Facebook.com/tharwat.gasim [email protected] 1- الحوار والعدل ؟ الحوار الجاد من علامات الصحة والعافية في المجتمعات المتحضرة ، لأنه يؤسس وينبني على العدل ، فالعدل هو أساس كل شئ في المجتمع المتصالح مع نفسه . العدل أساس الحكم الراشد ، وأساس العلاقة الطيبة السمحة بين المواطنين ، وبينهم وحكامهم . إن الإسلام والحياة كلها تتلخص فى كلمة واحدة هي : العدل ! العدل مع الآخر في المعاملات المتحركة ، والعدل مع الخالق في العبادات الثابتة. والآية 135 في سورة النساء هي المرجعية والوتد الذي تستند عليه خيمة الحياة الدنيا والحياة الآخرة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ...) . ويحثنا القرآن الكريم بأن نتحاور حواراً ناعماً وبالتي هي أحسن كما جاء في الآية 125 في سورة النحل : ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) الآيات السبعة من الآية 12 وإلى الآية 18 في سورة الأعراف تحكي لنا كيف حاور المولى عز وجل أبليس في محاولة لإقناعه بالتي هي أحسن ، السجود للنبي آدم . 2 - حوارات ،حوارات ، حوارات ؟ الجو العام في المنطقة العربية جو حوارات . + في دولة جنوب السودان ، يتحاور الرئيس سلفاكير مع نائبه السابق رياك مشار بوساطة الإيقاد ، ونجد مجموعة باقان أموم تطل برأسها في خلفية المشهد . + في ليبيا تتحاور حكومة طبرق مع حكومة طرابلس تحت وساطة الأممالمتحدة ، ونجد داعش يطل برأسه في خلفية المشهد . + في اليمن تتحاور حكومة صنعاء مع حكومة عدن تحت وساطة الأممالمتحدة ، ونجد داعش والقاعدة والإنفصاليين يطلون برؤوسهم في خلفية المشهد . + في سوريا تتحاور حكومة بشار مع المعارضة المعتدلة بوساطة الأممالمتحدة ، ونجد داعش وجبهة النصرة والحركات الكردية المتمردة في خلفية المشهد . + الإستثناء الذي يؤكد القاعدة نجده في مصر ؛ حيث ترفض حكومة السيسي الحوار مع جماعة الاخوان ، بل تشيطن الجماعة ، وتعلنها جماعة إرهابية للتدمير والإقصاء والتفتيت. الأمر الذي سوف يستولد غبائن ما أنزل الله بها من سلطان ، يتم تجسيدها عاجلاً وليس آجلاً في داعش المصرية التي سوف تقذف بمصر إلى نادى الدول العربية المضطربة في معية ليبيا وسوريا واليمن والعراق . 3 – حوار الوثبة ؟ أما في السودان ، فقد أكد الرئيس البشير إنه مع حوار الوثبة الوطني ، الذي إبتدره في يناير 2014 ، قلباً وقالباً ! ولكن حوار لحوار يفرق . فالحوار في مفهوم الحكومة تجسده آليتان لا ثالث لهما ؛ وتقول الحكومة إنهما من الفعالية بحيث يضمنان تسوية سياسية يقبل بها من شارك في الحوار من احزاب ( كشكش تسلم ) . + الآلية الأولي هي لجنة ( 7 + 7 ) التي إعترف بها الإتحاد الأفريقي والإيقاد والترويكا ومجلس الأمن والإتحاد الأروبي ، كما تؤكد الحكومة ! + الآلية الثانية هي الإنتخابات الرئاسية والقومية والولائية في يوم الأثنين 13 ابريل 2015 ، وهي أنجع وسيلة للحوار المُجدي بين المرشحين وجماهير الشعب المُنتخبة في الليالي السياسية المفتوحة ، كما تؤكد الحكومة . لا تعترف الحكومة بأي آلية ثالثة للحوار الوطني . وبالتالي فهي لا تعترف بتحالف قوى ( نداء السودان ) ، وتعتبر ( إعلان برلين ) رجس من عمل الشيطان . 4 – إعلان برلين ؟ إعلان برلين ليس كباقي الإعلانات ، التي تموج بها الساحة ، للإعتبارات التالية : + تم إبرام إعلان برلين برافع دولي ورعاية دولة المانيا ، + المانيا دولة مؤثرة وفاعلة في الفضاء الدولي ، فهي الدولة الوحيدة التي تشترك مع دول الفيتو الدائمة العضوية في مجلس الأمن في مفاوضات إيران ، والدولة التي تقود مفاوضات اليونان ، ومفاوضات منطقة الإيرو . + المانيا على علاقة طيبة مع حكومة الخرطوم ، وتحصلت على موافقة حكومة الخرطوم القبلية قبل عقد مؤتمر برلين . + تساهم المانيا بمعظم مصروفات اليوناميد التي تبلغ حوالي مليار و500 مليون دولار في السنة ، وفي الإغاثات الإنسانية للاجئين والنازحين التي تبلغ 300 مليون دولار في السنة من دول الإتحاد الأروبي . + والأهم وبيت القصيد إن المانيا قد ضمنت ، لأول مرة ، موافقة تحالف قوى ( نداء السودان ) المشاركة مع حكومة الخرطوم ، دون أي شروط مسبقة ، في لويا جيرقا اديس ابابا التحضيرية ، التي تقود إلى لويا جيرقا الخرطوم النهائية ، التي تقود بدورها للسلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل . لا تملك الخرطوم رفاهية إحراج المانيا وهي التي قنطرت لها الكور في المباراة التمهيدية مع تحالف قوى ( نداء السودان ) في أديس ابابا ! نعم ... إعلان برلين ليس إعلاناً تقليدياً كباقي الإعلانات . إعلان برلين الآذان الأخير ، آذان الإقامة . وأمامنا خياران لا ثالث لهما : + فإما أن نقوم للصلاة في صف واحد كالبنيان المرصوص ، فنكون من الفالحين ؛ + وإما أن تتداعى علينا المصائب والأهوال من رياح الدنيا الأربعة ، كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ، فنكون غثاءُ كغثاء السيل ، يَنْزَعُ اللَّهُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّنا ، ْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبنا ِ الْوَهَنَ ، ونكون من الهالكين . قِيلَ : وَمَا الْوَهَنُ ؟ قَالَ : الكنكشة في السلطة وبالتالي في الثروة ! 5- موقفان ؟ العالم الظالم أهله الذي نعيش فيه، له موقفان من المسألة السودانية : + موقف أخلاقي فيه تفهم يصل إلى درجة التبني، كما جسدته المانيا بإحتضانها لمؤتمر برلين لتوحيد المعارضة السودانية ، في تدابر لمواقف باقي دول العالم ، وخصوصاً العربية منها التي قالت للسودان ( إني برئ منك ، إني أخاف الله رب العالمين ) ! شعرت المانيا بالإحباط لإعتذار قادة تحالف القوى الوطنية للتغيير ( قوت ) ... البروفسور محمد زين العابدين ، ودكتور غازي صلاح الدين العتباني ، ودكتور صديق الهندي ، ودكتورة ميادة سوار الذهب ، والأستاذ يوسف محمد زين ، والأستاذ احمد زين العابدين. إعتذر هؤلاء وهؤلاء فجأة وفي الساعة 23 من المشاركة في برلين 2 , ربما لضغوط عليهم من حكومة الخرطوم . كما إعتذر قادة حركة سائحون من المشاركة في برلين 2 وقبلهم حزب المؤتمر الشعبي . + كما جسدت الموقف الأخلاقي للتعامل مع المسألة السودانية مقالة جورج كلوني وآخرين في النيويورك تايمز ( الثلاثاء 24 فبراير 2015 ... يوم إنعقاد مؤتمر برلين ) والتي دعا فيها المجتمع الدولي لأتخاذ إجراءات فاعلة وفعالة لتحقيق السلام الشامل العادل والتحول الديمقراطي الكامل في السودان . + وكذلك رسالة عائشة البصري المفتوحة لفاتو بنسودة المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية المنشورة في عدد يوم الخميس5 مارس في صحيفة القارديان ، والتي تدعو عائشة فيها فاتو بأن تُفعل مرة أخري ملف دارفور الذي قررت رفرفته في ديسمبر 2014 . + الموقف الثاني موقف مصلحي ، تتحكم فيه الحسابات والمصالح ، ولا مكان فيه للأخلاق . الدول العربية تؤيد وتدعم حكومة الخرطوم لان هذه الدول جميعها ومثلها معها من الدول الأفريقية والإسلامية تؤمن بمبدأ أطيعوا أولي الأمر منكم : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) ، وتخشى مظاهرات الشوارع والإنتفاضات الشعبية والتحولات الديمقراطية خشية كارل ماركس من الأمبريالية العالمية ؟ قادة هذه الدول يحذرون أنفسهم مما حدث للنبي موسى الكليم ، بعد رجوعه بالألواح من جبل سيناء بعد مخاطبة الرب له ، من قومه بني إسرائيل عندما قالوا له : قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ... ! قال إنكم قوم تجهلون !