الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد يعتبر أحد أبرز قيادات الحركة الإسلامية عموماً وأحد مؤسسي تنظيم الأخوان المسلمين في السودان على المستوى الخاص وقد التحق الرجل بتنظيم الأخوان المسلمين باكراً منذ أن كان طالباً في المدارس المصرية وقد عارك وعاصر كبار رجالات الأخوان المسلمين بمصر، على رأسهم الأب الروحي للجماعة الراحل الشيخ حسن البنا، وكذلك الشيخ سيد قطب وقد استقطب الرجل العديدين لحركة الأخوان المسلمين، بل إن الرجل حاول في مرحلة من المراحل استقطاب العدو اللدود للحركات الإسلامية الدكتور منصور خالد وسنعرف تفاصيل ذلك من خلال هذا الحوار. حدثتنا في الحلقة السابقة عن أنك رتبت لقاءً لمنصور خالد بسيد قطب عند زيارته لمصر.. هل كنت تسعى لاستقطاب منصور خالد لجماعة الأخوان المسلمين؟ - نعم وقد قال هو ذلك، وأذكر أنه كتب بعد عودته في جريدة الناس ما معناه أن صادق عبد الله قد حاول استقطابه لتنظيم الأخوان المسلمين، وقد أفلحت في تقديري في إحداث هزة كبيرة في ما يحمله منصور من أفكار ومعتقدات بلقاء الشيخ سيد قطب، وكنت أتمنى أن ينضم منصور إلى التنظيم. دعنا نقف على ما قمتم به في شأن الدعوة بعد العودة للسودان؟ - يمكن القول إن الخير عبد القادر وعبد الرحمن وشخصي الضعيف قد بدأت على أياديهم هذه الدعوة، وكنا نحرص على إحضار الكتب والرسائل كما قلت عند زيارتنا للوطن في الإجازات، وقد سمعنا أن بكلية غردون الجامعية وقتها «جامعة الخرطوم» حالياً طلاباً إسلاميين، أذكر منهم جعفر ميرغني وبابكر كرار ومحمد يوسف محمد وأحمد محمد بابكر وميرغني النصري وآخرين، وكانت ثمة فكرة عن الأخوان المسلمين قد وصلت إلى هؤلاء إبان الغزو الإسرائيلي لفلسطين في العام 1948، وطبعاً الأخوان كانوا قد كونوا جيشاً منفرداً والدول العربية كونت كذلك جيشاً آخر، وقد استشهد جمع كبير من شباب الأخوان في تلك الحرب، لذلك كان اسم الاخوان مدوياً وعاليا في الاعلام وفي كل العالم، وهذا ما جعل المهمة سهلة بالنسبة لنا في كلية غردون حيث وجدنا أن الفكرة معروفة ومشهورة، وأذكر اننا قابلنا المرحوم على طالب الله والذي كان شخصية مخلصة ومتفانية إلى درجة بعيدة، وكان يرأس مجلس مقاطعة اسرائيل بوزارة الخارجية، وهناك رواية عن اتصال ما بين علي هذا والشيخ حسن البنا، ويقال أن علاقة كبيرة كانت تربطهما معا فقام علي بتكوين جماعة بعيدة عن الهيكل التنظيمي للجماعة ولم يتوخ الخصائص المطلوبة للانضمام. ومتى أعلنتم رسمياً عن تكوين التنظيم في السودان باسمه الأخوان المسلمين؟ -لكي تجمع الناس لا بد أن يكون لديك رصيد ولهذه الدعوة خاصية عجيبة جداً، حيث أنها انتشرت بصورة كبيرة جدا حتى قبل أن يطلق عليها لقب تنظيم بصورة رسمية، وفي العام 1954 قال الاخوان بأن التمدد والانتشار هذا يفرض علينا أن نطلق على الجماعة اسما محددا، وأذكر أن الاخ بابكر كرار كان يطلق على الجماعة اسم حركة تحرير الاسلام ولكن عندما جاءت مرحلة التسمية أجمع الناس على اسم الاخوان المسلمين، فكان أن انسحب كرار ومعه مجموعة حوالى (12) شخصا وكان اجتماعنا هذا في نادي أم درمان الثقافي، وأذكر من الحضور محمد يوسف محمد وميرغني النصري ويوسف حسن سعيد وأحمد محمد