شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان .. حكومة خائبة ومعارضة عاجزة؟! 3/2/1
نشر في السودان اليوم يوم 16 - 01 - 2015


السودان .. حكومة خائبة ومعارضة عاجزة؟! 1/3
تنويه هام:
أكتب هذا التنويه واشهد الله على ما أقول: بأنني قد كتبت هذا الجزء من المقال في التاريخ الموضح أعلاه ولظروف تتعلق بالعمل (نهاية السنة المالية) لم أوفق من نشره حيث كنت أنوي الاستزادة فيه قليلا، والمفارقة الغريبة جدا أنني تابعت عبر راديو دبنقا الحوار الأخير مع الدكتور حيدر إبراهيم علي -لأفاجأ بأنه اشتمل على كل ما أشرت إليها في هذا الجزء من المقال، ولو كنت نشرته من قبل لساورني بعض الغرور بأن الدكتور – الفاضل – قد اطلع على ما كتبته ليشمله في حديثه لكن حاشاه وهو العالم والخبير الاستراتيجي المرموق الذي بكل أسف مثله وآلاف العقول الكبيرة في بلادنا تظل أفكارهم مغيبة عن استراتيجيات الدولة! وهنا يكمن السبب الرئيس في متلازمة الفشل والداء العضال للدولة السودانية وأتمنى صادقا لو تستفد المعارضة السودانية من خبرات هؤلاء العلماء بجعلهم مستشارين لديهم.
وبالعودة للمقال: فقد مضى ما يزيد عن الشهر على اعتقال سلطات الأمن السودانية لقطبي المعارضة الكبيرين – المحاميان- الأستاذ فاروق أبوعيسى والدكتور أمين مكي مدني بعيد عودتها من العاصمة الأثيوبية أديس أبابا وتوقيعهما على وثيقة (نداء السودان) مع قوي المعارضة السودانية وبكل أسف ردات الفعل من فصائل المعارضه بمجاميعها لم تكن بالحجم المطلوب بل أتت مخيبة للآمال لا تتناسب وحجم الحدث، فعدا البيانات الخجولة من هذا التنظيم أو التجمع وذاك، لم يتطور الامر لحراك فاعل لإثارة قضيتهما سواء على صعيد الداخل او المجتمع الدولي، وحتى التحرك اليتيم الذى قام به بعض المحامين السودانيين بالداخل وتم إخماده من طرف السلطات لم يعاود أصحابه الكرة مرة أخرى.
وواقعة اعتقال الأستاذين أبو عيسى ومدني ليستا الوحيدتين على مستوى الداخل فثمة أحداث أخرى لم تلق حظها الكافي من المناصرة مثل هبة سبتمبر الماضية وما نتج عنها من شهداء سقطوا على يد الأجهزة الأمنية و قضية طالبات دارفور وأحداث جامعتي بحري وسنار الأخيرة وحراك شباب لقاوة وإضراب المعلمين بشمال وجنوب دارفور وخلافها، مما يعد إخفاقا للمعارضة في استغلال الفرص المؤاتية لإشعال انتفاضة شعبية تسقط النظام.
ومع دخول العام الجديد 2015 م يكون نظام المؤتمر الوطني قد أكمل عامه السادس والعشرين على سدة الحكم في البلاد تعد الأسوأ على مر تاريخه، (شطر البلاد إلي نصفين، تدمير شامل لمقدراته الاقتصادية ولقيم المجتمع وموروثاته الاجتماعية والأخلاقية وهتك لنسيجه الاجتماعي) ورغم هذه الإخفاقات الكبيرة لازال النظام يمضي مترنحا على جثة البلاد الهامدة مع روافع من بعض القوى الدولية والإقليمية تسنده عن السقوط متمثلا في الصين وروسيا وقطر. يجابه هذا الإخفاق على الجانب الآخر تخاذل مستمر من قوى المعارضة عن عمل جرئ مشترك يزيح النظام عن كاهل البلاد في انتظار أن يسقط النظام من تلقاء نفسه !! .
ولرسم صورة متكاملة لمواضع الخلل والضعف والفشل لدى قوى المعارضة السودانية يستلزم الأمر تناول تسلسل الأحداث في البلاد منذ فجر انقلاب يوليو 1989 م والي يومنا هذا.
