عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    اهلي جدة الاهلي السعودي الأهلي    أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البغل في الإبريق. (مرةً أخرى).


بقلم/ أمين محمّد إبراهيم - قانوني.
"برطع مع الأفعال و أدخل على التاريخ
يغلب أجاويدك
من قرقريب عوسك أخْرِجْ من التاريخ
شيخك و عربيدك
لا نافعك التكفير ولا نافعك التوبيخ
فامشيه وِحّيدك
و أمرق على التاريخ تلقاه في السهلات
مستني كمسيدك
لا بيظلم التاريخ و لايرحم التاريخ
إياه عوس إيدك"
الشاعر محمّد طه القدّال.
في أحد أعداد يناير 2012م، من "صحيفة الرأي العام"، عاد قطبي المهدي، أمين القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، مرةً أخرى، للحديث في شأن، الأموال المسروقة - على حد زعمه - من منزله، فقال: (أنه كان مطالباً بسداد مبلغ "135" مليون جنيه، لم تكن كلها شخصية. توافر لديه منها، مبلغ "91" مليون، كان بصدد سدادها لأصحابها).
و زاد: ( أنّ من نفذوا الجريمة، هم حرّاس و سائقون سابقون عملوا معه. و كشف أن العملة الصعبة، التي سرقت مع العملة السودانية، كانت تخص أحد أقاربه بخارج السودان. وهي عبارة عن إيجارات عقارات يستلمها و يرسلها له).
إنتهى قول قيادي المؤتمر الوطني.
وحسبما ورد في الخبر الذي تناقلته الصحف، تتحصل المبالغ المُدَعَىَ بسرقتها، من منزل قيادي المؤتمر الوطني، في: (91) ألف جنيه سوداني، و (13.140) يورو، و (11.4360) فرنك سويسري، و (645) ليرة لبنانية، و (420) ألف ليرة سورية، و (20) ألف جنيه مصري، و (9) ألف ريال سعودي، و (5) ألف جنيه إسترليني، و (26) ألف ريال أمريكي.
" لآ حولالاءء، بيت دا و لا وول إستريت ؟؟!!"، على وزن طرفة الهندندوي أوهاج الذي أرسل، إبنه أوشيك إلي المدرسة ليتحصل العلم، ويتخرج و يحصل على وظيفة ميرية، تعينه و أهله على متطلبات الحياة الكريمة، زمان كان في السودان حياة كريمة، و للوظيفة الميرية "شنّة و رنّة". و لكن أوشيك فاجأ أبيه أوهاج بالسقوط في إمتحان الشهادة. إنفعل أوهاج و (لفح توبه و سفروقه)، و توجّه إلي حيث مدرسة أوشيك، وهو يكاد ينفجر من الغضب. وعند الباب لاقاه ناظر المدرسة، (مديرها بلغة اليوم) و دار بينهما الحوار التالي:
أوهاج:" حضرة الناظر أيه الإستهبال بتأكم دا، أوشيك دا ذكي مرة واحد كيف ما تنجح".
الناظر: " ياشيخ أوهاج ما أوشيك براه".
أوهاج: مستخدماً يا المد (الهندندوية)، "يا كيف يأني و ضِّح أوهاج ما يفهم خلي بالك".
الناظر: "المدرسة كلها سقطت ما سمعت المذيع قال: لم ينجح أحد".
أوهاج: صائحاً بأعلى صوته " لأ حولالاءء، مدرسة دا و لا كرجللا "كرتلة".
فخبروني بربكم، هل مسكن قطب المهدي، هذا منزل عادي مثله مثل، مساكن بقية خلق الله، أم أنه "وول إستريت أو داو جونز إسلاموي"، يتخذ شكل مصرف خفي "مدفوس لحدِّه" بما لا عين رأت و لا أذن سمعت، و لا خطرت بقلب بشر، من مختلف أنواع العملات الحرة ؟؟؟!! و إذا كان هذا هو حال مسكن، القيادي فحسب في الحزب الحكم، فكيف تكون مساكن القياديين فيه وفي الدولة؟؟!!