بابكر وآخرين. ولهذا النادي قصة طريفة تحضرني هنا حيث انه كان مشيدا من الطين والجالوص، ويقع بشارع الوادي الى الشمال من الشهداء بأم درمان وأذكر أن الأخ جمال السنهوري كان يصدر مجلة من القاهرة اسمها السودان الحديث، وكانت الرقابة شديدة على الصحف هناك وازدادت بعد أسبوع من وصول جمال عبد الناصر، وأذكر أنني كتبت مقالا عن العمران في أم درمان وأن المساكن تبنى من الطين ثم تمسح بروث البهائم، وقد أجازت الرقابة المقال ونشر وأحدث ضجة كبيرة وقد دخلنا في منافسة مع الشيوعيين لادارة النادي وفزنا في الانتخابات، فقمنا بنقل النادي من موقعه ذاك وكنت أنا وقتذاك بالقاهرة وعندما عدت وجدت التنظيم قد تمدد وانتشر وتجاوب الناس معه، ومن هنا كانت انطلاقة تنظيم الاخوان المسلمين في السودان وتمت هيكلة التنظيم وقمنا باختيار المراقب العام للجماعة في السودان، وكان هذا في العام 1954 وبعدها تم وضع دستور للجماعة يحوي الاسم والمقر وتم اختيار مراقب جديد وإن كنت لا أذكر الأسماء الآن. أشرت إلى انشقاق بابكر كرار ومجموعته في الاجتماع الأول فمتى حدثت الخلافات بينكم ومجموعة د. الترابي؟ - طبعا الترابي ما شاء الله شخص «لولبي» وأذكر أنه في العام 1968 وكنا نمضي في التنظيم بصورة سلسة وكان المراقب العام وقتها هو الترابي، وكان أوان الانتخابات قد حان والترابي كما قلت لك رجل يجيد صناعة المداخل ولديه قدرته الفذة على التأثير، وكان التنظيم وقتها جديدا وغير معروف بدرجة كبيرة فأشار علينا بتغيير الاسم الى جبهة الميثاق الاسلامي، والناس وقتها كان حسن النوايا هو الموجه والقائد لهم والتنظيم كان يقوم وقتها على هذا الأساس.. المهم أن الترابي اقترح في اجتماع مشهود مسألة تغيير الاسم فوافقت الأغلبية على ذلك وقمنا بعمل جريدة أسميناها الميثاق الاسلامي ترأست تحريرها لمدة أسبوع، ثم جاء بعدي الأخ يس عمر الإمام وتلاه عبد الرحيم حمدي والذي كان يتمتع بعلاقة خاصة مع الترابي، وقد شعرت برغبة الأخير في أن يترأس تحرير الصحيفة حمدي وكنت أنا قد ترأست تحرير صحيفة الاخوان المسلمين في العام 1956. ولماذا أبعدك الترابي من رئاسة تحرير الصحيفة.. ما هي الأسباب؟ - أذكر أنني كتبت مقالا تم التحفظ عليه ولكنني نشرته وأيضا بدأت عراقيل كثيرة توضع في درب الصحيفة فيما يتصل بالطباعة وكذا، لذا لم أستمر ثم جاء بعدي يس عمر الإمام وتلاه حمدي. ومتى تطور هذا الخلاف وتمت المفاصلة؟ نزلنا الانتخابات وفزت في دائرة يحيى الفضلي والتي تبدأ من الحلة الجديدة مروراً بأبي حمامة والقوز والرميلة «الدائرة 30-31»، ودخلت الجمعية التأسيسية ومعي آخرون، حسان من رفاعة وعبد الله آدم زكريا في الجنوب وقد فاز باسم جبهة الميثاق، ولما كان ليس لدينا ممثل بالجنوب ولا نعرف زكريا هذا اجتمعنا واتفقنا على الذهاب إلى المطار وانتظاره للتعرف عليه خاصة وأنه لم يكن قد طلب دعما أو تمويلا، وقد سألته فعلا بعد فترة عن ظروف فوزه فأخبرني بأن لديه دكاناً واستطاع أن يكسب الاخوة الجنوبيين بمعاملته الطيبة معهم، ثم بعد ذلك جاء نميري وانتهت جبهة الميثاق بحضوره والتنظيم كان يمضي رغم أن معظم أعضائه كانوا محبوسين في سجن كوبر، وقدر الله أن يجمعنا السجن مع الترابي في كوبر.