قال الحزب الوطني الحاكم في السودان، أنه عازم على التقاء كافة القوى السياسية السودانية والتشاور معها حول حكومة القاعدة العريضة التي دعا لها الرئيس البشير للتصدي لمطلوبات المرحلة المقبلة. حتى هذه اللحظة يمكن القول أن حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي قد تقدم الصفوف منذ أن التقي زعيم الحزب بالرئيس مطلع الأسبوع الماضي وبحث اللقاء إمكانية التعاون والمشاركة. وعلى الرغم من أن لقاء المهدي بالبشير أثار قلق القوى المعارضة وحاولت بشتى السبل إفشال ما تم وما سيتم دون جدوى، الا أن الأمر الأكثر ايجابية وأهمية أن ذات القوى المعارضة التي عاتبت الأمة القومي على موقفه وحاولت إثناؤه عنه، وجدت نفسها مضطرة، (لمسايرة) الوضع والبحث عن مخرج. وكان ذلك واضحاً حين قررت هذه القوى التقدم بشروط للحزب الوطني قبل أن تجلس معه، وكان أوضح من ذلك أن شروط هذه القوى صعبة ولكنها في الوقت نفسه كشفت عن أنها قد لا تمانع في الجلوس ولكنها تريد أن تقول للملأ أنها لا يمكن أن تجلس بدون شروط، فشروط عقد المؤتمر الدستوري والإفراج عن المعتقلين وإلغاء الزيادات تعرف في علم السياسة (بشروط المنتصر) وبالطبع لم يتسن لهذه القوى المعارضة تحقيق أي انتصار حتى الآن من أي نوع على الحزب الوطني حتى تجد في نفسها الجرأة لفرض شروطها. ومؤدي ذلك أنها جالسة لا محالة إلى الحزب الوطني بصورة من الصور سواء تم قبول هذه الشروط أم لا، وذلك لعدة اعتبارات في مقدمتها أن هناك قوى بداخلها تستشعر ضرورة تحمل المسؤلية الوطنية وأبرز هذه القوى حزب الأمة القومي بزعامة السيد الصادق المهدي وهو الحزب الوحيد – من بين هذه القوي – الذي يمتلك حس المبادرة والقدرة على التقدم بأطروحات وطنية جادة وهو ربما أيضاً الحزب الوحيد الذي لا ينطلق من منطلقات تشفي وانتقام كما هو الحال بشان المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي ولذلك فان وجود قوى راغبة في المشاركة ولو على نحو رمزي، سوف يفت في عضد هذه القوى وهي لا تتحمل ذلك. الاعتبار الثاني، أن هذه القوى فقدت والي الأبد الحركة الشعبية والأخيرة صار لديها ما يشغلها ويكفيها فهي تعد نفسها لحكم دولة مرتقبة ولم تعد لديها الفرصة لأي مناورات سياسية أو تحالفات فات اوانها وفقدت قيمتها، ولم يعد في الساحة من قوى يمكن التعامل معها لضمان الوجود في الملعب سوى الحزب الوطني. الاعتبار الثالث والأخير أن هذه القوى المعارضة في حقيقتها راغبة بشدة في المشاركة ولكنها ولفرط ما عارضت واتخذت مواقفاً متشددة بغير سند سياسي حقيقي باتت تشعر أنها إذا ظلت على موقفها فسوف تنقرض وتتلاشي. لذلك كله يمكن القول أن قطار المشاركة في الحكومة العريضة يوشك أن ينطلق في رحلته الطويلة بعد أن حصل معظم الركاب على حجز سياسي مناسب!!