اذا كان هدف الإنسان صيد فريسة أو وضع خطة اقتصادية أو تدبير سلم أو إشعال حرب نجد أن ذلك يعتمد فقط على أعمال الفكر الذي يجب الآ تطغي عليه العاصفة، لكن لابد أن ترتبط هذه الخطط بالقيم والأخلاق. ويبرز هنا السؤال الملح هل القيم العليا والمشاعر النبيلة خرافات وأوهام؟ هل كانت عبثاً دعوة الأنبياء والمرسلين؟ القرآن كتاب الله يدعو إلى الوحدة التآخي والتأذر كمثال الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالحمى والسهر، ونحن في زماننا هذا ظللنا نرى كل يوم فناً جديداً من فنون السياسات التنظيمية سواء الأحزاب المتشظية أو غير ذلك ، رغم أن معظم الأحزاب تشققت فنجد أن مسمي الحزب تحمله عدة تنظيمات والاختلاف في نهاية الاسم فهناك مؤامرة واحدة وطني والآخر شعبي، وحتى الحركة الشعبية أضيف إليها مؤخراً أسم التغيير الديمقراطي وأصبحت حركتان. ورغم ذلك لم نر فيها تناحر أو تصادم عدا في حزبين أصبحا مثل ((توم أند جيري)). وهما المؤتمران الوطني الحزب الحاكم والشعبي الحزب المعارض الذي خرج للحياة ردة فعل، حيث أن لكل فعل رد فعل. وصار الشعبي في غضون عقد من الزمان تتضارب أقواله وأفعاله ولا ننسي أن كلنا خطاؤون. وظهر به من فجروا في الخصومة، والكل يذكر أحداث عام 2004م التي بموجبها تم اعتقال كل الهيئة القيادية لحزب المؤتمر الشعبي فيما عرف بالمحاولة التخريبية الثانية والتي تسميها قواعد الشعبي المحاولة الانقلابية. وسواء كانت هذه أو تلك ففي ختام أحداثها كان سقوط ضحايا المؤتمر الشعبي الذي تمت محاكمتهم وفق القانون الجنائي لسنة 1991م. ومنذ ذلك ظل المؤتمر الشعبي يستخدم عضويته التي بداخل السجن رهائن يساوم بهم مقابل قبوله بالحوار مع الوطني. ولا نظن أن المؤتمر الوطني يمكن أن يستجيب لسياسة لي الزراع، أو انه في حاجة لإدارة حوار مع الشعبي الذي لا يزيده ولا ينقصه شيئاً. وحتى عندما بدأت وجهات النظر في التقارب بثت قناة العربية حواراً مع زعيم الشعبي باعد الشقة وأرجع الخلافات إلى المربع الأول . وعندما رأت بعض قيادات الوطن الاتصال بالقوي السياسية كان الشعبي من ضمنها يكرر مطالبته بإطلاق سراح السجناء، وعندما أبدت قيادات المؤتمر الوطني الموافقة على ذلك بادر دكتور حسن الترابي أمين الأمانة السياسية بحزب المؤتمر الشعبي الحالي بنشر مقالات أسماها حوار الطرشان أرجعت الأمور للمربع الأول مرة أخرى. وأصبح الأمر واضحاً، فكلما كاد المؤتمر الوطني أن يطلق سراح السجناء صدر عن المؤتمر الشعبي تصريحات تطفئ الأمل في انفراج أزمة سجناء المؤتمر الشبعي. كان آخرها تصريحات أمينه العدلي سابقاً السياسي حالياً وآخر تصريحاته جاءت على صدر صحيفة آخر لحظة عدد السبت 25/7/2009م تحدث عن الإفراج بعد قضاء نصف مدة العقوبة وطالب المؤتمر الوطني أن يتحاور معه ولا يستثنيه من الحوار لأنه قوى سياسية، وجدد ذات المطالب والشروط القديمة التي أصبحت عائقاً في لم شكل الحركة الإسلامية. ونرى أن المؤتمر الوطني ليس في حاجة للشعبي، فإذا كان الشعبي حريصاً على إطلاق سراح عضويته فعليه إلا يضع العقدة في المنشار لأن التنظيم الشعبي لم يخسر شيئاً من بقاء عضويته في السجن، بل تضرر أهالي هؤلاء المحكومين وحفيت أقدامهم جيئة وذهاباً في زيارات أبنائهم الذين صاروا ضحايا نتيجة سياسات المؤتمر الشعبي، كما أن حزب المؤتمر الوطني لم يتضرر من حبس هؤلاء ولم يخسر. أي بعبارة أصح كأنه لم يكن. وكما يقول المثل (ما حك جلدك مثل ظفرك). فلم يعاني أحد في الشعبي ما عاناه المحكومين، رغم أن البعض يؤيد قرار المحكمة الجنائية الجائر وينعمون بالحرية . كذلك لم تدافع أقلام عضوية الشعبي عن أخوانهم بل حتى الصحيفة المحسوبة عليهم لم تنشر شيئاً عنهم، بل ساهمت في إبقائهم خلف القضبان بنشرها لأحاديث حوار الطرشان، تلك الصحيفة التي تطاردها لعنة سوء الإدارة وعدم استقرار أقلام العضوية بها.. ولم تدافع عن هؤلاء الضحايا سوى بعض الأقلام أبرزها المهندس عثمان ميرغني. ربما قال قائل: ((تنظيم فشل في إدارة صحيفة وحل أزمتها فماله ومال أزمة بلد بأكمله؟ وكيف يدبر حلولاً لبعض أزمات أسر ضحايا سياساته كيف؟. نقلاً عن صحيفة التيار 13/12/2009م