* اليمين المتطرف يقود موجة العداء ضد المسلمين في أوروبا لزيادة شعبيته * نتيجة الاستفتاء استفزازية والهدف منها الترويج المنظم للأفكار العنصرية ضد المسلمين * الدول الإسلامية والمنظمات الدولية مطالبة باتخاذ إجراءات ردع ضد القرار * المسلمون ليس لديهم عداء مع أي دين.. وأتباع الديانات الأخرى يمارسون طقوسهم بكل حرية في ديار الإسلام * حرب الكراهية ضد الإسلام ستتسع رقعتها ما لم نقف صفاً واحداً ضد هذه الهجمة الشرسة بقلم: صالح بن عفصان الكواري : أكدت نتائج الاستفتاء الذي جرى في سويسرا وأفضى إلى حظر المآذن في هذا البلد الذي عرف بتسامحه الديني، أن موجة العداء إلى الإسلام والمسلمين أو ما يعرف ب الإسلاموفوبيا مستمرة بل أسرع وتيرة مما يتصور البعض. والأكثر من ذلك أن هذا العداء الذي كانت تقوده في السابق دوائر اعلامية وسياسية، انتقل الآن إلى الشارع الغربي بعد هذا الاستفتاء المشؤوم، وهو ما يؤشر في نظري إلى أن الهجمة ضد الإسلام والمسلمين في أوروبا والغرب عموماً عملية ممنهجة تتسع يوماً بعد يوم في ظل تضليل وخطاب اعلامي مجاف للحقائق والوقائع يصور الإسلام كأنه وحش يهدد الغربيين في عقر دارهم. العداء للإسلام والمسلمين ليس جديداً، إنه مستمر وفي صور عديدة تنفخ فيها أجهزة الإعلام الغربية في كل الدول الأوروبية بلا استثناء متناسية أن دعاياتها هذه ستولد الكراهية والحقد على المسلمين الأبرياء الذين اضطرتهم ظروفهم لسبب أو لآخر للعيش في الغرب، وقد كان، فمن منكم لا يتذكر الحادث الإرهابي المؤسف الذي تعرض له المواطن القطري الشاب محمد الماجد العام الماضي في بريطانيا، ومن منا يستطيع أن ينسى حادثة اغتيال الدكتورة المصرية مروة الشربيني مؤخراً في ألمانيا، هذا للتذكير فقط. لقد تجسد العداء والكراهية للإسلام والمسلمين في الغرب في أشكال شتى، فمنها كما هو معروف الحوادث والاعتداءات والاغتيالات الارهابية والصور المسيئة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، والآن يظهر على أرض الواقع نوع آخر من هذا العداء المقيت وذلك بحظر إقامة المآذن في سويسرا، وهو إجراء سيشجع بالتأكيد دولاً أوروبية أخرى على تكرار السيناريو السويسري، ما لم تتخذ الدول الإسلامية، والمنظمات العالمية والإقليمية وعلى رأسها منظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي نفسه الإجراءات الكفيلة بردع مرتكبي هذه الأفعال والممارسات المشينة وحماية المسلمين في الغرب والسماح لهم بممارسة معتقداتهم الدينية بكل حرية ووفقاً لما تكفله لهم المواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان من دون تفرقة وبلا تمييز. ومن المعروف ان اليمين، واليمين المتطرف خاصة في أوروبا ، هو الذي يتصدر موجة العداء للإسلام والمسلمين ، بل هو رأس رمحها في سبيل سعيه لجذب المؤيدين وزيادة شعبيته بعد ان فقد خلال السنوات الماضية الكثير من اراضيه وقواعده لصالح اليسار وقد ساهم الاعلام الغربي في إشعال الفتنة وزيادة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين بفتحه المجال واسعاً أمام قيادات التطرف هذه لتصب جام غضبها على الاسلام والمسلمين ووصفهم