كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالفيديو.. تاجر خشب سوداني يرمي أموال "طائلة" من النقطة على الفنانة مرورة الدولية وهو "متربع" على "كرسي" جوار المسرح وساخرون: (دا الكلام الجاب لينا الحرب والضرب وبيوت تنخرب)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ويكيليكس وحروب الظلام.. نشأة مشبوهة.. ارتباطات غامضة.. دور مريب
نشر في سودان سفاري يوم 03 - 01 - 2011

كما نعلم، تحول ويكيليكس من مجرد موقع على شبكة الانترنت إلى ظاهرة عالمية تشغل العالم كله، على المستويات الرسمية وغير الرسمية.
اقدام ويكيليكس على نشر مئات الآلاف من الوثائق السرية، وما ارتبط بذلك من ردود فعل على مختلف الأصعدة السياسية والإعلامية، فجر عشرات الاسئلة، وفجر جدلا هائلا حول قضايا كثيرة، اختلفت فيها الآراء. قضايا على الأصعدة السياسية والإعلامية والأخلاقية.
نعني هنا تساؤلات وقضايا من قبيل:
هل ما فعله ويكيليكس من نشر هذه الوثائق السرية هو عمل اعلامي يندرج في اطار ممارسة الحريات الإعلامية، أم يمثل جريمة قانونية وسياسية؟
هل يمكن اعتبار ما فعله الموقع عملا إعلاميا من الأساس أم لا؟
هل القائمون على هذا الموقع بما فعلوه يعتبرون أبطالا قدموا خدمة للعالم والرأي العام العالمي وقضية الحرية والشفافية، أم هم مجرمون تجب ملاحقتهم؟
ما الذي يجوز ولا يجوز نشره؟.. بمعنى، هل من الجائز أخلاقيا حين تحصل جهة ما أيا كانت على وثائق ومعلومات سرية ان تنشر هذه الوثائق وبغض النظر عما يمكن ان تحدثه من آثار سلبية أو مدمرة احيانا؟
وبالإضافة إلى كل هذه التساؤلات، أثار نشر ويكيليكس للبرقيات السرية للخارجية الامريكية تساؤلات مهمة حول أمن المحادثات الدبلوماسية، ان جاز التعبير.
وبشكل اعم، اثارت القضية بالطبع تساؤلات أخرى كثيرة حول هذا العالم الافتراضي المذهل المسمى بالانترنت، وإلى ماذا يمكن ان يقودنا اليه، وكيف يجب التعامل معه مستقبلا.
كل هذه التساؤلات والقضايا هي بالفعل موضع جدل واسع اليوم من جانب الخبراء والمحللين، وجهات معنية شتى في العالم كله.
لكن الامر الذي يعنينا في هذه المقالات هو التوقف عند قضية جوهرية أساسية، وفيها تكمن على أية حال إجابات عن كثير من هذه التساؤلات السابقة، أو على الاقل تقدم مفاتيح لهذه الاجابات.
القضية هي: كيف يمكن ان نقيم "عملية" ويكيليكس هذه أصلا؟
هل وراء هذه العملية اناس ينشدون الحقيقة فعلا، وينشدون الصالح العام لشعوب العالم، ولديهم اغراض اعلامية وسياسية نبيلة، كما يعلنون بالفعل؟.. أم ان هذه عملية مشبوهة تندرج في إطار ما يعرف عموما ب"حروب الظلام"، أي حروب وصراعات أجهزة مخابرات عالمية، وقوى عالمية تسعى لتحقيق أهداف وغايات محددة لا علاقة لها في واقع الامر بالاغراض النبيلة التي تتحدث عنها جماعة ويكيليكس؟
هذه القضية الجوهرية هي في الحقيقة موضع اهتمام من محللين كثيرين في العالم وقدموا في خصوصها آراء مهمة. وهذا الجدل لم يبدأ مؤخرا فقط مع نشر برقيات الخارجية الامريكية كما قد يتبادر إلى الذهن، بل هو جدل بدأ منذ نشأة موقع ويكيليكس هذا في عام .2006
وفي هذه المقالات، سوف نحاول الإجابة عن هذه التساؤلات، وسوف نقدم مختلف الشهادات التي أدلى بها كبار المحللين العالميين، ثم سنحاول ان نضع كل هذا في سياق تحليلي موضوعي.
