يلتئم اليوم بمنطقة فلوج بأعالي النيل، اجتماع مشترك بين شريكي الحكم لبحث قضايا النفط وتأمين تدفقه وانسياب حركته وجريانه، وتأمين الصناعة النفطية في البلاد في حال الوحدة أو الانفصال لمصلحة الطرفين في الشمال والجنوب. ويترأس الجانب من الشمال الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية، ومن الجنوب الدكتور رياك مشار نائب رئيس حكومة جنوب السودان، بجانب وزراء الدفاع والداخلية والنفط الإتحاديين والمدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني ونائبه، ووزراء الجيش والداخلية وزير الطاقة والمعادن في حكومة الجنوب وولاة ولايات جنوب كردفان والوحدة وأعالي النيل. المهم في هذا الاجتماع، أن قضايا النفط تعدُّ من أعقد القضايا التي يجرى بحثها بين شريكي الحكم مع توقعات انفصال الجنوب عقب الاستفتاء، خاصة أن التخوُّفات من انعكاس الأوضاع الأمنية على العاملين في مواقع النفط المختلفة بالجنوب، ترتبت عليها بعض المؤشرات تستدعي ضرورة العمل الجاد لتأمين صناعة النفط، إنتاجه وتكريره وتصديره لمصلحة الطرفين، بيد أن المقلق أكثر هو أحاديث بعض قيادات الحركة الشعبية خلال الأيام الماضية حول عزمهم مراجعة عقود النفط وتلميحاتهم للشركات الصينية بذلك والتعبير عن هذا الاعتزام في وسائل الإعلام. تقتضي عملية تأمين الصناعة النفطية وكل مناطق الإنتاج ، تهدئة الأوضاع في الجنوب وعلى الحدود بين مع الشمال، وتهيئة المناخ لانفصال سلس وهاديء في حال حدوثه واختيار الجنوبيين لهذا الخيار في التصويت في عملية الاستفتاء القادم. وغني عن الإشارة في موضوع النفط أن أيلولة حقوله ومرافق إنتاجه الواقعة في الجنوب للدولة الجديدة عقب الاستفتاء، ستمر بتعقيدات عديدة ومركبة ليس من السهل معالجتها بالكيفية التي يظنها العامة، كما أنه من نوافل القول إن حكومة الجنوب لا تستطيع التعامل مع موضوع النفط وحقوله، لسنوات قادمة في حال تبعيته لها بعد الانفصال، دون التعاون مع الشمال، لصعوبة تحويل مساره وإنشاء خطوط أنابيب جديدة عبر المحيط المهندي، وعدم توفر استثمار ضخم لمد مثل هذه الخطوط في الوقت الراهن، دعك من العوائق الفنية المحضة التي تعترض جريان وسيلان هذا الزيت الأسود جنوباً في اتجاه الشرق الإفريقي. إذا كان الاجتماع الذي يعقد اليوم يسعى لبعث رسالة تطمينية من القيادة السياسية والأمنية في البلاد إلى الشركات والعاملين في الحقول كما قال بيان وزارة النفط أمس على خلفية الأنباء التي تتحدث عن مخاوف من توقف الإنتاج في بعض الحقول بسبب الأمن المتردي، فإن ذلك يتطلب تعاوناً كاملاً بين الجانبين وتنسيق عملية التأمين بالكيفية التي تضمن ذلك، وقد تم التنبيه من قبل في الترتيبات الأمنية والعسكرية في الاتفاقية إلى خطورة سحب الجيش السوداني بالكامل من مناطق البترول، فوجود القوات المشتركة بعددها المحدد والمعلوم قد لا تكفي للقيام بمتطلبات التأمين. أما الآن فالوضع مختلف، ونذر الإحتراب في الجنوب، واشتداد حالة الحنق والغبن بين المجموعات المتمردة على الجيش الشعبي وقبائل الجنوب التي تنظر للثروة النفطية من منظار القبيلة، مواردها التي في أرضها سيجعل من أهمية تأمين هذه الصناعة واجباً ملحاً، وإلا فلن يكون هناك عائد من بترول الجنوب في حال الانفصال والاقتتال المتوقع هناك. إن واجب الدولة الآن قبيل الاستفتاء، يقتضي القيام بأعباء الأمن بكل أشكاله وصوره، وليس المطلوب مجرد رسالة تطمينية فقط، المرغوب فيه بحث عمل حقيقي على الأرض وتنسيق كامل، لأن هذه الثروة والمنشآت الضخمة التي قامت في مناطق الإنتاج هي ملك للشعب السوداني وقد أنفقت فيها الدولة الكثير وهي ليست محل تفريط ومساومة، وعلى حكومة الجنوب أن تفهم أنها ستخنق نفسها وتجوِّع شعبها إن لم تتعاون وتتعامل بعقل مفتوح مع هذه القضية التي جمعت لها كل المؤسسات والأجهزة الأمنية في البلاد والولايات ذات الصلة التي أيديها وأقدامها على الجمر. نقلاً عن صحيفة الانتباهة 6/12/2010م