محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    القوات المسلحة تنفي علاقة منسوبيها بفيديو التمثيل بجثمان أحد القتلى    لماذا دائماً نصعد الطائرة من الجهة اليسرى؟    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    إيلون ماسك: لا نبغي تعليم الذكاء الاصطناعي الكذب    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تشعل حفل غنائي حاشد بالإمارات حضره جمهور غفير من السودانيين    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    البرهان يشارك في القمة العربية العادية التي تستضيفها البحرين    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    الأحمر يتدرب بجدية وابراهومة يركز على التهديف    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا هو «رئيسكم» الذي لا تعرفون (2/2)!
نشر في السودان اليوم يوم 04 - 05 - 2013


فتحي الضَّو
[email protected]
كُنا قد أوردنا في الجزء الأول من هذا المقال، شذراتٌ من صفات ذميمة اتّصف بها الرئيس الهُمام المشير عمر حسن أحمد البشير، وعلى رأسها جريرة الكذب أو (الكضب) كما نقول في عاميتنا. بيد أنني لن أستطيع مغادرة هذه الصفة دون أن أورد سنام كذبه، لا سيّما، وأنه كذِبٌ راح ضحيته فتىً غضّ الإهاب كان سابحاً في أحلام الشباب إسمه مجدي محجوب محمد أحمد. حدث ذلك في بواكير الانقلاب الكارثة عندما كانت العُصبة ذوي البأس تبحث عن ضحية أو كبش فداء، فوجدت في الشاب ضالتها وحكمت عليه بالإعدام. يومذاك رفع رئيس القضاء جلال الدين علي لطفي الحُكم الجائر للرئيس بُغية التصديق عليه، فمهره المذكور بتوقيعه دون أن يطرف له جفن. وما أن علمت به أم الشاب اليافع حتى طفقت تبحث عن وسيلة لإنقاذ فلذة كبدها من حبل المقصلة. كان هناك من اقترح عليها الذهاب لمنزل من نُصِّبَ رئيساً للبلاد، وهي لا تعلم بل لا أحد يعلم غير مجايليه لقبه الذي كانوا به يتهامسون. توسلت إليه أن ينقذ ابنها من موت بات مُحدقاً، واقسمت له أنه ليس (تاجر عملة) كما وصموه، وأن الأموال التي وجدوها في خزينة الأسرة تركها زوجها بعد موته، ولم تمتد لها يد أنس ولا جان منذ نحو ثلاث سنوات. عندئذ قال لها المذكور ما إجتهدنا في توثيقه نصاً: (أطمئني يا حاجة ما حيحصل ليه شيء، الموضوع ده نحن عايزين نخوِّف بيه الناس ساكت، طبعا إنتي عارفه الأوضاع كانت كيف، ونحن جينا عشان نصلِّحها. أطمئني ما في زول بقتلوه في حقه) بهذه الكلمات التامات غادرت الأم الملتاعة، وقد إطمأنت بالفعل، وقالت إنها نامت ليلتها تلك كما لم تنم من قبل. وبالطبع لم تكن تعلم أن ابنها كان قد غرق في النوم أيضاً.. ولكنه نوم أبدي. وفي حوالي الساعة الرابعة صباحاً استيقظت على ما ظنته أضغاث أحلام، ولم يكن ذلك سوى أصوات ثواكل الدار وقد أحطن بجثمان الفتى الغرير مسجى بالدموع!
فلندع الكذب وشئونه ونمسك صفة ذميمة أخرى بشجونها. تلك هي العنصرية البغيضة ورائدها في عصبته ذات الرئيس الغطريس. وليكن مدخلنا لهذا الصفة الكريهة ما حدث منتصف شهر أبريل الماضي، أثناء زيارته لدولة جنوب السودان. سئل في مؤتمر صحافي عن وصفه السابق للحركة الشعبية ب (الحشرة الشعبية) فقال مضطرباً بعد أن فاجأه السؤال فيما يبدو، إنه بالفعل عنى بها الموصوف وليس شعب جنوب السودان. كانت تلك - باستعارة وصفه - إجابة (مدغمسة) أورثتني رثاءً لحال من تنطَّع وأفتخر بما يفتقده، والمفارقة هو نفسه من تلقى ما سُمي (بيعة الفداء والموت) من القوات النظامية يوم 15/3/2009 بميدان الساحة الخضراء بالخرطوم!
