السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يغادر المستشفى بعد استكمال الفحوصات الروتينية    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسونامي سقوط أنظمة الإستبداد في آسيا وأفريقيا7-8)

مصر, تونس,العراق , ليبيا و السودان(7 – 8) :
سقوط المعسكر الإشتراكي الناصري .. أم مقدمات للديموقراطية والتحرر في آسيا وأفريقيا ..
أحمد ضحية – ميريلاند
مقدمة :
في حلقتنا السابقة عن اليمن , كنا قد أشرنا إلى التناغم التام, بين ما يجري في المشرق والمغرب العربيين, وإمتداداتهما الأفريقة ,بما تحمله الأخبار اليومية للخليج ,وجنوب الجزيرة العربية.ومن بين كل هذه الأخبار ,تحتل أخبار البحرين , كاليمن تماما موقعا بارزا, في الخليج وجنوب الجزيرة , (كما أشرنا سابقا إلى) موقع لبنان بالنسبة للشام والمشرق , فكليهما لبنان واليمن والبحرين (دون أن ننسى العراق وسوريا )بمثابة المراكز(العربية الفاعلة) للصراعات التاريخية الطائفية والمذهبية, التي يعانيها العقل والوجدان العربي, في رحلته اللا نهائية ,بحثا عن إنسانيته وحقوقه وإستقراره .. وعن أن له دورا في المجرى العام للتاريخ الإنساني!.
سنكتفي بقراءة البحرين في هذه الحلقة, بإعتبارها أنموذجا عاما للحالة الخليجية,يمكن من خلاله رؤية أبعاد الأزمة السعودية,أو الأردنية,أو الأماراتية,أو القطرية,إلخ...لذلك سنحاول قبل الدخول في البحرين ,تقديم إشارات عابرة عن الحالة العمانية, لتكون معيننا في قراءة الخليج بصورة عامة, إلى جانب البحرين والسعودية.
أحد أوجه متناقضاتها الداخلية أنها , لطالما عانت كونها الوسيط في حل مشكلات الدول الشقيقة والحدودية مع إيران : الإمارات العربية المتحدة والبحرين. حيث أن أول زيارة رسمية للسطان قابوس, بعد إنقلابه على والده وإستلامه السلطة ,كانت إلى إيران بدعوة من شاه إيران, وذلك للإحتفال بذكرى مرور 2500 عام على قيام الأسرة الشاهنشاهية (هي الأسرة نفسها التي رأى الرسول الكريم(ص) في الحلم عرشها يهتز , ومن ثم كانت الفتوحات الإسلامية وإمتلاك العرب والمسلمون لعرش كسرى وقيصر). وكانت الحوارات التي قام بها قابوس مع شاه إيران, ترمي إلى حل المشاكل الناجمة ,عن الصراعات الناشئة بين الدول الشقيقة لعمان,فيما يخص الحدود مع إيران.خصوصا حدود الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
كما أن عمان كانت لوقت طويل على الخط الأمامي ,للنضال ضد توسع الشيوعية العالمية، خصوصا التي كانت رياحها تهب من اليمن الجنوبي ,كما هو حالها الآن في الخطوط الأمامية ضد الإرهاب , مع ذلك ظلت سلطنة عمان تعيش شبه عزلة سياسية ,بسبب إيمان السلطان قابوس بأن "من يتدخل - على المستوى الدولي - في شأن ليس من شأنه, كأنما ينعق في واد غير واديه"، لكن لم يمنعه هذا من رعاية إتفاقيات الهدنة, بين شطري اليمن المتحاربين في 1994، كما لم يمنع السلطنة من توقيع عدد كبير ,من الإتفاقيات السياسية والعسكرية والإقتصادية مع جيرانها وغيرهم، على أنها ( السلطنة)تبقى بلداً هادئاً جداً, كما كان يُظن لوقت طويل! , إلا أن تظاهر العمانيون مؤخرا , ورياح الثورات العربية تهب عليهم, خصوصا بعد أن فقدوا وظائفهم في الأمارات العربية ,بسبب الأزمة الإقتصادية,الأمر الذي جعل مجلس التعاون الخليجي, يقرر تخصيص ميزانية, لمساعدة عمان والبحرين! فأي عجاجة تهب رياحها في البحرين وعمان ,حتما ستطال السعودية , التي لم تستوعب عجاج اليمن حتى الآن, وآخر ما ترغب فيه عجاجات أخرى في الخليج ,فهذا سيجعلها محاصرة من جهة الخليج ,ومن جهة جنوب جزيرة العرب.
لكن لماذا تعاني عمان الهادئة الآن, في هذا التوقيت بالذات؟
سياسة قابوس الفعلية ,في سبيل إحتكار السلطة و التكريس لملكه , وإستمراريته تتلخص في مبدأ بسيط جدا : توجيه إهتمام السلطنة لتطويرها عمرانيا ,بما يعود بالنفع عليه وعلى أبناء السلطنة (حسب فهمه للنفع, دون تعقيدات قانون المنفعة والمنفعة المتبادلة) و بعيدا عن الزج بالسلطنة في الخلافات الدولية والإقليمية..