} } }
منافع جانبية
بداية، وقبل ان نعرض لمختلف جوانب القضية الجوهرية التي طرحناها، ونستعرض مختلف الآراء، لابد ان نعترف بأن عملية ويكيليكس هذه، كانت لها بلا شك منافع شتى، ومن زوايا متعددة.
قبل كل شيء، لعبت عملية ويكيليكس دورا ترفيهيا مهما للقراء والمتابعين لها في مختلف أنحاء العالم.
نشر كل هذه الوثائق السرية وما جاء بها، قدم للقراء والمتابعين مادة ثرية للتسلية، والنميمة، والقيل والقال، عن ساسة وعن دول.
والأمر الذي لا شك فيه ان الوثائق السرية التي نشرت، تعتبر بشكل عام مادة ثرية للباحثين، والمحللين والكتاب والصحفيين، والمهتمين عموما، يستفيدون منها، ويقلبونها كيفما يشاءون، ويستخدمونها بالوجهة والكيفية اللتين يرون، كل حسب توجهاته وانتماءاته .
ولا شك أيضا ان نشر الوثائق السرية، أعطى دروسا للدبلوماسيين في كل دول العالم. لا شك ان هذه العملية نبهت الدبلوماسيين في العالم كله إلى جوانب معينة يتجنبونها أو يتمسكون بها ويراعونها عندما يجرون محادثات دبلوماسية غير معلنة بشكل عام، وليس فقط مع المسئولين الامريكيين. وعموما، لا شك ان كثيرا من دول العالم سوف يتغير اداؤها الدبلوماسي بهذا القدر أو ذاك بعد عملية ويكيليكس.
وبالطبع، بفضل ويكيليكس، لا شك ان قضية الحفاظ على سرية الوثائق والمعلومات بشكل عام التي لا يراد لها ألا ترى النور قد أصبحت قضية موضع اهتمام كبير من جانب دول العالم. ولا شك ان دول العالم اصبحت تبحث القضية وتبحث عن أفضل السبل للحفاظ على سرية المعلومات والوثائق.
كل هذه، وغيرها ايضا، هي منافع لا شك فيها .
لكن الأمر الذي لا شك فيه، كما سوف نرى، ان هذه المنافع التي ترتبت على تسريبات ويكيليكس هي منافع جانبية، وغير مقصودة.
نعني ان هذه المنافع لم تكن على الأرجح واردة أصلا في ذهن القائمين على ويكيليكس ومن وراءهم عندما نفذوا هذه العملية.
وهذا بالضبط هو جوهر القضية التي نريد ان نعرض لها ونناقشها.
نعني انه وفقا لأي تقييم موضوعي هادئ لعملية ويكيليكس هذه، وبهذه الضخامة وبما أحدثته من ضجة عالمية، لابد ان يصل إلى انها عملية سياسية كبرى، لا يمكن ان يكون وراءها مجرد أشخاص لديهم موقع على الانترنت، وان هذه العملية مقصود بها بالأساس توجيه رسائل سياسية محددة لتحقيق غايات سياسية مدروسة بعناية.