ولتكن البداية من محطة التجمع الوطني الديمقراطي باعتباره أول كيان جامع لتحالف المعارضة تلا انقلاب النظام مباشرة، فعلام تأسس هذا التجمع؟ وكم حقق من أهدافه المعلنة؟ وإلام انتهي وكيف تلاشى؟ ثم المحطة الثانية الحركات المسلحة في دارفور فالجبهة الثورية فقوى إعلان باريس انتهاءا بتحالف نداء السودان.
فالتجمع الوطني الديمقراطي قد توافرت له كل الأسباب ليكون البديل المناسب لهذا النظام من حيث التكوين ومن حيث الظروف الدولية والداخلية، فمن حيث التكوين ضم هذا التجمع كل عناصر الطيف السياسي والجغرافي في البلاد. فمن أحزاب اليمين (الأمة والاتحادي الديمقراطي) واليسار (الشيوعي والبعث) والجنوب وجبال النوبة والنيل الأزرق ( الحركة الشعبية) ودارفور (التحالف الفيدرالي) والشرق (مؤتمر البجا) هذا بجانب القوات المسلحة (القيادة الشرعية) بقيادة القائد العام الراحل الفريق فتحي احمد علي ورئيس الأركان الفريق عبد الرحمن سعيد) دون أن نغفل ممثلي المجتمع المدني من نقابات وهيئات، إذا من حيث التمثيل فقد كان شاملا لكل البلاد وكانت تمتلك صحافة ناطقة باسمها تبرز آرائها وأنشطتها هي صحف (الخرطوم، الاتحادي، صوت الأمة) ومن حيث الظروف الدولية فقد كان النظام في شبه حصار دولي شامل وعلاقات متردية لحد التناوش مع دول المحيط الجغرافي (مصر، أثيوبيا، اريتريا، اوغندة، كينا، تشاد بجانب دول الخليج العربي بمجاميعها نتاج موقف النظام السوداني من الغزو العراقي للكويت) هذا بجانب الغرب بالضرورة. وبالداخل انهيار اقتصادي شامل وتذمر شعبي جراء غلاء المعيشة، كل هذه العوامل لم يستفد منها التجمع الوطني الديمقراطي لاقتلاع النظام من السلطة بل على النقيض من ذلك فقد تمكن النظام بحيل انبطاحية عدة من استعادة العلاقات تدريجيا مع دول الجوار الإقليمي والاتجاه نحو الصين لاستخراج النفط ثم الانفراد بالحركة الشعبية لتوقيع اتفاقية نيفاشا وسحب بقية العناصر إلي الداخل تباعا (حزب الأمة عبر نداء الوطن، الاتحادي (لقاء جدة)، الشرق (اتفاقية أسمرة) لينتهي المال إلي المجزرة الكبرى للمعارضة بالداخل وتلاشي التجمع الوطني الديمقراطي وانفصال الجنوب ليتكرر السيناريو لاحقا في دارفور آلتي تعد المحطة الثانية من حيث الفرص الضائعة لإسقاط النظام. نواصل
[email protected]
السودان حكومة خائبة ومعارضة عاجزة؟! 3/2
بقلم / شريف ذهب 13/1/2015 م
نواصل في هذا الجزء الثاني من المقال لنتناول المقاومة الدارفورية آلتي لم يكن الحال بأفضل لديها من التجمع الوطني الديمقراطي من حيث ضياع الفرص السانحة؟!.
فدارفور كما هو معلوم قبل مجيء هذا النظام في يونيو 1989 م، كان يشوبه شيء من الاضطراب النسبي بفعل بعض النزاعات القبيلة بين الرعاة والمزارعين نتاج شح الأمطار وضيق المرعى وقد سعت بعض الأحزاب اللعب سياسيا وسط هذه التناقضات بغرض الكسب الانتخابي – الرخيص – بوقوفها مع هذه الجهة أو تلك دون النظر لإبعاد هذا الاستقطاب على مستقبل النسيج الاجتماعي في الإقليم، وقد زاد في وطأة هذا الصراع إفرازات حروب الجيران في كل من تشاد وليبيا تحديدا، كان من نتائجها انتشار السلاح في دارفور بل وانتقال تلك الصراعات إلي داخل هذا الإقليم كما حدثت في منطقة (كتم ) حينما توغلت قوات الرئيس التشادي الأسبق حسين هبري مئات الكيلومترات داخل حدود السودان لملاحقة قوات غريمه الرئيس الحالي إدريس ديبي، وكذلك تواجد قوات ما كانت تسمى بالفيلق الإسلامي بقيادة الشيخ ابن عمر المدعومة من دولة ليبيا والجبهة الإسلامية القومية في السودان.