كان واضحاً أنه عندما تعرَّت مصداقيته في المؤتمر الصحافي المذكور، نقض غزله بفمه وظنّ أن إجابته درأت عنه شبهة الحرج الذي حاصره، لكن السؤال الذي طرق آذان الحاضرين آنذاك.. هل الحركة الموصومة بالتحقير هي حركة تحرير الأوغادين، أم الحركة الشعبية لتحرير إرتيريا؟ فضلاً عن أنه لم يكن يعلم أن الموضوع ليس (الحشرة الشعبية) ولكن في قوله المصاحب آنذاك، والذي جبّ به أية عنصرية منذ أن نطق بها أبو الطيب المتنبي مجسدة في بيت شعره القمِيء (لا تشتري العبد إلا والعصا معه/ إن العبيد لأنجاس مناكيد) كان المشير البشير يومئذٍ قد استعاره وقال لسامعيه وهو يحكي انتفاخاً صولة الأسد (نعمل ليهم شنو إذا ما بجوا إلا بالعصاية) قالها وهو يُلوح بذات العصا التي ظل يهش بها على شعبه كلما ما اعتلى منبراً وضُربت له الدفوف!
دعونا نبحر قليلاً في باب العنصرية التي حمل لواءها الرئيس الضرورة. قبل أعوام خلت نطق الدكتور الترابي بواقعة اقشعر لها بدن السامعين. جاء ذلك توريةً في ثنايا سرده رواية عن الرئيس ورأيه في جرائم الاغتصاب التي حدثت في دارفور، فربطها المشير بنقاء عرقي متوهم. وهي الرواية التي سنمسك عن ذكرها لأن عباراتها تخدش الحياء ويعف القلم واللسان عن ترديدها. ولكن إن قال البعض إن تلك الرواية مجروحة لأن بينه والترابي ما صنع الحداد بعد المفاصلة. نقول ثمة رواية مماثلة أكثر اتساقاً وأصلب عوداً. تلك قد حدثني بها صديق مصداقيته غير قابلة للشك. حدثت أثناء عمله في شركة خليجية بينها معاملات تجارية واستثمارية مع شقيق المشير (اللواء طبيب عبد الله حسن أحمد) والذي دعاهم لزيارة الخرطوم فحضروا وفي معيتهم صديقنا الصدوق. استقبلهم الشقيق عند باب الطائرة بمراسيم رئاسية أطلقت فيه الدراجات النارية صافراتها وأنوارها التي تزغلل العيون وتسر الناظرين!
في اليوم التالي أولمهم الشقيق عشاءً رئاسياً، أي كان في صدارته الرئيس والسيدة حرمه (الثانية) كمكرمةٍ لا ثناء بعدها. في أثناء تجاذبهم أطراف الحديث، بدأ الرئيس يتخفف من أعباء الرئاسة، فسرد على مسامع الحضور قصة ربما توهم أنها ستورثه تواضعاً عُرف به أهل السودان، فقال: (كُنا في زيارة للمملكة العربية السعودية لتأدية العمرة، رافقنا فيها مُطوِّف عشان يدلنا على المزارات الإسلامية، ولما وصلنا لقبر قال عنه إنه قبر سيدنا العباس، حينها نظرت للأخ بكري، وبكري ده بالمناسبة يا جماعة وزير معانا، فرأيته يضحك ضحكة مكتومة، لأنو بصراحة عارف الحكاية. والحكاية إنه لقى فرصته فيني، فأنا دائماً بقول ليه العباس ده جدنا. وكنت عايز أقول للمُطوِّف السعودي نفس الكلام، لكن قلت يا ولد أنت رئيس جمهورية يقوم السعودي يقول العبد ده متصلبط ساكت فينا) وللذين لا يحسنون دارجية أهل السودان أيضاً، نقول إن (المتصلبط) هو الذي يدّعي ما ليس حقه. عندئذ تمنى صديقي أن تنشق الأرض وتبتلعه، وهو نفس شعوري الآن ولربما شعور القراء الكرام أيضاً!
