لا تزال الساحة السياسية تضج بالإختلاف حول الخطوة التي أقدم عليها المؤتمر الشعبي بترشيح عبد الله دينق نيال لرئاسة الجمهورية. هناك عدة ملاحظات حول هذا الترشيح : منها، أن الترشيح كان مفاجأة مكتملة الأركان من لكل ألوان الساحة السياسية. فالإسم كان بعيدا عن الواجهات الإعلامية ولم يكن مطروحا بأي شكل من أشكال الطرح لسباق المنافسة للمنصب الرفيع إذ كان الإحتمال مركزا على ترشيح زعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي. ومنها، أن زعيم المؤنمر الشعبي، حسن الترابي، كان دائما يواجه مصاعب في عموم تاريخه الإنتخابي، ولم يكتب له النجاح في أي انتخابات خاضها، حتى أصبح الاعتقاد الشائع بأنه لن يفوز هذه المرة كما في المرات السابقة .. أصبح يشكل ضغطا نفسيا عليه وعلى أسرته، فابتعاده عن الترشيح سيجنبه هذه المعاناة. ومنها، أن كل زعماء الأحزاب السياسية معرضون الآن لإختبارات قاسية، بما في ذلك زعيم الحركة الشعبية سلفا كير. فالأحزاب الكبيرة السابقة ما زالت تعلن أنها الأحزاب الأكبر في السودان، وأن سنوات التجميد الطويلة في فترتي مايو والانقاذ لم تؤثر على تركيب بنيتها القاعدية، بينما يرى خصومها أن الدنيا تتغير، ويقولون أن هذه الأحزاب تآكلت بفعل الزمن، ولذلك يبقى صندوق الإقتراع هو الاختبار الحقيقي للقول بأي الرأيين أصح. ومنها، أن الحزب المنافس للمؤتمر الوطني والذي يتمتع بكل امتيازات الحكم، وهو الحركة الشعبية، يعاني من عدم وجود مرشح يمكن أن ينازل البشير بشكل متكافىء بإعتبار أن معطيات كثيرة تشير إلى أن زعيم الحركة الشعبية لن يكون منافسا للبشير في السباق الرئاسي. ترشيح عبد الله دينق نيال أشبه بضربة المعلم، للأسباب الآتية : ^ فهو من قبيلة الدينكا أكبر قبائل الجنوب، وبهذ الصفة يمكن أن يسحب بعض الأصوات الجنوبية خصما على نصيب المرشح الرئيسي في الجنوب، مرشح الحركة الشعبية. ^ وهو مسلم تلقى دراسته الجامعية في الأزهر الشريف، وبهذه الصفة يرفع الحرج عن أعضاء حزبه فيما إذا التزم الحزب بأي مقررات يتخذها مؤتمر جوبا بشأن التصويت لمرشح واحد في المنافسة الرئاسية، خصوصا إذا كان مرشح مؤتمر جوبا ينتمي للطوائف المسيحية, ^ وهو برغم انتمائه الإسلامي لم يتنصل من انتماءاته (الدينكاوية)، فهو ما زال يحتفظ بالأسماء التي تتسمى بها القبيلة مثل دينق ونيال. وبعد .. على كل حال نحن في انتظار تداعيات إضافية، إيجابية أو سلبية، لإشتراك نيال في السباق الرئاسي .. والأيام ستكشف الكثير.