وبرغم هشاشة الأوضاع في دارفور في تلك الحقبة من الزمان إلا أن الوضع المعيشي للمواطن العادي كان في حدود المقدور عليه مع وجود الجمعيات التعاونية وكذلك (التموين) المتمثل في دعم الدولة لبعض السلع الضرورية للمواطن، هذا بجانب مجانية التعليم والعلاج.
ومع مجيء نظام (الإنقاذ) والعزلة الدولية التي خلقها لنفسه نتاج سياساته الخرقاء انعكس ذلك بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية بالداخل جراء عجز الموازنة العامة عن تغطية مستلزمات الدولة وعدم توافر البدائل لتغطية ذلك العجز، ولم يجد النظام أمامه من بدائل لتسيير دفة الدولة سوى المواطن البسيط – في الداخل والخارج – فأقدم على فرض الضرائب الباهظة على المغتربين وعلى السلع والمنتجات الزراعية والرعوية وإلغاء مجانية التعليم والعلاج ورفع الدعم عن بعض السلع الضرورية مثل دقيق الخبز والسكر مما زاد العبء على المواطن المغلوب على آمره أصلا نتج عنه عجز كامل للأسر السودانية عن الوفاء بمستلزمات كفالة أبنائها وبخاصة في الريف حيث شح الموارد ممآ حدا بمعظم الاسر هنآك للتضحية بتعليم الأبناء نظير توفير ما يسد رمقهم من الجوع فافرز ذلك الوضع كم هائل من الفاقد التربوي من دارسي المراحل الثانوية والمتوسطة دفعتهم الظروف الاقتصادية لطلب الهجرة في كل مكان لمساعدة أسرهم. ولم يكن دارفور استثناءا عن ذلك بل كان الأكثر تأثرا بهذا الوضع، ولفائدة القارئ الكريم أورد واقعتين مؤلمتين جدا هما اقرب للطرفة لكنه واقع معاش في السودان، الأولى تتعلق بمواطن كريم جارت عليه (أهوال) الزمان ليضطر ليحمل ديكا للسوق ليشتري من ثمنه ما يسد رمق عياله ، وحال أن جاءه المشتري وتمت المبايعة بينهما تفاجأ ذلك الرجل بعامل الزكاة يقف أمامه يطلب الزكاة من ثمن الديك، هنا أظلمت الدنيا في وجهه من هول هذا المشهد الغريب فالتفت إلي المشتري ورد إليه نقوده ثم امسك بالديك وقام بذبحه أمام موظف الزكاة مخاطبا إياه بحسرة: لقد رضيت أن أقف بنفسي في السوق لأبيع ديكا بما في ذلك من إذلال وامتهان لكرامة الرجل ثم تأتيني تطلب الزكاة؟! .
أما القصة الثانية فعن رجل قام باستئجار عربة ليحمل عليها (زبالة) وهي الروث تستخدم في طلاء مباني الطين من الخارج كي لا تتأثر بالمطر، وفي الطريق أوقفهم عمال الزكاة يطلبون دفع الزكاة عن هذه الحمولة فرد عليهم صاحبها أنها (زبالة) فلم يأبهوا بذلك وكرروا طلبهم ، حينها رد عليهم صاحب الزبالة مستهجنا: (أنا غايتي ما عندي علم بفقه (زكاة الزبالة) وما عندي قروش بدفعها ليكم لكن بديكم حقكم عينا)، ثم صعد بنفسه العربة وانزل لهم ثلاث جولات زبالة ومضى في سبيله !!