بأبشع الاوصاف اقلها انهم قتلة وإرهابيون ومضطهدون للنساء ويسعون إلى ابادة اليهود، بعد ان كان هذا العداء منصباً في غالبه قبل سنوات على المهاجرين والمطالبة بطردهم من اوروبا لينحصر العداء الآن وبكل اسف على الاسلام والمسلمين وحدهم. ليعرف العالم والغرب خصوصاً اننا في بلاد المسلمين ليس لدينا عداء مع أي دين.. نحن في قطر مثلاً ننظم سنوياً مؤتمراً لأتباع الديانات السماوية، ولدينا مركز اسمه مركز الدوحة الدولي لحرية الأديان، استنكر مديره ما حدث في سويسرا ورفضه وطالب بإعادة النظر فيه لكونه حسب رأيه يمثل انتهاكاً صارخاً لما تتضمنه دساتير العالم وما تكفله حقوق الانسان. ديننا الاسلامي دين تسامح ورفق يدعونا الى الايمان بجميع الرسل وإلى المعاملة الحسنة، ومن هذا المنطلق نجد اتباع الديانات السماوية في أرض الاسلام ، يمارسون معتقداتهم بنفس الحرية والكيفية التي يمارسونها بها في بلدانهم الأم. لا أحد يسألهم ما داموا ملتزمين في ممارسة شعائرهم ومعتقداتهم هذه بقوانين البلاد ومحترمين لخصوصيات اهلها، فلهم دينهم ولنا ديننا، فلا تضييق ولا قهر ولا حجر على أحد منهم ، انها قمة العدالة والتسامح ونبل المشاعر تجاه الآخر وقبوله والاعتراف بحقوقه، هكذا علمنا ديننا الإسلامي العظيم. فلنفرض، وهذا مستبعد وليس من أخلاق الإسلام، ان المسلمين وفي ردة فعل قاموا بارتكاب حوادث ارهابية ضد الاقليات الدينية الأخرى التي تعيش بين ظهرانيهم ألا يؤدي ذلك بدوره إلى ردة فعل أعنف في الغرب، وبالتالي تتوالى موجات الأعمال العدائية ضد بعضنا البعض مما يفتح الباب واسعا لاندلاع حرب بين الأديان، كل شيء جائز ، ما لم يتدخل العقلاء لاحتواء الفتنة وقتلها في مهدها واعادة النظر في نتائج الاستفتاء المشؤوم الذي اسقط ورقة التوت السويسرية، هذه الدولة التي كانت توصف حتى وقت قريب انها من اكثر البلدان ديمقراطية وتسامحا. لا شك ان الرفض والاستنكار العالمي لحظر المآذن في سويسرا، يؤكد انه قرار في الاتجاه الغلط. لقد صدمت كما صدم غيري من المشفقين على حقوق الانسان وحقوق المسلمين في الغرب بنتائج هذا الاستفتاء ليس فقط لأنه استهدف المسلمين، ولكن لأنه جرى في دولة كما قلت تتشدق بالديمقراطية وحرية المعتقدات. وللأسف فإن الاستفتاء السويسري، جاء متزامناً مع حج هذا العام وفي وقت يحتفل فيه المسلمون بعيد الأضحى المبارك، لذلك فإننا في العالم الاسلامي نراه نوعاً من الاستفزاز المقصود لمشاعر المسلمين والترويج المنظم للافكار العنصرية ضدهم والتي تقتضي الاعتذار قبل كل شيء.. ومن ثم استثمار الرفض العالمي لها لمواجهتها بحزم. من منبر الراية احذر وألفت الانتباه الى ان القادم أكبر من ذلك بكثير وان حرب الكراهية والهوس ضد الاسلام والمسلمين ستتسع رقعتها، فهلا تداعينا في بلاد الاسلام صفاً واحداً ضد هذه الهجمة؟ إني أرى من جديد النار تحت الرماد ، فعلى المنظمات ورجال الدين من الطرفين والمجتمع الدولي بأسره العمل بجد لإطفائها، فالغلو والتطرف ليس سمة إسلامية فحسب كما يشيعه أعداء الإسلام، بل هو صفة موجودة في أي مكان حتى في أكبر وأكثر الدول ديمقراطية وتسامحاً، فهلا وعينا الدرس؟.