فقابوس هذا( وليست هنا أي إشارات, يمكن أن يفهم أن لها علاقة بالمارق مظفر النواب!) شخص لا يحب القلق والتوترات.. فهو يعرف تاريخ الخليج وتاريخ السلطنة جيدا ,منذ كان هذا الجزء من العالم يواجه التحدي, الذي ترتب على الوجود البرتغالي، الذي تحدته دولة اليعاربة ونجحت في القضاء عليه، الأمر الذي أغراها بمزيد من العمل على تعقب البرتغال خارج الخليج ,مدفوعة بروح قوية ,للتخلص من السيطرة المسيحية ,على أراض كان يحكمها العرب المسلمون قبل ذلك.
عرب الخليج (والعمانيين بالذات) كانوا موجودين في تلك المناطق, منذ وقت طويل قبل الإسلام وبعده ، كما أن جذورهم لم تكن تقطعت بعد، مما شكل باعثا لهم على العودة إليها. ,إلى جانب دور الإمام ناصر بن مرشد في تصفية الوجود البرتغالي,خلال الأعوام الثمانية الأولى من عهده,فهو الذي طبق وبصورة شبه منظمة, سياسة ثابتة وحازمة وقوية, حيال القبائل المتمردة , وقد أخضعها إخضاعا صارما , كما أخضع الممالك الصغيرة ,الشكلية القائمة في المقاطعات والمناطق .
كانت إنجازات الإمام ناصر بن مرشد ,ملحمية وتاريخية , فقد حقق توحيد عمان ومحا آثار خمسة قرون من المرارة الوطنية, وقد أعاد الإعتبار للكرامة العمانية .وأستعاد تقاليد الإمامة وأرجع تراثها( حسب تقدير العمانيون الإماميون), كما أعاد مكانة السلطنة إلى أذهان العمانيين , وبفضله إستطاعت عمان دخول التاريخ الحديث موحدة ,ومزودة برسالة روحية وهوية وطنية وثقافية واضحة .
الأمر الذي مكن عمان فيما بعد من إستعادة موقعها ,كأقوى دولة بحرية في المحيط الهندي , باسطة سلطتها ونفوذها من الخليج إلى شرق أفريقيا , ولم يكتف حكامها الأئمة المتعاقبون بذلك, إذ أخذوا أيضا يطاردون البرتغاليين, خارج الحدود العمانية. تعرفون الآن لماذا لا يريد قابوس أي نوع من القلق والتوترات ,فهو يعلم أن الخليج كله برميل بارود تاريخي ,إذا ما أنفجر فيه جزء, فليس ثمة شيء سيحاصر هذا الإنفجار, في كل أجزاء الخليج الأخرى!.
القاسم المشترك الذي فجر الأوضاع في دول الشرق الأوسط ,هو الوضع الاقتصادي، ثم الإنفجار على أنظمة حكم برمتها، ولكن هل تستحق سلطنة عمان مثل هذا الانفجار؟.. نعم تستحق .فأزمة البطالة, التي يعاني منها كل العالم تجتاح عمان الآن، فهي مشكلة عالمية، وإذا كان الوجه الأساسي الذي ترغب السلطات الرسمية في السعودية وعمان عكسه ,عن مشكلتيهما كأزمة بطالة , فالحالة البحرينية تثبت غير ذلك, فالمطالب في البحرين مزدوجة: إقتصادية وسياسية، والبحرين ليست بعيدة عن عمان في التقدم الذي تحقق رغم ضعف الموارد، وتميزت بإصلاحات سياسية, لاتزال خاضعة للتقييم والمراجعة, كونها حديثة التطبيق.
في السنتين الماضيتين نقلت شركات دولية مقارها من دبي الى البحرين, بسبب إرتفاع تكاليف المعيشة، من الجانب الآخر نلاحظ في السعودية,تغييرات مفاجئة.أجراها الملك عبد الله بن عبد العزيز,في الجهاز الحاكم في المملكة العربية السعودية ,التي تشهد قيادتها توترا شديدا منذ قيام ثورة الياسمين,يزداد أكثر ,عند سماعها بأي نوع من التحركات الجديدة في الشارع العربي، لذلك جاء تفسير الغييرات التي أجراها الملك عبد الله بأنها مفاجئة وغير معهودة في القيادة السعودية لكونها جاءت في مرحلة مفصلية ودقيقة، لا سيما بعد مبادرته للمصالحة العربية, في قمة الكويت الإقتصادية، والتي فاجأت بدورها كل الحكام العرب, والمستعربين دون إستثناء , بل وحتى حكام السودان الذين هم أقل درجة من المستعربين!.
