إذا كنتم ترغبون في نبذة عن الخطاب المسموم والمعادي للإسلام والمسلمين، الذي يُشن هذه الأيام في الولاياتالمتحدةالأمريكية فما عليكم إلا أن تطلعوا على أحد المقالات المنشورة في مجلة ذا نيو ريبابليك لهذا الشهر، فقد كتب رئيس تحرير هذه المجلة مارتن بيريتز يقول: "بصراحة، الحياة في الإسلام رخيصة. إن حياة المسلم نفسها رخيصة". مضى بيريتز يقول: "لست أدري إذا كان ما يجب علينا أن نحسن معاملة هؤلاء الناس وندعي بأنهم أهل للحقوق المنصوص عليها في الدستور الأمريكي، لأنني على قناعة بأنهم سيئون بالنسبة بالنسبة إلى هذه الحقوق". هذا محلل بارز في الولاياتالمتحدةالأمريكية، يدير مجلة طالما ارتبط اسمها بمبادئ التسامح. إنه يتساءل عما إذا كان المسلمون أهلا للحقوق الدستورية الأمريكية. هل يمكنه أن يقول هذا الكلام المشين والبذيء نفسه عن السود أو عن اليهود في الولاياتالمتحدةالأمريكية؟ كيف يشعر سبعة ملايين من المسلمين الأمريكيين عندما نوصم ديانتهم بالوحشية؟ إن هذه الفترة واحدة من تلك المراحل الفارقة التي تشكل محكا حقيقيا للقيم التي تجمعنا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهي تشبه إلى حد ما موجة العداء ضد اليابانيين إبان الحرب العالمية الثانية، أو وصمة العار الناجمة عن رفض قبول اليهود الفارين من أوروبا النازية. لقد كنا سنتفهم مثل هذا العداء الموجه ضد المسلمين ونعتبر الأمر طبيعيا لو جاء بعيد هجمات 11 سبتمبر .2001 أذكر أن الرئيس جورج بوش سعى آنذاك إلى لجم تلك المشاعر المعادية للمسلمين وحذر الأمريكيين من مغبة الخلط بين تنظيم القاعدة والإسلام. لم يعد جورج بوش في البيت الأبيض الآن. لذلك فقد عاد أولئك أنفسهم الذين حذرهم سنة 2001 إلى قرع طبول الحرب وتأجيج مشاعر العداء ضد المسلمين. لقد وصل الأمر إلى حد أن بعض خصوم الرئيس باراك أوباما يروجون عنه أكاذيب، تمثل في حد ذاتها هجوما على الإسلام والمسلمين، فقد اعتبروا أن الرئيس باراك أوباما يكذب: "إن عقيدته الإسلامية تجعله لا يجد أي حرج في الكذب والاستمرار في الكذب"، ذلك ما كتبه أحد الخصوم في رسالة إلكترونية. وصلت إليّ رسالة أخرى بالبريد الإلكتروني يقول فيها صاحبها: "لقد أعطى الرئيس الأمريكي باراك أوباما توجيهاته إلى إدارة البريد حتى تتذكر عيد المسلمين وتحتفي به بإصدار طابع بريدي تذكاري من الدرجة الأولى بسعر 44 سنتا". في الحقيقة، فإن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش هي التي كانت أول من أمر بإصدار أول طابع بريدي احتفاء بعيد المسلمين وذلك سنة 2001 كما تمت إعادة طبعه بانتظام كل سنة تزامنا مع عيد المسلمين. لقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مجلة نيوزويك أن 52% من الجمهوريين يعتقدون أنه "صحيح تماما" أو "ربما كان صحيحا" أن الرئيس باراك أوباما يتعاطف مع أهداف الإسلاميين الأصوليين الذين يريدون فرض الشريعة الإسلامية على كل العالم. إذاً يعتقد أغلب الجمهوريين أن رئيسنا باراك أوباما يريد فرض الشريعة الإسلامية على كل العالم. إن مثل هذا النوع من التفكير إنما يقوض الديمقراطية التي قامت عليها الولاياتالمتحدةالأمريكية ويزيد من نشر العنف ويعزز قوة التيارات الجهادية نفسها. لقد نقلت مجلة نيوزويك عن زبيب الله، العضو الحركي في طالبان قوله عن مسألة بناء مسجد قرب موقع برجي التجارة العالمية سابقا: "إذا ما تم منع بناء المسجد في ذلك الموقع فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستقدم لنا أكبر خدمة، فهي تسهم في تعزيز صفوف حركتنا بالمزيد من المقاتلين المتطوعين عدا التبرعات والدعم الشعبي الكبير". في الولاياتالمتحدةالأمريكية، تصدر التعليقات المتطرفة المعادية للإسلام والمسلمين أحيانا عن أناس لم يسبق لهم أبدا أن زاروا مسجدا، كما أنهم لا يعرفون إلا النزر القليل عن الإسلام والمسلمين. إنهم في جهلهم إنما يشبهون أولئك البسطاء الذين يعادون السامية في دول العالم الإسلامي. قال لي أستاذ جامعي أمريكي إن "كل مسلم في العالم يعتبر أن بناء المركز الإسلامي في مانهاتن بنيويورك إنما يرمز إلى الانتصار على الولاياتالمتحدةالأمريكية". هذا يذكرني بالباكستانيين الذين كانوا يقولون لي إن "كل يهودي كان على علم مسبق بهجمات 11 سبتمبر 2001، لذلك فإنه لا أحد منهم ذهب إلى برجي التجارة العالمية في ذلك اليوم". المصدر: اخبار الخليج 20/9/2010