الحلقة الثانية ( 2 -4 ) ثروت قاسم Facebook.com/tharwat.gasim [email protected] 1- مقدمة . إستعرضنا في الحلقة الأولى من هذه المقالة غزوتين من غزوات الإنقاذ العشرة في شهر ديسمبر 2014 . ونواصل في هذه الحلقة الثانية إستعراض الغزوة الثالثة ... مسلسل الحوار الوطني الذي يقود للإنتخابات الدستورية ؟ وسوف نستعرض الغزوات السبعة الباقية في حلقات قادمات . 2 - الغزوة الثالثة ... مسلسل الحوار الوطني الذي يقود للإنتخابات الدستورية ؟ في ديسمبر 2014 ، أكد نبلاء الإنقاذ إن الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية والولائية حق دستوري لا يمكن التلاعب به ، وسوف يتم عقدها في ابريل 2015 تحت كل الظروف ... تحت المطر وسط الرياح ... ببساطة لإنها حق دستوري ، ومُضمنة في الدستور الإنتقالي ( 2005 ) المعدل في عام 2014 . قال قائل منهم إذا لم تُعقد الإنتخابات في مواعيدها في ابريل فسوف يحدث فراغ دستوري في اول مايو ، ويختلط الحابل بالنابل ، وتدق الدولة الدلجة . نسي النبلاء إنهم عدلوا الدستور مساء الأحد 4 يناير بإجماع المجلس الوطني ، ويمكنهم أن يعدلوه على كيفهم ، ويحولوا القون إلى داخل الملعب أو خارجه أو ذات اليمين أو ذات الشمال وعلى مزاجهم ؛ فالمجلس الوطني مجلسهم ، ورهن إشارتهم ، كما قال البرفسور غندور ، ويمكنه أن يعدل الدستور في الأسبوع الواحد مرتين بل ثلاثة إن شئت الدقة . شهد شهر ديسمبر توكيد الرئيس البشير ( الأربعاء 31 ديسمبر ) بأن الحوار الوطني خيار إستراتيجي سوف يمضي إلى نهاياته بمن حضر من أحزاب الموالاة المتتوركة وأحزاب المعارضة المُهجنة لضمان عقد الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية والولائية في ابريل 2015 ، بمن شارك . هذا هو الهدف الحصري من الحوار الوطني ... عقد الإنتخابات في مواعيدها . نقطة على السطر ! إعتبر الرئيس البشير الإنتخابات كنمط وآلية مهمة من آليات الحوار الوطني ، خصوصاً وقد قرر نبلاء الإنقاذ التصدق على الأحزاب المُتوالية والمُهجنة ب 128 دائرة انتخابية على المستوى القومي، تمثل حوالي 30% من الدوائر ( 430 دائرة ) ، و10 دوائر على مستوى ولاية الخرطوم ، لتعزيز الحوار الوطني وتوكيد المشاركة القومية في المؤوسسات التشريعية للولاية الثالثة ( 2015 – 2020 ) ، المضمونة قبلياً ( وقبض أيد ) لنبلاء الإنقاذ ! في هذا السياق ، أكد الإتحاد الأفريقي مراقبة الإنتخابات بوفد عال المستوى برئاسة الرئيس النيجيري السابق اوبسانجو . بالإضافة للجنة اوباسانجو ، سوف تضمن الحكومة مراقبة هذه الإنتخابات بواسطة لجنة من الجامعة العربية ، ولجنة من منظمة التعاون الإسلامي ، ولجنة من الإتحاد الأروبي ، ولجنة من مركزكارتر الدولي ، ولجنة من دولة جنوب السودان الشقيقة . هذه اللجان المتعددة سوف تبصم بالعشرة على نزاهة الإنتخابات وحريتها وشفافيتها ، تماماً كما حدث في إنتخابات ابريل 2010 التي أقرت هذه اللجان بسلامتها ، وبصمت عليها بالعشرة . إذن ليس في الإمكان خير مما كان ، وعلى المعارضة الحردانة ( وليس المعارضة المُهجنة ) ان تشكر الله وتلعن الشيطان وتقفز في مياه الإنتخابات ، وتحاول العوم وهي موثقة ومكتفة مع كجبارات الإنقاذ وابو هيفاته في مياه بحر ازرق عند الدميرة . والخائن الله يخونه . يمكن إعتبار توكيد عقد الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية والولائية في موعدها الدستوري ( ابريل 2015 ) غزوة الإنقاذ الثالثة . 3- قومية الإنتخابات ؟ أكد نبلاء الإنقاذ مشاركة عشرات الأحزاب من كل الطيف السياسي في الإنتخابات ... الأحزاب المتوالية المُتتوركة والأحزاب المعارضة المُهجنة ... مما يضمن قوميتها . كابر نبلاء الإنقاذ بأن أحزاب المصالح الشخصية المتتوركة ( كشكش تسلم ) الخارجة أصلاً من رحم النظام والمرتبطة معه بحبل سري ، تفوق في العددية بأضعاف مضاعفة أحزاب ( نداء السودان ) ، التي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة ؟ تجد في هذه الأحزاب المُتوالية المتتوركة الحزب الإتحادي الديمقراطي ( الأصل ) وفروعه المتعددة ؛ وأحزاب الأمة بمسمياتها المختلفة من نهار إلى مسار . من الأحزاب المُعارضة المُهجنة والتي أكدت مشاركتها في الإنتخابات تجد حزب العدالة ، الذي يؤكد أمينه السياسي بشارة جمعة ارور بأنه الحزب الأكثر جماهيرية بعد المؤتمر الوطني . كما تجد حزب الحقيقة الفيدرالي ، الذي يؤكد رئيسه السيد فضل السيد شعيب ، بأن جماهيرية حزبه تنافس جماهيرية حزب المؤتمر الوطني . ونسي الجميع حزب آخر من الأحزاب المعارضة المُهجنة وهو تحالف قوى الشعب العاملة برئاسة المهندس الشاب احمد ابو القاسم هاشم ، الذي تملأ جماهيره الهادرة شوارع الخرطوم والولايات من قيسان إلى أم دافوق . سوف تبقى هذه الأحزاب الجماهيرية العملاقة المُهجنة الثلاثة ، بالإضافة لحزب المؤتمر الشعبي , ومنبر السلام العادل ، وحركة الإصلاح الآن ، وحزب منبر الشرق الديمقراطي ورئيسته المناضلة آمال ابراهيم كأحزاب تمثل المعارضة الهادرة في آلية ( 7+ 7) ، لضمان قومية الآلية ، وتمثيلها لكافة مكونات المعارضة المُهجنة في الحوار الوطني مع الحكومة . في هذا السياق ، وفي نفس يوم الأحد 4 يناير ، تقابل السيد الإمام ( زعيم المعارضة الحردانة ) مع الدكتور غازي صلاح الدين ( المعارضة المُهجنة ) في القاهرة ، وإتفقا على العمل معاً من أجل توحيد مواقف القوى السياسية حول القضايا والمواقف الوطنية. 4- ماذا حدث يوم الأحد 4 يناير 2015 ؟ ولكن ماذا حدث ، يا هذا ، مساء الأحد 4 يناير 2015 ؟ في هذا اليوم أقر المجلس الوطنى ، بالإجماع ، 18 تعديلاً على دستور 2005 الإنتقالي ( تعديل 2014 ) ، ناسفاً بذلك أهم بنود الحوار الوطني ، الذي صار أثراً بعد عين . يمكن الإشارة أدناه لثلاثة من هذه التعديلات الناسفة للحوار الوطني من أساسه : + التعديل الدستوري الأول يقنن تضمين إتفاقية الدوحة للسلام في دارفور ( يوليو 2011 ) في الدستور الإنتقالي ( 2005 ) ، المُعدل ( 1014 ) . هذا الإجراء يُرغم حركات دارفور الحاملة السلاح على قبول والتوقيع على إتفاقية الدوحة ( كما هي وبدون تعديل ) التي صارت جزءًاً اصيلاً في الدستور . إذن لا تفاوض مع حركات دارفور وليس أمامها غير خياران لا ثالث لهما : الخيار الأول ان توقع على إتفاقية الدوحة وهي صاغرة ، بعد أن تنزع سلاح مقاتليها وتسرحهم لدمجهم في القوات النظامية كما حدث لقوات السيسي ودبجو ، الخيار الثاني أن تستعد للدواس مع قوات الدعم السريع ، التي صارت قوات نظامية دستورية . على الحركات الدارفورية الخيار ، وليس هناك منطقة وسطى بين الطوة والنار ؟ في هذا السياق ، يمكن الإشارة إلى حدث آخر مهم في يوم الأحد 4 يناير 2013 . في هذا اليوم ، شن وزير خارجية دولة جنوب السودان برنابا بنجامين هجوماً قاسياً على حركات دارفور الحاملة السلاح وإتهم حركة مني اركو مناوي بالكذب لانها إدعت دعم حكومة الجنوب لها . كما تبرأ برنابا من حركة العدل والمساواة وقال إني برئ منها ، إني أخاف الله رب العالمين . وفي ذلك اليوم دخل السيد برنابا سجل غينيس للأرقام القياسية والعجائب بزيارته للسيدة الفضلى والدة الرئيس البشير والحرب الدافئة ( لا هي باردة ولا هي ساخنة ) سجال بين دولتي السودان . إدعت منظمة غينيس بأن هذه الزيارة يمكن إعتبارها من عجائب الدنيا السبعة لمدلولاتها المتعددة ، خصوصاً في الثقافة الغربية المتحضرة . وفي نفس يوم الأحد 4 يناير ، سمى القائد مالك عقار عام 2015 عام التناخب في الأقليم ، وإكد في رسالته للشعب السودان ( التجلّة والإكبار للرموز السودانية الذين تصدوا لهذا النظام ومنهم الإمام الصادق المهدي ولولاه لما تحقّق إعلان باريس وإعلان أديس أبابا ونداء السودان ) ! هذا تحول تكتوني في موقف القائد مالك عقار نحو السيد الإمام ، بعد أن طلب في نوفمبر 2013 من السيد الإمام تقديم طلب ممهور بتوقيعه قبل أن يسمح له بمقابلته وقادة الجبهة الثورية في كمبالا ؟ ولكن لاحظنا إن القائد مالك عقار قد أبخس السيد الإمام أشياءه بأن ساوى بين عطائه وغاراته في رياح الدنيا الأربعة مبشراً بإعلان باريس وإعلان أديس ابابا ونداء السودان ، وبين كتابات الدكتور عمر القراى التي إتهمت السيد الإمام بالخيانة ؟ لم نفهم إن كان القائد مالك عقار في صف البطل القراى أم في صف الأمام الخائن ، لأنه أشاد بالأثنين المُتضادين في فقرة واحدة في رسالته للأمة السودانية ؟ ونفس الفقرة إحتوت على إشادة بالأستاذ عثمان ميرغني الذي يتغزل في النموذج الإسرائيلي على المكشوف ، وعلى أسم آخر غير معروف مما أضاع وهج إعترافه للسيد الإمام بالريادة في اعلان باريس ونداء السودان ؟ + التعديل الدستوري الثاني يقنن لتكوين ( جهاز الأمن الوطني ) ، بصلاحيات مطاطة لا سقوف لها ، كما الغباء الإنساني كما قال اينشتاين في زمن غابر . يتكون الجهاز الجديد من قوات مسلحة نظامية مقاتلة تماماً كالقوات المسلحة وقوات الشرطة . يحتوي هذا الجهاز الجديد على جهاز المخابرات والامن الوطني السابق ، وقوات الدعم السريع ، والمليشيات المسلحة الخاصة الأخرى . لن تستطيع المعارضة الحردانة ، بعد اليوم ، ان تشير لنقض الحكومة للدستور بتسخير قوات الأمن الوطني والدعم السريع لمهمات قتالية في دارفور والمنطقتين وقمعها للمظاهرات بالقوة في باقي بقاع السودان . في يوم الأحد 4 يناير صار أي إنتقاد لقوات الدعم السريع إنتقاداً للدولة ومؤوسساتها السيادية والدستورية ، مما يُدخل المُنتقد في جحر ضب ويجعله عُرضة للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى . لذا لزم التنبيه . صارت المعارضة الحردانة اباطها والنجم فيما يخص هذا البند المفتاحي من بنود الحوار الوطني . + التعديل الدستوري الثالث يقنن للرئيس البشير تعيين الولاة بدلاً من انتخابهم. يُعتبر إنتخاب الولاة من أهم بنود الحوار الوطني التي تُطالب بها الجبهة الثورية لإزالة التهميش ، وإشراك مواطني الأطراف في حكم أنفسهم بدلاً من المركز . الآن صار هذا البند الهام خارج دائرة الحوار الوطني . يعتبر بعض المراقبين هذا التعديل الثالث غير دستوري لانه يناقض مفهوم الفيدرالية المُضمن في نفس الدستور الإنتقالي لسنة 2005 والمُعدل في 2014 . ويرد آخرون بأن التعديل الثالث المذكور أعلاه من الآيات المُحكمات التي تجب ما قبلها من الآيات المتشابهات . ماذا بقي إذن من بنود للحوار حولها بين الحكومة والمعارضة ؟ البند الوحيد المتبقي للحوار حوله هو مشاركة المعارضة الحردانة المُمثلة في نداء السودان في إنتخابات ابريل 2015 الرئاسية والبرلمانية والولائية ؟ كما رأيت ، يا هذا ، في يوم الأحد الرابع من يناير قُضي الامر الذي فيه تستفتيان . نقطة على السطر . صفحة جديدة . نواصل في الحلقة الثالثة ...