قلنا إن هذا رجل كثير الذنوب، وكان الأجدر بي ان أقول كثير الثقوب. ما أعنيه هو الذي أقر به كل علماء النفس من لدن سيغموند فرويد وحتى صديقنا البروفسير طه أمير طه، إذ حصروا مهمتم في دراسة تحليل النفس البشرية على قاعدة (ضرورة كشف الرغبات المكبوتة وإعادتها لدائرة الشعور لكى يواجه المريض الصراع الذي فشل في حله سابقاً) بهذا المفهوم كلنا مرضى والحمد لله، لكن ما نحن بصدده هو ما حدا بي أن أنبش ماضٍ لئيم، لا سيّما، ونحن في البلد الصابر أهله لا نعبأ بذلك كثيراً ولا نخضع الأشياء لتحليل علمي يجنبنا مغبة وعثاء السفر في خضم قضايا نجني حُصرمها بعد أن تنال من أجسادنا وأروحنا وعقولنا، وحينها لات ساعة مندم!
بهذا المنظور وقفت كحمار الشيخ في العقبة لا ألوي على فهمٍ، كان ذلك أثناء قراءتي قصة عفوية جاءت على لسان الحاجة هدية محمد زين والدة الرئيس (الأهرام اليوم27/3/2013) قالت إن المذكور مارس في طفولته شقاوة لم تستطع كبح جماحها لدرجة كاد أن يفتك بها ذات يوم (عمر كان طبعو كويس، لكن مرة دقيتو دقة شديدة عشان نزل البحر وهو طفل والدنيا كانت دميرة، وقلت لى امى يمة ولدى بغرق انا ماشة الحقو، وطوالى جبتو وكان عندو "قنقر" معانا وقال لى يمة قنقرى وينو؟ ما اشتغلتا بيهو وشلتا القهوة من أمى.. قام مسك يدى وقال لى تانى يمة قنقرى وينو؟ شلتا القهوة باليد التانية وبرضو ما رديت عليهو. قام مسك يدى التانية والقهوة اتكشحت. بعد داك دفرتوا جوة الأوضة أنا اضرب فيهو وأمى تضرب فيهو، أمى كانت ماسكاهو قلتا ليها يمة ماتفكيو لو اتفكا بيعمل فينا مصيبة.. أمى فكتو شال الحديدة أم رأسين البكسرو بيها السكر زمان وضربنى فى عضم الشيطان، وغاب سبعة يوم فى بيت جدو إلا بعد داك خجل واعتذر) لابد وأن كل من قرأ هذا الحديث مثلي قد زالت دهشته فيما نحن فيه خائضون. فالقتل الجماعي والفردي يُصبح مبرراً، وأحاديث الإغتصاب والعنصرية لها ما يسندها، والفساد بشتى ضروبه لديه مرجعية. ولا يملك المرء سوى أن يقول لمثل هذا تضع الدول (الكافرة) القائل في دائرة الضوء تشريحاً وتحليلاً وتطبيباً!
بعد الانقلاب الكارثة، وفي سياق تسويق الدكتور حسن عبد الله الترابي نفسه ونظامه بنشوة الطواويس التي يجيدها ويدمنها. زار الشيخ العاصمة البريطانية لندن في بداية حقبة تسعينات القرن الماضي. ضمن هذه الزيارة رتب الحواريون له لقاءً خاصاً مع مجموعة من كوادر حركات الإسلام السياسي (تسرّب اللقاء مصوراً وشاهده عدد قليل من الناس، إن لم تخنِ الذاكرة فقد كان الدكتور عبد الوهاب الأفندي بينهم أو بالأحرى أحد منظميه) جرى فيه حواراً صريحاً وكانوا هم منتشون أيضاً بولادة دولة الخلافة الإسلامية في السودان. سأل أحدهم الشيخ سؤالاً معلولاً بشيء من الفذلكة التي تدعي معرفة الواقع السوداني: (يا شيخ حسن أنتم أتيتم بحكومة الإنقاذ الوطني، ألا تخشوا من مصير السيد عبد الله خليل الذي جاء بالفريق إبراهيم عبود فنكص عن وعده له. وكذلك الشيوعي عبد الخالق محجوب الذي جاء بجعفر نميري فغدر به؟ عندئذٍ اعتدل الترابي في جلسته وأرسل ابتسامته المعهودة وقال بصلف وغرور لا يُستغرب (صحيح يا أخي الكريم، ولكننا أكثر ذكاءً من عبد الله خليل وعبد الخالق محجوب. أما عمر البشير فهو أقل ذكاءً من إبراهيم عبود وجعفر نميري! لا أدري هل بُهت الذي سمع أم كفر الذي نطق!
