يمكن التفريط في الإجراءات، ولكن لا تفريط في الأمن.. هذا مبدأ أصيل لدى السلطات الأمنية لحماية الإنسان والممتلكات ومنشآت الدولة فالذين يريدونها بيضاء من غير سوء يفكرون بعقلية لا تواكب متطلبات العصر وتطور الجريمة، ومهندسي الازمات وصانعي الزوابع والاضطرابات السياسية، فهنالك فرق كبير بين أن يكون جهاز الأمن جامعاً للمعلومات، وبين أن يكون الجهاز أداة للمحافظة على أمن وسلامة كل ما يوجد في الرقعة الجغرافية للدولة من : انسان، ونبات، وحيوان، وموارد، ومنشآت، وبنية تحتية، ومعالم حضارية، وتنموية. في الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا اليوم قياساً بالنوايا والمقاصد الكامنة في أجساد ما يسمون أنفسهم بغلاة الديمقراطية، فإن التفريط في الأمن ليس من مصلحة المواطن أو الوطن العريض.. لعلنا نرى ونحن نتابع سيناريو الأحداث خلال الأيام المنصرمة، نرى أن المعارضة الشمالية بالتحالف مع المتفلتين من حزب الحركة الشعبية شريك الحكم مع المؤتمر الوطني يهدفون الى خلق حالة من الانفراط الأمني لتعم الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد انتهازاً لفرصة مواتية لاسقاط النظام، وتدمير ما تحقق من انجازات واسهامات لمصلحة الجماهير والمصالح الوطنية العليا. في ظروف حرجة كالتي نمر بها الآن وهرطقات المعارضة الداخلية، فإن التجمعات الجماهيرية ومهما كانت دوافعها سلمية أو غير سلمية، لها محاذيرها وتداعياتها السالبة على النسيج الاجتماعي والجبهة الداخلية.. ولعلنا لا تغيب عن مخيلتنا تجربة اكتوبر 1964، وابريل 1985، وأحداث الاثنين الاسود (مقتل د. جون قرنق) والاثنين الكارثة المنصرم وكل الاستقراءات والتكهنات تشير الى احتمالية حدوث شغب، لأن المعارضة تبتكر الأساليب المؤدية الى حدوث صدام بين الجماهير والقوات المحافظة على النظام. عموماً نقول : يمكن التفريط في الاجراءات ولا غضاضة في ذلك، ولكن كل الاستحالة التفريط في الأمن حفظ النظام ولذا : على السلطات المسؤولة أن تفكر ملياً وتقيم الظروف السياسية السائدة في البلاد ودوافع ونوايا مثيري الشغب والفوضى لأن ابداء حسن النوايا التي سببت لنا الكثير من المتاعب والاحداث المؤسفة لم يعد يجدي مع الذين يجرجرون السودان للوراء ويستخدمون قاطرة الفرملة، ويحبذون ركوب قاطرة أستخدمت أوقعت القطار ودمرته. الجميع يثق في مقدرة القياديين : البشير وسلفاكير، بحكتهما وادراكهما التام بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقيهما، إن المباحثات سيتمخض عنها اتفاق تام ومرض لكل من شريكي الحكم وبعد الوصول الى اتفاق بين الشريكين، فلتخرج المسيرات الهادرة تضم كافة جماهير حكومة الوحدة الوطنية، لتمجد الوحدة وتنبذ الانفصال والفرقة بين الاخوة في الشمال والجنوب، ومرة أخرى : يمكن التفريط في الاجراءات ولكن لا تفريط في الأمن. نقلاً عن صحيفة آخر لحظة السودانية 14/12/2009م