عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    الخطوة التالية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوضاع الآثار الإسلامية في السودان

تتوزع المواقع الأثرية الإسلامية في كافة أنحاء السودان وقد بنيت هذه المواقع من مواد البناء المتوفرة في المنطقة وبذلك تنوعت مواد بنائها ، وكلها مدن إسلامية تميزت بأهم مميزات المدينة الإسلامية فنجد أن الجامع هو العنصر المعماري المشترك بينها وهو أهم عنصر معماري يتوسطها.
وأهم المواقع الأثرية الإسلامية هي:
دنقلا العجوز:
تقع دنقلا العجوز علي الضفة الشرقية للنيل بعد 10 كم جنوب مدينة دنقلا العرضي وكانت دنقلا عاصمة مملكة المقرة المسيحية والتي سقطت في أيدي المسلمين في سنة 1317 ميلادية وفيها كثير من القباب الإسلامية والمباني وجامع دنقلا العجوز الشهير والذي حوله المسلمون من مقر للحاكم المسيحي إلي جامع تقوم البعثة البولندية بالتنقيب في هذا الموقع تحت إشراف مصلحة الآثار ولكن البعثة تهتم بالآثار المسيحية.
قباب الأتراك:
تقع قباب الحكام ومسئولي الفترة التركية في وسط الخرطوم وترجع إلي الفترة العثمانية (1821 – 1885م) وقد دفن فيها الحكام مثل أحمد باشا أبو ودان وهو أول حكمدار علي السودان (1839 – 1844) توفي في 25/10 /1884م كما دفن في صحن القباب بعض المصريين والسودانيين والقباب علي الطراز العثماني وهي نوع من العمارة لم يعرفها السودان من قبل ولكنها اتبعت بعد ذلك في بناء القباب في السودان لذلك فهي تعتبر ظاهرة معمارية فريدة في السودان.
مدينة سنار عاصمة مملكة الفونج الإسلامية:
من أهم المواقع الإسلامية في السودان وتقع جنوب شرق الخرطوم علي بعد 300 كيلومتر " وهي قد اشتهرت بعمارة القباب المطلية باللون الأبيض ذات التنوع المذهل من الأشكال التي توضح أصالة وتفرد البناء وارتباط وثيق بالبيئة والمناخ" ، وقد عرفت سنار بمبانيها العالية وبمساجد وقصور سلاطينها وسوقها ودور الدولة وذلك علي حسب وصف الرحالة الأوائل الذين زاروها وأولهم ديفيد روبيني اليهودي الذي قدم من اليمن في طريقه إلي أوروبا في عام 1522 وجيمس بروس في عام 1722 وتعود أسباب عدم وجود آثار قائمة إلي الظروف التي مرت بها سنار فقد نكبت هذه المدينة عدة مرات ولكن نجد مخططات المدينة علي الأرض حيث تظهر أساسات المباني .
جزيرة باضع
تقف آثار جزيرة باضع شاهداً علي العلاقة الوثيقة التي كانت قائمة بين الجزيرة العربية والسودان قبل وبعد ظهور الإسلام وموقعها اليوم في الطرف الجنوبي لجزيرة الريح علي ارخبيل عقيق عند الحدود السودانية الإرترية ويشتمل الموقع علي مساحة تقدر بحوالي 200 × 60 متر تتبعثر علي المساحة بقايا أطلال مباني من حجارة والمرجان Goral المحلية، بعض هذه المباني كبير في حجمه وهي مرصوصة حول شارع يخترق المدينة وتلحق به بعض الميادين والساحات . احد هذه المباني يظهر انه كان مسجداً شبيهاً بالطراز الحجازي زمن الخلفاء الراشدين ويشبه المسجد المجيدي الموجود حالياً بجزيرة سواكن المشيد سنة 1853م
ميناء عيذاب:
تقع ميناء عيذاب علي الجزء الشمالي من ساحل البحر الأحمر السوداني علي بعد 33 كيلو متر من ميناء بورتسودان وقد لعبت عيذاب دوراً رئيسياً بالنسبة للسودان حيث كانت نقطة انطلاق الدعوة الإسلامية منذ خلافة ابي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وتواتر ورود المسلمين عليها وترتبط عيذاب بطرق مواصلات مباشرة بوسط السودان وشرقه وكانت مخرجاً لمنتوجات منطقة مناجم الذهب . وقد أشار إليها المقريزي بأنها أهم ميناء مزدهر تربط طريق عيذاب الدولي بمؤاني اليمن مع الهند والبحر المتوسط كما ظلت أهم ميناء الحجاج إلي مكة لمدة أربعة قرون تبدأ من القرن العاشر إلي القرن الرابع عشر الميلادي وخاصة بعد أن قفل الصليبيين الحج عن طريق الشام وتوجد بعيذاب مقابر كبيرة لا تتناسب وحجم المدينة وهذا يشير إلي زيادة قدوم الحجاج الموسميين إليها.
