإمكان الحركة تطبيق ذلك فى حال تعثر اجراء الاستفتاء ، قال الاستاذ عثمان عمر الشريف ليس هناك ما يوضح ذلك فالاتفاقية قائمة على التراضي بين الطرفين و لن نعطي اى طرف الانفراد بحق القرار ، الا ان لديها وسائل اخري كأصدقاء الايقاد و شركاؤها ، مشيرا الى الخلل الكبير فى الاتفاقية و هو عدم اتاحتها فرصة للتدخل من القوى السياسية اذا ما اختلف الشريكان و اعتبرت دورها هامشياً مع انه يمكن ان يكون مؤثراً جدا فى ما يدور من أحداث و هى ليس لديها طريق للوصول الى اللعبة الا عبر الشريكين ..و بالنسبة للتهديدات التى اطلقتها الحركة الشعبية قال حسب العقل السياسي لا يمكن ان نمضي فى اتجاه خلاف الاتفاقية طالما أن للإتفاقية آليات و وسائل ،و ألا تكون المسألة بالنسبة لهم بمنهجية ، مبيناً ان الحركة أبدت مرونة فى خطابها فى اليومين الماضيين ،وعن تحويل الخلاف حول الاستفتاء الى التحكيم الدولي استبعد عثمان عمر ذلك و قال ان هذا الامر منصوص عليه فى اتفاق ابيي ،مؤكداً ان الطرفين لديهما القدرة لى تجاوز هذا الاشكال ولو تعثر ذلك فيمكن ان تكون هنالك وحدة متفق عليه او انفصال متفق عليه ، و قال ان الظزوف العملية اصلاً لا تسمح باجراء الاستفتاء خاصة اثناء الخريف ،و دعا الاستاذ عثمان عمر الشريف الطرفين الى معالجة الامر بحكمة ، حتى يتجازوا هذه المعضلة ، مطالباً الحركة و المؤتمر ان لا يوصلا هذه الازمة لنهاياتها خاصة و انهما لم يفقدا الكنترول حتى الآن . نقلا عن التيار 15/8/2010