لم تنكر الحكومة السودانية الأزمة الاقتصادية الخاصة بارتفاع الأسعار والسلع واهتزاز الأسواق التى برزت مؤخراً بشكل أثار بالفعل هواجس المواطنين و لفت انتباه الحكومة السودانية، فهناك ارتفاع فى أسعار السلع كافة ، وفى مقدمتها سلعتي القمح والسكر باعتبارهما سلعاً يطلق عليها سلعاً ذات ظلال سياسية! و على الرغم من ان قطاعات كبيرة من مواطني السودان- سواء بفعل الوعي السياسي أو الاقتصادي ، أو لإدراك بعضهم للظروف الماثلة الآن في السودان أو لأسباب أخري لم يتجهوا الى الضغط على الحكومة فى شكل تظاهري او تسيير مسيرات للمطالبة (بفعل شئ) لوقف هذا الارتفاع ، إلا ان الحكومة السودانية - بحسب متابعات (سودان سفاري) - لم تقف موقف المتفرج لكي تتحجج بحجة سياسة التحرير الاقتصادي ، والتى لا مجال فيها- كما هو معروف - للتدخل فى السوق لتسعير السلع او ملاحقة التجار الذين يزايدون فى قوت المواطن . ولعل أبرز ما لمسناه من معالجات هو إغراق الأسواق بالسلع سواء بفتح المزيد من أبواب الاستيراد ، مثل سعلة القمح التى لا يتجاوز المنتج منه محلياً فى السودان 16% من استهلاك البلاد و يتم سد النقص 84% من الخارج و مثل سلعة السكر التى يكفي ما ينتجه السودان فى مصانعه المعروفة فقط 50% من الاستهلاك. بجانب الإغراق اتبعت الحكومة ايضاً ملاحقة المحتكرين للسلع ، إذ أن سياسة التحرير الاقتصادي كما أفادت مصادر اقتصادية مطلعة لا تمنع معالجة الممارسات الاقتصادية الضارة المتمثلة فى الاحتكار و التهريب وخلق الندرة الأزمات . و قد حفل الأسبوع الماضي بعدد من الحملات التى تم فيها ضبط مخازن تمارس فيها عمليات احتكار و إخفاء للسلع بصورة لا تخلو من مبالغة و سوء قصد . وعلى ذلك فان أزمة ارتفاع الأسعار فى السودان – هذه الأيام – وإن بدا جانباً كبيراً منها بسبب الهواجس والمخاوف التى تشيع وسط قطاعات المواطنين جراء الاستفتاء فى الجنوب السوداني والخوف من ان تقع مواجهات وأعمال عنف حروب - وهو شعور يغذيه البعض لكي يصطاد في هذه المياه العكرة – إلا أن الجانب الآخر من الأزمة ما من شك أنه مرتبط بالأزمة الاقتصادية العالمية تلك التى خلفت نقصاً مريعاً فى الغذاء بلغت نسبته 25% بحسب تقرير منظمة الأغذية و الزارعة العالمية (الفاو) فالسودان لا شك يتأثر بالأزمة هذه شأنه شأن أى بلد من بلدان العالم. يٌضاف الى ما سبق محاولة بعض التجار الحصول على أرباح مستغلين هذا الظرف الحاد. وأخيراً ، فان الأمر لا يخلو ايضاً من ما يمكن تسميتها (حرباً اقتصادية خفية) يشنها بعض أعداء الحكومة مثل من تجري محاكمتهم الآن بعد تورطهم فى ضخ أموال نقدية أجنبية مزورة (دولارات) بكميات كبيرة، قالوا فى اعترافاتهم أنهم يتبعون للحركة الشعبية ، وأنهم يحضرون هذه الدولارات من جوبا !