وقد اشتهرت عيذاب بالمباني الكبيرة فقد ذكر ابن بطوطة (جامع القسطلاني) كأحد المعالم المعروفة في العالم الإسلامي وقتها ، كما توجد بها خزانات حفرت في الأرض وغطيت جدرانها بالجبص لحفظ المياه ومما يؤكد طبيعة ميناء عيذاب التجارية وجود كميات كبيرة من قطع الخزف والزجاج والفخار وكلها من الأنواع الرفيعة الغالية الثمن وفيها الخزف الفاطمي المملوكي الشهير والذي يشبه انتاج الفسطاط
مدينة سواكن:
هي من المواقع الأثرية الإسلامية بشرق السودان تقع علي مسافة خمسين كيلومتراً جنوب ميناء بورتسودان و تقع سلسلة جبال البحر الأحمر غرب سواكن علي بعد عشرات الكيلومترات منها ممتدة جنوب – شمال، وتتكون سواكن من ثلاث مناطق أو أجزاء متكاملة حيث يقع الجزء الأول منها علي الأرض الساحلية ثم يأتي الجزء الثاني وهو الرئيسي وتقع داخل الجزيرة ، ثم هناك جزء ثالث وهو عبارة عن جزيرة تعرف باسم الكوندنسر Condenser Island أو جزيرة الكنداسة وقد كانت تعرف سابقاً باسم جزيرة عبد الله الجبرتي وهو ولي له ضريح داخلها وهي تبعد عن الجزيرة الرئيسية ثمانون متراً . تتميز المباني بأسلوب العمارة الإسلامية وقد بنيت في الفترة من (1250 -1909م) وتتحلي العمارة الإسلامية في جوامع الجزيرة خاصة الجامع الحنفي والجامع الشافعي الذي تقول الروايات ان الملكة شجرة الدر )1250م ) أمرت ببنائه.
وميناء سواكن تربط سواحل البحر الأحمر مع دواخل السودان وافريقيا وهي من أهم مؤاني الحج إلي الأراضي المقدسة منذ القرن الثالث عشر الميلادي وحتى الآن .
مدينة خور نبت
تقع وسط جبال البحر الأحمر علي بعد 125كيلومتر جنوب غرب سنكات وهي مستوطنة عربية ترجع إلي القرن الأول الهجري تتكون من مباني سكنية وجامع في الطرف الغربي والمدينة محاطة بسور من الحجارة ولكن أهم مظهر أثري في الموقع هو المقابر والتي كانت علي عدة أشكال دائرية و مستطيلة و شواهد المقابر الإسلامية التي صنعت من الرخام المحلي وتتضمن أسماء عربية لعوائل مما يدل علي عمق الاستقرار بالمنطقة حول الوادي التي تكثر به المياه علي أعماق قريبة كما أنها تجري في موسم الإمطار ويعتقد أن سكان الموقع ربما هي هجرة قدمت من ميناء باضع وتدل كثرة المقابر علي كبر حجم السكان آنذاك.
مدينة العلاقي ( درهيب بانت)
تقع مدينة العلاقي وهي من مدن تعدين الذهب التي أقامها العرب في شرق السودان وسط جبال البني عامر غرب مدينة حلايب بالقرب من الحدود السودانية المصرية الشمالية الشرقية وتعرف المدينة عند البجه المحلين باسم درهيب بانت أي المباني العالية.