المهم في الأمر أن مثل هذه الممارسات مع سوء الأوضاع المعيشية دفع بمعظم الشباب في دارفور للهجرة إلي دو الجوار الإقليمي متمثلا في ليبيا وتشاد كمعابر للهجرة إلي ارويا، فيما سلك من بقي منهم بالداخل مسالك أخرى فالبعض اتجه لممارسه النهب المسلح فيما بدأ الطبقة الواعية منهم في تنظيم عمل مسلح ضد الدولة لتتسع الشرارة وتشمل بقية المجموعات المهاجرة في دول الجوار الإقليمي (ليبيا، تشاد، مصر والخليج) ثم ارويا وأمريكا ثم الطبقة الواعية في الخرطوم لاحقا لينتهي الأمر في شكله النهائي إلي ثورة شبابية عارمة تأطرت لا حقا في تنظيمين سياسيين كبيرين هما حركتي التحرير والعدل والمساواة السودانية.
وعلى خلفية الاحتكاكات القبلية المزمنة بين الرعاة والمزارعين في دارفور وجد النظام الحاكم ضالته في إيجاد ثغرة لإخماد نذر الثورة الوليدة فبدأ باللعب على ورقة النعرة القبلية وشراء الذمم مستفيدا من تجربة سابقة في إخماد ثورة المهندس الشهيد / داؤود يحيى بولاد (راجع اعترافات د. عبد الحليم المتعافي لقناة النيل الأزرق برنامج (حتى تكتمل الصورة)، ووالي القضارف الأسبق كرم الله عباس الشيخ وهما يتحدثان عن نهج النظام في تأجيج الصراعات القبلية).
إذا: الظروف التي انطلقت لأجلها الثورة في دارفور كانت موضوعية جدا وقد وجدت الثورة تعاطفا واسعا وسط المواطنين واستقطبت كما هائلا من الشباب شكلوا عماد هذه الثورة وتمكنوا في فترة وجيزة جدا من إلحاق الهزيمة النكراء بجيش النظام في دارفور، بيد أن ثمة أخطاء جسيمة ارتكبها الثوار أدت لمآلات مؤلمة أخرت في تحقيق المرامي المرجوة للثورة، وقد تمت الإشارة لتلك الهنات في مقالات كثيرة لعدد من الإخوة اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر .. الأستاذ مصطفي عبد الكريم، الأستاذ هارون سليمان في سلسلة مقالاته (ثورات الهامش عنوانين متعددة لقضية واحدة) و الأخ الأستاذ عبد المنعم سليمان عطرون بجانب شخصي الضعيف في عدد من المقالات دون أن اغفل (خطاب الضرورة الملحة) التي قدمها الأخوة في مكتب حركة التحرير بالخليج لعدد من قيادات المقاومة الدارفورية ولم يجد صدى لديهم.
ومن أهم ما تم عده كخطأ استراتيجي ارتكبه الثوار واستفاد منه النظام لاحقا لضرب الثورة موضوع شمولية الثورة لكل مكونات الإقليم حيث اتفق الكثيرون على نقطة عدم الإعداد الجيد أو بذل الجهد الكافي في شرح مفهوم ومرامي الثورة لكل مكونات الإقليم وبخاصة أبناء القبائل العربية على وجه التحديد لا سيما في ظل ما اشرنا إليها من صراعات مزمنة بين الرعاة والمزارعين ودسائس النظام الحاكم بجانب انحسار أعداد الطبقة المتعلمة في أوساط القبائل البدوية المنتشرة في طول الإقليم وعرضه، وقد يدحض البعض هذه النقطة تحديدا بالجهود المبكرة التي بذلها جيش التحرير في هذا الاتجاه والتي تبدت في خطاب الإعلان السياسي للحركة في مؤتمر قرسيلا بجنوب دارفور في العام 2003 م التي تلاها قائد جيشها الراحل الشهيد / عبد الله أبكر، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلها الراحل الشهيد / الدكتور خليل إبراهيم محمد الرئيس الأسبق لحركة العدل والمساواة السودانية وسط أبناء القبائل العربية بعد عودته لميدان القتال في دارفور واستيعابه لكم هائل من أبناء هذه القبائل وبخاصة في غرب دارفور والذين بكل أسف لم يصمدوا طويلا عقب المؤامرة الكبيرة التي حيكت بحقه أثناء عودنه من الدوحة وحبسه القسري في ليبيا، بيد أن الكثير من الصادقين الواعين بالقضية وأهدافها السامية قد صمدوا إلي يومنا هذا بل ضرب العديد منهم أروع مثالات التضحية والبطولة وقدموا دماءهم الزكية مهرا للقضية، وعلى ذلك فما يعد خطأ للثوار في هذا الصدد ينحسر في عدم التوعية المبكرة وسط زعامات القبائل العربية باطلاعهم بأهداف الثورة التي هم أول المعنيون بها باعتبارهم أكثر الفئات تهميشا من حيث تردي الخدمات.
