الهلال يعود للتدريبات استعدادًا لمواجهة الشمال    المريخ يرتاح اليوم و ينازل لكصر وديا الأربعاء    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    المريخ يواصل عروضه القوية ويكسب انتر نواكشوط بثنائية    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    شاهد بالفيديو.. قائد لواء البراء بن مالك يهدي الطالبة الحائزة على المركز الأول بامتحانات الشهادة السودانية هدية غالية جداً على نفسه إضافة لهاتف (آيفون 16 برو ماكس) ويعدها بسيارة موديل السنة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحيي حفل من داخل مياه (حوض السباحة) وساخرون: (بقينا فاطين سطر والجاتنا تختانا)    494822061_9663035930475726_3969005193179346163_n    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية يقدم تنويرا للبعثات الدبلوماسية والقنصلية وممثلي المنظمات الدولية والاقليمية حول تطورات الأوضاع    تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    السعودية تستنكر استهداف المرافق الحيوية والبنية التحتية في "بورتسودان وكسلا"    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    بورتسودان .. مسيرة واحدة أطلقت خمس دانات أم خمس مسيّرات تم اسقاطها بعد خسائر محدودة في المطار؟    المضادات فشلت في اعتراضه… عدد من المصابين جراء سقوط صاروخ يمني في مطار بن جوريون الاسرائيلي    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقالات: وباء حمل اليافعات يهدد عافية الحضارة الغربية

بقلم الأستاذ محمد وقيع الله - أستاذ سوداني مقيم بأمريكا
إن ظاهرة البحث عن الآباء، أو العكس ظاهرة مستفحلة الآن في أمريكا وغيرها من بلاد الغرب، وهي من عقابيل ثلاثة عقود مضت، أما الآن فظاهرة حمل اليافعات «دون زواج بالطبع»، أصبحت كالوباء تكتسح المجتمع الأميركي الذي أُجبر- بحكم الواقع- على قبول تلك الظاهرة ونتائجها. أي قبول النسل الحرام كنسل شرعي أو شبه شرعي، ومن ثم فلا حاجة للدير، ولا لمداراة الأمر الذي كاد ينال مشروعيته لدى الجميع.
حكت لي إحدى المسلمات الأميركيات القصة الحقيقية التالية. قالت: إني لم اكتشف أني كنت ابنة متبناة إلا عقب إسلامي، حينها عرفت أن أمي- التي مازالت أحس أنها أمي الحقيقية- ليست هي أمي الحقيقية..!! واعتراني من القلق ما عكر صفو حياتي، وما هدأت بلابلي إلا بعد أن عرفت عبر وسيلة بحث شاقة والديَّ الحقيقيين. وفي الحقيقة فلقد سعدت كثيراً بالعثور على والديَّ الحقيقيين على قيد الحياة يرفلان في ثياب الصحة والعافية، ويستمتعان بأطايب الحياة، كما عرفت أن لي أخاً وأختاً أصغر مني قليلاً. ولكن النيران اضطرمت في جنبي من جديد عندما عرفت لماذا عزف والدايَّ عن تربيتي وقذفا بي إلى مستودع مهملات مستشفى الولادة !! لقد عرفت من والدتي أن جدتي كانت هي السبب. فهي لشدة تدينها رفضت أن تقبل بوجودي في الأسرة، فأمي حملت بي من أبي أثناء أيام الخطوبة، وكان ذلك عاراً وشناراً في ذلك الأوان، ومن ثم أصرت جدتي على التخلص مني، فبعثت بأمي إلى الدير لتكمل فيه أيام حملها، ثم لتتخلص مني مباشرة عقب قدومي إلى الحياة.
وفي الحقيقة فإن ذلك الاكتشاف قد صدع نفسي كثيراً، إلا أنه زادني تمسكاً بالإسلام، إذ إنه بتعاليمه الاحترازية الحازمة يحمي المرء ابتداءً من مثل ذلك المصير الرهيب.