الموقع عبارة عن قلعة ضخمة لها أبراج وتتكون من عدة طوابق وقد بنيت من الحجر ذو القطع غير المنتظمة، علي نظام التكبيس، مع وجود ملاط من الطين كرابط علي نظام القلاع الإسلامية الصحراوية مثل قلعة الإخيضر في العراق وتحيط بالقلعة قرية مبنية من الأحجار علي نفس نظام القلعة وقد وجدت حول الموقع كثير من حجارة الرحى الأعلى والأسفل مصنوعة من صخر الدوريت وهو الصخر المستخدم لسحن صخر الكورتزايت المحتوي علي الذهب كما وجدت الطاولات (الترابيز) الصخرية المستخدمة لغسل الذهب إضافة إلي اكتشاف البعثة الإيطالية العاملة بالموقع علي كثير من القطع الذهبية المشكلة
قباب اسارما درهيب (المباني السبعة)
تقع القباب في وسط جبال البني عامر في الجزء الجنوبي في مواجهة ساحل البحر الأحمر ويتكون الموقع من سبعة قباب وارجع تاريخياً إلي الفترة 1100 – 1500 ميلادية ومعني الأسم بلهجة الهدندوة (اسارما درهيبب – المباني السبعة) والموقع يقع علي أرض منبسطة وتوجد عدة انواع اخري من المقابر وقد بنيت القباب بالحجارة غير منتظمة القطع علي نظام التكبيس مع وجود ملاط وأيضاً يغطي بالبلاستر وهي علي نفس طريقة بناء قلعة درهيب بانت والأسلوب المعماري لبناء القباب محلي يشابه ايضاً موقع قباب مامان الإسلامية شمال شرق كسلا التي ترجع أيضاً إلي عناصر إسلامية ولم تجر أية حفريات بالموقع أو دراسات مقارنة إنما تم تسجيلها وطريقة البناء بطريقة الحشو الحجاري أي ليس مفرغ من أعلي مثل القباب المعروفة ، وأحياناً أكثر من دائرتين علويتين .
مدينة طُرة
تقع طُرة في دارفور تحميها الجبال من ثلاث اتجاهات كانت عاصمة دارفور، دفن بها سلاطين الفور، حيث يوجد مقابرلتسعة سلاطين علي رأسهم سليمان سولونق مؤسس سلطنة الفور كما يوجد بها قصور سلاطين الفور فعلي بعد أميال قليلة من طُرة عند جبل شرفية يوجد قصر السلطان شاودور رشيد المعروف بيونق كيلو ،في غربه توجد آثار قصر السلطان كنوه ( 1445 – 1640 ميلادية) في الجانب الجنوبي توجد آثار قصر السلطان ووجي، وبالقرب منه علي الجبل يوجد قصر السلطان دالي، علي جبل قوري يوجد قصر السلطان تونق كيلو، شمال طرة ، علي طريق كبكابية يوجد قصر السلطان تيراب (1787 ميلادية) وهذا القصر أكثر اكتمالاً.
مدينة عين فرح
موقع عين فرح في غرب السودان في جبال فونغ (Funng) في شمال دارفور تبعد حوالي 40 كيلومتر شمال غرب ( كتم) وعلي بعد 120 كيلومتر شمال غرب الفاشر وهي عاصمة لبعض ملوك التنجور القرن الثالث عشر و القرن السادس عشر الميلادي وقد وجد فيها جامعان وقصر وعدد من المباني التي يعتقد أنها لسكن القواد ، إضافة إلي مقابر يعود تاريخ بعضها إلي ما قبل الإسلام والمدينة محصنة طبيعيا من جهة، وبحائط مزدوج من الجهة الأخري كما توجد شونات لحفظ الغلال ومدافن ، والموقع عامة مكتمل الشكل .
ماضي وحاضر دراسات الآثار الإسلامية في السودان ( استكشاف مسح وتنقيب وترميم)
لقد واجهت الآثار الإسلامية الإهمال طوال عصر الاستعمار الإنجليزي الذي جثم علي صدر السودان من 1898 حتى 1956 مما أدي إلي ضياع كثير منها رغم أنها تمثل أهمية وعظمة الفترة الإسلامية ويتمثل هذا الإهمال المقصود بأنه اسقط بتعمد تسجيل كثير من الآثار الإسلامية من قلاع وقباب في المنطقة الشمالية وبقية السودان واسوأ مثال لهذا الإهمال عدم تسجيل مدينة سواكن الإسلامية علي البحر الأحمر في سجل المواقع الأثرية مما أدي إلي عدم المحافظة عليها بصورة سليمة وهي تمثل مدينة إسلامية متكاملة
ويلاحظ أيضاً ضعف الاهتمام من قبل المستعمر في عدم جمع الآثار الإسلامية نفسها، و يبدو ذلك واضحاً وجلياً في ضعف المقتنيات بمتحف السودان القومي وخلو صالة العرض من الآثار الإسلامية إلا من عدد محدد مما أدي بالدولة إلي الشروع الآن في إقامة صالة عرض إضافية للحقبة الإسلامية بالمتحف القومي ، تليق بعظمة الفترة الحضارية علماً بأن كثير من المقتنيات الإسلامية موجودة في ايدي المواطنين والبيوتات الدينية وقد شرعت هيئة الآثار السودانية منذ وقت في جمعها .
