تراجعت الولاياتالمتحدة، وهي القوة العظمى الوحيدة المتبقية، بشكل كبير نتيجة حربين خاضتهما في العراق وأفغانستان، فضلا عن تعرضها لواحدة من أسوأ الأزمات المالية منذ الكساد الكبير. فهي تواجه المزيد من التحديات في أفغانستان وأنحاء أخرى من العالم. حيث بلغ دينها القومي 14 تريليون دولار، أي ما يعادل حجم ناتجها المحلي الإجمالي. ويظل معدل البطالة فيها مرتفعاً. وتواجه العديد من الولايات والحكومات المحلية عجوزات في الميزانية، حيث اضطرت إلى خفض إنفاقها على التعليم وغيره من الفوائد للمواطنين. ويشعر الكثير من الصينيين، بالقلق حول مستقبل بلادهم وأبنائهم في ظل أزمة الديون الوطنية التي تلوح في الأفق. من ناحية أخرى، أصبحت الصين بشكل متزايد، أكثر قوة، سواء بشكل عام أو اقتصادياً، خلال العقود القليلة الماضية. على الرغم من تنبؤات المتشائمين المستمرة حول السقوط المحتمل للصين، فقد برزت الصين باعتبارها قصة نجاح نادرة في العالم. لقد تفوقت الصين على اليابان لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتجاوزت ألمانيا لتصبح أكبر مصدر للسلع في العالم. وفي العام الماضي، حازت الصين أيضاً شرف إنتاج أسرع كمبيوتر في العالم. وفي الآونة الأخيرة، عمدت الصين إلى تغيير ممارساتها التقليدية، من خلال الاعتراف علناً بأنها طورت الطائرة الشبح المقاتلة الجديدة التي يفترض أنها يمكنها تهديد حاملات الطائرات الأميركية. الأهم من ذلك أن طلاباً صينيين في شنغهاي كانوا الأكثر تفوقاُ في امتحان تديره منظمة التعاون والتنمية. فقد ظل التعليم على الدوام مؤشراً مهماً على الاتجاه المستقبلي لأي أمة، لأنه يتعلق بتدريب أجيال المستقبل. يتساءل طلاب أميركيون حول ما إذا كانت الصين سوف تتفوق على الولاياتالمتحدة. فلو استمرت التوجهات الحالية، وإذا ما استطعنا الحفاظ على السلام العالمي النسبي، وإذا ما استطاعت الصين الحفاظ على استقرارها الداخلي، فإنها بذلك سوف تتعاظم احتمالات تفوقها على الولاياتالمتحدة (لنقل اقتصادياً). الصين، باعتبارها أكثر الدول سكانا في العالم، لديها لقوى العاملة. فالمجتمع الصيني هو مجتمع منظم تنظيماً جيداً للغاية. وعلى الرغم من أن المنظمة الاجتماعية في الصين لم تعد فعالة كما كانت الحال في الأيام الخوالي، فإنها ما زالت تتمتع بميزة كبيرة عن الولاياتالمتحدة. إن هناك طرقاً متعددة للنظر في عالمنا. فالعلاقة بين الصين والولاياتالمتحدة لا يجب أن تكون لعبة محصلتها (صفر)، يصبح خلالها بالضرورة مكسب طرف واحد خسارة للطرف الآخر. فلو أن زعماءنا اتسموا بالذكاء، فسوف يمكننا تحويل العلاقة بين الصين والولاياتالمتحدة إلى لعبة يتجاوز فيها المكسب الخسارة. بناء على البيان المشترك بين الصين والولاياتالمتحدة، أسفرت زيارة الرئيس الصيني «جينتاو هو» إلى الولاياتالمتحدة عن الكثير من النتائج الملموسة. فعلى الرغم من بعض الاختلافات، اتفقت الدولتان على التعاون في العديد من المجالات. وبوصفهما الدولتين الأكثر أهمية في عالم اليوم، فإن الصين والولاياتالمتحدة سوف تكونان قادرتين على جعل عالمنا مكانا أفضل بكثير، اذا اختارتا التعاون. أما إذا اختارتا، من ناحية أخرى، طريق المواجهة فلن يكون الشعبان الأميركي والصيني، هما من يعانيان فقط، بل سيتأثر العالم بأسره سلباً. المصدر: البيان 6/2/2011