وهل عرفتم الآن لماذا ينكر قادة الدولة، كلما واجههم الناس بوقائع الفساد الذي إنتشر كالطاعون، و طالبوهم بمحاكمة المفسدين، و يتمترسون خلف سواتر الدعوي المضادة المقابلة ""counter claim، بتعبير أهل القانون، المتمثلة في مطالبتهم المدعين في "الدعوى الأصلية"، من صحفيين وغيرهم، ممن ينادون بفضح الفساد و محاسبة المفسدين، بإقامة الدليل الإثباتي أي البينة القانونية، على وقوع الفساد. علماً بأن القضاء و حده، هو الذي يطالب بالبينة القانونية، أما السلطة التنفيذية النزيهة، فتحرك إجراءات القانون، لمجرّد الظن و شبهة التلاعب في المال العام، و ما تجريه من تحريات و تحقيقات، هي التي تكشف توفر أو عدم توفر البينات اللازمة لتقديم المدعى عليه بالفساد، إلي المحاكمة. ولعل القصد من المطالبة بالبينة، لا يخفى على أحد، فالمسروق والمنهوب هو المال العام، و من يطالبنا بالبينة على الفساد، هو من يحكم و حزبه قبضتهم على المال العام، و يحتكرون الوظيفة العامة، صاحبة الولاية عليه !!. و لعمري هذا ضرب "إسلاموي رئاسي" من ضروب لؤم "دس المحافير" عمن جاء يساعد، الدولة أياً كان مذهبها و قادتها، في إجتثاث الفساد و دفنه؟!! و هذا يؤكد لمن أراد الحقيقة، أن الفساد لن يجتس أو يدفن أبداً، إلا بإجتثاث و دفن دولة حزب قطبي المهدي
و سواء شاؤا أم أبوا، فقد كشفت وقائع بلاغ قطبي المهدي، أن مسكن القيادي بالحزب الحاكم، والذي لا يشغل أية و ظيفة عامة، كان، و ربما لا يزال، محروساً "دون مسوِّغ شرعي أو قانوني" بأفراد من جهاز الأمن، يتقاضون رواتبهم من الخزينة العامة "بيت مال المسلمين". أي أن أجرة حراسته و أمواله و أهله، يسددها دافعو الضرائب والزكاة والجبايات متعددة الأشكال والصفات والتسميات. و دعونا من مزاعم قادة الدولة و الحزب "المدغمسة حقاً" عن محاربة الفساد، و أفتونا ما حكم من يسخِّرْ المال العام لحراسة و حماية الحاكم وماله الخاص؟؟ و ما نريد أن نسمعه هو الحكم الشرعي، المستمد من النصوص القطعية المقدسة، أو حتى من سيرة السلف الصالح؟؟؟
و سواء كانت علاقة قطبي المهدي، بهذه الأموال الطائلة، علاقة أصالة أو و كالة، كما يلمِّح في تصريحاته، دون أن يوضِّح لنا أهي قرابة دم أو تنظيم و أيديولوجيا، فإن وجود كل هذا الأموال، في مسكن قيادي في الحزب الحاكم، في زمن المسغبة والجوع الكافر، و في عهد إنحدار 95% من الشعب، بسبب سياسات خططها و نفذها بمنهجية، حزب قطبي و أقربائه، إلي ما دون خط الفقر، يكشف بوضوح نتائج تسخير أجهزة الدولة و تشريعاتها، لإقصاء الخصوم وإحتكار السلطة والمال، و الموارد والوظائف العامة والخاصة، لأجل هدف واحد يتيم هو تكديس المال و مراكمة الثروات، و إكتناز الذهب والفضة، و شراء القصور والتمتع بلذائذ السلطة و القوة. وهي أهداف يستحيل تحقيقها إلا تحت حماية أنظمة الإستبداد و البطش والتنكيل، تحرسها فيالق الأجهزة الأمنية الخاصة، التي يستظل بظلها، إلي حين، قطبي و حزبه.
