لا أدري الأسباب التاريخية او المنطقية التي جعلت بعض القائمين على دولة الانفصال الجنوبية يعتقدون أنهم ينتمون الى دولة كوش وبالدرجة التي تجعل باقان أموم يبكي (وتخنقو العبرة) .. وهو يسمع نشيد دولة الجنوب الذي يمجد شعب كوش الأسود مع أنه أسمر لا أسود .. والمعلوم تاريخياً أن القبائل الجنوبية تكونت من الحروب التي نشبت في يوغندا على مجرى النيل منذ الآلاف السنين وتم طرد القبائل المعروفة من هناك نظراً لضعفها .. هربت واستقرت شمالاً وتوقفت عند حدود مملكة سنار القديمة. أما مملكة كوش فالمعروف انها بدأت بما يعرف بالفراعنة ذوي الأصول النوبية ابتداء من الأسرة الفرعونية الخامسة والعشرون 217 – 756قبل الميلاد .. وقد أطلق عليها المؤرخون اسم الفراعنة السود ذوي الأصول النوبية واشتهرت فترة الفراعنة النوبية بببناء الأهرامات حيث بنوا أكثر من مائتي وعشرون هرم صغير في نبتة عاصمة الدولة .. وبالمناسبة فان نبتة تقع في شمال السودان.. واذا كان هؤلاء الفراعنة أصولهم من الجنوب ذي المناخ الاستوائي الممطر فكان لا بد أن نجد الأهرامات في جوبا والناصر ونمولي .. ولكن الأهرامات قائمة في أرض النوبة الشمالية في دار الشايقية وفي البجراوية بالقرب من شندي (وهاك من دار جعل).. وقد وصل الفرعون كاشتا النوبي إلى حكم مصر وتبعه بعانخي أصحاب ديانة التوحيد وكلهم من شمال السودان.. وفي ذلك الوقت لم يكن للقبائل الجنوبية تاريخاً يذكر.. ولا دينا معروفاً .. واستمر حكم هذه الأسرة متمدداً حتى جنوب تركيا ومصر وفلسطين وسوريا ولبنان.. وتعتبر الأسرة الكوشية من أقوي الأسر الفرعونية التي خاضت الحروب ضد الامبرطورية الرومانية .. ومن ملوك النوبة المشهورين والمدفونين في أهرامات البجراوية بمروي الجديدة الملكة أماني تيري والملكة أماني شخيتو .. فهل هناك ملكة جنوبية أسمها (أماني)؟ فهؤلاء الملوك كانو شماليون لا علاقة لهم بالقبائل الجنوبية النيلية .. ولو كانت لهم علاقة بقبائل الجنوب لتحولت هذه القبائل الى دين ملوكها قبل المسيحية .. والمعروف أن قبائل الجنوب لم تعرف الدين الا بعد الاستعمار التركي والانجليزي في القرن التاسع عشر.. ويبقي أن نقول أن حقوق الملكية الفكرية في اسم كوش ستظل ملكاً خالصاً للمجموعات النوبية الشمالية والتي تشمل المحس والحلفاويين والدناقلة والشوايقة والجعليين والرباطاب .. وكل القبائل الممتدة من أسوان شمالاً وحتي كبوشية جنوباً.. والتي كانت قد اتخذت من (البركل) في دار الشايقية مركزاً للنفوذ الديني واتخذت من البجراوية في كبوشية مركزاً للنفوز السياسي .. وكان دينها يتبع للآله أمون رع قبل ظهور الأديان في الوقت الذي لم يكن للقبائل الجنوبية ديناً ولا تاريخاً .. وبعضها لا يزال حتى اليوم وثنياً بما يصل الى ستين بالمائة من إجمالي الجنوبيين. ولعلنا نلاحظ علاقة التشابه في لفظ كوش وكبوشية وبهذه المناسبة تحياتنا لكل الجعليين الذين يحملون أسم كبوش ولأهلنا الكوشاب والكبوشاب .. فهل سمعتم بقبيلة جنوبية أسمها الكوشاب؟ بينما مجموعة الكبوشاب الجعلية معروفة في أ{ض النوبة الجنوبية بالقرب من منطقة الزيداب شرقاً وغرباً .. والكوشاب الشايقية معروفون .. واذا علمنا أن مدينة كبوشية كانت من المدن الرئيسة لمملكة كوش وكان اسمها التاريخي مروي الجديدة وبها مدافن الملوك والملكات الملقبات (بالكنداكة) .. فهل سمعنا بملكة جنوبية اسمها الكنداكة في جوبا أو بور أو البيبور؟ وهل في الجنوب مدينة أو امرأة اسمها ((مروي) بينما كثير من نساء النوبة الشمالية يطلق عليهن اسم ((مروية) ومروي.. وقد أخذت كبوشية اسمها الجديد من مروي القديمة .. حيث الزعامة الدينية.. علي كل حال قصدنا هنا أن ننبه الى أن هناك ((استهبالاً)) و ((استكراداً)) يتم في تاريخ كوش والكوشيين وعن سبق اصرار وترصد وربما من دون أن يعرف الذين يذرفون الدموع على كوش.. انها لا علاقة لها وليسو من رحمها ولا من صلبها سفاحاً .. ولا من أبناء عمومتها ولا حتى من جيرانها .. وربما يعتقد كثير من الجنوبيين أن لوننا الأسمر ناتج عن اختلاط العرب مع الزنوج النيليين .. وهو اعتقاد خاطئ فقد جائنا اللون الأسمر والبني الفاتح من الاختلاط مع القبائل الإثيوبية التي كانت لها علاقة وثيقة وصلة دم ورحم وتصاهر ولغة مشتركة مع شمال السودان.. الذي لم يتمكن حتى الآن من ايجاد لغة التخاطب مع الجزء الجنوبي منه.. واخيراً نقول لكل المحس والحلفاويين من النوبة في الشمال وأهل البركل ومروي القديمة ومروي الجديدة والبجراوية وكبوشية أن يطالبوا بمنع استخدام اسم كوش اسماً لدولة الانفصال وأن يوقعوا ذلك بناء على حقوق الملكية الفكرية الدولية وقانونها فهل يفعلون ذلك في المحاكم المحلية والعالمية؟؟. نقلاً عن صحيفة الوطن 1/11/2010م