حريٌ بنا القول إن محاولة تتبع الصورة الذهنية والنفسية للرئيس المشير، استلزمت منا تقصياً وعراً بمقاربة قد تعين في سبر غور شخصيته بالمفهوم الفرويدي. في هذا الإطار علمت من مقربين بعضهم بالأصالة وآخرين بالتزلف، أنه يحب ثلاث ويكره ثلاث. فهو يكره القراءة والتقارير المطولة والاجتماعات، ويحب تلبية نداء شهوتي البطن والفرج وسماع الملح والطرائف. فمن أجل هذه وتلك قد يجتهد كثيرون في فك طلاسم حيرتهم. وبناءً على هذا، لابد أن بعضاً منّا استوقف نفسه في العِقد النضيد من المحيطين به ويُحسبون في عِداد الأصدقاء المقربين.. عبد الرحيم محمد حسين، بكري حسن صالح، أسامة عبد الله، مصطفى عثمان إسماعيل، ومحجوب فضل بدري. وإن كان الناس يعرفون سيرة هذه الثلة بعِللها المعروفة، فلابد أنهم تساءلوا عن الأخير وهويته!
محجوب فضل بدري كائن متسلق رقى نفسه بنفسه في بلاط العصبة ودهاليزها. كان جندي في صفوف (سلاح الإشارة) برتبة جاويش، وعند تنفيذ الإنقلاب تولى تشغيل الإذاعة السودانية ضمن آخرين. وبعد أن قضى وطره واستطاب المقام ركل الجندية وتمرحل في الوظائف المدنية، إلى أن استقر به الحال كسكرتير صحافي للرئيس الضرورة. كيف حدث هذا؟ المحجوب يتمتع بعيني صقر تمرس في اختيار فريسته والانقضاض عليها. دخل أولاً على الرئيس الضرورة بمعدته، حيث تزلف للسيدة حرمه الأولى فاطمة خالد وسماها (أم الفقراء) وحيث لا دهشة في بلاط العصبة أصبح اللقب الآن (منظمة خيرية) كاملة الدسم، تقدم خدماتها للمؤلفة قلوبهم والغارمين وأبناء السبيل. ثم عكف على تدبيج مقالات تنافق الرئيس بتأكيد أنه سليل الدوحة النبوية. أما الوظيفة غير المرئية للمحجوب من العين، فإن له قدرات في فن الإضحاك وذر الطرائف والمِلح وهذا ما يحبه ويهواه الرئيس الضرورة أسوة بخلفاء الدولة الأموية والعباسية. بهذه الصفة تخصص (أبو نواس السوداني) في نشر البهجة والمسرة على المذكور حتى لا تنكده أخبار الحروب وضنك عيش مواطنيه. فضلاً عن المحجوب عُرف بمهارته في نقل أخبار العصبة ممن يحبون التثليث والتربيع في النكاح، والمولعون بممارسة أبغض الحلال، وغير الملومين ممن ينشرون جناح الذل من الرحمة على ما ملكت أيمانهم، ووطء (السراري) في الدهاليز المظلمة والبيوت الشواهق!
صفوة القول، إن كل العصبة فيما يفترون سواء. وسواءٌ مارس المشير دور الكمبارس أو أتقن دور الممثل المفترض، وسواءٌ استبقى نفسه في القصر أو فارقه فراق وامق. وسواءٌ ادّعى الرشاد وزهد أو تمادى في غيه وسدر. وسواء طال الزمن أو قصر. فسيذهب وعصبته حتماً إلى مزبلة التاريخ، ستشيعه دموع الفقراء وآلام المحرومين وآهات الثواكل المكلومات ممن فقدن أزواجهن وأولادهن وبناتهن، وستطارده ويلات الذين قطعت أرزاقهم، وستسبه لعنات الذين تشردوا داخل وطنهم، وتشتتوا في معسكرات الذل والهوان والمنافي والمهاجر وديار الاغتراب!
أما الزرع الذي جفَّ والضرع الذي تيبَّس والوطن الذي تقهقر، فذلك حسابه من جنس ما تعرفون... أليس كذلك أيها الشعب الكريم؟!
آخر الكلام: لابد من الديمقراطية وإن طال السفر!!