و تعلم أيها القارئ العزيز، أن الدولار بالتحديد، ولأسباب منها تبعيتنا الإقتصادية و ذيليتنا لأهله، أصبح في بلادنا، و منذ زمن بعيد، السلعة رقم واحد في السوق. أو إن شئت الدقة فهو سلعة السلع، بقرينة إرتفاع أسعارها متى ما إرتفع الدولا، دون أن تنخفض متى ما إنخفض، وهذه محنة يطول شرحها. وهذه المعلومة من فرط بداهتها، أصبحت في علم، راعي الضأن في الخلاء. لذا تسمع في أسوق الحضر و البوادي، و كلما طلبت مبررا لإرتفاع أسعار السلع والخدمات، من يحاضرك، يومياً تقريباً، عن أسباب ومبررات تأثير الدولار، على العملة الوطنية وبالتالي على الأسعار وحياتنا المعيشية. ومن يحاضروك هنا، ليسوا هم علماء الإقتصاد فقط، أو كبار موظفي و زارات و الشركات الحكومية والبنوك والسوق المالية و "مستجدو النعمة"من الملتحين، بل هم من عامة الناس و غمارهم، في أسواق الماشية المحاصيل، في تمبول والقضارف و هبيلة، مثالاً دون حصر، علاوةً على الباعة المتجولين في أسوق المدن، وبائعات الشاي و الكسرة و"حاجات التسالي و المررو". إذن فبلغة " الإقتصاد السياسي" أصبح مركز الدولار شبيهاُ بِ أو مماثلاً لِدور "المعادل العام"، في سوق إقتصاديات التبادل السلعي، تمثلّه "السلعة الأكثر طلباً كالحبوب مثلاً" و هي الصالحة للتبادل مع كل السلع في السوق، لذلك شكلت الطور الجنيني، لتطور مفهوم النقد، فقام المعادل العام مقام النقد، في إقتصاد التبادل السلعي، وذلك قبل صك النقود المعدنية و بعدها الورقية، و إستخدامها بديلاً للمعادل العام.
و إذا كان ما تقدّم، و كان الطفيليون الإسلامويون، و بدلاً من تحرير بلادنا من التبعية الإقتصادية، و الذيلية للدولار و أهله، قد رضخوا لنظرياتهم و نظامهم و شروط مؤسساتهم التمويلية، و تبنو إقتصاد السوق، و خصخصة القطاع العام، و إعتمدوا تحرير النشاط التجاري من كل قيد، حيث تركوا مهمة تحديد أسعار السلع والخدمات، إلي آليات العرض والطلب دون تدخل تنظيمي أو تشريعي، فإن تجّار الدين، من حكام و تنابلتهم، من فقهاء السلطان "علماء و روابط و ناشئين"، لم يكشف لنا حتى للآن، سندهم الشرعي لإستثناء العملات الحرة كالدولار و غيره، من سياسة تحرير الإقتصاد، التي إنتهجوها و اعتمدوا تطبيقها، لورودها ربما " وفوق كلِ ذي علمٍ عليم"، بسند قطعي الدلالة، في نصوص قرآنهم الجديد "فقه الضرورة".
بيد أن السند اللاشرعي لذلك معلوم، وهو أن قصد الجماعة الحقيقي من سياسة تحرير الإقتصاد، هو رفع يد دولتهم عن مواطينها، وتركهم فريسة و حش السوق، بعد إذ فرضوا سلطان قبضتهم عليه، بإحتكاره، وإخلائه من المنافسين، و إخلاء المسرح السياسي من المعارضين و الخصوم الفكريين والسياسيين. ضف إلي ذلك أن بعض القيادات النافذة في دولة الجماعة، كانوا يمتهنون، إلي جانب و ظائفهم الميرية، الإتجار في العملات الحرة، حتى ألحقت أسماء بعض هؤلاء و أولئك، بأسماء العملات الحرة، كقولك مثلاً "عبد الله دولار" أو نحوه. أما البعض الآخر من قادة الدولة والجماعة، فقد كان لا يمتهن، شيئاً سوى الإتجار فيها. و نعرف منهم من كان يتجر في العملات الحرة، بين أسواق الخرطوم، ومدن الخليج و بخاصةً السعودية، منذ تخرجه في الجامعة، و حتى إنتخابات سنة 1986م.