وعلى اي حال، وقبل ان نستبق ما يمكن ان تقود إليه المعلومات والتحليلات، لنا ان نتوقف عند نقطة مهمة هي، كيف نقيم عملية ويكيليكس ابتداء؟
} } }
معايير التقييم
إذا أردنا ان نقدم تقييما موضوعيا مقبولا لعلمية ويكيليكس بأبعادها المختلفة، كيف يجب ان يكون هذا التقييم؟.. بعبارة أدق، ما هي المعايير التي يجب ان نستند إليها في الحكم والتقييم؟
يمكن القول ان المعايير التالية كافية للوصول إلى تقييم معقول بشكل عام:
1 - من هم هؤلاء القائمون على ويكيليكس بالضبط؟.. ما هي خلفياتهم وارتباطاتهم وسوابقهم؟
2 - كيف تم الحصول على كل هذه الألوف المؤلفة من الوثائق السرية؟
3 - ما هي طبيعة الوثائق التي تم نشرها بالضبط؟.. بمعنى، هل هي وثائق جامعة مانعة أي انه تم نشر كل الوثائق التي حصلوا عليها، أم تم اختيار ما ينشر وما لا ينشر؟.. واذا كان قد تم اختيار ما ينشر وما لا ينشر، فعلى أي اساس؟ وما هي الرسائل السياسية التي يحملها هذا الاختيار بالضبط؟
4 - من هم المستفيدون بالضبط، أو الجهة الاساسية التي استفادت اساسا من الوثائق التي يتم نشرها؟.. وبالمقابل، من هم المتضررون أساسا، أو الجهة الأساسية التي تضررت؟
5 - كيف يمكن ان نضع المعلومات المتوافرة بخصوص المعايير السابقة في سياق تحليلي عام منطقي ومعقول يعين في النهاية على فهم الظاهرة بشكل عام؟
هذه هي المعايير الأساسية التي حددناها، وسنسعى بقدر الامكان إلى تقديم المعلومات، والشهادات التحليلية المتوافرة بخصوصها.
} } }
من هم؟
كما ذكرت، نشأ موقع ويكيليكس في عام .2006
الشيء اللافت ان الموقع، ومنذ نشأته، تحيط به الشبهات.. الشبهات حول هوية القائمين عليه ومن يدعمهم، وحقيقة الاهداف التي يسعى إلى تحقيقها.
بداية، كان لافتا حين نشأ الموقع ان حدد اولويات اهتماماته، وجاء على رأس هذه الاولويات على الاطلاق "كشف النظم القمعية في آسيا، والكتلة السوفيتية السابقة، والدول الافريقية، والشرق الأوسط".. هذا بنص ما جاء في الموقع في ذلك الوقت، لكنه لاحقا لم يعد يذكر ذلك.
وان يحدد الموقع انه يستهدف أساسا دول هذه المناطق، ويستثني كل الدول الغربية، كان بحد ذاته أمرا مثيرا للتساؤل.
مؤسس الموقع جوليان اسانج، يحيط الغموض والشبهات به منذ البداية. الامر الاساسي المعروف عنه انه كان واحدا من أكبر قراصنة الكمبيوتر في العالم. اما ماعدا ذلك، فقد اثار كثير جدا من المحللين ومنذ انطلاق الموقع التساؤلات حول سوابقه وارتباطاته والدور الذي يلعبه.
نشير هنا مثلا إلى ان الكاتبة والصحفية الأمريكية جولي ليفيسك نشرت تحليلا طويلا جدا عن اسانج وويكيليكس بصفة عامة أثارت فيه عشرات التساؤلات والجوانب المشبوهة في سيرة اسانج العملية وغموض الجهات التي عمل معها قبل انطلاق الموقع، وأيضا حول الهيئة الاستشارية للموقع عندما انطلق وحقيقة ارتباطاتهم وأهدافهم.. الخ.
وبعيدا عن الجوانب الشخصية المتعلقة باسانج أو أعضاء الهيئة الاستشارية، المهم كما ذكرت الشبهات التي احاطت بالموقع نفسه وبحقيقة اهدافه.
كان لافتا هنا انه بعد انطلاق ويكيليكس بأسابيع قليلة، وتحديدا في يناير 2007، استقال جون يونج، احد المؤسسين للموقع وتركه نهائيا. وكان السبب الذي اعلنه لاستقالته انه خدع، وانه اكتشف ان مجموعة ويكيليكس تعمل في حقيقة الأمر لحساب المخابرات المركزية الامريكية، السي آي ايه. وقال ان ويكيليكس في حقيقة الأمر جزء من السي آي ايه. وقال، في احاديث صحفية كثيرة جدا في الفترة الماضية، انه في البداية كان يظن ان ويكيليكس هي منظمة للنفع العام ولخدمة أهداف عامة، لكنه سرعان ما اكتشف ان الامر ليس هكذا أبدا، وانه اكتشف بالاضافة إلى ما سبق انهم يتاجرون في معلومات المخابرات التي يحصلون عليها، أي يبيعونها لمن يدفع، أو يستخدمونها لحساب من يدفع، وانها في حقيقة الامر كما يقول "منظمة اجرامية".