يظهر من التغيرات والتعديلات التي شملت المؤسسة الدينية، لا سيما رئاسة جمعية النهي عن المنكر، ومناصب حكومية وقضائية وعسكرية وأمنية، فضلاً عن تعيين مجلس شورى جديد، فالذين شغلوا تلك المناصب لسنوات عديدة, لم يكونوا على المستوى, الذي يجعل الملك يضع ثقته فيهم في ظل ظروف الغليان الثوري ,الذي يجتاح المنطقة الآن ,من أقصاها إلى أدناها، خصوصاً بعدما تراجع الدور السعودي على المستوى العربي والعالمي, إلى درجة كبيرة، فضلاً عن العجز عن مواكبة الأوضاع الداخلية.
ويعتبر مقربون من الملك أن "الإصلاحات" الواسعة, التي أصدرها .وأعتبرها البعض مفاجئة وسريعة، إنما كانت نتاج تراكم العديد من الملفات، والتي واكبتها في الفترة الماضية ,ضغوط أميركية هائلة، مقرونة بسلسلة مطالبات, حاولت الإدارة الأميركية السابقة, فرضها للإمساك بمفاصل السلطة، بحيث أن الملك لم يعد يستسيغ كل تلك التدخلات، إن على المستوى الداخلي أو الخارجي في أداء السياسة السعودية.
فعلى المستوى الداخلي: ولا سيما ما يتعلق بالمؤسسة الدينية، التي تعتبر فيصلاً حاداً في التعاطي مع المجتمع، تصاعدت الكثير من الإنتقادات, لأدائها ولأداء القيمين المباشرين عليها، بحيث بات الشارع السعودي بغالبيته ,ينظر إليها كأداة قمعية بلا رحمة، وكذلك فإنها لم تعد تجاري الثقافة الإجتماعية للمواطنين، التي إخترقتها بشكل حاد ,قِيَم دخيلة تعتبر مدمرة، وكذلك عدم القدرة على الإحتواء العاقل للتطور السياسي للمجتمع، وأيضاً فشلت تلك المؤسسة الدينية, في إستيعاب ومجاراة حجم الثقافة, لدى علماء الدين وتطورهم، الأمر الذي جعلها مجال تهكم ,من قبل العديدون من علماء الدين، وكذلك من المواطنين، بحيث فقدت حضورها المعنوي بشكل كبير، من حيث تحولها, إلى هدف يومي لإطلاق "النكات".
وما زاد طين المؤسسة الدينية بلة، إصدار القرارات والفتاوى, المستفزة لمشاعر غالبية المواطنين في المملكة العربية السعودية. وهنا تلمس الملك - حسب فهم سموه العالي- خلال الحرب على غزة, أنه لا يجوز أن يبقى الموقف السعودي ,على ما هو عليه. ولذلك فجر قنبلته أمام قمة الكويت، بالتلويح بسحب المبادرة العربية - التي هي مبادرته هو في الأصل - للصلح مع إسرائيل، وإعلانه أنها لن تبقى على الطاولة طويلاً، وبادر بالتوازي مع ذلك, إلى إعلان نيته في إطلاق مصالحة عربية - عربية لمواجهة ما يجري، خصوصاً أن الإدارة الأميركية ,التي كان رأسها جورج بوش قد تهاوت كل شعاراتها وأهدافها,بتنامي فوز أوباما , كإنعكاس لروح المهمشين في كل العالم، خصوصا أن سياسات بوش, لم تقدم سوى الفتن وتمزيق الصف العربي.السعوديين ديل يجننو!..
إلا أن تحركاً قاده بعض وزراء الخارجية العرب الموغلين ,إلى أقصى الحدود في العلاقة مع الولايات المتحدة، وشارك فيه وزير الخارجية السعودي: سعود الفيصل، بنشاط لم يلقَ ارتياحاً لدى الملك عبد الله، خصوصاً بعد الإجتماع الذي عُقد في أبو ظبي، وأظهر كأن محوراً جديداً يتشكل ,لإجهاض مبادرة المصالحة، لا سيما بين سوريا والسعودية من جهة، والسعودية وقطر من جهة أخرى، دون أن يتم إبلاغ الملك بموعد الإجتماع، ولا بمحتواه الهادف ,إلى تكوين محور ضد إيران كعدو بديل لإسرائيل، وإحراج الملك عبد الله، من خلال وضعه أمام أمر واقع يظهر أن العرب اتفقوا عليه بمعاداة إيران، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرب طويلة معها، ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة ككل، وهو الهدف الأكبر الذي تسعى إليه إسرائيل. كلام محللين!..
هذا الأمر الذي يشبه الانقلاب, تزامن مع معلومات كشفتها المخابرات الأميركية ,عن أن إسرائيل تشن حرباً خفية على إيران، دون أن تقدم تفاصيل ,عن دور بعض الدول العربية، لا سيما تلك التي تفرغت لمهاجمة إيران ,وقوى المقاومة في فلسطين ولبنان، في الوقت الذي كانت إسرائيل تشن حربها على غزة .
