تحت ضغوط لم تتحملها الجماهيرية الليبية بما اعتبره بعض المراقبين مؤشر ضعف بين تعيشه الجماهيرية بعد أن خبا بريقها الثوري – لهذا السبب أو ذاك – لم يتسن للسودان المشاركة في القمة الأوروبية الإفريقية التي انعقدت الأسبوع الماضي يومي الاثنين والثلاثاء 29 و30 نوفمبر الماضي. الجانب الليبي الذي كان قد وجه الدعوة للسودان منذ شهر يوليو الماضي 2010م عاد ليسحب الدعوة – بطريقة دبلوماسية – قبل ساعات من انعقاد القمة حيث طلب مسئول ليبي رفيع في مهاتفه للقصر الرئاسي السوداني بالخرطوم أن يحضر الرئيس البشير إلى طرابلس بعد يوم 30نوفمبر 2010م بما كان يثير إلى اعتذار دبلوماسي عن الحضور!! السودان قرر على الفور – إزاء هذا الموقف – الانسحاب من القمة ورفض المشاركة فيها طالما أن الدعوة قدمت ثم سحبت وقد أورد بيان صادر عن الرئاسة السودانية – بالتفصيل – ملابسات الأمر. وكان المنطق الذي أورده البيان أنه يستغرب تعامل الاتحاد الأوروبي – بكل مستويات بلدانه – مع الرئاسة السودانية لدرجة تقديم أوراق الاعتماد والتباحث مع الرئيس ثم إحجامه على مستوي الرؤساء في التعامل مع الرئيس البشير. وأشارت مصادر دبلوماسية في الخرطوم إلى أن الموقف الأوروبي جاء خاطئاً بكل المقاييس لان الرئيس البشير – وبصرف النظر عن أي شيء – لم تثبت إدانته في جريمة وهو بهذه المثابة لا يجوز التعامل معه كمجرم حرب خاصة وأن كافة الدساتير والقوانين تنص على أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته. هذا على فرض صحة اتهامات محكمة الجنايات الدولية وهي محكمة يعترف الأوروبيين أنفسهم الذين دعوا لقيامها أنها حادت عن الطريق ولم تلب طموحاتهم نظراً لكونها أصبحت سياسية وليس أدل على ذلك من محاولة واشنطن عقد صفقة بها مع السودان والذي رفض وبشدة هذه الصفقة. والسؤال الذي تثيره هنا هو ماذا خسر الاتحاد الأوروبي جراء موقفه في هذه القمة؟ أولاً سيكون من الصعب على السودان في المستقبل القريب قبول أي عروض أو مقترحات أوروبية بشان أي قضية من قضاياه وبذا يكون الاتحاد الأوروبي قد أغلق بابا الحوار والقنوات الدبلوماسية الساخنة مع الخرطوم ولا شك أن للاتحاد الأوروبي مصالحه الضخمة في المنطقة. ثانياً ونظراً لارتباط دول الاتحاد الأوروبي بالحركة الشعبية وقضايا الجنوب فان القضايا العالقة بين حكومة الجنوب والحكومة المركزية في الخرطوم لن يتسن للاتحاد الأوروبي التوسط فيها بما يخدم مصالحه فهو أصبح طرفاً منحازاً أو على الأقل غير نزيه. وأخيراً فان الاتحاد الأوروبي – نسي – أنه جزء من عملية السلام الشامل وقضية دارفور – اتفاق أبوجا 2006م على وجه الخصوص – ومن ثم فهو فقد تماماً – بهذا المسلك – القدرة على الإسهام في إدارة هذه الملفات بما يلبي تطلعاته. وهكذا يبدو أن الخرطوم تغتنم سانحة لم تنتظرها لكي تدير شانها السياسي بما يروق لها بعيداً عن أي تأثيرات تأتي من تلقاء الاتحاد الأوروبي وهو ما سوف نلمسه ونراه قريباً!!