فتحي الضَّو
[email protected]
كلما تأملت مصيبة هذا البلد، الذي تحكمه عُصبة حرَّمت حلاله وأحَلّت حرامه. أستعجب من هذه المحنة التي تطاولت لما يناهز ربع قرن من الزمن، بل ومن شدة ما رزئنا بحرائها وضرائها يظن المرء أننا كل عام نُرذل فيها أضعافاً مضاعفة. وعلى الرغم من أن عُصبة الجبهة الإسلاموية لها من صفات الانحطاط الأخلاقي، ما يتقاصر دونه سوء الظن وتتقازم معه أفعال قوم عاد وثمُود وأصحاب الرَّس، إلا أن دهشتي أو بالأحرى محنتي تزداد غوراً، وجُرحي يزداد نُسوراً كلما أدركت أن من يقف على رأس هذه العصبة رئيساً غِطْريساً ليس فيه من خصال الرئاسة ما يؤهله لحكم هذا البلد المغلوب على أمره. ومع ذلك لن يجرمننا شنآن تطابق خصاله وطبيعة النظام القائم في الحكم عليه بالقسطاس. فكلنا يعلم أن مثل هؤلاء الذين يجدون أنفسهم بغتةً في سدة الرئاسة تزداد فرصهم في ظل الأنظمة الشمولية والديكتاتورية، في حين تتضاءل بل تكاد تنعدم في ظل الأنظمة الديمقراطية. وذلك نظراً للبيئة الحاضنة التي تولد فيها الأخيرة. فالانتخابات الحرة النزيهة هي التي يتولى فيها الأكفاء المهام الجسام، وهي التي تكفل للشعب التمتع بالحريات الممدودة، وهي التي تستظل بسُلطة تشريعية قوية، وتتعرش بقضاء عادل يتساوى فيه الناس كأسنان المِشط. بيد أن السؤال القديم المتجدد الذي يطرح نفسه في الحالة المُربكة التي نحن إزاءها.. هل كان الرئيس «الضرورة» المشير عمر حسن أحمد البشير حاكماً للسودان بأكمله أو حتى ما تبقى منه طيلة الفترة المذكورة؟!
واقع الأمر هذا سؤال تقريري، ومع ذلك أود أن أستعير إجابته بوصفٍ سديدٍ أتحفنا به كاتب آبق من عصبته. فقد قال الدكتور عبد الوهاب الأفندي في سياق مقال تحليلي نُشر مطلع هذا الشهر في المواقع الإسفيرية السودانية المبثوثة في أرجاء الدنيا: (في حقيقة الأمر فإن الرئيس البشير لم يقض 23 سنة حاكماً للسودان، لأن الحكم خلال العشرية الأولى كان في أيد أخرى، ولم ينفرد البشير بالسلطة إلا خلال الأربع أو الخمس سنوات الماضية. فقد كان البشير أمضى سنوات طويلة يمثل دور الرئيس بإتقان شديد، بينما لم يؤد مهمة الرئيس حقيقة بإتقان في أي وقت) بالطبع فإن كل من يقرأ هذا سيقول، صدق الأفندي وكذبت العصبة فيما يفترون. ولكن بالقدر نفسه سيقولون، وما الجديد في أمرٍ يعرفه حتى الذين لم يبلغوا الحُلم في البلد الصابر أهله. ذلك بالطبع أيضاً صحيح، ولكن أقول إن تفصيل وتوصيف الأفندي هذا جلبناه لأمر في نفس يعقوب وقد وجد هوىً في نفس كاتبه، بحيث بدا لنا إنه أعمق وقعاً وأصدق واقعية!