والمأخذ الثاني على الثوار يتمثل في الوقت الطويل الذي أمضوه في تنسيق مواقفهم وتوحيد صفوفهم عبر كيان جبهوي جامع كما حدث مؤخرا بتكوين الجبهة الثورية السودانية، نضيف إلي ذلك الصراعات الداخلية التي خرج على إثرها عدد كبير من القيادة الميادنية ذات الخبرة والدراية بفنون القتال سواء بالاعتزال السلبي أو الانضمام لصفوف النظام. وتقديري بإن المجال لا زال سانحا للمراجعة واعادة استيعاب تلك الخبرات في مواقعهم من أمثال القائد أحمد بخيت وآخرين كثر، وينسحب الأمر بذات القدر على القيادات السياسية الذين باتوا في صفوف المتفرجين وهم كذلك كثر لا حصر لهم.
أما المأخذ الثالث فيتعلق بساحة القتال أو المعترك، وقد سبق لي أن كتبت بأنه عقب تكوين الجبهة الثورية وتوحيد القيادة العسكرية للمقاومة ينتفي الجدوى في وجود أعداد كبيرة من المقاتلين علي ساحة دارفور، فالهدف الرئيس هو النظام في الخرطوم وأية معارك أخرى خلاف معركة الخرطوم تعد بمثابة استنزاف للجهود وخسارة للجنود، وربما تأكد وجهة نظرنا هذه عقب المعارك الأخيرة في دارفور التي فقدت المقاومة خلالها بعض القيادات الميدانية المؤثرة بجانب الجنود، هذا فضلا عن المأساة الإنسانية للمواطنين بفعل التشريد الكبير الذي حدث لهم؟ نواصل الحلقة القادمة بإذن الله لنتناول بعض مرئيات المرحلة المقبلة ..
[email protected]
السودان .. حكومة خائبة ومعارضة عاجزة ،، 3/3كُتب يوم 16.01.2015 بواسطة jem
بقلم/ شريف ذهب 15/1/2015م
التوصيات :
في خاتمة هذه الحلقات الثلاث نقدّم بعض التوصيات التي يقيننا التام أنها ليست غائبة عن المعنيين بها في المعارضة السودانية لكنه من باب التذكير علها تنفع الذكرى .
1/إنّ تحالف الجبهة الثورية السودانية يعد أهم تطور تنجزه قوى المقاومة السودانية طوال عملها النضالي وهو كسب سياسي كبير واجب الحفاظ عليه وتطويره لانجاز مهامه بالوجه الأكمل .
2/ إنّ إعلان باريس يعد تطورا أخر مهم جداً على صعيد تنسيق العمل السياسي المعارض في البلاد وتوحيد قوى المعارضة لإسقاط نظام المؤتمر الوطني المتسلط وتحقيق غايات الشعب في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم .
3/ إنّ وثيقة نداء السودان يعد التطور الأهم علي صعيد إكمال جهود التنسيق المشترك لقوى المعارضة السودانية والخروج برؤية موحدة لمستقبل البلاد على مختلف الصعد عقب التخلص من هذا النظام .
4/ يجب العمل الجاد لاستكمال التنسيق بين كافة تنظيمات المعارضة في البلاد وعلى رأسها الجبهة الوطنية العريضة بقيادة الأستاذ علي محمود حسنين .
5/ بالنسبة لقوى المقاومة المسلحة ودرئاً لتشتيت الجهود ، يجب السعي الجاد لاستقطاب بقية المجموعات الدارفورية غير المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية السودانية حتى الآن.