كثير من المحللين أثاروا مسألة تمويل ويكيليكس، ومن الذين يمولونهم بالضبط. وفي 23 اغسطس الماضي، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الامريكية تقريرا طويلا عن هذه المسألة، تحدثت فيه عن سرية مصادر تمويل ويكيليكس، والحرص على ان تبقى مصادر التمويل هذه غامضة لا يعرف احد عنها شيئا. وقالت الصحيفة ان هذا الأمر في حد ذاته يدعو إلى الريبة، ويناقض تماما ما يدعيه القائمون على ويكيليكس من الحرص على الشفافية والوضوح.
وبالاضافة إلى ما سبق، هذه شهادة تستحق التوقف عندها مطولا. واين ماديسون كاتب ومحلل أمريكي شهير، نشر في 28 يوليو، أي قبل نشر ويكيليكس للوثائق السرية الأخيرة للخارجية الامريكية تحليلا طويلا في موقعه على الانترنت، نورد منه ما يلي:
قال: "علمنا من مصادر مخابرات آسيوية ان هناك اعتقادا قويا في بعض الدول الآسيوية، وخصوصا في الصين وتايلند، ان موقع ويكيليكس الذي ينشر وثائق سرية حساسة مرتبط بحرب الكترونية امريكية، وعمليات تجسس الكتروني، ومرتبط أيضا بحرب الكترونية يشنها الموساد الاسرائيلي.. وتقول هذه المصادر ان ويكيليكس يشن حرب تضليل إعلامية.. وفي الصين يشتبهون في علاقاته بالموساد".. ومضى يقول أيضا: "وعلمت مصادرنا ان ويكيليكس هو بالفعل احدى واجهات السي آي ايه، ومتورط في عملية للسي آي ايه تكلفتها 20 مليون دولار، ويشارك فيها منشقون صينيون يقومون بعمليات قرصنة لأجهزة الكمبيوتر في الصين.. وعلمت مصادرنا ان المسئولين في السي آي ايه استشاطوا غضبا عندما اكتشفوا ان القائمين على ويكيليكس يقومون بتسريب المعلومات التي يحصلون عليها إلى الموساد الاسرائيلي، ونتيجة لذلك أوقفت المخابرات الامريكية تمويلها لويكيليكس.. وبالاضافة إلى هذا علمت مصادرنا ان الملياردير المعروف سوروس تحوم شبهات حول علاقته بويكيليكس".
كما نرى، إذا صحت هذه المعلومات التي ذكرها المحلل الامريكي، وإذا ربطناها بما قاله عضو الهيئة الاستشارية الذي استقال، فمعنى هذا ببساطة ان ويكيليكس بدأت كعملية للمخابرات الامريكية لتحقيق اهداف محددة، لكن الموساد الاسرائيلي استولى عليها بعد ذلك، لتحقيق أهداف أخرى بالطبع.
} } }
ما ينشر وما لا ينشر
كما هو معروف، نشر ويكيليكس، أو تعهد بنشر مئات الآلاف من الوثائق . نشر في البداية عشرات الآلاف من الوثائق عن افغانستان، ثم نشر مئات الآلاف عن العراق، وأخيرا مئات الآلاف من وثائق الخارجية الامريكية.
هذا العدد المهول من الوثائق التي ينشرها الموقع يعطي الانطباع بأنه ينشر كل الوثائق التي يحصل عليها بلا استثناء من دون انتقاء ، وبغض النظر عما تتضمنه هذه الوثائق من معلومات حول أي من القضايا.
لكن الحقيقة غير هذا تماما.
الحقيقة ان الموقع لا ينشر كل ما يحصل عليه من وثائق. وعملية النشر انتقائية تماما. بمعنى ان ما ينشر يتم اختياره بعناية شديدة، وكذلك الامر بالطبع بالوثائق التي يتم حجب نشرها.