هذا الإتجاه لفت حتى إنتباه العنقالة أمثالنا, لفجاجته التي لا تحدها حدود، سيما أنه أعقب مبادرة المصالحة التي بدأت تأخذ طريقها، من خلال إالواسع على سوريا، والتي تمثلت ,بزيارة رئيس المخابرات السعودية إلى دمشق، وإستقباله من جانب بشار الأسد، والحديث عن زيارة لبشار سيقوم بها إلى السعودية, قبل القمة العربية في الدوحة، رغم شائعات مصدرها دبلوماسيون عربا مريبون!, تشكك في حصول المصالحة، وقصر الأمر على تهدئة، لتمرير القمة العربية.
مقابل ذلك من العوامل التي سرّعت أيضاً قرارات "الإصلاح" ,التي إتخذها الملك عبد الله، قيام مستشاريه بعرض مخاوف تكونت لديهم قاعدتها؛ خطة صهيونية, تهدف إلى توريط السعودية بحرب ضد ايران على أرض العراق، بعد الإنسحاب الأميركي المتوقع من بلاد الرافدين، بهدف إستنزاف القدرات الإيرانية والعربية على حد سواء، ما يؤدي حتماً ,إلى أن يكون الإحتلال مطلباً عربياً عاماً، لا بل حاجة عربية لمواجهة "العدو الجديد"، فيما لم تغب عن الملك صورته ,وهو يدخل قمة دول مجلس التعاون الخليجي ,ممسكاً بيد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد.
ويبقى أيضاً أن التغييرات, التي أجراها الملك عبد الله, تتزامن مع الأنباء عن التردي الكبير, في صحة ولي العهد الأمير سلطان، الذي يعاني سكرات الموت، ولذلك فإن المسارعة إلى إصدار الإصلاحات, تقطع الطريق على من يريد إستغلال الوفاة ,في حال حدوثها. لفرض أشخاص موالين له.
لذلك وقبل أن تهبط طائرته القادمة من المغرب, إثر فترة نقاهة تزيد عن الشهرين قضاها هناك بعد أن تم علاجه في أميركا , عمد الملك عبد الله على توزيع الهبات والمكرمات من الجو , دون أن ينتظر هبوط طائرته بسلام : زعماء العرب ديل فعلا زعما أونطة ساكت , الله يرحمك يا عبد الناصر! فعلا!حاجة غريبة!
الحالة السعودية بتعقيداتها مع اليمن من جهة, والبحرين من الجهة الأخرى. إلى جانب عمان: تعطينا صورة كاملة , لو قرأناها كمشهد روائي واحد يعبر عن حالة الخليج والجزيرة العربية. فالسعودية بقدر ما تشترك مع اليمن في أزمته مع الشيعة , فهي تشترك مع البحرين أيضا في ذات الأزمة , إلى جانب أن المطالب الخدمية الخاصة بسلطنة عمان ,هي مطالب تلتقي فيها كل من السعودية والبحرين,ودول الخليج الأخرى, بل المشرق العربي كله , إلى جانب هذا الصعود المتنامي للتوجهات الخاصة ,بإجبار الأنظمة الملكية الوراثية في الخليج وجزيرة العرب , للتحول لملكيات دستورية ,تقلص من سلطات الملك أو الأمير أو الشيخ , وإقرار حكومات منتخبة من قبل الشعب.
لكن مشكلة السعودية أنها كالقذافي, فمثلما يعلن القذافي في كتابه الأخضر أن من تحزب خان , تصر السعودية على رفض تكوين أي أحزاب سياسية, لأنه لا يوجد في قاموسها ما يسمى بالحقوق والحريات الإنسانية .بالتالي من الصعب التنبوء بما سيحدث في السعودية, و الخليج من تطورات في ظل حالة الإحتقان الحالية ,التي تعتبر السعودية فيها دولة مفصلية رئيسة.
لنقرأ الآن نموذجنا الأساسي (البحرين) وذلك , الأول: أن البحرين بحكم أغلبيتها الشيعية ,مجريات الأمور فيها تتأثر بطريقة أو أخرى بالنفوذ الإيراني. والسبب الثاني: أن كل أزمات الخليج وجنوب الجزيرة العربية, تتقاطع فيها . بحيث يمكن إعتبارها الخليج العربي مصغرا.
البحرين :
في سنة 1783 م قام العتوب بقيادة أسرة آل خليفة أهل الزبارة ,المدينة القطرية التاريخية, التي تقع في الشمال الغربي ,من شبه الجزيرة القطرية, والتي سميت بهذا الإسم بسبب إرتفاع أراضيها (الزبارة تعني الأرض المرتفعة ,وكذلك هناك حي كامل إسمه الزبارة في منطقة حائل السعودية كما يوجد قصر برزان الشهير, لحكام حائل آل رشيد .. الذين هم في الواقع أصحاب السلطة التاريخية على السعودية! فهم الحكام الذين سبقوا آل سعود ,قبل توحيد السعودية تم هدم هذا القصر للأسف بإيعاز من الحكام الجدد آل سعود! - أيضا يوجد قصر تاريخي آخر لبرزان في قطر!).
