الاتحاد الأفريقي يساوره القلق من تفاقم الأزمة الإنسانية بعد عودة الاقتتال بين القوات الحكومية والمتمردين في جنوب السودان. العرب عودة الفوضى في جنوب السودان تجره نحو كارثة حقيقية جوبا – يزداد الوضع سوءا في جنوب السودان يوما تلو الآخر لاسيما بعد تعثر الجولة الأخيرة من المفاوضات بين الرئيس سيلفاكير ونائبه السابق رياك مشار، مطلع الشهر الجاري برعاية الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا "إيغاد"، وسط تفاؤل حذر بشأن إنقاذ البلاد من شبح الحرب المخيم عليها. ونفت مفوضية الاتحاد الأفريقي أمس الثلاثاء بشكل قاطع الإعلان عن أي تقرير صادر عنها بشأن تقصي الحقائق في جنوب السودان، فيما سقط عشرات من القتلى إثر تجدد المعارك بين القوات الحكومية والمتمردين، وفقا لوكالات الأنباء. ونفت رئيسة المفوضية دلاميني زوما في بيان بشكل قاطع المزاعم بشأن تقرير تم تسريبه من قبل لجنة التحقيق التابعة للاتحاد الأفريقي وقالت إنه "ليس صحيحا"، معربة عن قلقها من استمرار العنف في البلاد. وشكلت مفوضية الاتحاد الأفريقي لجنة خاصة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان بجنوب السودان، وأسندت رئاستها للرئيس النيجيري السابق أولوسونغ أوباسنغو في مارس من العام الماضي. وأشارت زوما في البيان إلى أنها ستعلن عن نتائج تقرير لجنة التحقيق في أقرب وقت دون أن تحدد موعدا لذلك، ليزداد الغموض بشأن مستقبل البلاد الذي انجر قادته للاقتتال للحصول على حفنة من المال وكثير من السلطة. وتزامن ذلك مع ما أكده متمردو جنوب السودان عن خوضهم معارك "طاحنة" مع القوات الحكومية قرب الرنك في شمال ولاية أعالي النيل النفطية. وتقول جوبا إن 127 متمردا و17 من الجيش النظامي لقوا حتفهم في الاشتباكات التي شهدتها مقاطعة قاديت مانيو بتلك الولاية، بينما أسفرت المعارك منذ اندلاع الأزمة عن عشرات الآلاف من القتلى وتشريد مليوني شخص، كما يخيم شبح المجاعة على البلاد. دلاميني زوما: لم تصدر لجنة التحقيق أي تقرير عن جنوب السودان وندين عودة العنف ويأتي تجدد الاشتباكات بين طرفي النزاع على السلطة بعد أن عصفت بالبلاد حرب أهلية منذ منتصف ديسمبر 2013، لتضع جميع الأطراف أمام حتمية اللجوء إلى التهدئة قبل تفاقم التوتر أكثر. وتبادل طرفا النزاع اللذان وقعا منذ أكثر من سنة على مجموعة لم تنفذ من اتفاقات وقف إطلاق النار، تهمة التسبب في اندلاع المعارك حول الرنك القريبة من الحدود السودانية، فيما تؤكد مصادر المنظمات الإنسانية اندلاع معارك في المنطقة، لكنها لم تقدم تفاصيل. وجنوب السودان الذي حصل على استقلاله في يوليو 2011، بعد نزاع استمر عقودا مع الخرطوم، يرزح مجددا تحت وطأة الحرب الأهلية التي يبدو أنها لن تنتهي قريبا وفقا للعديد من المراقبين. ورغم إعلان أديس أبابا مؤخرا، عن استئناف عملية السلام في أبريل القادم وتبني آلية جديدة للتفاوض تعتمد على إشراك أطراف عديدة في الوساطة مثل الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي، غير أن غالبية المراقبين لم يبدوا تفاؤلهم إزاء هذه الخطوة وتوقعوا تصعيدا عسكريا من قبل الطرفين وهو ما وقع بالفعل. وبعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة وانتهاء المهلة المحددة لها، تبنى مجلس الأمن بالإجماع مشروعا قدمته الولاياتالمتحدة ينص على تحديد حزمة جديدة من العقوبات، تشمل المنع من السفر وتجميد الأموال وتُفرض على أفراد من طرفي النزاع إذا ثبت تورطهم في إعاقة تحقيق السلام. ويؤكد بعض المحللين أن هذه الخطوة سيكون لها أثر سلبي على حياة المواطنين، لاسيما إذا كان الأشخاص المقترح مقاطعتهم يشغلون مناصب رفيعة في الحكومة وذلك لأنها ستؤدي إلى مزيد من الانغلاق والانعزال للدولة الوليدة وستعيق وصول الاحتياجات المعيشية للناس مما سيساهم في تفاقم المعاناة الإنسانية. وارتكزت الخلافات بين طرفي النزاع خلال المفاوضات حول القضايا المتعلقة بالمشاركة في السلطة والترتيبات الأمنية، حيث ترفض الحكومة مقترحات للمتمردين تنص على ضرورة وجود جيشين في الدولة الوليدة يتم دمجهما فور إعلان نتائج الانتخابات العامة التي من المقرر إجراؤها بعد 30 شهرا. ولا يخفي متابعون تشاؤمهم إزاء الوضع الحالي في البلاد، حيث يرون أن فشل الطرفين في إنهاء النزاع قضى على الأمل الأخير في إمكانية إنقاذ هذه الدولة الوليدة من الأوضاع المتردية التي تعيشها. ألاف اللاجئين الجنوبيين يفرون للسودان بعد معارك في الرنك ربك 17 مارس 2015 أكدت السلطات المحلية في ولاية النيل الأبيض السودانية وصول ألاف اللاجئين من جنوب السودان في موجة لجوء جديدة، بسبب تجدد المعارك بالرنك في ولاية أعالي النيل القريبة بين الجيش الحكومي والمتمردين بقيادة ريك مشار. JPEG - 59.4 كيلوبايت نازحون جنوبيون ينتظرون العبور إلى السودان (أ ف ب) وأعلن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالسودان "أوشا"، في الأول من فبراير الماضي، إرتفاع عدد اللاجئين من دولة جنوب السودان الى السودان الى أكثر من 120,000 لاجئ، بحسب الإحصاءات حتى الثاني والعشرين من يناير. ولجأ عشرات الألاف من الجنوبيين إلى شمال السودان منذ اندلاع الصراع بجنوب السودان في منتصف ديسمبر 2013 بين أنصار الرئيس سلفاكير ميارديت ونائب الرئيس المقال ريك مشار. وكشفت اللجنة التنسيقية للاجئين الجنوبيين بولاية النيل الأبيض عن وصول أكثر من 3 ألاف لاجئ من الجنوبيين الفارين من بلادهم بسبب استمرار الصراعات المسلحة، وقال إنها ترتب لإنفاذ قرار الرئيس عمر البشير بمعاملتهم أسوة بالمواطنين السودانيين. وأبان رئيس اللجنة الطيب محمد عبد الله، للمركز السوداني للخدمات الصحفية، أن الوافدين الجنوبيين وصلوا إلى محلية السلام عن طريق معبر الكويك في الحدود بين الدولتين. ولفت إلى أن اللجنة عكفت على الإجراءات الرسمية لتسليم الوافدين بطاقات اللجوء وتسجيل بياناتهم الشخصية بجانب منحهم حرية الإقامة والتنقل بين الولايات، متوقعاً وصول تدفقات جديدة من الجنوبيين بسبب استمرار الحرب بالجنوب. وأشار إلى أنه تم ترحيل الوافدين إلى منطقة أم صنقور بمحلية السلام وتوفير مياه الشرب النقية ومركز صحي ومواد إيواء بالتنسيق مع المنظمات الطوعية وجمعية الهلال الأحمر. وقال برنامج الأغذية العالمي هذا الشهر إنه يساعد ما يقارب 70,000 مواطن من جنوب السودان في ولايات شمال كردفان، جنوب كردفان، غرب كردفان والنيل الأبيض.