رصد : سارة تاج السر : الزين عثمان حذر المشاركون في ندوة دول الجوار السوداني واستفتاء تقرير مصير الجنوب من ان يؤدي النفط الي اشكالات مستقبلية في دولة الجنوبالجديدة بجانب ملكية الارض والثروة والسلاح، مؤكدين ان نيفاشا يمكن ان تتخذ محفزا لمطالبات جديدة في الجنوب. وتوقع المتحدثون في الندوة الاقليمية التي نظمها امس مركزا ابحاث السلام جامعة الخرطوم ومركز دراسات المجتمع والتي تستمر لمدة يومين بقاعة الصداقة بالخرطوم ، اعتراف دول الجوار بنتائج الاستفتاء في حال الانفصال، مشيرين الي التعاطف التاريخي بين دول الجوار واطروحة الحركة الشعبية خصوصا في مسألة الهوية، اضافة الي حالة الانقطاع التاريخي والثقافي والسياسي من المركز تجاه دول الجوار منذ الاستقلال . وترأس الجلسة الافتتاحية دكتور الطيب الحاج عطية وضمت الندوة حضورا نوعيا كبيرا من المهتمين بمشاركة اتخذت طابعا محليا ودوليا وزمرة متميزة من الخبراء والاختصاصيين، وبحثت الندوة في يومها الاول 4 أوراق علمية ،ابتدرها نائب عميد معهد ابحاث السلام دكتور محمد الفاتح بريمة بقراءة في تقرير مجموعة الأزمات الدولية حول النظرة الاقليمية لاستقلال الجنوب الصادر في السادس من مايو، و تناول التقرير موقف كل من كينيا ويوغندا ليبيا ومصر واثيوبيا وارتريا ، و بالرغم من ان التقرير استبطن فكرة انفصال الجنوب مسبقا الا انه وبحسب بريمة فقد نظر الي موقف كينيا من خلال ثلاث زوايا ، هي التجارة ،والبعد الامني، والنظرة والموقف حول استقلال الجنوب، خصوصا اذا ماتم من جانب واحد ، وبالرغم من ان التقرير يصف الامر بانه غير محبب للجانب الكيني والذي تسعي مؤسساته الرسمية بكافة الوسائل لضمان تنفيذ اتفاقية السلام الشامل ، ويختم التقرير باحتمالية موافقة كينيا علي هذا الامر ولكن وفقا لاشارات قادمة من واشنطون ومن الاتحاد الافريقي. وفيما يتعلق بالموقف اليوغندي فانه يتم من خلال بعد عمق العلاقات مابين الجانبين والتي تظهر في المساعدات الكبيرة المقدمة من الرئيس اليوغندي يوري موسفيني للجنوب،لاسيما وان جنوب السودان يعتبر حاليا اكبر مستورد للمنتجات اليوغندية في العالم ، واشار التقرير انه بالرغم من العلاقات الاقتصادية المتطورة فان الهاجس الامني يظل موجودا مرجحا احتمال مشاركة الجيش اليوغندي للجيش الشعبي في حال اندلاع الحرب بين الشمال والجنوب ملمحا الي احتمال تسهيل يوغندا مرور الاسلحة للحركة الشعبية حاليا، مشيرا الي التعاون العسكري مع الحركة. وفيما يخص الجانب المصري فان التقرير انطلق من معارضة مصر لاي خطوة في طريق تقسيم السودان خشية من قيام كيان مضعضع في الجنوب يؤثر علي انسياب مياه النيل ، وقال التقرير ان مصر عملت في مجال جعل الوحدة الجاذبة اكثر مما فعلته الخرطوم، ولكن التقرير تناول الاتجاه البرغماتي لمصر تجاه انفصال الجنوب بانشاء قنصلية في جوبا وزيارة الرئيس المصري لها وبعض الخدمات والمنح الدراسية ، وبالنسبة للموقف الاثيوبي فانه يظل رهينا بالمكاسب الانية التي تتحصل عليها من الخرطوم خصوصا بعد نجاح الاولي في تحييدها ، وحسب التقرير فان هاجس اثيوبيا