تحليل سياسي قالت منظمة (قلوبال وينتس) المهتمة - بوجه خاص - بقضايا النفط والمال أنها تتوقع حرباً بين شمال السودان وجنوبه بسبب ما أسمته غياب أى اتفاق لقسمة النفط وعائداته بشفافية بين الطرفين. وقالت مسئولة الإعلام بالمنظمة (إيمي باري) ان هنالك غياب للثقة بين الطرفين من شأنه ان يقود الى انهيار الثقة ومن ثم انهيار اتفاقية السلام نفسها و العودة الى الحرب ! وبالطبع لا يحتاج الأمر الى تركيز وإمعان كبيرين فيما وراء سطور تصريحات المنظمة، فقد سبق لذات المنظمة هذه- ولأكثر من مرة - ان أصدرت تقارير قالت فيها ان عائدات النفط السودانية اكبر بكثير من ما ظل يظهر فى المضابط الرسمية الحكومية فى الخرطوم، و ان الجنوب السوداني ظل هو الآخر يتسلم عائدات نفط أقل مما هو مقرر وفقاً لنصيبه المشار إليه فى اتفاقية السلام الشاملة. غير ان هذه التقارير - وربما لسوء حظ المنظمة- ثبت أنها ليست صحيحة ، ولم يثبت ذلك من الجانب الحكومي أو الحزب الوطني وانما ثبت من جانب الحركة الشعبية نفسها التى كانت المنظمة تستهدف تأليبها- بصورة أو بأخرى- ضد شركائها فى الشمال بحيث يقود النزاع الي حرب. و الذى أثبت عدم صحة تقارير منظمة قلوبال هو وزير النفط القيادي بالحركة الشعبية (د.لوال دينق) إذ ان الرجل حال تسلمه لمنصبه أدلي بتصريحات نفي فيها وجود اختلاف فى الأرقام ، أو عدم شفافية كما زعمت المنظمة . الآن ولكي تعاود المنظمة الوصول لهدفها – لأسباب معروفة – عاودت مرة اخري الحديث عن عدم شفافية حسابات النفط وإنعدام الثقة بين الطرفين ! ان من المؤكد ان هذا الزعم الجديد هو بمثابة تأجيج مصطنع للنزاع بين الطرفين حتى يصبح عقدة مستقبلية تظل تعرقل أى حوار مستقر بين الشمال والجنوب فى حالة الانفصال او تعايش سلمي طبيعي اذا ختار الوحدة ، ففي الحالتين تريد جهات بعينها وجود نزاع دائم و غياب الثقة بين الطرفين ليظلا على هذه الشاكلة؛ وهذا الأمر ربما كان مماثلاً لقضية ترسيم الحدود بين الطرفين ، فقد كان أمراً غريباً حقاً ان مؤتمر نيويورك الذى انعقد لمناقشة قضية السودان – و قضية استفتاء الجنوب صفة خاصة – لم يتطرق مطلقاً لقضية ترسيم الحدود والتأكيد على ضرورة الفراغ منها اولاً من قبل الشروع فى الاستفتاء. لقد كان هذا التجاهل المتعمَّد دون شك بمثابة (قنبلة موقوتة) و مؤجلة للمستقبل ،القصد منها جعل الطرفين أياً كانت نتيجة الاستفتاء على هذه الحالة المتشاكسة. إذن من الواضح ان اهتمام القوى الدولية باستفتاء الجنوب هو اهتمام من أجل مصالح ؛ والمصالح لا تقف عند حد لحصول على مغانم و موارد أهمها النفط ولكنها ايضاً تتمثل فى إضعاف الطرفين الشمال والجنوب و شغلهما بمشاكل ونزاعات تدوم لعقود وقرون تعيقهما معاً فى التقدم الى الأمام .