ذكرت المواقع الإسلامية في السودان بواسطة الرحالة والجغرافيين العرب بدءا من القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) أمثال اليعقوبي وابن بطوطة وابن جبير وابن سليم الأسواني وابن حوقل وغيرهم.
لكن إعادة اكتشاف هذه ألاماكن كمواقع أثرية كان علي يد الرحالة والمكتشفين الأوربيون أمثال ثيودور بنت Theodore Bent الذي اكتشف ميناء عيذاب الإسلامي علي الجزء الشمالي من ساحل البحر الأحمر السوداني، والذي ازدهر في القرن الثالث عشر حتى القرن الخامس عشر الميلادي.
في أغسطس 1932 قامت بعثة بقيادة ساندرس (Sandurs) باستكشاف المستوطنة العربية الإسلامية بخور نبت والتي ترجع إلي القرن الأول الهجري علي حسب شواهد المقابر الرخامية الإسلامية التي اكتشفت بالموقع إضافة إلي المباني السكنية والمسجد.
ويعتبر المسح الأثري الذي قام به عالم الآثار كروفورت Crowford للمواقع الإسلامية التي ترجع إلي فترة الفونج ( 1504 – 1821م) وأيضا لمدينة سواكن عمل علمي شامل .
ويتواصل البحث الاستكشافي للآثار الإسلامية حيث اجري بحث ميداني بواسطة أ. بول. A. Paul في سنة 1952 في شرق السودان حيث قام بدراسة للقباب الإسلامية في اسارما درهيب وخور نبت وجبل مامان حيث أشار إلي أنها بنيت بواسطة هجرة عربية إسلامية قدمت من الميناء العربي الإسلامي باضع علي الجزء الجنوبي من ساحل البحر الأحمر السوداني.
وفي منتصف الستينيات من القرن الماضي قام عالم الأثار الياباني ماكيما Makima باجراء حفرية في موقع ميناء حلايب السوداني بعد أن دخل الموقع عن طريق مصر دون علم سلطات الآثار السودانية وقد جمع مجموعة من الخزف الصيني
وفي عمل توثيقي لمدينة سواكن الإسلامية قام العالم البريطاني قرين لو( Green law) بتوثيق كامل لمدينة سواكن مع الرسومات الهندسية للمباني بكل أنواعها (عسكرية ومدنية ودينية) مع الرسومات التشكيلية الموضحة للحياة في سواكن مع اجراء رسومات تفصيلية للزخارف المعمارية والخشبية للمدينة.
في عام 1978 قامت مصلحة الآثار السودانية تحت إشراف المهندس الألماني التابع لليونسكو بتنفيذ مشروع ترميم لمدنية سواكن وشارك كاتب السطور في العمل واستمر العمل لمدة ثلاثة مواسم، تم فيها ترميم كثير من مباني المدينة وخاصة الحكومية منها .
وفي مشروع مشترك للمسح الأثري للساحل الشمالي للبحر الأحمر السوداني ولمدينة عيذاب قامت جامعة الخرطوم بالاشتراك مع جامعة ليون الخامسة باجراء هذا العمل في سنة 1978 . فقد تم تسجيل كثير من المواقع بالإضافة إلي أجراء حفر تجريبي بعيذاب.
وفي رسالة ماجستير قدمت بواسطة (انتصار صغيرون) عن القباب الإسلامية بوسط السودان قامت انتصار في عام 1986 بدراسة ميدانية توثيقية مع الرسومات لعدد عشرين من هذه القباب في ثلاث مناطق الخرطوم والعيلفون وابوحراز .
