مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    تحولات الحرب في السودان وفضيحة أمريكا    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب الترابي حضور المحن..!!
نشر في السودان اليوم يوم 19 - 07 - 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
غياب الترابي حضور المحن..!!
عبدالله مكاوي
فاجأ الترابي كعادته الجميع، وهو يمارس حيله اللغزوية، حتي بعد مفارقته مسرح الحياة! وذلك من خلال قناة الجزيرة (خليلته الوفية في المنشط والمكره!) عبر الإعلان عن بث حلقات تطاول تجربة الترابي كشاهد عيان، علي عصر مثَّل الترابي أهم لاعبيه وصناع أحداثه علي الإطلاق. ولكن المفارقة ليست في تأجيل البث لحين مغادرته الحياة فقط! والتي لا يُعلم متي يحين أوانها، فهي مثلا قد تمتد لمدة ربع قرن بعد تسجيل الحلقات؟ والمؤكد أنها فترة كافية لمرور كثير من المياه تحت الجسور، وتغيير في موازين القوي! وعندها لا نعلم مصير هذه الحلقات، او مدي تعرضها للمراجعة والتعليق او الإضافات والحذف، او عدم السماح ببثها كليا، تماشيا مع المصلحة المتحصلة في ذاك الأوان؟! وعموما شكل الإتفاق بين القناة والراحل علي التفاصيل، يبدو أنه تسرب الي مسارب السرية، التي تحكم عمل الجماعات الإسلاموية! والغالب في الأمر أنه قبر مع صاحبه، الذي غادر الحياة وهو في أوج طموحاته السلطوية وغمرة أطماعه الرئاسية، اللتان لازمتاه كظله وخلجات نفسه، منذ ولوجه سوح العمل السياسي (كالقضاء المستعجل او كأسوأ لحظات العمل السياسي الوطني) مما يعني إنتفاء مبررات المنع او التعديلات المحتملة! قبل التشكك في مصداقية الترابي ومن بعده صديقته القناة، بفعل الإنحياز الواضح للإيديولوجية الإسلاموية، الصاعدة بدورها في معارج التضليل والتلفيق، او تورط القناة في الترويج للإشاعات والدعايات المفخخة وشبهة الصلات الإستخباراتية الدولية. ولكن المفارقة كما توقعت وعلمت من بعض المتابعين، تكمن في خلو الحلقات من تقديم إعتذار صريح وإعتراف أكثر صراحة، بطبيعة الأخطاء والخطايا، التي تمت ليس في عهد سيطرته المطلقة علي الجماعة، ولكن علي يديه شخصيا تخطيطا وتوجيها (ولا يدخل فيها بالطبع خطرفات الإعترافات والإعتذارات الملتوية غير المبرأة من الأغراض او التي تستهدف النيل من أبناءه بعد المفاصلة، والتي طابعها العام غسل يديه شخصيا من الآثام!) وكنت محظوظا وأنا أشاهد حلقة واحدة فقط، حاول فيها الأستاذ أحمد منصور، الذي يبدو أنه أعد نفسه جيدا لهذا الحوار، أن يستخلص من الترابي عبثا، إعتراف صريح بالمسؤولية المباشرة عن الأخطاء (كانت ستحسب له خبطة إعلامية!) ولكن يبدو كذلك، أن السيد أحمد منصور، لا يعلم عن طبيعة الترابي وترفعه علي الآخرين وسخريته منهم وتعاليه في حضورهم وصولا لإحتقارهم، الكثير! بمعني، الإعتراف بالأخطاء يتعارض مع طبيعة الترابي النرجسية وطابع الغرور الذي يطبع شخصه، او الحالة الطاووسية التي تتلبسه أداءً وسلوكاً، مما يعيد للذاكرة حوار أبليس مع رب العزة، لولا أن