التهديد التشادي للسودان يعد من غرائب الأمور في علم الدبلوماسية وعلم العسكرية عموماً. حيث أن هذا الزمن الصعب بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية يريد من الأمم أن تعمل بكل طاقاتها من أجل تجاوز الأزمات لا تعقيدها. الغريب في الامر أن دولة تشاد نفسها لا تقوى على حرب أحد من جيرانها، فهي أضعف من أن تنتصر على معارضتها المسلحة الجاثمة على صدرها رغم ما حققته ضد المعارضة من انتصار في الأيام السابقة. فهذا الانتصار لن يقلب الموازين، لأن الحكومة الفرنسية تلعب على الحبلين، حبل المعارضة والحكومة! لا شك أن ما يدور الآن في تشاد يدخل في دائرة التشجيع على الفوضى الخلاقة التي تعتبر ركيزة اساسية من ركائز الاستعمار الحديث. فالجيوبولوتيك الذي تتبناه الدول المتقدمة يعرف الدولة الحديثة بالآتي (الدولة هي الحدود الإدارية والاقتصادية والعسكرية) بمعنى أن الحكومة التي لا تستطيع فرض سياساتها الادارية والعسكرية والاقتصادية على منطقة ما فان تلك المنطقة لا تعد جزءاً من دولة تلك الحكومة. بهذا المفهوم فإن دارفور (مثلاً) والتي هي في تصور الدول المتقدمة أن الحكومة السودانية ليس لها عليها سلطان كامل من الناحية العسكرية والادارية والاقتصادية، وبالتالي فهي عندهم حسب المفهوم الجيوبولوتيكي ليست جزءاً من السودان. وبهذا المفهوم ايضاً فإنهم يعتبرون تشاد الدولة ليس بها حكومة تستطيع حسم الامور هناك بالصورة التي تعبر عن الدولة العصرية، وبالتالي هي عندهم بمثابة أرض فالتة مشروعة. إذاَ عندما تتحدث الأوساط التشادية عن امكانية تدخلها عسكرياً في السودان فإن الامر فيه خطورة من يتحدث بلسان غيره، هذا الغير قد يكون هو دولة متقدمة لها مصلحة عليا في المنطقة، وهذه المصلحة لا يمكن الوصول اليها الا عبر نظام الفوضى الخلاقة!! نقلا عن صحيفة اخبار اليوم السودانية 21/5/2009م