لم تستقر الأوضاع في البحرين, إذ تعرضت الجزيرة لغزوات عمانية ,ما بين أعوام 1799 و1828 م،كما أضطر حكام البحرين, لدفع الجزية لإمارة الدرعية(الوهابية السعودية) لبضع سنوات. ودفع الجزية لحاكم مسقط لأكثر من 30 سنة ,وقد جعل آل خليفة قاعدتهم في جزيرة المحرق، بينما كانت الحاضرة الكبرى في البحرين هي المنامة.
بعد قيام الدولة السعودية الثانية, حاول حاكمها فيصل بن تركي السيطرة على البحرين, وأستطاع فرض الزكاة عليها مؤقتًا. وإستمرت النزاعات بين الطرفين ,وأمتد حكم آل خليفة في بعض الأوقات إلى قلعة الدمام،إلا أن تلك الفترة ,شهدت أيضًا دخول الإمبراطورية البريطانية ,إلى الخليج العربي. وقد كانت بريطانيا تعتبر الخليج, بمثابة بحيرة بريطانية ,وحلقة إتصال مهمة في الطريق إلى ممتلكاتها في الهند.
وحرصت بريطانيا على بقاء البحرين مستقلة ,عن الدول المحيطة كالسعودية، لذلك قامت في سنة 1859 م ,بإبلاغ فيصل بن تركي بأنها تعتبر البحرين "إمارة مستقلة", وهكذا أرسلت بريطانيا أسطولاً بحريًا لحمايتها.
وبعد سلسلة من المعاهدات بين بريطانيا وحكام البحرين,أولها معاهدة السلام البحري عام 1820 ,وقع آل خليفة إتفاقية الحماية البريطانية سنة 1861 م, وظلت البحرين محمية بريطانية , سنة 1971 م. وقد قدّر الرحالة البريطاني بالغريف ,عدد سكان البحرين وقت توقيع الإتفاقية, بنحو 70,000 نسمة. أدت المعاهدة بين البحرين وبريطانيا, إلى تغييرات إجتماعية جذرية.
تأسست أول مدرسة تعليمية في البحرين عام1919 , بمعنى أن مدرسة الخرطوم القديمة التي أسست في عام 1805 أقدم منها ,وكانت هي مدرسة الهداية الخليفية للبنين، وكذلك تم إفتتاح أول مدرسة للبنات ,في منطقة الخليج في البحرين عام 1928, وهي مدرسة خديجة الكبرى. كما تطلب إكتشاف النفط في البحرين عام 1932، آلاف العمال المتعلمين لإنتاجه، فظهرت طبقة عاملة جديدة ساهم نتاجها ,في تطوير المجتمع البحريني ,على السنوات الخمسون التالية.
وفي عام 1923 م عمت الإضطرابات البحرين, بعد أن تصادمت قبيلة الدواسر بالبحارنة ،وقد كان الدواسر يعيشون في البحرين, بشكل شبه مستقل عن آل خليفة,منذ قدومهم إلى البحرين, من شرق الجزيرة العربية سنة 1845 م، فقام البريطانيون بإجبار الدواسر, على الجلاء عن البحرين في ذلك العام ,وغادر معظمهم إلى الدمام على الساحل المقابل.شفت كيف المشاكل دي؟ ذي مشكلة عرب دارفور مع الفور!
بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت منطقة الخليج العربي ,أقل أهمية للإدارة البريطانية .ففي عام 1968، أعلنت الحكومة البريطانية قرارها لإنهاء علاقات المعاهدة, التي كانت قد عقدتها مع شيوخ دول الخليج العربية. وكانت إيران قد إدعت أحقيتها بحكم البحرين - ( بإعتبار أن أصول البحرينيين والخليجيون بصورة عامة ,هي إصول فارسية , إلى جانب أن الخليج العربي تاريخيا, هو خليج فارسي, أصول المجموعات السكانية فيه: أصول فارسية) – إذن منذ أول اتفاقية بين البحرين والبريطانيين, كان ذاك هو موقف إيران! في القرن التاسع عشر، وجددت الحكومة الإيرانية مطالبها حين رأت نية بريطانيا مغادرة الخليج، إلا أنها قررت التوقف عن مطالبها في البحرين, مقابل تنفيذ مطالب أخرى لها في المنطقة.
وأجري على إثر ذلك إستفتاء في البحرين, تحت إشراف الأمم المتحدة سنة 1970 م ,صوت فيه البحرينيون على بقاء البحرين مستقلة عن إيران.لأنهم منسجمين مع قصة كونهم عرب!إنسجام العروبة السودانية المضروبة!
إنضمت البحرين إلى قطر والإمارات السبع ( الذين يمثلون دولة الإمارات العربية المتحدة الآن : أبوظبي ، دبي ، الشارقة ، عجمان ، أم القوين ، الفجيرة ، رأس الخيمة ) لبحث توحيد الإمارات التسع. في منتصف 1971، لكن لم يستطيعوا الإتفاق على ذلك, وقررت البحرين الإستقلال، وإستطاعت القيام بذلك في 15 أغسطس 1971 ، ومبايعة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أميراً لها .