إذن لأجل التنفيذ الفعال لخطة، السيطرة المطلقة على السوق، و تفريغه من المنافسين، و أغرض أخرى خاصة بإرسال رسائل، ذات دلالات معينة، لمن تعتبرهم الجماعة، أقليات عرقية أو أو دينية أو ثقافية مخالفة، كان أن نحر حزب قطبي بدم بارد، ثلاثة من خيرة و أكرم شباب السودان، هم مجدي و بطرس و أركانجلو، متذرعاً بضبط دولارات، بخزائن بمنازلهم أو في حيازتهم. و معلوم أن من سن القانون الذي يؤثم حيازة العملة الحرة، هو و حزب مهدي و نظامه بنفسه، وقد قصد أن تكون عقوبتها أقصى العقوبات، وهي محق الحياة و إهدارها. و كشفت الوثائق أن المتنفذين جميعاً، في الدولة والحزب، و دون إستثناء أشرفوا على القبض على الضحايا و حبسهم و تقديمهم للمحاكمة، و تنفيذ أحكام الإعدام عليهم، فيما يشبه الإحتفاء. ويندر في التاريخ أن تجد من يسترخص كالجماعة، حيوات المنافسين أو الخصوم الفكريين والسياسيين، و يترصدهم بحثاً عن ذرائع و مبررات للفتك بهم، و يختلق أتفه الأسباب لقتلهم و محق حياتهم ثم يحتفي بما فعل من جرم تقشعرُ لمجرّد سماعه أبدان الأسوياء من البشر. أي و حشية و دموية هذه، التي ينسبوناه إلي سماحة الإسلام زوراً و بهتاناً.؟.
و لا تدري كيف لمن فعل بضحاياه، لمجرّد حيازتهم لبضعة دولارات، ما رصدناه بعاليه من إهدار و حشي لحياتهم، أن يسمع دون أن يطرف له جفن، القول المنسوب، للقيادي بالمؤتمر الوطني، أنه يستلم أجرة عقارات قريبه، المقيم بالخارج ويرسلها له، وحيث أنه أي القريب مقيم بالخارج، فإن قطبي المهدي يقرُ بأنه يرسل ما يتحصله من أجرة بالعملة الحرة شهرياً إلي الخارج.
و من حقنا أن نسأل قطبي و حزبه، و معهم بالطبع "مقاولي الأعمال الدينية"، من فقهاء السلطان، كما سماهم "محقاً" الأستاذ المفكر خليل عبد الكريم، عن السند "الشرعي" لتأثيم حيازة العملة الحرة، بقانون و"ضعي"؟؟؟. و عن السند "الشرعي" لمحق حياة مواطنين لمجرّد، حيازتهم و ملكيتهم بالطبع، لحفنة من العملات الحرة. و أخيراً يأتي السؤال الآتي: أيهما أكثر ضرراً للإقتصاد والمصلحة العامة، و بالبلاد والعباد، حيازة عملات حرة، داخل الأراضي السودانية، قلت أم كثرت، أم حيازتها و إرسالها، و لو قَلَّتْ، إلي خارج السودان؟؟!!.