وقام عالم الاثار الياباني ماتسوكو كواتوكو (MutsuCo kaawatoko ) والتابع المركز الشرق الأوسط الثقافي الياباني والمتخصص في الآثار الإسلامية والذي يعمل بمدينة الفسطاط الإسلامية بمصر بمباشرة عمله في السودان فقام بإجراء تنقيب في مدينة عيذاب في شمالي ساحل البحر الأحمر السوداني في أغسطس 1991 وقد شارك كاتب السطور في العمل في عيذاب وفي جزيرة باضع في جنوب ساحل البحر الأحمر السوداني في يناير 1992 وكان من أهم الاكتشافات شواهد المقابر الإسلامية التي ترجع إلي 437 هجرية (1040 ميلادية).
وفي دراسة نفذت عام 1990 لكل شواهد المقابر الرخامية الإسلامية بالمستوطنة العربية الإسلامية بخور نبت شرق السودان وسط جبال البني عامر جنوب غرب مدينة سنكات قام بها المستشرق الإيطالي جوفاني أوماني (Govani Oman) التابع لمعهد الدراسات الشرقية بجامعة نابولي، وايضا شارك كاتب السطور في العمل وتم تسجيل قائمة شواهد ونشرت.
يقوم مركز دراسات آثار الصحراء الشرقية بإيطاليا بقيادة الفريدو كاستيليوني AlFredo castiglioni بمسح أثري لازال يتواصل منذ عام 1991 لمنطقة الصحراء الشرقية للسودان، فقد تم من ضمن اعمال البعثة توثيق مدينة العلاقي الإسلامية " درهيب بانت" والتي كانت تعمل في تعدين الذهب في العصور الوسطي.
و نجد في وسط السودان أن بعثة متحف قدانسك البولندية بقيادة هنريك بنر (Henrik Paner ) قامت في عام 1993 باجراء مسح توثيقي لكل مدينة سنار عاصمة سلطنة الفونج الإسلامية (1504 -1821) ، وقام كاتب هذه السطور في عام 1993 باجراء مسح توثيقي لكل القباب بشرق السودان فتم تصنيفها فصورت وأخذت مقايسها واحداثياتها الجغرافية مع توضيح قيمها الثقافية والوظيفية والنفسية
وفي عمل أثري آخر عام 1999 لكاتب السطور فقد اجري مسح اثري لمدينة بربر الإسلامية التي يرجع تاريخها إلي فترة الفونج ( 1504 – 1821) وكانت معبراً لحجاج السودان وحجاج غرب إفريقيا إلي الأراضي المقدسة فقد أخذت مقاسات وصور المباني كما أوضحت وظائفها.
لازالت الهيئة القومية للآثار السودانية منذ عام 2004 وحتى الآن تجري ترميم في مدينة سواكن الإسلامية ويتعاون مع الهيئة مجموعة من المختصين يتبعون للمتحف البريطاني ويرأس الفريق المهندس المعماري مايكل مالنسون Michael Mallinson
وفي دراسة تحليلية معمارية لجامع الخرطوم العتيق الذي بني في عام 1902م قام بها الكاتب من حيث تاريخ بناء الجامع ومواد البناء وطريقة البناء وشكل البناء والزخارف والحلي المعمارية.
وتعمل الآن في هذا العام 2006 بعثة تركية في ترميم قباب الأتراك مع العمل علي إقامة متحف في أرض القباب لمقتنيات الفترة العثمانية في السودان وقد أكتمل العمل في ترميم القباب و تشرع الآن في إقامة المتحف الذي سيكون من طابقين وقد تبرعت الحكومة التركية في إطار التعاون بين البلدين بالترميم وإقامة المتحف.
الخلاصة
نستخلص أن موقع السودان الجغرافي في وسط أفريقيا لعب دوراً أساسيا في بث الدعوة الإسلامية إلي بقية أجزاء افريقيا بعد أن دخل الإسلام إليه من جميع الطرق النيلية والبحرية والصحراوية.
وقامت كثير من الممالك والسلطنات الإسلامية في جميع أرجائه ، وانشأت بناء علي ذلك الحواضر الإسلامية متمثله في عواصم ومدن لهذه الممالك والسلطنات ، كما لعبت موانئ السودان علي ساحل البحر الأحمر دوراً في قدوم الدعاة المسلمين إلي داخل السودان كما أنها كانت لها صلة مع الحواضر الإسلامية علي البحر الأحمر اضافة إلي أن هذه المانئ مثلت طريق الحج إلي الإماكن المقدسة لأهل السودان وأهل غرب أفريقيا .