كانت البحرين من أسبق وأوعى الدول(ربما بسبب لاشعورها الجمعي, بأنها تنتمي لحضارة عريقة ,أعرق من الحضارة العربية ,كالحضارة الفارسية) لضرورة وجود مجلس يناقش الحاكم ويحاوره ، فبدأت بالبرلمان عام 1973 ، ولكن سرعان ما تم حل هذا البرلمان ,بقرار من الأمير الراحل : عيسى بن سلمان آل خليفة في العام 1975.
أصبح الملك حمد بن عيسى آل خليفة, أميرًا على البحرين عام 1999 ,خلفًا لأبيه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة. وشهدت البلاد تغييرات كبيرة, منها أنه شرع الإتخابات للبرلمان، وأعطى المرأة حقها في التصويت، وأطلق سراح المساجين السياسيين.
المراقبون إختلفوا في عدد المشاركين فيها ، وذهب مراسل محطة " سي إن إن " الأميركية إلى تقديرها بستمائة ألف متظاهر ، بينما تراوحت تقارير بعض الوكالات والمراسلين, إلى أنها ضمت بين ثلاثمائة ألف وأربعمائة ألف متظاهر . وعكست التظاهرة التي حملت شعار " الوفاء لدماء الشهداء والتاييد لمطالب شباب ثورة 14 فبراير المعتصمين بميدان اللؤلؤة ، مطالب الشعب البحريني بعد المجازر التي إرتكبها النظام ضد المعتصمين في وادي اللؤلؤة ، وكانت الأصوات تدوي في سماء العاصمة المنامة, وهي تصدح قائلة : " الشعب يريد إسقاط النظام " وأيضا تطالب بسقوط الحكومة, ومحاكمة المسؤولين عن إصدار أوامر بإطلاق النار ,على المتظاهرين في مجزرتي الخميس والجمعة .
وكان النظام البحريني ,قد حاول إستباق, إحدى التظاهرات, فنظم في مسجد " الفاتح " في المنامة تجمعا جماهيريا ,بهدف تصوير الأمر وكأن في البحرين نزاعا وصراعا طائفيا: بين الشيعة والسنة ، وحاول التلفزيون البحريني الرسمي ,تصوير هذا التجمع ,وكأنه الأكبر في البلاد ، فكتب وبخط عريض على شاشة التلفزيون " ثلاثمائة الف يجددون البيعة والوفاء ,لسمو الملك وولي العهد ورئيس حكومته "!! يعني أفلام الكيزان نفسها!..
ولم يكن التجمع يضم أكثر من عشرين الف شخص فقط ، وكشف أحد المصورين التابعين لقناة البحرين الرسمية, والذي شارك في تصوير هذا التجمع الجماهيري " أن أوامر صدرت إليهم ,وشددت على: أن لايقرب المصورون وجوه الرجال المشاركين في التجمع الجماهيري " . ويقول هذا المصور : " لقد إكتشفت بعد إنتهاء التجمع, أن آلافا من العمال الآسيويين, كانوا يلبسون الثياب والعقال, ويرفعون أعلام البحرين بإعتبارهم مواطنين بحرينيين(يعني قصة القذافي نفسها مع المرتزقة! وقصة البشير نفسها في دارفور!) ". ويضيف قائلا : " حينها عرفت السبب الذي دفع بالمسؤولين في التلفزيون الرسمي, إلى إصدار الأوامر ,بعدم إلتقاط صور للرجال المشاركين في التجمع عن قرب ، وذلك حتى لاتنكشف هوية آلاف الآسيويين من العمال والخدم, المشاركين في التجمع ,بإعتبارهم مواطنين بحرينيين يؤيدون النظام ".. عجايب!..
وأتفق المراقبون المهتمون بالشأن البحريني ,على أن " شعب البحرين من خلال مسيرته وهتافه بسقوط الحكومة ، أجرى إستفتاء عمليا اليوم على النظام وعلى الحكومة ، عندما هتف مئات الآلاف من المتظاهرين بسقوط النظام ,وحل الحكومة, ومحاكمة المسؤولين عن إصدار قرارات إطلاق النار ,وتنفيذها ضد المتظاهرين . وعلى صعيد متصل ,كشفت مصادر خليجية ل " شبكة نهرين نت الإخبارية " قولها " أن الإدارة الأميركية طلبت من وزارة الخارجية الأميركية و السي آي إيه ,معرفة موقف المتظاهرين من إتفاقية التسهيلات المقدمة للأسطول الخامس الأميركي, حيث أن مقر قيادته يقع في البحرين ".
وقالت هذه المصادر " أن الثورة في البحرين, فاجأت رجال المخابرات الأميركية وعملاءها ، وبدأوا يشعرون بقلق كبير على مصير قاعدة البحرية في " الجفير ", وقلق على وجود وإستمرار هذه التسهيلات, التي يحظى بها الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين ، خاصة وأن الولايات المتحدة, تعتير إمتلاكها لقاعدة لأسطولها الخامس في البحرين ، له أهمية إستراتيجية لأسطولها البحري, العامل في مياه الخليج وبحر العرب ..