الاكبر هو الامن اذ تتخوف من اندلاع حرب تؤثر عليها، واشار التقرير الي علاقة عسكرية خفية مابين اثيوبيا وجوبا، وقال ان اثيوبيا ستسعي للتخفي وراء موقف اقليمي يجنبها الحرج ، ويصف التقرير الموقف الليبي تجاه الامر بالمتناقض وغير الواضح وهو مايبدو واضحا في تصريحات العقيد القذافي الذي دعا الجنوب للانفصال في نفس الوقت الذي طالب فيه بسودان موحد ،وبينما تجد ارتريا نفسها في موقف حرج وفقا للتقرير تتجاذبه عملية الانحياز للحركة الشعبية وطبيعة الواقع الاقليمي، كما ان العزلة المفروضة عليها تقلل من تأثيرها علي الامر، وقلل التقرير من الموقف الذي يمكن ان تلعبه الايقاد لخلفية مكوناتها التي تدعم الانفصال، في حين يري ان موقف الاتحاد الافريقي ستنبني عليه معظم المواقف الاخري وفي ورقته الثانية المعنونة بقبائل مشتركة صراعات مشتركة، اشار المستشار الاسبق لرئيس الجمهورية دكتور الصادق الفقيه الي ان التداخل القبلي مابين السودان ودول جواره هو السبب الاساسي في اندلاع النزاعات في الشرق والغرب ، مؤكدا علي ان انفصال جنوب السودان سيكون له تأثيرات علي دول الجوار ببروز امتدادات سكانية جديدة وهو امر يزيد من اهمية ترسيم الحدود قبل الاستفتاء، لافتا الي ان اكتشاف البترول ساهم في التباعد مابين الشمال والجنوب ،وان حق الارض الذي تم التقسيم علي اساسه بين الشمال والجنوب سيكون محفزا لمطالبات اخري داخل الجنوب، مرجحا تناصر القبائل الاستوائية «الحدودية» في قضية الارض والنفط ضد السلطة المركزية بدافع القبلية خصوصا في ظل اختيار جوبا الاستوائية عاصمة للجنوب مع تهميش الاطراف، معربا عن تخوفه ان تؤدي الدوافع القبلية مع دول الجوار الي اضعاف المركز وخلق صراعات حدودية، لافتا الي ان الانتماء للقبيلة سيكون اكبر من الانتماء للمركز. و توقع الفقيه تداخلا اقتصاديا بجانب الرعي بين الشمال والجنوب، مشيرا الي ان الشمال سيكون الدولة الوحيدة التي ليست لها امتدادات سكانية حدودية مع الجنوب، في الوقت الذي سيكون للجنوب قبائل مشتركة مع دول الجوار . وتناول في حديثه مجموعة من العوامل، قال انها أججت التمرد وزادت من حدة الصراع مثل زيادة الوعي والشعارات وحركات التمرد في الدول المجاورة، وتوقع ان تواجه قبيلة الدينكا بتمرد من مجموعة قبيلة اخري، خصوصا وانها ليست لها امتدادات تناصرها خارج السودان. وفي الورقة الثالثة التي جاءت تحت عنوان «جنوب السودان سيناريوهات الحرب والسلام مابعد الاستفتاء» التي قدمها دكتور امبيا لو من السنغال الذي ابتدر حديثه بتناول الجوانب النظرية المتعلقة بمطالب الحركات الانفصالية في العالم، والتي قال انها تقوم بتحقيق مرامي اقتصادية وثقافية وسياسية، مشيرا الي ان وجود الحركات الانفصالية هو سلوك شائع في افريقية، وعقد مقارنة مابين الواقع في السودان والواقع الذي افرز انفصال اقليم ايمور عن اندونيسيا خصوصا فيما يتعلق بالمسائل الدينية ،واشار لو الي انه قبل الاستفتاء حدثت حرب اهلية داخل تيمور مابين الوحدويين والانفصاليين، وقال ان الواقع هناك يشابه الي حد كبير الواقع في جنوب السودان في ما يتعلق بمسألة