الرب أكثر تسامح وأبليس اكثر تواضع، وهو يربط جهوده ومقدرته عند حدود تزيين الباطل! مما يُحيَّل شخصية الترابي الي كائن درامي أكثر منه مفكر او إسلامي او مجدد او غيرها من الأوصاف التي تبذل له حسب عطاياه وقوة تأثيره؟! فطبيعة الترابي تلاءم جدا أداء أدوار الشر المطلق او المكر المحض، او الشخصيات عديمة المبادئ، او أقلاه تتلاعب بالمبادئ إستجابة لشعار المبدأ الوحيد هو اللامبدأ، او كل ما يحقق التلطلعات هو مبدأ صالح وسليم وفعَّال! وبغض النظر عن الآثار الكارثية لتطبيق مثل هذا المبدأ في المجال العام، ليس علي الآخرين فقط كما يتوهم أصحابه، ولكنه يرتد عليهم أنفسهم خسرانا مبينا! وبإختصار، أكثر ما يلاءم وضعية الترابي العملية والتاريخية، هي شخصية (محجوب عبد الدايم) للروائي العالمي نجيب محفوظ؟! ولو أنه يحمد له في هذه الحلقة وإحتمال غيرها من الحلقات (التي لم أتابعها لإنطباع مسبق عن الترابي يتمثل في لزوجة خطابه وغموض لغته/أغراضه وسيناريو القطع واللصق والتركيب الذي يطبع حديثه، ومحصلة ذلك صعوبة الخروج منه "بعقاد نافع" مهما كان كم الكلام والمعلومات ونوعية السرد، أي الترابي يسوقنا الي البحر ويرجع بنا أكثر عطشا وأسفا وحيرة وإحتقارا! وعموما كل ما ذكر سابقا أعتقد أنه يتعارض جذريا مع وصف المفكر، ولا عزاء للذكاء وطول التجربة وسحر البيان وكثرة الإطلاع!) المهم، يحمد له في هذه الحلقة أنه قلل من الحركات والضحكات دون مناسبة او لزوم، والتي تذكر بصبي العوالم في المسلسلات والأفلام المصرية! وهو ما يثير الحيرة بدوره في طبيعة من يلتفون حوله ويقدسون تصرفات وأحواله من المريدين! مما يجعل الشخص يتساءل، ما هو الفرق بين طريقة الشيخ الترابي السالكة، وعوالم شارع محمد علي؟! أي ما هو الفرق بين المتاجرة بالدين والمتاجرة بالأعراض، في ميزان التربح بكل الوسائل، أي بإستغلال العواطف والغرائز والإستثمار في المشاريع غير المنتجة؟! وإحتمال سبب هذا الإلتزام يعود لنوعية الإسئلة الحادة والإستقصائية، أو أن الترابي نفسه حاول أن يبدو أكثر جدية ومصداقية في حوار يحمل طابع الخاتمة الحوارية؟ وعلي العموم، بُخل الترابي بتقديم إعتذار صريح او تحمل واضح وجرئ للمسؤولية عن الأخطاء! قطع الطريق علي مدمني الحياد (في قلب المعارك ووسط الحرائق!) الذين يتعاطون لفافات أوهام التسامح علي قفا السُذَّج والغافلين، او يمارسون بإستهتار هواية الصفح وغواية الغفران غير المسؤول، إن لم يكن مهين لكرامة العدالة وساخر من أنين الضحايا وآثار عذابات الخطايا وركام الوطن الجريح! أي عندما تمنح لنموذج الترابي (بفرية الموت، وكأن الموت مرفوع عن الترابي وأمثاله او أنهم لا يعلمون به او واجب الإعداد له! وأين هو الذكاء والمعرفة والفكر والتجديد..الخ، وما قيمتها إذا كان كل رصيد المرء خارج كسبه، أي في إتكاءه علي حرمة الموت، كما يزعمون او يهددون لا فرق؟!) والذي لم يفلح في فعل عام، بقدر فلاحه في توزيع فواتير الأذية علي المواطنين وصكوك المحن علي الوطن، دون حساب؟!
