تحليل سياسي رئيسي لم يتوقف الكثير من المراقبين على نطاق العالم على ما يمكن اعتبارها جريمة أسوا من جرائم الحرب وقعت فى إقليم دارفور غربي السودان و بطلها برنامج الغذاء العلمي ( wFP ) فقد فجعت الأوساط المعنية فى دارفور بوجود حوالي 60 طن من المواد الغذائية عبارة عن (خلطة غذائية) فى الغالب تمنح لتلاميذ المدارس و هى منتهية الصلاحية ! و ليت الأمر وقف عند هذا الحد ،ولكن الفاجعة الكبري كانت فى ان هذه المواد الغذائية (منتهية الصلاحية) يجري توزيعها على تلاميذ المدارس و تناولها بالفعل هؤلاء التلاميذ فى وقت سابق ،و سببت لهم مضاعفات مختلفة لوحظت وقتها ،ولكن لم يتطرق الشك الى هذه الخلطة وأنها منتهية الصلاحية . والأكثر خطورة و ما يمكن اعتبارها ثالثة الاثافي بحق ان تمويهاً جري لعملية التحايل على الخلطة وذلك باستبدالها و وضعها فى جوالات بلاستيك جديدة لتعطي إيحاء بأنها جديدة و بالتالي كاملة الصلاحية ! لقد وقعت هذه الجريمة البشعة فى احدي ولايات دارفور و أفادت مصادر مطلعة هناك ان المواد المضبوطة ضبطت منتصف سبتمبر الماضي بمخازن تابعة لبرنامج الغذاء العالمي . عملية الضبط ومنعاً لأي إنكار أو إدعاء بالبراءة تمت فى حضور مندوب قوات حفظ السلام العاملة فى الاقليم (اليوناميد) و الذى لم يملك إلاّ ان يغضب ويستنكر الفعل الإجرامي البغيض .و لا شك ان ما جري أمر يبعث على التخوف بالفعل ، مما إذا كان البرنامج يسعي لإبادة تلاميذ المدارس أو إلحاق إيذاء صحي و عاهات صحية مستديمة بهم بحيث يصعب لدرجة الاستحالة إيجاد مبرر لفعل كهذا فالسلطات الشرطية المختصة هناك عملت على التحقيق فى الأمر بجدية كاملة و حرصت على الاستعانة بالمختصين من كل الجهات ، كما أنها اتبعت الإجراءات القانونية السليمة من استخراج لأوامر التفتيش من القضاء و النيابة و إجراء التفتيش فى حضور شهود وبالطرق التى ينص عليها القانون، كما طال التحقيق كافة الجهات التى جري إعطاؤها هذه الخلطات و تبين بالفعل ان الخلطات أحدثت إسهالات و أعراض مرضية لدي التلاميذ ، فالبرنامج لا يمكن ان يدعي انه لا يعلم ، أو أنه لا صلة له بما جري لأن ا لمواد المضبوطة ضبطت فى مخازنه ، كما ان البرنامج و باعتباره ذا صفة اعتبارية دولية لا يمكن ان يتحجج بعدم إدراكه أو إلمامه بالمواصفات ، فهذه بديهية لا يختلف حولها اثنان مما يجعل الأمر بمثابة جريمة ضد الإنسانية تمارسها مثل هذه المنظمات و العالم يتجاهلها ولا يلقي لها بالاً ، فالذين يتحدثون عن جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية لماذا لم تثيرهم هذه الجريمة العَمدية الواضحة ،وأين مدعي عام محكمة الجنايات الذي يزعم ان الرئيس البشير ارتكب إبادة جماعية بامتناعه عن منح الطعام لأهل دارفور؟ فالذى يمنح الطعام هنا يمنحه مسوماً و هو مدرك ان مثل هذه الجرائم التى اتخذت بشأنها إجراءات قضائية قيد النظر فى دارفور تستحق ردعاً لمن فقدوا ضمائرهم وصاروا يتلذذون بنشر الفظائع (الصامتة) وسط الأبرياء !