بيد أنني أود أن أؤكد قبل الخوض في تفاصيل هذا المقال، أنه غير معني بالجدل الذي ثار فجأة حول «ترشيح» المشير البشير نفسه من عدمها في العام 2015م وذلك لعدة أسباب، منها أن كلمة «ترشيح» إلى جانب أنها ليست من مصطلحات النظم الشمولية والديكتاتورية، فهي تؤكد ما دأبت عليه العصبة في الاستخفاف بالعقل الجمعي لأهل السودان. فهم يتحدثون عن دورتين رئاسيتين وكأن ما قبلهما من سنين سقطت في جُب النسيان. ويتحدثون عن دستور والقائم رغم علاته لا يتذكرونه إلا في الملمات. والواقع أن النظام وفق مرجعيته الانقلابية ظلت مسألة الشرعية الدستورية تؤرقهم، وقد حاولوا مراراً التحايل عليها بمنهج (الفهلوة السياسية) فطرحوا في بواكيرهم ما أسموه ب (نظام المؤتمرات الشعبية) ثم ابتدعوا (الإجماع السكوتي) وعندما كسد سوقهما أخرجوا من جرابهم ما عُرف ب (التوالي السياسي) وحينما ذهب ريح كل هذه الطلاسم، عمدوا مباشرة إلى التزوير الفاضح في (انتخابات الخج). فضلاً عن أن الجدل المفتعل نفسه هو عبارة عن مسرحية قصد بها صرف الأنظار عن القضايا الأساسية بشراء الوقت. وبناءً على كل هذا، فإن كاتب هذا المقال يؤمن إيمان العجائز بعدم شرعية هذا النظام حتى لو لبثوا فينا ما لبث نوح في قومه!
نعود للرجل الكثير الذنوب وقد ناقض اسمه سيرته ابتداءً. ونود في هذا المقام أن نسلط الضوء على صفات تتناقض فيمن طمح لقيادة أمة، وهماً كان أم حقاً. كنت قد ذكرت في مقال سابق صفة ذميمة تعد من أمهات الكبائر وقد التصقت بالمذكور التصاق الوشم بالجلد. جاء ذلك في سؤال وجهته لضابط سابق في القوات المسلحة، وكان ممن أثق في مصداقيتهم وقد علمت أنهما ترافقا لعدة سنوات في ثكنة عسكرية واحدة. سألته في بواكير الانقلاب الكارثي عن رأيه في المذكور؟ طفق محدثي يذكر صفات عدّها حميدة حتى يكون منصفاً كما قال. غير أنه ختم شهادته بما لم يحلل عقدة من لساني، وقال إنه عَرف عنه صفة سيئة واحدة وهي (الكضب) وللذين لا يحسنون دارجية أهل السودان نقول إنها تعني الكذب. واقع الأمر لم يطل انتظارنا حتى نتحقق من هول ما ذكر، فقد علمنا بعد حين أنه ذات اللقب الذي اشتهر به المذكور في أوساط ضباط القوات المسلحة السودانية أو (عرين الأبطال) كما تُسمى. ولسبب لا أدريه أذكر أنه عندما أوردت هذا الإقرار في المقال السابق، استنفر رهط من عصبته أنفسهم وأمطروني بوابل من التكذيب. المفارقة أن (الدنيا ضيقة) عند السودانيين كما تقول أمثالهم، وجاءت الأسافير بتقنيتها التي كادت أن تجعلها أشبه بِسَمِّ الخِيَاط. عندئذٍ انداحت الأقوال والأفعال من لدن (عمر الكضاب) بدرجة أذهلت كل مرضعة عما أرضعت!
في يونيو من العام 2002م أجرى الصحافي (الجمبازي) أحمد البلال الطيب لقاءً تلفزيونياً (برنامج في الواجهة) مع المشير بمناسبة مرور 13 سنة على الانقلاب العسكري. حكى فيه تفاصيل الدقائق الأخيرة التي سبقت ساعة الصفر. قال إنه أراد التحرك من منزله في (حي كوبر) نحو القيادة العامة، فجأة ظهرت سيارة في الشارع العام، فاعتقد أن أمره قد انكشف. وتكررت الدهشة بمثلما عقدت لساني من قبل حينما ختم المذكور روايته تلك مُعلِقاً على الخوف أو القلق – سيان – الذي اعتراه ساعتئذٍ، وقال (لأنو طبعاً زي ما بقول المثل السوداني، الحرامي في رأسه ريشة) ودونما اكتراث لحجارة السجيل التي ألقاها على رؤوس العباد، أعيد بث هذا اللقاء بعد ثلاث سنوات (يونيو2005) بمناسبة ذات الذكرى التعيسة. ولمزيد من التفاصيل يمكن للقارىء أن ينظر ص62 في كتابنا المعنون ب (سقوط الأقنعة/ سنوات الأمل والخيبة)!