هذه القصة التي روتها لي المسلمة الأمريكية يمكن أن يرويها لك كثير من الأميركيين. فبعضهم يبحث عن آبائه من غير جدوى، وبعضهم يحدثك عن رغبته في البحث، وإن كان لا يعتقد بأن الأمر يستحق النصب ودفع المال في سبيله. وأخيراً نشأت شركات جديدة مهمتها مساعدة الأبناء في البحث عن آبائهم الغائبين، وبعضهم يحدثك عما مُنيَّ به من خذلان مبين، إذ أنه بعد أن تعرف على أبويه لم ينسجم معهما ولم يستطع أن يغفر لهما، لأنه ما وجد عندهما إحساساً بعظم الذنب الذي جنياه. وبعضهم يحدثك بأن أبويه رحبا به لأول وهلة، إلا أنهما رفضا رجوعه إلى حياتهما، حيث لم تجدد سنوات الفرقة الطويلة حنين الآباء الطبيعي إلى الأبناء.
حمل اليافعات:
إن ظاهرة البحث عن الآباء، أو العكس ظاهرة مستفحلة الآن في أمريكا وغيرها من بلاد الغرب، وهي من عقابيل ثلاثة عقود مضت، أما الآن فظاهرة حمل اليافعات «دون زواج بالطبع»، أصبحت كالوباء تكتسح المجتمع الأميركي الذي أُجبر- بحكم الواقع- على قبول تلك الظاهرة ونتائجها. أي قبول النسل الحرام كنسل شرعي أو شبه شرعي، ومن ثم فلا حاجة للدير، ولا لمداراة الأمر الذي كاد ينال مشروعيته لدى الجميع.
ودعونا نستعرض بعض الإحصاءات لنعرف كيف أُجبر القوم على قبول تلك الظاهرة.. في أميركا الآن أكثر من عشرة ملايين مراهق يمارسون الجنس، وينتج عن ذلك أكثر من مليون حالة حمل سنوياً وسط اليافعات، 406 آلاف حالة يتم التخلص منها بالإجهاض، و134 ألفاً منها بإسقاط الحمل، بينما يخرج إلى الحياة حوالي 490 ألف طفل غير شرعي، أي أن تعداد السكان الأميركي يزداد بمعدل نصف مليون طفل غير شرعي كل عام !
وحسب إفادات المركز القومي للإحصاءات الصحية، فإن ذلك الرقم يشكل حوالي 28% من الإجمالي السنوي لعدد المواليد. وتقول وزارة الصحة الأميركية: إن ثلثي المواليد السود أصبحوا يأتون من أمهات غير متزوجات، وهذه النسبة تقل قليلاً وسط البيض، وهي تدور حول 25% تصعد حيناً وتهبط حيناً آخر، ويرجح المسؤولون أن تتصاعد تلك النسبة، لأنها كانت نسبة مواليد السود غير الشرعيين قبل عقدين من الزمان، ويرجح المسؤولون أن البيض سيقتفون أثر السود، استناداً إلى أن عامل الفقر ليس عاملاً ذا تأثير في هذه الظاهرة، وذلك فضلاً عن أن مستوى السود الاقتصادي قد طرأ عليه الكثير من التحسن خلال العقدين الفارطين.
وهكذا فإن استمرت نسبة تصاعد المواليد غير الشرعيين بذات النسق، فإن المراقبين الاجتماعيين يرجحون أن يأتي جلُّ النسل الأميركي من أمهات يافعات وبلا آباء خلال عشرة أعوام فقط، وإذا صدق ذلك التوقع فإنه سيكون أفضل دلالة على حصافة، ودقة ملاحظة وبعد نظر عميد المستقبلين الأميركيين الدكتور الآن توفلر صاحب الكتاب الذائع «صدمة المستقبل» الذي تنبأ فيه عند مطالع السبعينيات بزوال نظام الأسرة نهائياً من المجتمع الأميركي. وكل ما هناك أن تحقق نبوءته قد تأخر نوعاً ما، لأنه- فيما أذكر- أشار إلى إمكان حدوث ذلك قبل نهاية القرن الماضي، وهو الأمر الذي تنفيه الإحصاءات، لأن معدل الزيادة السنوية في إجمالي حمل اليافعات هو في حدود 9% حسبما أنبأتنا به مجلة اتحاد الأطباء الأمريكيين.