أما أهمية هذه الحلقات إن كانت لها أهمية أصلا، فهي قد تفيد الباحث الأكاديمي او التاريخي او الدارس لتجربة التراب بصفة عامة، او المهتم السياسي والإعلامي. أما مصدر الإهتمام في إعتقادي، فقد يعود لوزن شخصية الترابي ودوره، أكثر مما يصرح به او يعلن عنه او يرتجي منه، أو محتمل مصدر الإهتمام يعود لمجرد رغبة في إشباع الفضول او التوقع الحالم/المتوهم، بأن جراب الترابي يمكن أن يفصح عن شئ ذا قيمة! مع العلم أن جرابه تاريخيا لم يُخرج غير المحن والمصائب، وتاليا أنيَّ لهذا الجدب الإنساني أن يخرج ما ينفع الناس؟! بل اللافت في شخصية الترابي وخطابه وتتبع مسيرته، هو الغياب التام للمواطن كحاجات أساسية مادية/معنوية، إبتداءً من معيشته وليس إنتهاءً بأمنه ومرورا بكل أنواع الخدمات، الي جانب حفظ كرامته وحريته وأهليته الإنسانية قبل المواطنية (ما عدا بالطبع خطاب الخصومة ضد تلامذته، كما أسلفنا، والذي حاول أن يوظف فيه كل الأسلحة بما فيها المواطن وإحتياجاته! ويا له من إيمان بالمواطن ليس متأخر او في الزمن الضائع فقط، ولكنه فرعوني موازٍ لإنطباق البحر/فقدان السلطة! يا أولي الإعتبار؟!) فكل ما شغل بال الترابي كان قضية السلطة والسلطان، ولذا كان خطابه موجه للنخبة حصريا، قبل أن يتمحور حول الحاكمية والسلطة كليا! والسلطة نفسها تؤول في هذا الخطاب لأضيق تصريفاتها! أي تقلد منصب الرئاسة والتمتع بمكانة الزعامة والحصول علي الأمتيازات والتقدير حصريا ومجانيا! كحق معطي مسبقا، أي يتسق مع إمكانات الذكاء والمعرفة وعلو الكعب علي الآخرين، سواء أكاديميا/قانونيا/شرعيا او علي مستوي السيطرة علي الأتباع! أي السلطة هنا بمعني التسلط وإحتكار الإمتيازات، وليس بمعني الإدارة والمؤسسية وتقديم الخدمات والوفاء بمتطلبات النهوض والتطور! أي السلطة لدي الترابي هي سلطة مفرطة في الذاتية إذا جاز التعبير إن لم تكن مكتفية بذاتها، وتاليا متحررة من المسؤوليات! تمييزا لها عن السلطة العامة، التي تنبع من العامة وتتوجه إليهم؟! ولذلك لم يستنكف عن توسل الإنقلاب وكل الوسائل غير الوطنية ومنبتة الصلة بالأخلاقية (إستغلال أموال الإسلامويين والخليجيين في التمكن الإقتصادي، والأصح إفساد الإقتصاد الوطني بالتوسع في إقتصاديات المضاربة والسمسرة الطفيلية/توظيف الخارج/خيانة؟! وكذلك الإستعانة بالمؤسسة العسكرية بعد إختراقها وحرفها عن عقيدتها الوطنية ومن ثم تحطيم التجربة الديمقراطية/ تخريب الداخل/فساد؟!) في سبيل السيطرة علي السلطة والتحكم في البلاد بشكل مطلق؟! وتاليا حذف كل المكونات الوطنية الأخري، ليس من المشهد السياسي فقط! ولكن من مجمل الفضاء الوطني أيضا؟! بتعبير آخر، نجد أن مسيرة الترابي وتجربته، نقيضة لتجربة الجمهوريين علي المستوي الأخلاقي والشيوعيين علي المستوي السياسي! فحين نجد أن الترابي تبني المشروع الإسلاموي المزيف، والمجرد من كل طعم ونكه ولون وطني ما عدا الوعد السراب! والذي يصور أن أزمة المواطن هي أزمة دينية، ومعضلة المجتمع هي النقص في قيم التدين، ومشكلة الوطن هي مفارقة أصول الدين وليس أصول الديمقراطية والوطنية والعمران الشامل؟ وتاليا هو الأقدر حصريا علي ملء الفراغ وبث الحياة في شرايين الدولة الجافة والشريعة في الدستور الوضعي والفضيلة في مجتمع الجهل والضلال؟! وكل ذلك مع العلم أننا لا نعلم تاريخيا ولا حتي منطقيا، أن هنالك مظاهرة إحتجاجية واحدة، او هم مؤرق أصيل، ولا حتي مطلب عادل واحد رفع من جانب/ أقض مضجع البسطاء (وهم الغالبية تاريخيا للأسف!) من أجل إصلاح الدين او إكمال النقص في التدين (بالطبع غير بسطاء ومهاويس الإسلامويين المغرر بهم!) بل هم لم يصبحوا بسطاء وتَفرِض عليهم المطالب الأساسية ذاتها او ضغوطاتها، إلا بسبب النقص فيها، وإختراقها لأسباب وجودهم ومسها عصب إحساسهم ونداءات الجسد الصاخبة؟! وأسوأ من ذلك تحولهم بسبب هذا النقص في الإحتياجات والعجز في تلبيتها بالوسائل السلمية، لمادة تقريع خام وتبكيت مجاني، من جانب السلفيين الذين يزايدون علي الترابي وجماعته إيديولوجيا! أي يُغرِهم فائض التدين ويدفعهم الي التشدد والتسلط! علما بأن فائض التدين لا يشير الي عمق الفهم للدين او متانة التدين، بقدر ما يعني نقص وعيهم بمتطلبات الحياة وحاجات العصر وإستهتارهم بإحتياجات البشر؟! وعلي العكس من كل ذلك فإننا نجد، أن الهاجس الأخلاقي شكل إطار عمل للجمهوريين، والرحمة بالبسطاء ومراعاة ظروفهم الصعبة، شكلت ديدن خطاهم ونبرة خطابهم. أما الشيوعيون فمنغمسون من أعلي رأسهم حتي أخمص قدميهم، في هموم العمال والكادحين، وشاغلهم الأساس تلبية هذه الحاجات الأساسية (المعيشية التعليمة العلاجية والخدمية بصفة عامة) والتي لا يستقيم من دونها وجود طبيعي للبني آدم، ناهيك عن بقية المتطلبات المعنوية، والتي لا تنفصل عنها في الواقع؟! وبغض النظر عن آلية تنزيل هذه الأهداف الي أرض الواقع، إلا أن ما يحسب للشيوعيين هو صدق او دقة مقاربتهم للمشكل الأصل، والأهم تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية! أي تنمية الإنسان ورفع المعاناة والإستغلال عن كاهله. وهذه المقاربة الواقعية لم تفد الشيوعيين في بث المصداقية في شعاراتهم والمبدئية في مواقفهم والنضالية في تحركاتهم وتاريخهم فقط، ولكنها أيضا إستقطبت لصفهم أفئدة كثير من الجمهور، حتي من غير العمال والكادحين والمزارعين! أي من جانب المثقفين او مكونات الطبقة الوسطي إذا صدق التصنيف او التسمية! وهو ما جعل السياسيين والمفكرين والكتاب والشعراء والمبدعين الشيوعيين، ليس أصحاب شعبية وإحترام جماهيري متدفق فحسب، ولكنه جعل سيرتهم حتي بعد رحيل بعضهم عطرة وتفوح بالعبق والتقدير! علي عكس سيرة الترابي والتي تستقبل بالضيق والنفور وتشبع باللعانات، لدرجة أسمحوا لي أن أصفها بأنها سيرة نتنة إذا جاز الوصف، جزاءً وفاقاً علي خلطه وتخليطه ومخالطته للجرائم والمكر والتدليس.
