خطوة الانسحاب تحرر المغرب من الضغوط الدولية وتلقي بعبء التحرك التالي في النزاع على عاتق الأممالمتحدة. العرب [نُشر في 2017/03/23، العدد: 10580، ص(4)] المغرب ينأى بنفسه عن الاستفزازات الرباط – يأتي انسحاب المغرب الأحادي الجانب من منطقة الكركارات العازلة، في الصحراء المغربية، بعد نحو ستة أشهر من دخولها، خدمة ودعما لموقف المغرب في النزاع مع جبهة البوليساريو، فيما يضع الأخيرة في مأزق، حسب ما أكده محللون. وأعلن المغرب أواخر فبراير الماضي انسحابه من المنطقة، بعد أن حثّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الطرفين على سحب جميع العناصر المسلحة من المنطقة العازلة دون شروط "لخلق بيئة مواتية لاستئناف الحوار في سياق العملية السياسية التي تقوم بها الأممالمتحدة". وتقع الكركارات على الحدود المغربية الموريتانية على ساحل إقليم الصحراء الذي يتنازع عليه المغرب وجبهة البوليساريو. وربط المحللون الانسحاب بعودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الأفريقي ووصفوه بأنه خطوة تهدف إلى الحيلولة دون إثارة القضية من جديد في المنظمة التي انسحب منها المغرب عام 1984 بسبب عضوية جبهة البوليساريو فيها. وقال المحلل السياسي المغربي عبدالرحيم العلام إن المغرب "لا يريد لمثل حادثة الكركارات أن تشوش على عودته إلى منظمة الاتحاد الأفريقي". ويرى المحللون أن خطوة الانسحاب تحرر المغرب من الضغوط الدولية وتلقي بعبء التحرك التالي في النزاع على عاتق الأممالمتحدة. وقال المحلل السياسي الموساوي العجلاوي المتخصص في الشؤون الأفريقية "المغرب انسحب بذكاء من الكركارات وترك الكرة في ملعب الأممالمتحدة". وأضاف أنه سيكون على "الأممالمتحدة من خلال الدول الكبرى أن تمارس ضغطا على جبهة البوليساريو والدول التي تدعمها خاصة في ما يتعلق بحرية تنقل الشاحنات والسيارات في الخمسة كيلومترات التي توجد بها المينورسو (قوات حفظ السلام في الصحراء المغربية) وعناصر البوليساريو". وضمّ المغرب إقليم الصحراء إليه عقب انسحاب الاستعمار الإسباني منه في عام 1975 وتأسست جبهة البوليساريو بعد ذلك بعام، ورفعت السلاح في وجه المغرب وأعلنت جمهورية مستقلة وطالبت بالانسحاب من الإقليم الغني بالفوسفات والسمك ويعتقد أن به مكامن نفطية. واستمر الصراع المسلح إلى عام 1991 عندما تدخلت الأممالمتحدة لوقف إطلاق النار. ودخلت قوات أمنية مغربية منطقة الكركارات في 14 أغسطس الماضي بهدف محاربة التهريب وتنفيذ عملية تمشيط واسعة، وأكدت السلطات إنه "تم تطهير المنطقة من جميع أشكال التجارة غير القانونية وممارسيها". ورغم تأكيد المغرب أن عملية تطهير الطريق لا تمثل أيّ انتهاك لبنود اتفاق وقف إطلاق النار، اعتبرت البوليساريو أن ذلك "غير مقبول" وبدأت في تعبئة قواتها في خطوة تصعيدية أسفرت عن تدخل جنود تابعين للأمم المتحدة. وطالب الأمين العام للأمم المتحدة الطرفين بالانسحاب ووصفهما بأنهما أصبحا "على مرمى حجر من بعضهما البعض". وجاءت خطوة الانسحاب أحادي الجانب بعد أيام من اتصال هاتفي بين العاهل المغربي الملك محمد السادس والأمين العام الذي طالب الطرفين بالالتزام "بأقصى درجات ضبط النفس واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتجنب تصعيد التوتر في منطقة الكركارات". وقال العلام إن "المغرب لا يريد أن يناقش موضوع الصحراء في منظمة الاتحاد الأفريقي بل يريد أن يركز على مواضيع اقتصادية وشراكات تجارية". وأضاف أن المغرب بقرار الانسحاب "لا يعطي الفرصة للبوليساريو أن تحتجّ داخل المنظمة". وقال إن المغرب ينأى بنفسه عن "هذه الاستفزازات لأنه لا يريد أن ينسف ما قام به من جهود سياسية واقتصادية مؤخرا في أفريقيا" والتي توجت بانضمامه مجددا إلى الاتحاد الأفريقي.