تمسّك حزب المؤتمر الوطني الحاكم بقرار رفع الدعم عن المحروقات، وقال إن العام الحالي ستتم فيه أصعب مراحل الإصلاح الاقتصادي واعرب عن ثقته فى وعى الشعب بذلك وحذّر فى الوقت نفسه المعارضة من استقلال الموقف، وقال لن نسمح لها بإحداث الفتنة وسنتصدى لها بالقانون .وتخطط الحكومة لرفع مزيد من الدعم عن الوقود والقمح بهدف سد العجز بالميزانية في تحرك أطلق في السابق احتجاجات ضد الحكومة . وبدأت الحكومة بعض الخفض في دعم الوقود في إطار إجراءات تقشفية قوامها سبعة مليارات جنيه سوداني (تسعمائة مليون دولار) في يوليو 2012 وهو ما أطلق احتجاجات لعدة أسابيع . ويكافح السودان في مواجهة أزمة اقتصادية منذ فقدان معظم احتياطياته النفطية، وهي المصدر الرئيسي للإيرادات والعملة الصعبة التي يحتاجها لتمويل الواردات حينما أصبح الجنوب دولة مستقلة عام 2011 ودافع رئيس القطاع التنظيمي بحزب المؤتمر الوطني ،حامد صديق عن القرار وبرره برفع التشوهات عن الاقتصاد السوداني، مؤكداً أن الدعم يتسبب في تشويه الاقتصاد . وهدد تحالف قوى الاجماع الوطنى المعارض مطلع الاسبوع بمقاومة قرار الحكومة الوشيك برفع الدعم عن المحروقات وتحريك الشارع ضدها من اجل اسقاطها ورفض مبررات الحكومة من اجل اقرار رفع الدعم . وشدّد على ضرورة تطبيق آلية المحاسبة لعضوية الوطني، وقال صديق في تصريحات صحفية امس لن نخشى المعارضة إذا أحسسنا بتقديم بضاعتنا كما لا نقبل أن ندعم سماسرة تشاد وأريتريا بحجة دعم الشرائح الضعيفة، ولا نقبل للشعب السوداني أن يدعم المحيط الإقليمي . واعتبر صديق رفع الدعم ضروري حتى لا تظل الشرائح الضعيفة عالة على الآخرين، وشدد على ضرورة النظر إليه ضمن معالجات اقتصادية شملها البرنامج الثلاثي، وتابع الفكرة لا تنبنى على المأكل والمشرب، ونتخلى عن مبادئنا وكل فرد سيعاني ما يعاني في سبيل أسرته حمايةً للبلاد من الاستهداف الخارجي، ولن نخاف من المعارضة . وقلل من انتقادات المعارضة وراهن على وعي الشعب السوداني لتفريقه بين الضرر والمصلحة، وأكد أن المرحلة الحالية للإصلاح الاقتصادي التي تعتزم الحكومة تطبيقها أصعب مرحلة لجهة إصرارها على بناء اقتصاد يقوم على الواقع الحر وليس على الدعم. وجدد صديق اتهامه للوبي الصهيوني باستغلال مشكلة دارفور لتشويه صورة البلاد وجمع التبرعات باسمها وإرسالها إلى إسرائيل، ونوّه إلى أن استهداف البلاد تم من خلال دارفور . وكان الحزب الحاكم قد استبق قرار الحكومة الوشيك برفع الدعم عن المحروقات بلقاءات وتنويرات لقطاعاته المختلفة ولقادة الرأى العام وزعماء الاحزاب السياسية المعارضة لكنه لم يحظ بتأييد للقرار حتى وسط عضويته . وقدم وزير المالية ،علي محمود، ومحافظ بنك السودان ،محمد خير، فى وقت سابق لرئيسا حزب الامة القومى المعارض ،الصادق المهدي و الحزب الاتحادى الديمقراطى الاصل ،محمد عثمان الميرغنى شرحا عن الحالة الاقتصادية والمالية في البلاد، ومبررات قرار رفع الدعم عن المحروقات . واعلن الحزب الشيوعى انه تلقى اخطارا من وزير المالية برغبته فى الجلوس الى سكرتيره العام ،محمد مختار الخطيب للتباحث معه بشان القرار الوشيك برفع الدعم عن المحروقات . وقال نائب الأمين الاقتصادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ،حسن أحمد طه قبل ايام إن الحزب الحاكم وآخرين بالائتلاف الحكومي وافقوا على رفع الدعم عن الوقود والقمح, مضيفا أن الاقتصاد السوداني يواجه تحديات عديدة . ولم يحدد طه حجم الخفض في الدعم أو الجدول الزمني لذلك. وسبب توقف صادرات النفط أضرارا للجنيه السوداني الذي فقد ما يزيد على نصف قيمته بالسوق السوداء منذ انفصال الجنوب مع حاجة البلاد لاستيراد معظم احتياجاتها الغذائية . وفي الأسبوع الماضي أعلن الرئيس عمر البشير استمرار تدفق نفط جنوب السودان عبر الأراضي السودانية ليصدر إلى الخارج، منهيا بذلك تكهنات كانت تشير إلى وقفه بسبب خلافات بين الدولتين . وتعهد البشير نهاية قمة في الخرطوم مع نظيره بجنوب السودان سلفاكير ميارديت بالالتزام بجميع الاتفاقيات التي أبرمتها الخرطوم مع جوبا، مؤكدا شمول ذلك تدفق نفط جنوب السودان عبر البنى التحتية والمرافق السودانية . وحسب وزير المالية علي محمود في لقاء مع صحفيين قبل ايام ، فإن الحكومة تبيع برميل البترول ب49 دولاراً بينما سعره العالمي مائة دولار، ويذهب فارق السعر "51 دولاراً" دعماً لغير مستحقيه ما يحتِّم رفع هذا الدعم وتوجيهه للجهات التي تستحقه عبر حزمة متكاملة من الإجراءات . و قال محافظ بنك السودان المركزي محمد خير الزبير،فى تصريحات صحفية الاسبوع الماضى إن الحكومة ستزيد أسعار البنزين على وجه الخصوص لتأثيره على قطاعات أقل مقارنة بتأثير الجازولين . وأوضح محافظ البنك المركزي أن السودان يستورد بترولاً بنحو 1,4 مليار دولار وهو ما لم يكن يحدث في السابق . وأشار محمد خير الزبير إلى أن الأوضاع الاقتصادية الحالية لن تنفرج قبل ثلاث سنوات على الأقل، لكنه اشترط في نفس الوقت زيادة إنتاج البترول . وأبان أن هناك خللاً كبيراً في ميزان المدفوعات، حيث تبلغ صادرات السودان أربعة مليارات دولار، بينما وارداته تبلغ ثمانية مليارات دولار . وأفاد المحافظ أن صادرات البلاد من الذهب انخفضت مقارنة بالعام الماضي الذي تم فيه تصدير ما قيمته ملياري دولار، بينما تم حتى الآن تصدير ما قيمته 650 مليون دولار، معرباً عن أمله في تصدير ما قيمته مليار دولار إضافي بنهاية العام الحالي .