ومن الأشياء الجديرة بالملاحظة في سيرة الترابي، أنه من أكبر نقاد التاريخ الإسلامي، لدرجة تصل مرحلة الإستهزاء به، وهو ما يتحرج عنه كبار كارهيه؟! ولكن نقد الترابي من نوعية النقد الحق الذي يراد به باطل! أي ليس نقد يتوخي المعرفة ويهدف للتجاوز، بإستخلاص العبر، إستفادة من الإيجابيات وتلافيا للسلبيات، من إجل الإيفاء بمتطلبات التقدم! ولكنه من نوعية النقد الذاتي الخالص، والذي يستهدف إعادة إنتاج التاريخ الإسلامي والدولتي منه بخاصة! أي بكل فظائعه وإستبداداته وصراعاته الدموية وطموحاته الإمبراطورية؟ ولكن بصورة حديثة تتعامي عن تبدل العصور والأزمان وحاجات وطاقات البشر، وقبلها مبررات ذاك التاريخ؟! لتستجيب فقط لتطلعات الترابي الخاصة، والمتمثلة في تلبية رغباته الآنية الإمتيازية وإشباع غرائزه السلطوية؟! وهو ما يُحيِّل ممارسة الترابي من مكانة النقد بمحمولاته المعرفية وآفاقه الحداثية، الي خانة التوظيف بمسوغاته التبريرية وتخريجاته المكيافيلية! وهو ما يبيح وصف نقد الترابي بالنقد الرجعي للتاريخ، عوضا عن النقد التقدمي المفتوح علي التجاوز والتطور ومظان المعرفة الحقة، والأهم المتاح أمام الجميع، تنزيِّها له عن الكهنوت الإحتكاري للمعرفة والدين والتاريخ! المفضي بدوره لإمتلاك السلطة الشاملة والسيطرة الأبدية علي الآخرين؟! وبكلمة واحدة، الترابي فقيه تقليدي في ثوب ناقد حداثي، وهو ما يسئ للحداثة بإفراغها من مضامينها التحررية الإنعتاقية، ولا يضيف للفقه شئ من جهة قيمه المحافظة؟! فإذا لم يكن كل هذا تزوير، فما هو التزوير او ضرره إذن؟! والأسوأ من ذلك، أن في هكذا مسلك إنكار لأفضال الحداثة عليه، سواء علي مستوي تطور منهجه ومكتسباته المعرفية او علي مستوي المكانة الإجتماعية والسياسية والعلمية التي يفتقدها العلماء الشرعيون التقليديون! ومن المعلوم أن إنكار الفضل من طبع اللئام او هكذا يقال.
ونأتي كذلك لحادثة محاولة إغتيال حسني مبارك الفاشلة! وتصريحات الترابي الأخيرة، وهي كما علمت، أشارت لتورط علي عثمان ونافع مباشرة في تلك المحاولة، وإنكاره للمعرفة بخبايا تلك المحاولة؟! علما بأنها تمت أثناء تحكمه في كل خيوط اللعبة الإنقاذوية، والمصممة سلفا بطريقة تمكنه من السيطرة التامة عليها! مما يجعل الكثير من علامات الإستفهام، بل والإندهاش تحوم حول هذا التصريح؟! والذي سبق أن ذكره عقب المفاصلة في منابر داخلية، مما يدل علي تغلغل النزعة الإنتقامية داخله، أكثر من حرصه علي إشاعة المعرفة وكشف المستور وفضح المجرمين؟! وما يهمنا ليس التوسع في هذه الجزئية التي تناولها البعض بالتنفنيد وهم صادقون. ولكن وبغض النظر عن القصور الشامل الذي يحيط بهذه العملية أنيَّ أتيتها، وكذلك التلاعب بأمن الوطن وتهديد مبدأ حسن الجوار، وخطورة ذلك راهنا (في تلك الفترة) ومستقبلا علي سلامة وأمن البلاد (وهو ما تكشف لاحقا في التعدي علي حلايب وشلاتين والسودانيين من دون أدني رد مسؤول من الحكومة السودانية المتواطئة) إلا أنها تكشف أيضا، عن الحبل السري الذي يربط بين الجماعات الإسلاموية، وتقاطع ذلك مع البنية الإستخباراتية التخطيطية والتنفيذية، الراسخة بدورها في هذه المنطقة الملعونة او المسكونة بالإستبداد! وكذلك التجاهل الكبير لطبيعة الأنظمة الحاكمة سواء أكان في مصر او إثيوبيا! بمعني، حتي بفرض نجاح العملية، فإن الوريث الشرعي لحسني مبارك، لن تكون الجماعة الإسلاموية المصرية بحال من الأحوال ولا غيرها من الأحزاب السياسية! ولكنها المؤسسة العسكرية وحلفاءها، المتغلغلون في كل أنشطة الدولة وحقولها المتنوعة، والذين يشغلون من الدولة موقع الدولة العميقة، والتي يستحيل ميراثها سياسيا او إقتصاديا او إجتماعيا..