الحلقة الرابعة ( 4 – 5 ) ثروت قاسم Facebook.com/tharwat.gasim [email protected] 1 - داعش والسودان ؟ في يوم الخميس 12 مارس 2015 ، وبحسب صحيفة القارديان البريطانية ، غادرت مجموعة من ستة من الشباب وخمسة شابات مطار الخرطوم إلى إستانبول . ثلاثة من هذه المجموعة اطباء حديثو التخرج من جامعة مامون حميدة ، والباقون يدرسون الطب في نفس الجامعة ، وكلهم في العشرينات إلا واحدة عمرها 19 سنة . تسعة من هذه المجموعة سودانيون يحملون جوازات سفر بريطانية وقد ولدوا في بريطانيا وعوائلهم لا تزال في بريطانيا ، ومن ثم إهتمام صحيفة القارديان بهذه المجموعة الشبابية . بعد وصول المجموعة إلى إستانبول ، إستغلوا بصاً سياحياً إلى الحدود مع سوريا ، ومنها إلى معسكر من معسكرات داعش على الحدود التركية – السورية ، حيث إنخرطت المجموعة في العمل في مستشفى داخل المعسكر ، لعلاج الجرحى من الدواعش . نشرت صحيفة القارديان أسماء ثمانية من هذه المجموعة وصورهم ، وهم : + هشام محمد فضل الله ، + تسنيم سيلمان حسين ، + إسماعيل حمدون ، + ندى سامي خضر ، + محمد اسامة بدري محمد ، + روان كمال زين العابدين ، + تامر احمد ابو صباح ، + لينا مامون عبد القادر . وبحسب صحيفة القارديان ، توجد خلية مُتشددة في جامعة مامون حميدة تعمل في غسل أمخاخ الطلبة والطالبات القادمين من الخارج للدراسة في الجامعة ، وإختزال المسالة في حرب تشنها امريكا وحلفاؤها من الأنظمة العربية الشمولية المستبدة والفاسدة ، والحركات الشيعية الجنجودية ضد الإسلام السني التي تمثله داعش ، التي تدعو لتوحيد رايات المسلمين تحت راية الخلافة الإسلامية . يتصور هؤلاء الشباب ، وهم على درجة من النقاء الأخلاقي عالية نسبياً ، إن داعش ضحية لتواطؤ الصليبين مع الأنظمة العربية الفاسدة ، فيهبوا لنجدتها دفاعاً عن الإسلام السني الصحيح ، اوكما يتصورون . وحرب الأمريكان ضد المسلمين السنة في أفغانستان ، والعراق ، والصومال وغرب افريقيا شواهد وآيات على ظلم امريكا للمسلمين السنة في رياح الدنيا الأربعة . هذا التبسيط المُخل للمسآلة كان من أهم اسباب هجرة هولاء الشباب من بلاد السودان لنجدة الدولة الإسلامية ( داعش ) في سوريا ! إهتمت الحكومة البريطانية بالموضوع وتتابعه ، خصوصاً إذا فكر من يحملون الجنسية البريطانية منهم في السفر لاحقاً إلى بريطانيا واللحاق بعوائلهم . إستبعدت صحيفة القاردين وصم المجموعة بالإرهابية ، لانهم لم يشاركوا في عمليات قتالية ، كما لم تشارك الفتيات في ( نكاح الجهاد ) المعمول به في اوساط داعش . أما حكومة الخرطوم فلم تقول ( بغم ) ؟ تبقى بعض الأسئلة قائمة : + ماالذي دفع هذه المجموعة لتكبد المشاق والسفر إلى سوريا لعلاج المرضى الدواعش ، والسودانيون يعانون الأمرين في داخل العاصمة الخرطوم ، دعك من دارفور والمنطقتين . + هل دعايات داعش الرقمية الغشاشة كانت وراء غسل أدمغة هذه المجموعة الشبابية البريئة المُتحمسة ، والتي تريد المساعدة ما إستطاعت إلى ذلك سبيلاً ؟ + لماذا لم تفكر هذه المجموعة في الذهاب إلى دارفور والمنطقتين ، حيث الأوضاع الإنسانية والطبية أشد سؤاً منها في سوريا الداعشية ؟ + ماهي الجهة التي مولت هذه العملية ، أم كان التمويل ذاتياً ؟ + هل هي عملية منفردة أم الثانية في سلسة سوف تترى ، إذ سافر إلى دولة مالي في العام المنصرم اثنان من هذه الجامعة للإنضمام إلى القاعدة ؟ ولا نملك إلا أن نردد الآية 5 في سورة القمر : حكمة بالغة فما تُغني النذر 2- تقرير مجموعة الأزمات الدولية ؟ في يوم الاربعاء 11 مارس 2015 ، نشرت مجموعة الأزمات الدولية ( بروكسل – نيروبي ) تقريراً عن الوضع الراهن في السودان . يمكن أن نشير ادناه إلى أمرين من الأمور الكثيرة التي تطرق لها التقرير: اولاً : + في الأمر الأول أكد التقرير إن الحكومة غير راغبة وغير قادرة على تفعيل مستحقات الحوار ، ولن تقبل بتسوية سياسية تؤدي لتحول ديمقراطي حقيقي وتبادل سلمي للسلطة في الخرطوم . وخلص التقرير إلى أن الحروب الأهلية وتداعياتها من كوارث أخرى في كافة الأصعدة سوف تزداد حدة بسبب سياسات الحكومة المتعنتة والمنفردة بالقرار ، والتي لا تُري الناس إلا ما ترى ، وتنتهج سياسة ( الإنكار ) كسياسة حصرية ، ومُدمرة في نفس الوقت . نُذكر في هذا السياق ، إن الحرب الأهلية تشتعل حالياً في نصف ولايات السودان ال 18 ، التي تغطي نصف مساحته الجغرافية ، وتحتوي على ثلثي سكانه . وتدور الحرب بين القوات والمليشيات النظامية وقوات الجبهة الثورية ، وبين القبائل العربية فيما بينها ، وبينها وبين القبائل الأفريقية ، في حرب الكل ضد الكل . قذفت هذه الحروب الأهلية بحوالي 4 مليون نازح ولاجئ إلى معسكرات الذل والهوان ، واودت بحياة اكثر من نصف مليون مواطن ومواطنة . فتأمل ! إذن وبحسب التقرير فإن الأمور سوف تتدحرج من السئ اليوم إلى الأسوأ غداً وأسوأ الأسوأ مستقبلاً . قلتم أنى هذا ؟ قل هو من عند أنفسكم ، وما ظلمكم الله ولكن أنفسكم تظلمون ! ثانياً : + الامر الثاني الذي أكده التقرير أن موقف الحكومة السياسي والإقتصادي والعسكري في تحسن مستمر لعدة اسباب منها : أنانية وتشاكس مكونات المعارضة المدنية والمسلحة فيما بينها وبداخلها مما أدى إلى ضعفها وبالتالي قوة الحكومة سياسياً . مهادنة الدول العربية للأسلام السياسي خففت من الضغط السياسي على الحكومة وقبولها عربياً بالإضافة لعلاقتها المتميزة مع جيرانها للتنازلات التي تقدمها حكومة الخرطوم لهولاء وهؤلاء في حلايب والفشقة وما رحم ربك . نذكر في هذا السياق ، دعوة الملك سلمان للرئيس البشير لزيارة المملكة للتنسيق والتحالف في الحرب ضد داعش وإحتواء إيران ؛ الدعوة التي سلمها السفير السعودي في الخرطوم للرئيس البشير يوم السبت 21 مارس . كما نذكر زيارة الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي للخرطوم يوم الأثنين 23 مارس للتوقيع على إتفاقية المبادئ بخصوص سد النهضة الإثيوبي . الحرب الاهلية في دولة جنوب السودان أضعفت من فاعلية وفعالية الجبهة الثورية ، وزادت من قوة الحكومة ميدانياً وعسكرياً ، كما برهنت معارك محلية تقلي في جنوب كردفان ( الجمعة 13 مارس 2015 ) . يعتبر الرئيس سلفاكير خصمه الدكتور مشار عدوه الأول والثاني والعاشر ، وتجد الرئيس سلفاكير على أتم إستعداد للتحالف مع الشيطان الاحمر والأزرق والبمبي للقضاء على الدكتور رياك مشار ومجموعته المتمردة . ومن ثم تحالف الرئيس سلفاكير مع شقيقه الرئيس البشير وزيارة الرئيس سلفاكير للخرطوم يوم الأثنين 23 مارس ، وتجاهله لتصريحات الرئيس البشير بخصوص الميل 14 وسودانيته ؟ لا شئ يعلو في آذان الرئيس سلفاكير على صوت معركته مع الدكتور رياك مشار ؟ صادرات الذهب وعمولات نقل البترول الجنوبي حسنت من الموقف الإقتصادي . في يوم الاربعاء 18 مارس 2015 أخطر السيد هرفي لادسوس، وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام، مجلس الامن بأن الأممالمتحدة بصدد التنسيق مع حكومة الخرطوم بخصوص إجراءات الخروج الممرحل لقوات اليوناميد من دارفور ، حسب طلب حكومة الخرطوم ، وتعهدها بأن قوات الدعم السريع ، سوف تقوم بحماية المدنيين في دارفور بدلاً من قوات اليوناميد المُغادرة . أصبحت قوات الدعم السريع قوات نظامية بعد التعديلات الدستورية في يوم الأحد 3 يناير 2015 ! من المؤكد أن يحمى الذئب الغنم كما جاء في اليوتوبيا الأغريقة القديمة . كما حذر السيد هرفي لادسوس من تدهور الاوضاع الأمنية في دارفور إلى مستوى لم تشهده منذ 2004 ، خاصة في شمال دارفور ومنطقة جبل مرة . نتيجة ذلك تشرد اكثر من 450 ألف شخص في عام 2014 في دارفور، وحوالي 40 الف منذ بداية العام الحالي ، مع إستمرار وجود 2 مليون و500 الف نازح في ظروف صعبة. يأتي كل هذا في سياق فشل إتفاقية الدوحة للسلام وفشل الحوار الوطني ، أو كما أكد لادسوس في تقريره لمجلس الأمن ! في المحصلة وبحسب تقرير مجموعة الأزمات الدولية فإن راس الحكومة ، حالياً وحتى إشعار آخر ، فوق سطح الماء ! 2- تقرير وزارة الخارجية البريطانية الدورى عن حقوق الانسان ؟ في يوم الخميس 12 مارس 2015 ، نشرت وزارة الخارجية البريطانية تقريرها الدورى عن حقوق الانسان . وفي الصفحة الخاصة بالسودان عنونت تقريرها ( السودان ... بلد يدعو للقلق ) . خلص التقرير إلى أن القيود على الحريات الأساسية لا تسمح بإجراء إنتخابات حرة ونزيهة فى السودان في ابريل 2015 . واكد التقرير إن حكومة الخرطوم هى المُنتهك الاساسي لحقوق الانسان ، وانها صارت مُثيرة للقلق لإنكارها وجود أزمة حادة ، وبالتالي الحاجة المُلحة للتغيير والاصلاح .