تعلمون أن تلك من الكبائر التي لو جرت على لسان رئيس في حكومة محترمة لزلزلت الأرض زلزالها وأخرجت أثقالها. لن نذهب بعيداً، فالدولة التي تقف على رأس فسطاط الكفر كما يقولون، حاكمت رئيسها على رؤوس الأشهاد وبشفافية لا تعرفها (الشريعة المدغمسة) التي يتباهى بها (السارق الأمين) فالولايات المتحدة الأمريكية لم تحاكم رئيسها الأسبق بيل كلنتون حينما شاع خبر علاقته مع مونيكا لوينسكي، المتدربة اليافعة في البيت الأبيض. لم تحاكمه بتهمة (الشروع في الزنا) وإنما بالكذب تحت القسم كما تقول الثقافة العدلية الأمريكية. وهب يا قارئي الكريم أنهم حاكموه بالأولى، فما الذي ستقوله العصبة في تهمة كالوا من حرامها ما أبغض الناس في حلالها. إذ لم يكتفوا بالمثنى والثلاث والرباع، بل جاد بعض ممن له فضل ظهر على من لا ظهر له، فليس غريباً بعدئذ أن يسمع القوم بمسميات للنكاح لم تجر على لسان سلف ولا خطرت على قلب خلف!
اللقاء التلفزيوني المذكور جاء فيه ما هو أنكى وأمر. حكى فيه المشير كذبة بلقاء أخرى مصحوبة بتلك الضحكة العجفاء التي تعرفون، قال إن ذهنه تفتق عن حيلة. إذ اتفق مع طبيب الوحدة العسكرية (اللواء الثامن/المجلد/غرب السودان) أن يكتب له تقريراً طبياً يزعم فيه أنه مصاب ب (مغص كلوي) حتى يتسنى له الغياب عن العمل. تأبط تقريره هذا ويمم وجهه شطر العاصمة الخرطوم لمعانقة مجد بائس. وهناك تمدد الكذب بحسب وقائعه. إذ ذهب للقيادة العامة صبيحة خميس الانقلاب، وتعمد أن يقول لكل من يستفسره عن سبب حضوره إنه جاء لمتابعة إجراءات سفره للمشاركة في كورس بجمهورية مصر العربية. قد يقول أصحاب مذهب (فقه الضرورة) إن ذلك من باب التمويه. ولكن هبْ أن ذلك كذلك. فكيف لرأس دولة أن يبث كذبه بالصوت والصورة ويتباهى به بعدئذٍ؟ إن مثل هذه الروايات لو جرت على لسان رئيس يحترم نفسه في دول (البغي والعدوان) لسقط من شاهق وإلتصق أسمه بخطيئة لا تُبلى!
غلب الطبع التطبع كما يقولون، فبعد نجاح الانقلاب لم نكن بعدئذ في حاجة لمزيد من القصص. تصدر (عمر الكضاب) قائمة الناكرين، فلم يكتف بنفي ما ظلت تنفيه عصبته حول علاقة الانقلاب بالجبهة الإسلاموية، ولكنه زايد بمكابرة فجة حتى صدّق كذبته. منها ما حدث أثناء ما عرف بالمفاصلة مع جناح الترابي، ففي مزايدة على الأخير وهو عراب الانقلاب نفسه، ادّعى المشير أنه ليس عضواً في التنظيم وحسب وإنما والده العارف بالله (حسن أحمد البشير) تتلمذ على يد حسن البنا وبايعه وضع اليد باليد. ثم مضى بعد أن جاءته الرئاسة تجرجر خيبتها يتحرى الكذب ويتبعه كظله كلما صعد منبراً وهش بعصاه على الكاظمين الغيظ والصبر. بل لم يجد ثمة مناص من أن يكذب بقسم (غموس) عندما خطب في جمع يوم 29/6/2006 بميدان الساحة الخضراء، وقال إنه لن يسمح بدخول أية قوات أجنبية طالما هو في سدة السلطة. وأعطى وعداً لسامعيه بتأكيد (أنه يفضل أن يقال عنه مجاهد وقائد للمقاومة، وليس رئيس دولة محتلة) ومن قبل أن يتبخر حديثه في الهواء، لم يفاجأ الذين يتابعون كذبه بوجود أكثر من أربعين ألف جندي أجنبي يسرحون ويمرحون في عرصات السودان، لم يكتفوا بوضع أحذيتهم الثقيلة على صدور شعبه، بل مدوا لسانهم ساخرين من المتوعد الهمام!