أن المواقع الإسلامية قد واجهت الإهمال أبان العهد الإسلامي علي الرغم من ثراء السودان بهذه المواقع التي بقيت في شكل مدن مثل باضع ،عيذاب ، سواكن ، سنار، ودنقلا . كما نجد أن كافة عناصر العمارة الإسلامية قد توفرت في المواقع الإسلامية مثل الجوامع والقلاع والحصون والقباب والقصور.
بالقاء الضوء علي أوضاع الدراسات الإسلامية من ناحية الاستكشاف والمسح والتنقيب والترميم نجد أن هذا الجانب ضعيف رغم كثرة وأهمية المواقع الإسلامية في السودان ويغلب عليها الدراسات الفردية ذات الصبغة الخاصة وأيضاً الروح الاستكشافية وليس الدراسة الرصينة لجوانب الحضارة الإسلامية في السودان ونتاجه الحضاري من خلال دراسة الموقع الأثري.
ونوجز أخيرا الأسباب التي قيدت القيام بنشاط دراسات آثارية إسلامية وهي أسباب لازمت الآثار الإسلامية السودانية منذ فترة طويلة وحتى الآن وقد أوضحناها من قبل ويمكن ملاحظتها من سياق الورقة وبمعالجة هذه الأسباب يمكن ان تستقيم أوضاع الآثار الإسلامية في السودان:
1- عدم وجود فريق من المتخصصين السودانيين في كافة مجالات الآثار الإسلامية.
2- عدم وجود التعاون العملي بين الدول الإسلامية وخاصة التي سبقت السودان في مجال الآثار الإسلامية مثل ( مصر ، إيرا ن، تركيا ، والعراق).
3- خطأ المسلمات عن أوصاف اللقي الأثرية الإسلامية من قبل البعثات الأجنبية حتى توصف القطعة بأنها ترجع إلي ما بعد المسيحية post Christian وحسب التسلسل الحضاري للسودان فإن الحضارة الإسلامية هي التي سادت بعد المسيحية ، فعليه يجب أن تسمي الأشياء بمسمياتها الواضحة حتى تفهم ومنعاً للالتباس وضياع هوية القطعة.
4- عدم استقرار الدراسات التاريخية عن الممالك والسلطنات الإسلامية في السودان علي نتائج موحدة مما أدى إلي إفراز نظريات متعددة ومتناقضة توقفت في الخمسينيات من القرن الماضي دون الوصول الي نتائج مؤكدة. ونشير إلي أن هذه المجادلات كانت بين الدارسين الاستعماريين، وكان لتأخر وانعدام دراسات الآثار المساهمة في عدم حل هذه الإشكاليات في الحضارة الإسلامية السودانية.
5- اهتمام البعثات الأجنبية العاملة في السودان باللقي الإسلامية إذا وجدتها أثناء عملها ، وذلك لعدم دخوها في مشروع البحث أو لعدم وجود متخصصين وان كان يتم تسجيلها.
قائمة المراجع:
*العربية:­
1- أحمد محمد علي حاكم " المشروع السوداني الغربي" . مجلة آداب . رقم 5 . مجلة كلية الآداب . جامعة الخرطوم . 1983 ص.ص 30 -56.
2- الطبري، محمد بن جرير . تاريخ الرسل والملوك. مجلد 97. القاهرة ، دار المعارف ، 1962 . ص. 28.
3- انتصار صغيرون . " المواقع الأثرية في السودان" في الطيب أحمد المصطفي حياتي. السياحة في السودان. جامعة الخرطوم . مطبعة جامعة الخرطوم. 1996. ص. 127.
4- بشير إبراهيم بشير. "عيذاب حياتها الدينية والأدبية". مجلة الدراسات السودانية . جامعة الخرطوم – العدد الثاني. المجلد 5 . يونيو 1979. ص 74.
5- صلاح الدين الشامي. السودان دراسة جغرافية. منشأة المعارف . الإسكندرية، 2000م. ص .ص 15 -18.
6- صلاح عمر الصادق. " سنار الأثار والحضارة" ، مجلة البرلمان ، العدد الأول. مارس 1993م . ص.ص 73 -78 .
7- صلاح عمر الصادق . تقييم مشاريع التنمية بالهيئة القومية للآثار والمتاحف – أكاديمية السودان للعلوم الإدارية . الخرطوم ، 1993 . ص 21.
