ظلت عشرات الأسر الجنوبية عالقة لأكثر من أسبوعين بمعسكرات في أنحاء متفرقة من العاصمة الخرطوم في انتظار ترحيلهم إلى مناطقهم بالجنوب، بينما عبر عدد من العائدين عن معاناتهم في مناطق تجميعهم بمعسكر لولاية أعالي النيل. وأعرب عدد من المنتظرين أنهم يعيشون في ظروف صعبة بعد فقدهم للمنازل التي كانوا يقيمون فيها. وأكدوا أن الجهات المختصة لم تلتزم بترحيلهم في الوقت المحدد . وتساءل البعض الذين استطلعتهم كاميرا الشروق: "هل أصبح الترحيل يخضع لمعايير قبلية بعد أن وضح لهم ترحيل قبيلة الدينكا دون القبائل الأخرى". وخلال زيارته لمعسكر ملكال للعائدين من أبناء ولاية أعالي النيل وعد دوك جوك دوك رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان بالولاية بتذليل الصعوبات التي تواجه استقرار العائدين بها، وذلك بعد أن تقدم العائدون بالمعسكر بعدد من المطلوبات، كان أبرزها توفير قطع سكنية لإيوائهم بجانب الخدمات الضرورية الأخرى، موضحاً للعائدين أن التحديات كبيرة في ظل تحقيق الاستقرار والأمن والحرية من خلال استفتاء يناير المقبل. من جهته جدد كوال ميانق حاكم ولاية جونقلي استعداد حكومته لتوفير السكن الملائم للعائدين، وقال في كلمة له بمناسبة افتتاح أحد البنوك الكينية بمدينة بور، إن الحكومة تعمل على خلق مناخ الاستقرار الاقتصادي وانعكاساته على الحياة العامة، وطالب كل الذين قاموا بتسجيل أسمائهم في كشوفات الاستفتاء بالتصويت على حق تقرير المصير في يناير القادم. وبث حاكم ولاية جونقلي تطميناته للتجار الشماليين لمواصلة نشاطهم التجاري بالجنوب دون أية مخاوف، مهما كانت نتيجة الاستفتاء. عجز أقر حاكم ولاية الوحدة تعبان دينق بصعوبات تواجه توطين الجنوبيين العائدين إلى مناطقهم من شمال السودان، وقال إن عودة هؤلاء "المواطنين" ليست مسألة سهلة، وصرح لفرانس برس: "سيواجهون مشاكل ونأمل أن نتخطى هذه الصعوبات مع شركائنا". ووصل الآلاف بعد رحلة مرهقة بدأت في الخرطوم يومين، في الأسابيع الماضية إلى روبكونا في ضاحية بانتيو عاصمة ولاية الوحدة. وأشارت ولاية الوحدة والمنظمة الدولية للهجرة إلى أن عددهم بلغ 12 ألفاً منذ سبتمبر. وهذا التدفق المفاجئ أربك السلطات المحلية التي أرغمت على مصادرة خمس مدارس في بانتيو لإيواء الوافدين الجدد موقتاً لأن الأمطار أعاقت الوصول إلى بعض القرى، خصوصا في ميوم. وقال مسؤول في منظمة إنسانية في بانتيو طلب عدم كشف اسمه "إنها فوضى عارمة". وأضاف: "لم تكن هناك استعدادات على الإطلاق وصدمنا عندما رأينا أن خمسين حافلة وصلت مطلع نوفمبر خلال يومين. كنا نظن أن الحكومة ستقود العمليات وأننا سنقدم الدعم لها، لكن الأمر عكس ذلك تماماً!". وأعربت مصادر إنسانية عدة لفرانس برس عن ترددها في تنظيم أو تمويل مساعدة الوافدين الجدد إلى جنوب السودان. وأطلقت سلطات جنوب السودان برنامج "عودوا إلى دياركم للاختيار"، الحملة التي بلغت كلفتها 25 مليون دولار لإعادة حوالى 1,5 مليون جنوبي يعيشون في الشمال إلى ديارهم قبل موعد الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان في يناير المقبل. وعود بتوفير سكن من جهة أخري أكد حاكم ولاية جونقلي بجنوب السودان استعداد حكومته لتوفير السكن المناسب للجنوبيين العائدين من الشمال الي الجنوب لخلق نوع من الاستقرار بالمنطقة, كما بث تطمينات لتجار الشمال الموجودين هناك, مؤكدا إمكانية مواصلة نشاطهم دون مخاوف وقال الحاكم كوال ميانق في كلمة بمناسبة افتتاح فرع لأحد البنوك الكينية في منطقة بور, أنهم سيوفرون مساكن وأراضي للجنوبيين الذين عادوا من الشمال لممارسة دورهم الدستوري في التصويت للاستقاء. وأكد أن هدف حكومته توفير المناخ المناسب وانعكاسه علي الحياة العامة, كما طالب جميع الجنوبيين بالتصويت للاستفتاء وعدم التفريض في حق التصويت لخياري الاستفتاء والانفصال. وأضاف: ( علي العامة تقبل نتائج الاستفتاء أياً كانت ودعم عملية اتفاق السلام الشامل وأن تستمر العلاقات الجيدة بين الشمال والجنوب). وقال ان مسيرة السلام ماضية وانه لا تراجع عنها. وبث ميانق تطمينات لتجار الشمال الذين يقيمون بالجنوب مؤكدا إمكانية مواصلة نشاطهم التجاري دون مخاوف, وقال حتي إذا تحقق الانفصال ستكون العلاقات سلمية ولن يطالهم ما يشاع من قتل وتشريد.