الحريات واحترام الاخر، واضاف انه وبعد عشر سنوات من الانفصال رجعت تيمور للاعتماد كليا علي المعونة الخارجية اضافة الي انها اصبحت اكثر فسادا كما عاد الالاف من التيموريين الي العيش داخل اندونيسيا ، مبينا ان افريقية الحديثة بنيت علي حركات انفصالية . وواصل حديثه قائلا يمكننا القول ان الجنوب قد انفصل الان بناء علي تصريحات رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت ووزيرة الخارجية الاميريكية هيلاري كلنتون برغم من تحذيراتها بان انفصال الجنوب يمثل قنبلة موقوته قد تقود الي تجدد النزاعات في المنطقة، وقال ان الدولة المنفصلة تمثل عالة علي الدول التي ساندتها متخذا من ارتريا نموذجا لذلك . وحدد دكتور لو خارطة طريق يمكن السير علي ضوئها لاستدامة السلام في السودان وذلك بتبادل المنافع الاقتصادية قائلا «ان الطريق الذي لا ينقل البضائع حتما ينقل الدبابات»، و وصف جنوبيي الشمال بانهم الدعامة الحقيقية للسلام ويمكن ان يشكلوا ضغطا علي الحكومة الاقليمية في الجنوب في حال الانفصال، وقال ان وحدة السودان ليست ضرورية للشمال والجنوب فقط وانما هي الخطوة الاولي لتحقيق الوحدة الافريقية ، محذرا من ان الذين شاركوا في الحرب ضد العدو المفترض لن يكونوا قادرين علي ادارة شئون الدولة الحديثة وهو مايزيد من احتمالية وجود حرب ونزاع اهلي داخلي، خصوصا ان الحرب تمثل تراثا افريقيا لم تسلم منه سوى القليل من الدول بعد استقلالها . في تعقيبه علي الاوراق المقدمة قال دكتور حسن حاج علي ان الورقة اوفت وبينت مواقف الدول الحقيقية تجاه الاستفتاء الا انها لم تتناول الكتلة الاقليمية المتوقع تكوينها في حال حدوث الانفصال، متوقعا ارتباط الجنوب بدول شرق افريقية او بكنفدرالية دول شرق افريقية، والتي ستصبح كينيا مركزا تجاريا لها ، وتساءل دكتور علي عن مدي قدرتها علي تحقيق الامن الاقليمي؟، . اما المعقب الثاني خالد موسى فقد طالب بالاعتراف بان لدول الجوار تعاطفا تاريخيا مع اطروحة الحركة الشعبية لاسيما في مسألة الهوية، مشيرا الي انقطاع التاريخي والثقافي والسياسي من المركز تجاه دول الجوار ومنذ الاستقلال، موضحا ان السودان اصبح مسرحا لتداخلاتها الاقليمية طمعا في توسيع نفوذها محذرا من الانزلاق في حرب جديد في ظل ما اسماه 29 قبيلة مشتركة وامتداد الحدود بطول 7687كليو متر مربع. واضاف موسى ان المشهد الافريقي يفتقر الي مشروع وحدوي جامع لغياب الشخصيات الافريقية المؤثرة، وقال موسي ان تقرير الأزمات لم يكن دقيقا ، مشيرا الي انه محاولة لتهيئة المسرح العالمي للانفصال لانه لم يتحدث عن المهددات الامنية الناتجة عن اختيار الانفصال كما تحدث صراحة عن نية دول الجوار للاعتراف بنتائج الاستفتاء دون شروط . اما المعقب الثالث بروفسير حسن محمد صالح فقد وصف التقرير بالقصور لانه تجاهل التداخل القبلي، وقال ان التقرير صمم لتهيئة الجنوب للانفصال واهمال الجوانب السكانية، وقال عن الورقة الثانية اتفق مع كل ماجاء فيها بالتركيز علي عوامل التواصل والاستقرار وحسن الجوار ، مطالبا بابراز القيم التاريخية والعلاقات بين الشمال والجنوب.