لم يمنع انسحاب حزب الأمة القومي المعارض من الحوار الذي بدأه مع مستشارية الأمن بغية التوصل لاتفاق مع حكومة حزب المؤتمر الوطني من تقديم وصفة جديدة للحزب الحاكم بغية تجنيب البلاد مأزقا يراه غاية في الخطورة. وفي وقت يرفض فيه الحزب بزعامة الصادق المهدي –آخر رئيس وزراء لحكومة ديمقراطية– التخلي عن المعارضة إلا وفق إجماع على ما يسميها بالأجندة الوطنية، لا يبخل بتقديم بعض الإرشادات لنظام الحكم لكي ينجح في السيطرة على تسرب البلاد من بين يديه. وكان الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي قد أكد في لقاء مع الصحفيين أن السودان يحتاج إلى تحول وعملية استباقية للتغيرات تتقبل الأجندة الوطنية لحل القضايا التي تواجه البلاد، منبها إلى أن الأوضاع في السودان لن تستمر بصورة مناقضة لما يحدث في العالم العربي. تفكير جديد لكن رئيس اللجنة التنفيذية لقوى الإجماع الوطني المعارضة فاروق أبو عيسى اعتبر أن الأمر يستدعي من قادة الإنقاذ التفكير كثيرا قبل السير في الطريق الذي بدؤوا به مسيرتهم السابقة. وقال إن الظروف الموضوعية والذاتية التي أدت إلى التغيير في بعض الدول العربية أقل مما هي في السودان الذي تشكل ظروفه أكثر فظاعة من غيرها، مرشحا البلاد "لانفجار عنيف يؤدي إلى تغيير جذري في كل التركيبة السياسية والدستورية". الرئيس عمر حسن البشير قلل من احتمال اندلاع ثورة في السودان (الجزيرة-أرشيف) وأكد للجزيرة نت أن التغيير لن يتم عبر الأحزاب التقليدية رغم وجود معارضة لا تزال تقاتل، مشيرا إلى أن ما يضغط على الشباب السوداني يدفعه للتعامل مع كافة أسباب التغيير "ولن يستطع أحد الوقوف أمامه حينها". أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حسن الساعوري فقرأ تحذيرات المهدي على أنها مؤشر على خوف من مجهول قادم "ما يعني أن السودانيين بحاجة إلى ثقافة سياسية جديدة مبنية على المصالح العليا للبلاد". حكومة توافق وقال للجزيرة نت إن جمع كافة القوى السياسية في حكومة واحدة تتوافق على رؤى سياسية هو المخرج من أزمة قد لا تتوقف عند حدود رحيل الحكومة الحالية، في إشارة إلى ما أسماها الثقافة السياسية السلبية التي تتحكم في النخبة الوطنية. وأكد أن الصراعات والخصومات السياسية الحالية لن تفيد البلاد، وأن هذا "ما جعل المهدي ينادي بضرورة الاستجابة للأجندة الوطنية الحقيقية". ترياق الديمقراطية من جهته قال المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر إن المهدي "دائما ما يعتبر أن الديمقراطية هي الترياق لأزمات السودان ما يجعله في حالة قبول دائم للتصالح مع الغير". وأكد للجزيرة نت أن المهدي يحذر الحكومة من أنه ليس أمامها إلا الجلوس مع الشعب السوداني ليقول كلمته فيما عملت وفعلت وساست وتجاوزت "لربما يحكم الشعب السوداني بغير المتوقع ويؤيدها من جديد". وأضاف أن عودة الديمقراطية والقبول بالتنوع وإتاحة الحريات العامة ومعالجة الأخطاء المنظورة "أمور مهمة لتجاوز عقبة الثورة التي يشير إليها المهدي". وقال إن الطريق أصبح مفتوحا لكل السودانيين أن يقولوا كلمتهم فيما هو قائم "لأن عدم التواجد ضمن الإرادة السودانية سيخضع الإنقاذ للكثير من الداخل والخارج على السواء" الجزيرة نت