أسباب الظاهرة:
ولكن ما أسباب هذه الظاهرة المرعبة؟! من الأفضل أن نستمع إلى القوم أنفسهم وهم يحللون أسباب الظاهرة، لقد كانوا من قبل يعللون أسباب الظاهرة بالفقر، انطلاقاً من أن معظم الأبناء غير الشرعيين كانت تتولاهم الدولة بالإنفاق، ولكن اندلاع الحريق أخيراً وسط البيض أبطل ذلك النمط من التحليل. تحدثنا المؤلفة ميجي خلاجير صاحبة كتاب «إلغاء الزواج: كيف نحطم الحب المقيم؟» أن الأمر له أسبابه النفسية والروحية، وتدعم رأيها بكثير من الأمثلة والإحصاءات. وها هو أحد أمثلتها يقول: إن مقاطعة تمبتون بولاية إنديانا تمتاز بأن غالبية سكانها من البيض الذين يتمتعون بدخل مادي أعلى من متوسط الدخل الأميركي، وحوالي 5% فقط منهم فقراء، ولكن مع ذلك فقد ذكر الطبيب وليام ستون أنه اكتشف أن حوالي 40% من الأطفال الذين أشرف على ولادتهم فيها كانوا من أمهات لم يتزوجن.
إذن فإن للمشكلة عمقاً روحياً ونفسياً. وهذا صحيح، لأن نسبة وافرة من اليافعات يقررن الإنجاب لإحساسهن بالحرمان من الحنان، إما لانصراف آبائهن للعمل واللهو، وإما لحدوث الطلاق أو الانفصال بين الوالدين، ومن ثم حرمان اليافعات جزئياً أو كلياً من أحد الوالدين، ومقاساتهن لشعور الوحدة الأليمة، لاسيما إن لم يكن ثمة طفل آخر بالبيت. ومن جراء تلك المعاناة تقرر إحداهن أن تنجب طفلاً تمنحه ويمنحها الحنان، وبعضهن يقررن الإنجاب لأنهن لم يحظين بمعرفة آبائهن أو أمهاتهن ومن ثم يقررن إنشاء رابطة بنوة بأي سبيل. وفي استطلاع أجري وسط اليافعات أجابت 55% منهن بأنهن يفكرن في الإنجاب من غير زواج.
ومن أطرف ما كشفت عنه الإحصاءات أن معظم حالات حمل اليافعات تتم ما بين الساعتين الثالثة والسادسة مساءً خلال أيام الأسبوع، وهي ساعات تنقضي ما بين حضور اليافعين واليافعات من مدارسهم، وحضور آبائهم من العمل، وفيها يخلو الجو من الرقيب، وينتهب القُصَّر فيها اللذة والفتون، ثم يقع المحظور.
ومن الأسباب العاطفية التي تدفع باليافعات إلى الإنجاب، مسعى بعضهن للحفاظ على عشاقهن من الميل إلى الأخريات، ومن ثم تقرر إحداهن أن تحمل منه حتى تربطه نحوها برباط جديد هو رباط الطفل الوليد. وهذا السلوك الطائش لم يأت إلا بأثر عكسي، إذ إن فرار الأب الحقيقي يأتي بعد ولادة الطفل، فيحس أنه غير مهيأ للإنفاق عليه، فهو نفسه يافع دون العشرين، وبلا وظيفة ولا تعليم ، فأنَّى له أن يتكفل بحمل ذلك العبء الثقيل. وأما الأجداد فإنهم عادة لا يساعدون، لأنهم لا يزالون يعملون ويكدحون، ويظنون أنه قد آن لهم أن ينالوا من الراحة القسط الوفير بعد أن أدوا مسؤوليتهم بتربية أبنائهم، أما موضوع الحفيدة فإنه لا شأن لهم به، وكثيراً ما تطرد الفتاة من بيت أبويها عند اتضاح حملها لا خوف العار وإنما «خشية إملاق»..!!
وهناك بعض الضغوط النفسية التي تدفع إلى الدخول خطأ في ميدان الإنجاب، وهذه الضغوط هي ما يعبر عنه بموجة اضطهاد العذارى، فالعذرية بعد سن السادسة عشرة، ليست مفهوماً مرادفاً لمفهوم الشرف كما هو في المجتمعات المحافظة، وإنما يوافق مفهوم التخلف والعقد النفسية. وقد كشف الإحصاء الذي أعده مركز «محاصرة الأمراض» Center for disease control ما أسماه «سلوك خطير وسط الشباب»، حيث تتزايد موجة اضطهاد العذارى يوماً بعد يوم، وإليها عزا ذلك الإحصاء تضاعف عدد اليافعات «من عمر 15 عاماً» اللائي مارسن الجنس خمسة أضعاف خلال عقد واحد من الزمان.