وقالت هذه المصادر " أن الأميركيين أبلغوا جهات سياسية في البحرين ، أنهم على إستعداد للتضحية بالنظام البحريني, وبوجوده والإتفاق مع المعارضة على تحويل الملكية الرئاسية, إلى ملكية دستورية ، إذا حصلوا على تطمينات بإستمرار إتفافات التعاون العسكري مع البحرين ,في حال سقوط نظام آل خليفة, أو بقاء الملك في ظل دستورية ملكية".
على صعيد آخر أُتهمت قوى المعارضة,النظام ، بالسعي إلى تجزئة المعارضة وتشتيتها ,بإختلائه مع كل جماعة على حدة ، للإيقاع بين الأحزاب ,والقوى المعارضة. وبالتالي خلق المشاكل بينها ,وصولا إلى تشتيت وحدة المتظاهرين ,والتأثير على تكاتفهم, وتعاونهم ووحدة الكلمة بينهم.
هذا وقد شيع المتظاهرون أحد المتظاهرين الشبان, الذين أصيبوا خلال مواجهات الجمعة ,قرب دوار اللؤلؤة في البحرين،بعد أن توفي متأثراً بإصابته السابقة في الرأس ، ليرتفع بذلك عدد الشهداء جراء بربرية تعامل قوات الأمن ,مع المتظاهرين في البحرين، منذ الخميس الماضي، إلى سبعة شهداء .
وأكدت المصادر الطبية أن الشاب رضا محمد، البالغ من العمر 20 عاماً، توفي جراء إصابته في الرأس، بينما كان يتقدم مع مجموعة من الشبان نحو دوار اللؤلؤة، غير أن قوات الأمن ,ردت بإطلاق النار على المتظاهرين بشكل جنوني .
إذن من وحي ثورة الياسمين التونسية ,ومن وحي الثورة المصرية المجيدة، يجوب اليوم البحرينيون الشوارع ,مطلقين العنان لإحتجاجاتهم ومسيراتهم.. رافعين مطالب الإصلاح السياسي, وإسترجاع الحقوق، التي إستبقها الملك ب "مكرمات" إقتصادية, وهم إذ يرفعون عقائرهم بالهتاف لا يتطابقون مع السودانيون, الذين يدعي بعضهم التمثل بالهتاف النجيض : سوف نخرج للشوارع شاهرين هتافنا,
ولسوف تلقانا الشوارع .......إلخ..
لكم هو مؤلم رؤية جثث القتلى الذين سقطوا في مجزرة ميدان اللؤلؤة ,وقد إخترقتها عشرات الرصاصات.. شبان وشابات سقطوا في هجوم وحشي شنته قوات الأمن البحرينية, عليهم في الرابعة صباحا أثناء نومهم!.
وهكذا أخذ المشهد البحريني يغلي, وهو مرشح للتصعيد خلال الأيام القادمة، فالجيش نزل لأول مرة بمدرعاته إلى شوارع المنامة, بعد سقوط قتلى وعشرات الجرحى ,خلال مداهمة الشرطة لساحة تعتصم بها المعارضة، ويلبي المحتجون البحرينيين , الإثنين قبل قبل الماضي, دعوات ناشطين على الإنترنت, لقيام "ثورة" في البحرين من أجل الإصلاح السياسي, والإفراج عن معتقلين شيعة ,ووقف "التجنيس السياسي – ألا يذكركم هذا بمنح البشير الجنسية السودانية, للعرب المرتزقة ,الذين جاء بهم من أفريقيا, لتغيير الخريطة الديموغرافية في دارفور؟!" في إشارة إلى إتهامات يوجهها الشيعة للحكومة, بتجنيس أشخاص من الطائفة السنية ,لتغيير التوازنات الطائفية في المملكة ,ذات الغالبية الشيعية!.
المطالب مضمونها سياسي, يتعلق بالحريات والقمع والإستئثار بالسلطة، ويرتبط بمشاكل مزمنة ,في المملكة. تميّزها عن محيطها الخليجي.
هل كان مفاجئا ما حدث في البحرين؟
بالتأكيد لا، فالمراقب عن قرب للحالة هناك، يدرك أن البحرين ,لا تختلف عن دول الخليج الأخرى, أو دول مشرق ومغرب العالم العربي ,وإمتداداته الأفريقية،المراقب المتابع يعي أن ما حدث كان أمرا متوقعا، وإن إختلف السيناريو، حيث أن النتيجة المتوقعة : غليان في الشارع، وتوتر طائفي لم يسبق له مثيل.. مسيرات ضد الحكومة وزبانيتها، وأخرى مضادة مؤيدة ومبايعة. بإختصار: المحظور وقع.
المحللون والخبراء يرشحون البحرين كدولة رابعة ,سيحصل فيها تغيير على غرار السيناريو التونسي والمصري,( وهو سيناريو لا يشبه السيناريو الليبي العجيب) إلا أن ما هو مثير للإهتمام يتمثل في مصداقية هذه الإضطرابات والإحتجاجات ,فيما يخص الإطاحة بنظام الملك البحريني الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة!.