8- صلاح عمر الصادق." الطرق القديمة في السودان من مصادر التمازج العربي". في كتاب المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. الوحدة الحضارية للوطن العربي من خلال المكتشفات الأثرية. دمشق 2004 ص 541.
9- صلاح عمر الصادق. دراسات سودانية في الآثار والتاريخ والفولكلور. دار عزه. الخرطوم ، 2006 . ص 165.
10- عبد المجيد عابدين . تاريخ الثقافة العربية في السودان. منشورات الخرطوم عاصمة الثقافة العربية. مطبعة التمدن المحدودة. الخرطوم الطبعة الثالثة 2005م ، ص. 7.
11- محمد نور بن ضيف الله. كتاب الطبقات في خصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان. تحقيق و تعليق يوسف فضل حسن . دار التأليف والترجمة والنشر . جامعة الخرطوم . الطبعة الثانية 1974. الخرطوم . ص3.
12- مجموعة مؤلفين، السودان وافريقيا في مدونات رحالة الشرق والغرب . المركز العربي للادب الجغرافي . دار السويدي للنشر والتوزيع . ابوظبي، 2006.
13-مصطفي محمد مسعد. المكتبة السودانية العربية. جامعة القاهرة الخرطوم، 1972.
* الاجنبية:
1-Alfredo et Angelo Castiglioni. Berenice panchrysos ( Deraheib) . Centro Ricerche sul Deserto Orientale . 1999.
2- Bent. J .T. “ A visit to theNorthern Sudan. Geographical Journal. Vol VII, January to June 1896 , PP, 336 -340, 342, 351- 355.
3- Crowford .O .G. S .the Fung kingdom of Sennar. Choulster. John. Ltd. Bellow 51951.
4- Esplora and Mediatrde. The Pharaohs Eldorado 652 documentary Revealing the origin of ancient Egyptian Wealth. 2000.
5- G.E.Wickens." A Brief Note on the Recently Discovered Tora A city of Kebeleh “ .Kush. Vol.XV, 1992.PP. 310 – 314.
6- Green Law . J.p . The Goral Building of Suakin. London . Oriel press 1975.
7- F. Hinkel. The archaeological map of the Sudan. The area of the Red Coast and northern Ethiopian Frontier. Berlin. 1992.
8- Giovanni Oman. The Book of Khor Nubt . Parts 1, 2 . Istituto Universitario Orientale . Napoli , 1998.
9- Hassin Hussein Idris. Editorial Notes. Kush . XVIII, 2003.p. 24.
10- H.Paner. the Galansk Archaeological Museum Expedition ten Years in the Sudan. Gdansk Archaeological Museum 2005. Poland
11- Intisar Elzen .Islamic Domed Tombs of Central Sudan (unpublished ) M.A Thesis. Centre of Arabic studies . American University Cairo. January 1988.
12- J.W.Crowfoot. “ some Red Sea Ports in the Anglo- Egyptian Sudan" , Geographical Journal . Volume. XXXVII. May 1911. P 542 – 544.
13- Mutsuo Kawatoko. Preliminary Survey of Aydhab and Badi sites", pp. 204 – 207, 212. Fig.9
14- Paul . A." Ancient tombs in Kassla province" SNR. VOL XXXIII. 1952. pp. 547.
15- R.L .de Neuf Ville and A.A.Hough to III “A Description of Ain Farah and of Wara" .Kush. Vol.XIII, 1965. PP. 195 -240.
16- R .L. Hohson. Chinese porcelain fragment from Aidhab, and some bashpa inscription. Kush V .1957. pp. 90- 92.
17- Salah Omer Elsadig ."Archaeological survey of Islamic Town of Berber (1504 – 1885 A. D)" in Isabella Caneva and Alessendro Roccati (ed) Acta Nubica. Roma . 2006. PP, 421 -424.
18- Salah Omer Elsadig. The domed tombs of Eastern Sudan. Azza. P.H. Cairo. 2004.
19- Sandars. C. E. R. and Owen. T. R. H. “ Note on Ancient Village in Khor Nubt and Khor Omek" SNR. Vol. XXXIII. 1951 . PP. 326 – 331.
20- Yajima HiKoich, “On the Date of Decline of Aidhab . An International port of trade on the Red Sea", in Journal of East- West Maritime Relations. Vol.1 . 1989. P.167.
21- Yapi Merkezi .Restoration of the Turkish tombs and conceptual project of Ottoman – Turkish Museum. Istanbul. June 2006.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.