هذه المسألة في حد ذاتها تثير بالطبع عشرات التساؤلات والشبهات:
وعلى سبيل المثال:
1 - ما الذي يتم اختيار نشره من وثائق وما الذي يتم حجب نشره، وعلى أي أساس يتم هذا، ولأي أهداف أو غايات سياسية بالضبط؟
2 - من الذي يقوم بعملية الاختيار هذه أصلا؟
بداهة، هذه عملية ضخمة جدا لا يمكن ان يقوم بها شخص من القائمين على الموقع أو حتى مجموعة أشخاص. هذه عملية لا يمكن ان تقوم بها بداية الا اجهزة مخابرات مختصة تعرف ماذا تريد بالضبط، وتعرف أي رسالة سياسية بالضبط تريد توجيهها من وراء نشر الوثائق التي يتم اختيارها.
3 - كثير من المحللين المهتمين بمتابعة القضية لفتوا الانتباه إلى جانب مهم وخطير.
لفتوا الانظار إلى انه في ظل هذا العدد الهائل من الوثائق التي يتم نشرها، والتي يستحيل على أي فرد مهما تكن درجة متابعته واهتمامه، بل يستحيل على أي جهة ان تدقق فيها.. في ظل هذا، ليس من المستبعد، بل من الوارد جدا، ان يتم "زرع وثائق" وسط هذا العدد الهائل. بعبارة أخرى من الوارد جدا اعداد وثائق يتم اعدادها و"زرعها" وسط ما يتم نشره، وهذا بالطبع بهدف تحقيق اهداف سياسية محددة. وطبعا، من الصعب جدا كما ذكرنا ان يستطيع أي فرد، ولا حتى أي جهة اكتشاف مثل هذه الوثائق المزروعة.
4 - بالإضافة إلى كل ما سبق فيما يتعلق بانتقاء ما ينشر وما لا ينشر من وثائق، من الملاحظ انه من بين ما يتم اختياره للنشر، فإن جهة ما تتولى مسبقا بالطبع تنظيم حملات اعلامية منظمة جدا لابراز مواقف بعينها والتركيز في قضايا بعينها . وقد لاحظنا هذا خصوصا مع الوثائق الاخيرة المتعلقة ببرقيات الخارجية الامريكية.
على أية حال، في المقال القادم باذن الله سوف نعود إلى هذه القضية بشكل اكثر تحديدا، أي سنرى، على أي أساس يتم نشر أو حجب الوثائق، ولماذا، ولخدمة من بالضبط؟
} } }
إذن، في ضوء ما قدمناه مبدئيا حول عملية ويكيليكس، يمكن ان نصل إلى خلاصات مبدئية محددة هي:
1 - ان هذا الموقع ومنذ انشائه تحيط به الشبهات، سواء من حيث الاشخاص القائمون عليه، أو من حيث الذين يقفون وراء انشائه أصلا، أو من حيث مصادر تمويله، أو من حيث حقيقة الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها.
2 - انه من الصعب جدا ان ننظر إلى عملية ويكيليكس هذه على اعتبار انها تندرج في اطار عمل إعلامي ينشد الوصول إلى الحقيقة أو تنوير الرأي العام، أو توسيع نطاق الحريات وتكريس الشفافية، وغير ذلك من أهداف يزعم القائمون على الموقع انهم ينشدون تحقيقها.
3 - ان ما يقوم به الموقع وبالكيفية التي يقوم بها لا يمكن الا ان يكون عملية سياسية كبرى لتحقيق أهداف وغايات سياسية محددة.
4 - ان هذه العملية برمتها لا يمكن ان تكون مجرد عمل لفرد أو عدد من الافراد أو موقع على الانترنت. هذه عملية وراءها بالضرورة أجهزة مخابرات عالمية.
من وراء هذه العملية بالضبط؟.. وما هي الأهداف السياسية المحددة التي تسعى لتحقيقها؟.. ولصالح من وعلى حساب من؟.. هذه التساؤلات وغيرها سنحاول ان نجيب عنها في المقالات القادمة، وسنقدم شهادات وآراء كبار المحللين في العالم بهذا الخصوص.
المصدرأخبار الخليج 3/1/2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.