ومما يشجع عملية حمل اليافعات كذلك أسلوب المعالجات الإعلامية التي أتيحت لتلك الظاهرة، وهي معالجات متحيزة في الغالب لصالح الظاهرة، ليس بتشجيعها علناً، وإنما بتهوين أمرها أو الإيحاء بعقم محاولات احتوائها وتصويرها وكأنها قدر لا يرد.
ومما يشجع تلك الظاهرة أيضاً ما تنطوي عليه قوانين المدارس من بنود صريحة في منع مديريها من معاقبة اليافعات الحبالى، واعتبار أي نوع من العقوبة بشأنهن بمنزلة التمييز الذي يمكن أن يقارن بالتمييز الديني أو العنصري. وتمنع القوانين الآباء والأمهات من التدخل في شؤون بناتهم القُصَّر إذا حملن، وتلزم بتركهن «حرائر» يقررن أن ينجبن أو أن يجهضن.
أما دور الذكور في مفاقمة كارثة حمل اليافعات، فقد خصصت له صحيفة U.S.A. Today مقالاً مطولاً بعنوان Role in teenage pregnancies جاء فيه أن الفتيان عادة ما يتفاخرون في مجالسهم بعدد من تسببوا في حملهن من اليافعات، وغدا ذلك عندهم مقياساً للرجولة والفحولة. وقد استشهدت نائبة برلمانية بتلك المقولة عند تصديها للحديث عن تلك الظاهرة، ولكنها قالت إن الفتيان السود هم الذين يتفاخرون بذلك، وعند احتجاج السود عليها اضطرت إلى الاعتذار علناً للأمة، قائلة إن الفتيان البيض قد أثر عنهم أيضاً المقال ذاته.
وأما «أم الخبائث» فإن لها دورها أيضاً ولا ريب، فنسبة مقدرة من حالات الحمل تحدث عقب الاحتفالات المختلطة parties التي يحتسي فيها الفتيان والفتيات الخمر، وبسريان السكر فيهم فإنهم يسقطون وراء دوافع الجنس، وفي بعض تلك الأحوال تقع حوادث الاغتصاب. وأحوال السكر جميعها لا تحفز ولا تسمح بالطبع باستخدام موانع تقي عاقبة تلك الأفعال.
عواقب حمل اليافعات:
وفوق تسبيبها لكارثة الحمل، فإن الخمر تلحق أضرارها أيضاً بالطفل، وقد لوحظ أن عدداً كبيراً من اليافعات يواصلن شرب الخمر خلال أشهر الحمل، مما يؤدي إلى طروء عوارض مرضية كثيرة على الطفل، وهي العوارض المسماة Alcohol Syndrome وهي تشمل التشوهات الجسمية وتخلف النمو العقلي.
كما لوحظ على المراهقات الحبالى عادات غذائية سيئة، فهن يهملن موضوع التغذية رغم الحاجة المزدوجة إليها في تلك الفترة، فإضافة إلى حاجة الجنين للغذاء الجيد، فكثيراً ما تكون الأم المراهقة هي نفسها في طور نمو يحتاج إلى الغذاء الجيد. ولكن أثبتت الدراسات أن نحو 40% من اليافعات الحبالى يرفضن تغيير عاداتهن الغذائية السيئة خلال ظروف الحمل، و 82% منهن يرفضن إرضاع أطفالهن طبيعياً.
ومن الإحصاءات يتضح أن نحو 80% من فتيات المدارس الحبالى، لا يتمكن من إكمال المرحلة الثانوية، وبالتالي لا يتمكن من نيل وظائف محترمة، ويعشن على الدوام تحت خط الفقر، هذا بينما لا تزيد نسبة العيش تحت خط الفقر على 8% بين من تزوجن عقب إكمال التعليم الثانوي.