التقارير تتحدث عن وجود نوعين من المطالب,أشرنا لها فيما سبق، وبرغم وجود بعض التطابقات والإختلافات بينها, وبين مطالب الثورات العربية الأخرى, إلا أن التقارير أثارت، وعلى وجه الخصوص تقرير : وكالة رويترز، الذي أشار إلى المطالب الخاصة, بالأغلبية الشيعية ,وما تضمنته: ( القضاء على عمليات التمييز والتهميش, التي يعاني منها الشيعة البحرينيون، وعلى وجه الخصوص في مجالات: خدمات السكن، خدمات الصحة ,إضافة إلى خدمات حق الحصول على الوظائف العامة. إلى جانب ضرورة إجراء التعديلات الدستورية والبرلمانية ,بما يتيح تمثيل أكبر للمجتمع الشيعي البحريني. كذلك إعادة ضبط توازن القوى البحرينية ,بما يعيد قسمة السلطة والثروة بين المكونات الثلاث: القوى الإسلامية الشيعية، القوى الإسلامية السنية، القوى العلمانية.إلى جانب الوقف الفوري لعمليات منح القوى الإسلامية السنية الخارجية, لمزايا النسبية المتمثلة في: الحصول على الجنسية، الحصول على الوظائف في القوات المسلحة وقوات الأمن. الوقف الفوري لعمليات استيعاب المسلمين السنة القادمين من البلدان الأخرى, ضمن الهوية الوطنية البحرينية ,الأمر الذي أصبح يهدد التوازن الديموغرافي, الذي يشكل الشيعة أغلبيته العظمى. كذلك الوقف الفوري لعمليات الأجهزة الرسمية البحرينية ,التي ظلت تستهدف السكان الشيعة البحرينيين.
إلى جانب هذه المطالب, نجد مطالب أخرى مثل:المطالب الخاصة بالشباب المعارضين: حل دستور عام 2002. تكوين مجلس يضم الخبراء ,وجميع مكونات السكان البحرينيين, تكون مهمته وضع مسودة الدستور الجديد. إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين والناشطين السياسيين والمدنيين, إضافة إلى التحقيق في عمليات التعذيب والإنتهاكات الأخرى. إقامة جهاز قضائي مستقل عن السلطة السياسية. التحقيق في عمليات منح الجنسية البحرينية, للأجانب وفقاً للدوافع والميول السياسية والطائفية.
ما يمكن قوله في هذا السياق, أن مملكة البحرين هي الدولة الخليجية ,التي يعتقد أنها الأكثر عرضة للإضطرابات ,بسبب الاستياء المتأصل بين الأغلبية الشيعية ,من عائلة آل خليفة السنية الحاكمة. ويشكو المحتجون من مصاعب إقتصادية ,والإفتقار للحريات السياسية ,وتمييز في الوظائف لصالح السنة.
المتظاهرون يريدون عزل رئيس الوزراء : الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة ,الذي يحكم البلاد منذ إنتهاء الحكم البريطاني لها عام 1971. وحتى الآن لم يطلب أحد تغييرا على مستوى القمة ,أي لإبن أخيه الملك حمد بن عيسى آل خليفة ,الذي يملك السلطة المطلقة على البلاد. ومن المرجح أن تتدخل السعودية لتقديم المساعدة, إذا شهدت البحرين حالة من عدم الاستقرار.
وكانت مواقع إعلامية قد أشارت, إلى دخول قوات عسكرية سعودية ,يوم الإثنين للأراضي البحرينية, لمساعدة الحكومة على ما يبدو ,في التصدي للإحتجاجات, التي إجتاحت عدة مناطق في "يوم الغضب" وسط أنباء ,عن سقوط قتلى برصاص عناصر الأمن.
ويرى محللون أن الإضطرابات واسعة النطاق في البحرين, تثير مخاوف لدى السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم, من إمتداد الإحتجاجات للمدن السعودية ,بتحفيز من الثورتين الشعبيتين, في تونس ومصر. وتشعر السعودية بالتوتر أكثر من غيرها، لتشابك إرتباطاتها مع البحرين، فالسعوديون لن يترددوا ,في تقديم العون للحكومة البحرينية، وقد يتدخلون مباشرة, إذا أقتضى الحال ، وخرج الأمر عن سيطرة الأمن البحريني!.
في السياق نفسه تجدر الإشارة , إلى أن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة, وإلى جانب صلاته القوية بالعائلة السعودية الحاكمة ,تربطه في الوقت نفسه علاقة مصاهرة بالأمير نايف. وتقول المصادر أن وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز, كون خلية أزمة لمتابعة الوضع في البحرين.
وأكّدت المصادر نفسها أن هناك تفاهماً سعوديا أميركياً على منع تدهور الوضع، وأن الأسطول الخامس في حالة استنفار.
آخيرا سنصل إلى حلقتنا المخصصة للسودان , فهذه بلاد أمرها عجب!..
أحمد ضحية – ميريلاند
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.