الخ، إن لم يتم تفكيكها والتخلص من آثارها نهائيا. بمعني مكرر، الفشل يحيط بالعملية من كل الجوانب كما أسلفنا، ولكن هل ذلك يمنع تورط الترابي في العملية او ينفي شبهة الإشتراك؟ أعتقد أن العكس هو الصحيح! أي إعطاء الترابي الضوء الأخضر لإنطلاق العملية (ولا ننسي طموحاته الأممية) هو ما جعل أي إعتراض علي هذه العملية العبثية، هو بمثابة إنتحار سياسي وتنظيمي! وهو ما جعل التمعُّن في صلاحية العملية او فوائدها المنتظرة، قضية خارج التفكير لدي الجهات التي وصلها أمر التخطيط والتنفيذ! وحتي لو شذَّ البعض وإقتنع بفشل العملية بناء علي خبرته وتخصصه، فإنه لا يقوي علي الإعتراض او التصريح بقناعاته او تقديم خبراته ومبرراته! أي ليس هنالك مكان او دور لسلمان الفارسي في هذه الجماعة الإسلاموية التي صنعها الترابي! مما يشير الي تراتيبيتها الإمبراطورية او البابوية الواقعية رغم تعلقها بأستار الدين الإسلامي ومساواته شعارتيا. ولكن الأهم من ذلك، أن هذه العملية وإستطرادا هذا الدور الخفي للترابي في إعطاء الضوء الأخضر، تستجيب لطبيعة الترابي الإجرامية، التي تلجأ للبس القفازات عند إرتكاب جرائمها، وتحرص علي إخفاء آثارها حتي قبل تنفيذ الجرائم! ويساعدها في ذلك، أسلوب السمع والطاعة العمياء في علاقة الترابي بأتباعه (كل ما يصدر عن الترابي، صالح وسليم وإسلامي مبدئيا، والعكس صحيح.) إضافة الي توافر عدد كبير من شواطين (الإنس/الإسلامويين) لا يعلم عددهم وطبيعة إستجابتهم إلا الترابي! وهم ينوبون عنه، سواء في ترجمة أفكاره/ميوله المنحرفة (الجهاد مثلا) او في تنفيذ جرائمه البشعة بصورة مباشرة، بعد تلقي الأوامر منه شخصيا، ولكن في غياب أي شاهد عيان! ويشهد علي ذلك إن لم تؤكده، مسيرة الترابي السياسية وتحلق بعض المريدين حوله وتعلقهم به بصورة مرضية، وهم يدافعون عنه بالحق والباطل ويبررون تناقضاته ويجعلونه فوق المساءلة والنقد او التعرض له بحال من الأحوال، وهذا في جانب الأقربين! ناهيك عن الأعداء الأبعدين الذين يُستخدم في حقهم كل أنواع الأسلحة المشروعة والمحرمة؟! ولكن ما يستعصي علي النفي والإنكار والتبرير، هو تصريح الترابي نفسه عن نفسه، بعد أن دانت له السلطة وأسكره دنها، أنه طلب من البشير أن يذهب الي القصر علي أن يذهب هو الي السجن، في حيلة ظاهرها التمويه وباطنها الوقاية من الأخطار! وشاهدنا هنا، أن هذا التعبير او المسلك يشكل نقطة مفتاحية لفهم طبيعة الترابي السلطوية ونازعه الإجرامي المستتر، بل قد يرقي هذا المثال الي مرتبة دليل الإدانة او البينة في عرف القانونيين! ولكن الأهم أنه يفسر بدوره أسلوب ومنهج وطريقة أداء الترابي سياسيا وسلطويا، وإحتمال سائر ممارسته اليومية والحياتية، وهو ما تعجز قناة الجزيرة عن الإحاطة به او