استطاع المبعوث الأمريكي للسودان سكوت غرايشون القيام بالعديد من الانجازات وعلى أصعدة مختلفة من ترميم جدار العلاقات السودانية – الأمريكية وحل قضايا السودان في مجملها خاصة العالقة بين الشريكين، والتى كان آخرها الوساطة المباشرة التى شرع فيها غرايشون بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية من واشنطن قبيل وصوله الى الخرطوم خلال الأسبوع الجاري، إذ بحسب مصادر عليمة فإن وساطة المبعوث الأمريكي لم تتوقف خلال الاجتماعات الرئاسية الماضية بصورة حتى تمكن الجانبان من حل أزمة الشريكين بشأن القضايا الخلافية التى ثارت منذ رفض الحركة لنتائج الإحصاء السكاني الخامس.. وتقول المصادر إن (الوطني والحركة) قبلا المقترح الأمريكي مبدئياً, كما أن الموفد الخاص, من ناحية ثانية ناقش قضية المفاوضات المرتقبة في الدوحة لحل الأزمة في دارفور, وقد أولى غرايشون اهتماماً خاصاً لهذا الملف, ومن المنتظر أن تكون قد اكتملت كافة التدابير والإجراءات التي اتخذت لضمان نجاح المفاوضات، خاصة عقب إعلان بدء المفاوضات المباشرة بين الحكومة وحركات دارفور في يناير المقبل بالدوحة، وهكذا يمكن القول إن زيارة غرايشون الأخيرة أسهمت بقدر مقدر في دفع المسيرة السلمية السياسية في السودان وفقا للإستراتيجية التي اعتمدتها إدارة أوباما. وبحسب المراقبون فإن غرايشون خلال زيارته الماضية لم يتعرض لقضية المحكمة الجنائية سواء بالإيجاب أو بالسلب، على عكس التسريبات التى وردت نقل عن المندوبة الأمريكية في الأممالمتحدة سوزان رايس والتى خرقت تلك الهدنة خلال الأسبوع الماضي، مما يدلل على أن إدارة أوباما لاتزال تعمل بالفعل بتنفيذ حذر للإستراتيجية التي وضعتها للسودان والتي تستند على أن أي إثارة لقضية من شأنها تعقيد الأوضاع في السودان في وقت لا تحتمل فيه هذه الأوضاع التعقيد الذي تعيشه من الأساس. ولكن الأمر الذي زرع التساؤلات في اذهنة المراقبين أن المبعوث الأمريكي بحث مع وزير المالية والاقتصاد الوطني د. عوض الجاز بشكل مباشر عملية رفع العقوبات عن السودان، وهذا الامر لافتاً جداً في وقت تتجه فيه الانظار لحل القضايا السياسية العميقة مع الحركة الشعبية والأحزاب السياسية الأخرى، كان غرايشون يبحث رفع العقوبات عن السودان، مما يظهر أننا سنشهد رفعاً قريباً للعقوبات عن البلاد أو عبر إزالة الدين الخارجي باعتباره واحدا من التزامات السلام والدفع بتعهدات أوسلو، عملاً بإستراتيجية الحوافز التي طرحتها واشنطن أكتوبر الماضي واستناداً على التقدم الذي احرز في القضايا العالقة بين (الوطني والحركة). رغم ذلك تبقى امر مفزع بحسب وصف المراقبين تجاه زيارة المبعوث الأمريكي غرايشون إلى مدينة شتوتغارت الألمانية مقر القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا (افريكوم) للتباحث مع كبار المسئولين بالقاعدة حول حماية الانتخابات والاستفتاء بالسودان، مما يعني أن غرايشون يخشى من سيناريوهات لم تتضح بعد، خاصة وان المراقبين قاموا بربط زيارة غرايشون ل(افريكوم) بشهادته أمام اللجنة الفرعية لشئون أفريقيا في الكونغرس الأمريكي التي أعرب فيها صراحة عن قلق إدارته بشأن جنوب السودان مؤكداً أن واشنطن ستكثف جهودها للمساعدة على منع الاقتتال قبل الانتخابات العامة المقررة العام المقبل، مما يشير الى القوات الأمريكية ستشارك خلال الانتخابات والاستفتاء القادمين بشكل مراقبين لمنع حدوث أي نوع من الفوضى بالبلاد، خاصة وان انفاذ اتفاق نيفاشا هو الأمل الوحيد المتبقي لإدارة الرئيس أوباما لتقديمه وزيادة أسهمه قبيل خوضه للانتخابات الأمريكية الرئاسية في 2012 بعد عام من عمر الاستفتاء بالسودان بغض النظر عن شكله ونتائجه. نقلاص عن صحيفة الرائد 16/12/2009م