يوم السبت الماضي (6/10) أعلن الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، آلان لو روي، رفض المنظمة الدولية دعوة من حكومة جنوب السودان لإرسال قوات لحفظ السلام، وإنشاء منطقة عازلة على امتداد الحدود بين الشمال والجنوب قبل موعد الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب. جاء الرفض بعد انتهاء اجتماع مع ممثلي الاتحاد الأفريقي ودول أخرى في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وعلل الرفض بأن الخط الحدودي المشترك بين الشمال والجنوب طويل جدا ومن غير الواقعي نشر قوات على طول امتداده. لكن بعض التقديرات تشير إلى أن الأممالمتحدة لا تحبذ إرسال جنود للمنطقة لأنها لا تتوقع نشوب حرب بين الدولتين المنفصلتين .. إذا حدث الإنفصال. ذلك تقدير. هل هناك تقدير آخر، وهل يمكن أن يختلف عن تقدير الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي ودول الجوار. من لا يقدرون احتمال نشوب حرب بين الشمال والجنوب غالبا ما يعتمدون على عدة أسباب : في حالة الانفصال تكون الدولتان خرجتا لتوهما من حرب طويلة الأمد استمرت نحو عشرين سنة جمدت تقدم السودان وقضت على الأخضر واليابس في الجنوب. وكافأهما الزمن على ايقاف الحرب باستخراج البترول وتسويقه واستمرار عمليات الاستكشاف في معظم مناطق السودان الأخرى. الحرب الحديثة مكلفة جدا، فبجانب تكلفة عتاد الحرب فإن التدريب على استخدامه مكلف أيضا، والجندي المحارب يجب أن يكون على مستوى من التعليم حتى يستوعب التكنولوجيا الحربية الحديثة. وإذا أرادت دولة الجنوب الدخول في حرب فإن عدد الجنود ينبغي أن يكون متناسبا مع عدد جنود الخصم. فالدولة التي يكون عدد سكانها أكثر من ثلاثين مليونا من البشر يمكنها أن تجند لجيشها عدة مئات من الآلاف بعكس الدولة التي يكون عدد سكانها خمسة ملايين نسمة لا تستطيع أن تبحبح في عدد الجنود. إذا تشبت الحرب بين الشمال والجنوب لا أتوقع أن تبدأ من السودان الشمالي، لكن إذا فرضت عليه فلن يكون هناك مفرا من خوضها. فثقل الولاياتالمتحدة السياسي سيجعل العالم متعاطفا مع الجنوب، لكن نفس هذا الثقل لن يكون بلا ثمن، إذ ستحسب الولاياتالمتحدة حساب الحرب ومشاكلها، وهي تعرف من تجاربها الخاصة أن الجهة التي تبدأ الحرب تعرف كيف تبدأها لكنها لا تعرف كيف تنهيها. ولذلك لن تشجع الجنوب على بداية حرب ضد الشمال. بل ربما كان الأقرب للحقيقة أن نقول إن مفتاح الحرب سيكون بيد الولاياتالمتحدة. ولن تبدأ الحرب إلا إذا كان للولايات المتحدة أهداف محددة تريد تحقيقها في الإقليم. وبعد .. في موضوع الاستفتاء وقبول نتائجه هناك صيغتان للحديث عن الخبر. السودان والمتعاطفون معه غالبا ما يركزون على قبول نتائجه على أن يكون الإستفتاء عادلا وحرا ونظيفا وشفافا وجرى وفق المعايير الدولية. الآخرون غالبا ما يطالبون كل الاطراف بقبول نتائج الاستفتاء دون الإشارة لشكل الاستفتاء، أو لو تمت الاشارة غالبا ما تكون إشارة مقتضبة. إذا أخذنا هذا النمعيار كأحد المؤشرات يمكننا أن نقول أن قسما كبيرا في الإدارة الأمريكية يعتمد هذا المقياس. هذا ما قاله جون كيري في زيارته الأخيرة لجوبا. نقلاً عن صحيفة الرائد 10/11/2010م