ترغب في الإطلاع عليه او إطلاع أحد عليه! وخلاصة هذا الضوء الأخضر أنه لا يبتعد كثير عن التعبير الشعبي المصري (يقتل القتيل ويمشي في جنازته!) وهذا بدوره يفسر أن الترابي لا يمثل شخصية إزدواجية (يسودها مستر هايد!) فقط! ولكنه يحمل شخصية ثلاثية او متعددة الجوانب او الأبعاد! فيها الجانب السلطوي الإجرامي والسياسي الإنتهازي والفكري البراغماتي والمرحلي الحربائي والزعيم المستبد والقيادي المرواغ، وغيرها من الجوانب او الأوجه! ولكن المؤكد أن أبرز الجوانب او الوجوه الغائبة عن هذه الأوجه المركبة، هي الوجه الوطني الخالص والأخلاقي النزيه والمبدئي المشرف! ولكن ما يهمنا من كل ذلك، أن مشاركة الترابي او عدم مشاركته في هذه الجريمة الصبيانية، لا تشكل قطرة أمام بحر المصائب والنكبات والمحن، التي طالت الدولة والمواطن والقيم الإجتماعية والحياة السياسية والحالة الإقتصادية ..الخ من مجالات وأنشطة، من جراء تخطيط وممارسات الترابي؟! لكل ذلك، لا أعتقد أن في سيرة الترابي ما يسر او يثير الرغبة في المعرفة والإستفادة من أي ناحية! ولكن ما يمكن أن يؤخذ من هذه السيرة المحزنة والمسيرة الكارثية او البعض منها ما يلي:
أولا، إن الزعيم الأوحد الذي يصنع عقيدته او جماعته، والتي قد تستقطب أتباع لا حصر لهم او يجدون أنفسهم في طرحها وبشرياتها ووعودها، غالبا ما يتسرب الإعتقاد في العقيدة الي الإعتقاد في الزعيم، لدرجة يصعب الفصام بينهما، وكأنهما توأم سيامي! وهو ما يجعل تقديس الزعيم وأجب تنظيمي وتقديس العقيدة واجب وجودي! وهذا بدوره يفتح العقائد علي إرتكابات وتجاوزات في حق الدول والشعوب لا حد لها، والزعامة علي عصاب وجنون ونرجسية لا يمكن إحتمالها او تصورها! وهذا بالطبع بعد أن تتدني مرتبة الدول والشعوب والحياة ذاتها، لدرجة التلاشي في حضرتهما؟! وبتعبير واضح، كما أن الزعيم الفاسد ينتج عقائد فاسدة قبل أن يفسد كل العقائد، كذلك كل العقائد لها قابلية عالية علي إفساد القائد والقيادة! الشئ الذي يحتم الفصل بين القيادة والعقائد؟! بمعني، أي قيادة من دون كوابح تنظيمية، تمنع إستفرادها بالقرار وإحتكارها للأفكار وسيطرتها علي التنظيم، هي مقدمة طبيعية لإنتاج الإستبداد او وصفة مجانية لحكم الفرد وإزدهار الديكتاتورية، وما يستتبع ذلك من إهلاك الحرث والنسل ودمار العمران. وبكلمة مختصرة يجب ترك العقائد للقلوب والقيادة للعقول، او ما للعقائد للعقائد ومدارها الفرد وما للسياسة للسياسة ومدارها الحياة المشتركة للأفراد.
ثانيا، أي محاولة تذاكي علي المؤسسة العسكرية بنية إستغلالها في الوصول الي السلطة ومن ثم ركلها بعيدا عنها! هي محاولة يائسة وأثبتت فشلها مرارا وتكرارا تاريخيا، وأي تخمين بأن هنالك إستثناء يبيح إعادة المحاولة هو تخمين قاصر، مهما كان ذكاء صاحبه وحجم تجربته السياسية وقوة تنظيمه الحزبي! والسبب أن السلطة لا تقبل القسمة علي إثنين، حتي ولو إحتملت الوفاق والتراضي التكتيكي بينهما لبعض الوقت ضد العدو المشترك! لأن الكفة في كل الأحوال تميل للجهة صاحبة الشوكة، وبالطبع هي المؤسسة العسكرية ممثلة في قادتها، مهما كانت درجة تواضع قدراتهم! وهو ما قد يفسر بدرجة او أخري، لماذا تقل إمكانية نجاح إنقلاب عسكري ضد آخر.