و نعلم اليوم أن القوانين السارية اليوم، و التي وضعتها و تنفذها دولة حزب قطبي، لا تسمح لعميل البنوك، صاحب الحساب بالعملة الحرة، أن يأخذ من ماله كيف يشاء. بل تقيّد حقه في سحب أي قدر من حر ماله الخاص، يجاوز ما يحدده البنك المركزي. و لا يسمح البنك المذكور للعميل، بسحب ما يتجاوز المقدار المحدد حتى عند الحاجة الملجئة كالمرض. فهل تسمح ذات القوانين، للإسلامويين جمع مثل هذه المبالغ، وإرسالها إلي الخارج؟ و لا ننسى أن من تسمح للقيادي الإسلاموي بأن يستلم كل هذه الأموال، كأجرة عقارات بالعملة الصعبة، ويرسلها لقريبه بالخارج، هي ذات الدولة التي سبق و حظرت بقانون مجرّد حيازة العملة الحرة، و أعدمت بموجب القانون المذكور، و بدم بارد كما أسلفنا القول، من إعتبرتهم منافسين لكوادرهم في السوق، بسبب بضعة دولارات، وجدت بخزائنهم أو بحيازتهم، تقل كثيراً، عن هذه العملات التي يستلمها كادرهم ويرسلها إلي الخارج؟
و بحسب إقرار قطب المهدي، فبإستلامه أجرة عقارات أو خلافها، تخص، كما يزعم، قريبه المقيم بالخارج بالعملات الحرة، و إرسالها له حيث يقيم، و "سِواءَ كَانَ ذلك بِعِوَضٍ أو بِغَيْرِه" فإنه يكون في نظر القانون، وكيلاً للأصيل مالك العقارات، و هو قريبه الذي يتقاضى أجرة عقاراته، بثمانية عملات أجنبية.
و إذا كان قطبي يستلم هكذا، كما رأينا، " مالاً لُبَداً" حسب التعبير القرآني، من مستأجري، عقارات قريبه، الذي جعل الله له " مالاً ممدودا" تماماً كَوصف ثَروة الوليد بن الغيرة المخزومي أو أكثر. فمن حقنا أن نسأل قطبي و حزبه، هل تحصلت الدولة منه، أو من قريبه أو منهما معاً، الضرائب و الزكاة والرسوم المستحقة للمجتمع؟؟. أم أن دولة الجبايات والأتاوات الإسلاموية، تستثني من جباياتها قادة الإسلامويين، و تفلح فقط في مطاردة كافة من عداهم "بباشبزقها"، أناء الليل و أطراف النهار، لتقتلع عنوة من فتات كسبهم الشحيح، ما لا تستحق، و لا يدخل، في الغالب، الخزينة العامة، بل يصب في جيوب مسئولي النظام، تماماً كما تصب صنابير، الخزينة العامة والموارد العامة في صهاريج حزبه. علماً بأن باشبزق النظام لا يستثنون، من هذه الملاحقة والمطاردة، حتي ستات الشاي والكسرة و صغار الباعة المتجولين و غيرهم.
وهل بعد هذا الذي رأينا، من فساد و ظلم و أكل أموال المسلمين بالباطل، خلال سنوات جائحة حكم "حزب الجراد" كما سماه "محقاً" الدكتور حيدر إبراهيم، ثمة من يتجرأ على الحق، و يكذب متحرياً محض الأكاذيب، و يدع بأن لهولاء الإسلاميين أية صلة، بخلق و طهر و إستقامة السلف الصالح. أو يزعم أنهم جاءوا، لإقامة شرع الله، وبسط عدله و إنصافه في الأرض، كما يزعمون تكذباً؟؟!!. وهل ثمة من يصدق، بعد اليوم، من ينافق و يدلس منهم، و يرفع تلبيساً شعار: "هي لله هي لله، لا للسلطة و لا للجاه".
الآن حصحص الحق، و "رُبَ ضارةٍ نافعة"، كما يقولون، فقد بان لكل ذي بصر و بصيرة أن الفساد خاصية كيميائية للإسلامويين، ملازمة لهم و تدور معهم و جوداً و عدما، تماماً كما تلازم المادة خواصها الكيميائية. و لذلك فإنه يصح القول على فسادهم، بأنه لا يفنى و لا يستحدث من عدم.
إذن إذا كنا جادين، في إجتثاث الفساد من جذوره، فلا سبيل لنا إلي ذلك إلا بإسقاط حامله، و هو نظام الإسلامويين، بالنضال الجماهيري المتصاعد و المتماسك و الجسور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.