واقع الأمر أنني لم أعجب بمزايداته على عراب الانقلاب، بقدر ما زاد عجبي في أن (أسد البرامكة) الذي قبل لنفسه أن يكون ديكوراً لعقد كامل من الزمن تحت إبطه، لم يجرؤ خلاله على أن يرفع صوته أو عينه على شيخه كما كان يناديه في الصوالين المغلقة، بينما ظل يرقص طرباً في الهواء الطلق كلما ترنم فنان أسمه (قيقم) بأغنية (النار ولَّعَا وأتوطّا فوق جمُرَا) ولمزيد من الدهشة كنت قد ذكرت في كتابنا (الخندق/ أسرار دولة الفساد والاستبداد) أن من دأب على الرقص كلما ضربت له الدفوف، ضُربت عليه الذلة والمسكنة أيضاً، فلم يلتق الترابي وجهاً لوجه أي لوحدهما في العشرية الأولى كلها سوى مرة واحدة، كان ذلك بعد حدوث محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في أديس أبابا في يونيو 1995 فقد كانت كل المقابلات السابقة في معية آخرين بما فيها الأولى التي كانت قبيل الانقلاب بيوم أو يومين تقريباً. وبعد هذا لابد أن البعض ممن أقلقهم تنطع الرئيس الضرورة بنقائه العرقي، تساءلوا بمثلما تساءلنا عن رئيس يرقص على أشلاء خيبته وهو يعلم أنه ليس برئيس!
يعلم البعض أيضاً ما ذكرناه في مقال سابق، كيف قتل الرئيس الضرورة فتاة يافعة عام1987م أي قبل الانقلاب. حدث ذلك أثناء حفل زواج في بلدة (بفرة) التي تقع بين المجلد ولقاوة والضحية إحدى فتيات قبيلة المسيرية. جاءت لتنعم ببعض الفرح والسرور وتُمنِّى نفسها بفتى الأحلام القادم، فإذا بحلمها يصبح في لون الدم وطعم الموت، حيث جاءتها رصاصة طائشة من الرئيس الذي كان يرقص ببندقية كلاشنكوف، راح يتباهى بها فانطلقت منها رصاصة استقرت في صدر الفتاة. ضحيتئذٍ وبطريقة أهل السودان المعروفة في الحلول (الجودية) قال لنا قارىء كريم أن زميل المذكور في القوات المسلحة ويمت بصلة قربى للضحية، وهو المقدم بندر البلولة حيدر تدخل للحئول دون أن تتصاعد القضية وتصل للقضاء. وقيل إن (الأجاويد) حلوا الأمر بفرض مبلغ من المال على سبيل (الدِيّة) وقد قبل بها أهل الفتاة، ربما كرماً منهم أو لأن للفقر الذي طال معظم أهل السودان أحكامه. واقع الأمر، القصة نفسها ذكرها صديقنا العميد (م) السر أحمد سعيد في كتابه (السيف والطغاة) ص 251 بذات التفاصيل والتي ختمها بقوله (إن مثل ذلك التصرف الأخرق أقل ما يمكن أن يعاقب به صاحبه هو الإبعاد من الخدمة. لكن من سخريات الزمن ومن بدع العالم الثالث أن يظل ذلك العميد "الأشتر" في الخدمة في صفوف القوات المسلحة، بل ويصبح قائداً عاماً وقائداً أعلى لها) وقد يقول قائل أيضاً إن الرجل لم يقصد. ونحن إن وافقناه فماذا يقول في جنديٍ لم يحسن أبسط أنواع صنعته، وهي تصويب السلاح بدقة نحو هدفه؟!
حتى أكون منصفاً كما ذكرت، لا يعني ذلك أن الرئيس الضرورة لم ينطق صدقاً، فقد فعلها مرة واحدة بحسب رصدي. ذلك عندما خاطب ختام مداولات المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي حول الخطة الخمسية يوم 12/6/2007 وقال: (يا جماعة نحن جينا لهذا الموقغ عساكر وتعلمنا بعض الشيء من خلال وجودنا في مجلس الوزراء، وما يدور في لجان التنمية) فحزنت لحال شعب يتيم تعلم الجهلاء الحلاقة في رأسه!
وإلى الحلقة القادمة التي نميط فيها اللثام عن المخبوء تحت اللسان والذي يمور خلف الجدران!
آخر الكلام: لابد من الديمقراطية ولو طال السفر!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.