ثالثا، إن القائد المستبد والزعيم الفاسد، أخطر علي الدولة من الجيوش الغازية، وما تعيثه في البلاد من خراب وفساد وما تلحقه بالعباد من ضرر وإذلال، وهذا دون التشوهات العميقة التي تحدثها علي مستوي الوعي الوطني والقيم السياسية.
رابعا، براغماتية الزعيم وقبول تناقضاته والتغاضي عن أخطاءه، وقياس مصداقية أقواله علي أمانته وثقتهم فيه وليس علي معقوليتها، والتذلل في حضرته، مهما كان حجم كارزميته وقدراته علي التأثير! هو كالنوايا الحسنة التي تُعبِّد الطريق الي جهنم الدوغمائية وتغييب وعي الأتباع وإحالتهم الي قطيع من الرءوس الفارغة والوجهات الضالة، مما يسهل تحولها الي أدوات ومطايا يستغلها ويعبر بها الزعيم الي إدراك طموحاته الخاصة؟!
خامسا، وبناءً عليه، يظهر معدن الزعيم الحقيقي او الزعيم المطلوب، في حجم التضحيات التي يقدمها من أجل الإيمان بمشروعه او فكرته، ومراعاة المصلحة الخاصة للأتباع الذين إرتضوا أن يلتفوا حوله، هذا من جانب، والمصلحة العامة للبلاد من الجانب الآخر! أي أن يكون قريب من أنصاره ومتواضع في حضرتهم، في الوقت الذي يتسع فيه أفقه ووعيه ورؤيته لإحتواء كل الفضاء الوطني، ويمكن إضافة التمتع بحساسية التنبؤ السليم او الإستمتاع بمقدرة القراءة المنفتحة علي المستقبل! وإلا لا حاجة لنا في زعامة او قيادة او بطولة! وهو ما يفترض بدوره إجتراح بدائل جديدة، وإلا ما قيمة الحياة وترقيتها والمسؤولية وتحملها، من دون خوض المجهول وتحدي المستحيل.
آخر الكلام
يبدو أن هنالك خلل في الشخصية او البيئة السودانية بصفة عامة، طالما أنتجت زعيم (دغمسي) كالترابي وجماعة ضالة كشلة الكيزان! الذين تجردوا من كل أسباب القيم الوطنية والروح الإنسانية والمروءة السودانية، وهذا غير أنهم معجونون بماء الفساد وملطخون بدماء الضحايا وظلم الأبرياء! وعليه، من دون معرفة أسباب الخلل وسد ثغرته، سنظل ندور في ساقية تكرار الأخطاء وإعادة إنتاج المحن! وتاليا ستصبح كل جهود الإصلاح وإجتهادات المعالجة مجرد نفخ في قربة مقدودة؟!
وأخيرا هنالك من يُجمِّل العالم بحضوره النبيل ويُزيِّن الحياة بسلوكه الراقي، ولكن للأسف هنالك أيضا من يخرب العالم/الحياة بتصرفاته الخرقاء، ويفسده/ها بسلوكه وطموحاته وأطماعه الهوجاء! والمؤكد إذا ما صح ذلك، أن الترابي يتربع علي قمة الصنف الثاني! وعليه نسأل الله أن يكون رحيل الترابي، رحيل لآخر نماذجه! وإن شئت رحيل لآخر المحن والكوارث وإرتكاب الأخطاء والجرائم من خلف الكواليس، والأصح من أمامها إعتمادا علي إستدعاء فراسة او فطنة من آثارهم تعرفونهم؟! وكل ذلك لأن الحياة أكثر قصر وبنيتها أكثر حساسية وهشاشة من إحتمال هذه الأمساخ في صورة البشر؟! ولا حول ولا قوة إلا بالله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.