6/ على صعيد ما تم الاصطلاح عليه بالهامش السوداني ، فإنّ ثورات الهامش كان عملاً مشروعا أتى كنتاج طبيعي للغبن السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي ظلت تعانيه أطراف البلاد منذ فجر الاستقلال إلي يومنا هذا ، وأنّ التهميش لم يكن مقتصرا على أقاليم محددة بعينها فحسب ، بل شمل جُلّ أقاليم السودان بدرجات متفاوتة .
7/ لقد ثبّتت بعض الاتفاقيات السياسية التي تم إبرامها مع نظام ( الإنقاذ ) الحاكم مثل ( ابوجا ) و( الدوحة ) حقوق الأقاليم المهمشة تاريخياً ، عبر الايجابي للحاق بركب الأقاليم الأخرى ، وهذا الحق يجب تثبيته في أية تفاهمات لقوى المعارضة في إطار خطتها لتغيير النظام الحالي .
8/ لقد تأكد جليا خلال المرحلة السابقة بأن نظام المؤتمر الوطني الحاكم غير مستعد لدفع استحقاقات سياسية حقيقية ينتج عنها تحول ديمقراطي حقيقي في البلاد ، وانه يطرح الحوار كمناورة سياسية لاجتياز أزماته .. ووفق ذلك يجب على المعارضة أن تسقط من أدبياتها أية حلول سلمية يمكن أن تنجز عبر الحوار السلمي مع هذا النظام وبالتالي العمل في الاتجاه الأخر لتحقيق غاياتها ؟
9/ إن عامل العلاقات الدولية والإقليمية يعد عنصرا مهما للمعارضة السودانية في صعيد استكمال جهودها لإسقاط نظام الحكم الحالي وإحلال البديل الديمقراطي محله.
10/ لقد أفرزت التطورات السياسية على صعيد العالم والمنطقة ، تكتلات للدول باتت على شكل محاور تتكاتف في ما بينها في سبيل الحفاظ على مصالحها الحيوية ، وإنّ الموضع الصحيح لقوى المعارضة السودانية أنْ تكون في صف الدول المعتدلة في المنطقة ممثلاً في الخليج ، مصر والأردن ، ويتعين على المعارضة السودانية إعلان موفقها الصريح في هذا الاتجاه والقيام بزيارات علنية لهذه الدول بغية التنسيق المشترك أسوة بالمعارضة السورية .
11/ إنّ النظام الحاكم في السودان هو أس المشاكل في هذه المنطقة حيث جعل من البلاد قاعدة لانطلاق المجموعات التخريبية لتنفيذ أنشطتها الهدامة في دول الجوار الإقليمي وواجب المعارضة إثبات هذه الحقيقة والتعاطي مع الدول المستهدفة مثل ليبيا ومصر لدرء خطر هذا النظام .
12/ هناك بعض الدول الكبرى ربطت مصالحها السياسية مع هذا النظام وفق معادلة خاسرة وتقف معها في المحافل الدولية على هذا الأساس مثل روسيا والصين ، يجب على قوى المعارضة السودانية إرسال وفود لهذه الدول تشرح مواقفها وتبين لها بأنّ مصالحها الحيوية مع الشعب السوداني وممثليه الحقيقيين وليس مع هذا النظام الذي سيزول حتما بعون الله .
13/ يجب أن يكون الهدف الأول والأخير لقوى المقاومة السودانية هو الخرطوم والإعداد الجيد لهذه المعركة الفاصلة بالعدة والعتاد .
14/ لقد انتهج هذا النظام الإجرامي طيلة الفترة الماضية سياسة تصفية رموز المقاومة السودانية دون أن يجد الرد الشافي من المقاومة وفق سياسة المعاملة بالمثل ؟ هذه المعادلة يجب تغييرها كلياً والبادئ أظلم .
15/ إنّ وجود القوى السياسية الرئيسية في حلف المعارضة مع قوى الهامش السوداني يعد الضمانة الوحيدة لوحدة ما تبقى من بلادنا وأي تخاذل من هذه القوى بالتخلي عن هذا الحلف ستدفع بقوي الهامش المطالبة بتقرير مصير أقاليمها وسوف تجد هذه الخطوة التأييد التام من المجتمع الدولي وحينها سيتحمل الجميع مسؤولياتهم التاريخية بقدر تفريطهم وخطأ تقديراتهم .
اللهم هل بلّغت فأشهد . والسلام .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.