وتضيف الإحصاءات أن فرص عيش أطفال اليافعات في حالة الفقر هي 30% أكثر من حالة من يولدون لأبوين تخطيا سن العشرين، وأن فرص جنوحهم نحو الإجرام هي ضعف فرص أبناء الطائفة الثانية، وفرص تركهم لصفوف الدراسة تعادل الضعفين، وفرص تلبسهم بالأمراض النفسية هي ثلاثة أضعاف، وفرص أن ينجبوا وهم يافعون ومن غير زواج تعادل الضعفين !
ما العلاج ؟
الأخطار «العملية» الملموسة هي كل ما يهم العقل الأميركي الذي تهمه عادة العواقب «العملية» للأفعال. ويستهين بالجوانب المعنوية أو الأخلاقية، ولذلك جاءت المعالجات بعيدة عن جذور المعضلة، ومركزة على اتباع خطوات إجرائية لعلاج بعض عوارضها.
ولكي تجدي تلك الخطوات نفعاً فإن الرئيس الأميركي عدَّ مشكلة حمل اليافعات بمثابة مشكلة قومية ملحة، وطفق- بناءً على نصيحة مستشاريه- ينتهز كل فرصة سانحة لتخصيص فقرة يتناول فيها تلك المشكلة في خطاباته العامة.
ووزارة الصحة الأميركية، تحدثت عن خيار توزيع موانع الحمل مجاناً في المدارس، غير أنها أكدت أن الحكومة الفيدرالية لن تتبنى ذلك، وأن الأمر سيوكل برمته لسلطات التعليم المحلية. جاء هذا التأكيد في مواجهة انتقادات تقول إن توزيع الموانع هو في حد ذاته تشجيع للمراهقين على ممارسة الجنس. ولكن رد المعلمون قائلين إنه من الأفضل أن نعترف بأن المراهقين سيمارسون الجنس في كل الأحوال، بناءً على ذلك ينبغي أن نساعدهم بتوزيع الموانع بالمجان.
وهنالك برامج دراسية حديثة صممت بواسطة هيئة الرعاية الصحية، بعضها يستخدم تكنولوجيا متقدمة تتعلق بالإنسان الآلي، حيث أعطيت الفتيات فرصة العيش مع أطفال «روبوت» بوزن 6 أرطال مبرمجين على الصراخ بشكل عشوائي، وذلك مع وجود أجهزة تصوير وتسجيل لمعاناة الفتيات مع الأطفال الدمى، ويضم البرنامج أيضاً جانباً لتنوير الفتيات بتكلفة تربية الأطفال، وقد سُمي هذا البرنامج تسمية طريفة موحية تقول «فكري أيتها الطفلة قبل أن تنجبي !!» Baby Think it over! .
كما تتواصل الدعوات إلى ابتكار برامج وجيزة تشغل اليافعين ما بين الساعتين الثالثة والسادسة مساءً وهي الساعات التي يرتكبون فيها الموبقات.
والإجهاض خيار مطروح، ولكن ما كل اليافعات يوافقن عليه، خصوصاً من يحملن عن عمد ومع سبق الإصرار، وذلك فضلاً عن بروز حملات قومية قوية محافظة ضد الإجهاض، وتحرشات بالمستشفيات التي تجري تلك العملية. وكذا انتشار مواعظ يطوف بها بعض رجال الدين، داعين فيها أُولات الأحمال إلى احتمال أقل الإثمين: الاحتفاظ بالطفل غير الشرعي بدلاً عن قتله.
وهناك خيار تعميم تجربة إنشاء رياض الأطفال وإلحاقها بمدارس البنات الثانوية، حيث تودع الطالبة طفلها تلك الروضة وتأتي لالتقاطه بعد انتهاء الدوام المدرسي.
تلكم هي بعض الخيارات المقترحة لدرء عواقب حمل اليافعات. وهي كما ألمحنا سلفاً حلول إجرائية وجزئية، ولا تلمس جذور الإشكال. ولذلك فمن المرجح ألا يكون لها أثر فعَّال في صد التيار.
إن جذور المشكلة إنما تكمن في خواء الروح، وترتد إلى غياب تعليمات الإيمان. وصدقت تلك الأميركية التي أسلمت عندما أشارت إلى فاعلية التعاليم الاحترازية للدين الإسلامي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.