طبع هذا الكتاب كطبعة أولى بالولايات المتحدة كلبنة في بناء الجهد الفكري للمسلمين لمعالجة القضايا العصرية لبحث كيفية الاستدلال على وجود الخالق العظيم سبحانه من خلال الفيزياء التي تبحث في طبيعة المادة ومكوناتها وعلاقاتها بالمواد الأخرى وخاصة أن التصور العام لأغلب المشتغلين بعلوم الفيزياء تصور مادي الحادي يفترض عدة افتراضات منها أنه لا واقع موجود إلا الواقع المادي المحسوس بالحواس فقط وان كل الحقائق حقائق مادية بحتة وأن الكون مكتف بنفسه غني عن أي شئ خارجي وأن التفسير العلمي لأي ظاهرة لابد ألا يخرج عن حدود هذا الكون المشهود. لكن هذا العلم يتطور باستمرار ويعترف أصحابه بان كل تصور يتصورونه للكون قابل للتغير كلما توسع العلم في أدواته , لكن التصور الإسلامي يقبل من العلوم الطبيعية ما تقرره الحقائق بالمشاهدة أو بالأدلة العلمية القطعية , ويقبل أيضا النظريات التي يغلب الظن على صحتها ولكنه لا يغلق الباب على تفسيرات لظواهر مادية بأسباب غير مادية كما هو الحال في الاستسقاء ونزول المطر والرقى والشفاء وغيرها مما يدخل في مبحث آخر لم يطرحه الكاتب في كتابه وهو تحت إسلامية العلوم ويبرز الكاتب في مقدمة كتابه أن كثيرا من المسلمين ولاسيما في البلاد الغربية يشعرون بأنهم ضعفاء في الناحية الفكرية فيتقهقرون تحت هجمات الملحدين ولا يتقدمون لمناقشتهم والدفاع عن معتقداتهم ويعجزون غالبا عن الرد على تحديات الملحدين وتلك فتنة يتعرض لها الكثير من الدارسين والمقيمين في بلاد الغرب الفصل الأول : الإلحاد في العصر الحديث حتى القرن الثامن عشر كان الإلحاد بمعناه الحديث وهو إنكار وجود الخالق تماما قولا شاذا لا يقول به إلا أقلية قليلة , ولكن بعد هذا التاريخ بدأ الإلحاد في الظهور عند كثير من قادة الفكر الأوروبي بل صار بعد ظهور الشيوعية الدين الرسمي لدولتها . وتطور الأمر إلى أن أصبح الإلحاد في أوروبا هو القاعدة – المعلنة أو المضمرة – التي تقوم عليها فلسفة العلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية وأصبح الدين هو الظاهرة الاجتماعية التي تحتاج للتفسير . وناقش الكاتب أسباب انتشار الإلحاد في هذا العصر فذكر خمسة عشر سببا لذلك في بسط موفق , ثم ذكر أن بعضا من ملامح الفكرة الإلحادية قد ظهرت في الفرق الإسلامية عند المعطلة الذي كان تصورهم عن صفات الله تعالى تصورا إلحاديا وقيض الله لهم علماء السنة الذين ردوا تلك الشبه عن صفات الله , ثم ربط بين الإلحاد والشرك وقال أنها مشتركان في الكفر بالله سبحانه فأحدهما ينكر وجود الله بداية والثاني يستبدله أو يشرك معه معبودات أخرى , وكلهم نقيض للتوحيد أي إفراد الله بالعبادة . الفصل الثاني : أدلة وجود الخالق الملحدون يقولون أنه ليس للكون خالقا لعدم وجود دليل , وبعض المؤمنين وغيرهم يؤمنون بوجود الخالق سبحانه لكنه يوافقون الملحدين في قولهم انه ليس هناك دليل عقلي على وجوده وأحيانا يقولون أنه اعتقاد قلبي أو عن طريق الرسل – وهذا حق لا مرية فيه - فقط , ولكنهم لا يستطيعون الصمود أمام من يطالبهم بالدليل العقلي متناسين قول الحق تبارك وتعالى " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ " وأيضا " وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ " وقسم الكاتب الأدلة إلى ثلاثة أقسام : - البرهان الكوني : وهو أن تستخلص الحقيقة المراد برهانها من حقيقة أو حقائق أخرى هي مقدمات البرهان , ثم بدا في ذكر الأدلة - دلالة الآيات : وهي العلامات التي يستلزم بها عين المدلول كمثل أن الشمس آية طلوع النهار - دليل العناية : ويقصد به أن الموجودات محتاجة لواجد لها والحدوث صفة كل ما في الكون وكل علاقة بين المخلوقات يستدل بها على وجود خالق لها واستطرد انطلاقا من الأقسام الثلاثة لسرد واستنباط أدلة عقلية على وجود الخالق سبحانه ثم انتقل إلى ما اسماه بالدليل الخلقي وأن في وجود القيم الخلقية الضرورية لوجود المجتمعات البشرية التي لا يمكن قيام أي مجتمع إلا بها دليلا على وجود الخالق سبحانه لأنه لابد من وجود خالق حينها ليسمع وليرى وليحاسب البشر على الالتزام بها فيكافئ المحسن بإحسانه ويجزي المسيء على إساءته . الفصل الثالث : الفيزياء وأصل الكون بدأ الكاتب بالسؤال من أين أتى هذا الكون فسال عن بداية الزمان وبداية المكان فذكر أن الفلاسفة والملحدين يقولون بأزلية المادة أو أن بعض الكون أزلي وبعضه غير أزلي بينما قال آخرون بأن الكون خلق نفسه بنفسه , ثم ناقش أزلية الكون مناقشة علمية فذكر التصورات القديمة , وتساءل هل الأزلي هو هذه الذرات التي تحيطنا ؟ ثم رد على هذه التساؤلات مبطلا هذه التصور الخاطئ فالمادة تفنى وتستحدث من عدم , وذكر النظريات التي قامت عليها أفكار الفيزيائيين عن نشأة الكون ومنها نظرية الانفجار العظيم التي لم يناقشها في هذا الفصل بل استند إليها فقط في تقرير أن للكون بداية بحسب ما قاله الفيزيائيون الغربيون وتدل بذاتها على كذب هذا التصور أن الكون أزلي الفصل الرابع : الإلحاد ونظرية الانفجار العظيم بين الكاتب أن الإلحاد القديم بني على الدعوتين بأن الكون أزلي وطول المدة التي تجعل انه من المصادفة تكون كل هذه الكائنات , وأبطلت نظرية الانفجار العظيم كلتا الدعوتين , واعترف آخرون بدلالة تلك النظرية على وجود خالق للكون . وقال بعض الملحدين أن الكون خلق ولكن بغير خالق إتباعا لنظرية ( الكون ذو الحال الثابت ) التي شاعت في العقد الخامس من القرن الماضي والتي قال بها ثلاثة علماء منهم فريد هول الذي قال أن الذرات تخلق من عدم وكلما ذهبت مجرات ظهرت من العدم ذرات هيدروجين أخرى لتكون مجرات جديدة لتحقق ما أسموه بنظرية ( الخلق المستمر ) ولكن بلا خالق !!! الفصل الخامس : رد اعتراضات وتبديد شبهات فناقش الكاتب في هذا الفصل ردود الفيزيائيين على الاستدلالات التي ساقها ثم ردوده عليها وتبديده لتلك الشبهات بمناقشة علمية هادفة ومنطقية الفصل السادس : من الخالق ؟ بعد أن انتهى بالأدلة العقلية إلى وجود خالق واحد أحد للكون تساءل عن هذا الخالق فبدا بذكر الصفات التي يجب أن يتصف بها هذا الخالق , فلابد أن يكون خالقا أزليا أبديا حافظا وراعيا ومقيتا قيوما واحدا أحدا عالما مريدا سميعا بصيرا حيا الفصل السابع : ماذا بعد الإيمان بوجود الخالق ؟ لابد لمن يؤمن بما سبق أن يود التعرف على خالقه والتقرب إليه ولكن كيف يصل إليه ؟ فهل يصل إليه عن طريق عقله فقط أم عن طريق أخبار الخالق عن نفسه عن طريق رسل يرسلهم ليبلغوا البشر ؟ والعقل متغير لا يمكن الوثوق به وحده في هذا الجانب فما يقتنع به اليوم قد ينكره غدا , وما يدافع عنه اليوم قد يدفعه ويلفظه غدا , فيستعين بالسؤال عن وجود ديانات أرسل الخالق للناس رسلا فيبدأ في السؤال عن الأديان فيجد نوعين من الأديان , نوع يقول أنه متصل بالسماء وهي اليهودية والنصرانية والإسلام ومنها ما يتصل بالأرض وينبع منها مثل الهندوسية والبوذية , فيترك هدي الأرض ويبحث في هدي السماء . فيسال عن النصرانية ويطالبهم بالكتاب الذي انزل مع من قال انه رسول ربهم فيعطونه الكتاب المقدس عندهم ثم يقولون له أنهما جزءان الأول يسمى بالعهد القديم والآخر بالعهد الجديد يؤمن اليهود بالأول فقط منهما ويؤمن النصارى بالكتابين ولكن يركزون على الثاني ويقولون له أن النسخ ليس نسخة واحدة وأن كاتبه لم يعاصر النبي ولا من سمع منه فإذا قارن بينها وجد التضاربات الكثيرة والألغاز المحيرة وحينها يتبقى لك السؤال عن الدين السماوي الذي نسب نبيه الكتاب الذي جاء به إلى ربه وهو نسخة واحدة فقط لا تضارب بينها ولا تعارض وفيه أن الله الخالق سبحانه متصف بكل الصفات التي ينبغي أن يتصف بها اله الكون وتجده يحض في كتابه على مكارم الأخلاق ويجعل من وجود الله سبحانه شاهدا سميعا عليما بصيرا على تصرفات عباده وأفعالهم ومن ثم يجمعهم ليوم قادم يحاسبهم فيه على أعمالهم فيجزي المحسن بجنة عرضها السماوات والأرض ويجازي المسيء بنار خالدا فيها أبدا ساعتها يدرك كل باحث أن الله عز وجل هو الإله الحق وهو الذي يجب الإيمان به خالقا ورازقنا ومحييا ومميتا جزى الله صاحب الكتاب خير الجزاء على هذا المنهج السديد الذي ينبغي على كل داعية يتحدث للغرب أن ينتهجه لإثبات وحدانية الله