عقار يلتقي مدير عام وحدة مكافحة العنف ضد المرأة    الداخلية السعودية تبدأ تطبيق عقوبة "الحج دون تصريح" اعتبارًا من 2 يونيو 2024    أمير الكويت يعزى رئيس مجلس السياده فى وفاة نجله    دورتموند يصعق باريس ويتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا    كرتنا السودانية بين الأمس واليوم)    شاهد بالفيديو.. البرهان يصل من تركيا ويتلقى التعازي في وفاة ابنه    ديمبلي ومبابي على رأس تشكيل باريس أمام دورتموند    محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    القوات المسلحة تنفي علاقة منسوبيها بفيديو التمثيل بجثمان أحد القتلى    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    إيلون ماسك: لا نبغي تعليم الذكاء الاصطناعي الكذب    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تشعل حفل غنائي حاشد بالإمارات حضره جمهور غفير من السودانيين    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس المجلس الوطني يهدد البروفسير الطيب زين العابدين بالسجن لكتابته عن راتبه الكبير
نشر في السودان اليوم يوم 15 - 08 - 2011

هدد رئيس المجلس الوطني أحمد ابراهيم الطاهر الكاتب الصحفي البروفسير الطيب زين العابدين بالسجن في اتصال هاتفي يوم الاثنين 8 أغسطس بسبب مقاله يوم الأحد 7 أغسطس الذي تناول فيه مرتب رئيس المجلس الذي يبلغ (31) مليون جنيه ، أي مليون جنيه يومياً .
وسبق ونشرت (حريات) بتاريخ 27 يونيو أن مرتب رئيس المجلس الوطني يصل الى حوالي (30) الف شهريا ( 30 مليون بالقديم ) ! إضافة إلى نثريات مكتب شهرية تبلغ (50) الف (50 مليون) ، ونثريات اخرى كنثريات السفر التي بلغت في احدى سفرياته الاخيرة الى بريطانيا مبلغ ( 45 الف دولار) !! لم يرجع منها ولا دولارا واحدا !!
ورد البروفسير الطيب زين العابدين على تهديد أحمد ابراهيم الطاهر في مقاله الأسبوعي أمس الأحد 14 أغسطس قائلاً ( ... مخصصات الدستوريين مما يصدر عادة بقانون ينبغي أن يكون متاحاً لكافة الناس. ولكن بعض رجال الحكم يريد أن يغترف كامل مخصصاته من الدولة السنية، ومع ذلك يتمسح بالزهد فيها لأنه يدعي بأنه لا يعمل من أجل المخصصات المادية الفانية ولا من أجل المنصب الزائل، وإنما من أجل الدين والوطن، ويتمثل ذلك في الشعار الأجوف الذي يلوكونه صباح مساء: هي لله هي لله لا للمنصب ولا للجاه! وقد عاد الشعار سلباً على الإسلام والحركة الإسلامية حتى أصبح مصدر سخرية بين الناس.
وعلى كلٍ فإني أتحدى بملء الفم الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر أن يجرؤ ويأخذني إلى ساحة القضاء العادل، وأنا أرد على تهديده ووعيده بقول جرير المشهور عن الفرزدق:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً
فابشر بطول سلامة يا مربعا ) .
( مقالا الطيب زين العابدين مثار التهديد والرد أدناه) :
اكرامية النواب .. دعم اجتماعي أم رشوة سياسية؟
7أغسطس
ورد في صحف الأربعاء الماضي خبرُ مفاده أن رئيس الجمهورية صدق بدعم اجتماعي لنواب البرلمان قدره 5.7 مليار جنيه (قديم) يتم صرفه قبل حلول عيد الفطر المبارك، بواقع 15 مليون جنيه لكل نائب. وبدأت قيادات في المجلس الوطني سلسلة اتصالات لتحريك دفع المبلغ قبل العيد. ولا شك عندي أن هذه القيادات البرلمانية ستنجح في جهودها في تحريك المبلغ المصدق به ودفعه للنواب خاصة إذا ما دعمها رئيس المجلس الوطني الذي لا يرد له طلب ببعض الاتصالات التلفونية، وذلك رغم التعثر المالي الذي تعاني منه وزارة المالية حتى منعها أن تدفع منذ سنوات مستحقات التذاكر والبديل النقدي وفئة الترحيل للعاملين بالجامعات من دون كل فئات العاملين في أجهزة الدولة الأخرى، اعتمادا على أنها تستطيع أن تدفع ذلك من مواردها الذاتية التي بالكاد تغطي تسيير العملية التعليمية التي لا تصرف عليها وزارة المالية أكثر من 10% من تكلفتها. ونسأل ببراءة: هل نواب البرلمان الذين يعملون ساعات في الأسبوع هي أقل من أي عامل في أجهزة الدولة، ويمارس معظمهم أعمالاً أخرى حكومية وغير حكومية تدر لهم رزقاً إضافياً، ويستفيدون من علاقاتهم السياسية في تسهيل الكثير من أعمالهم وأعمال عشيرتهم الأقربين، وهم أصلاً ليسوا من طبقة الفقراء المعدمين فالسياسة ليست مهنة المعدمين من الناس! هل هؤلاء النواب أولى بالدعم الاجتماعي الرئاسي من فئات المجتمع الأخرى مثل المرضى الذين لا يجدون حق العلاج في المستشفيات الحكومية، وآباء التلاميذ الذين لا يجدون حق الفطور لأبنائهم ولا يستطيعون دفع الرسوم التي تطالبهم بها المدرسة، والمعاشيين الذين يقبض معظمهم أقل من 200 جنيه في الشهر لا تكفي لمقابلة قيمة الكهرباء والماء، وبقية الفقراء والمساكين الذين قدرهم مركز الإحصاء المركزي ب 46% من أهل السودان (يقدر الأكاديميون والمؤسسات الدولية نسبة الفقراء في السودان بأعلى من ذلك بكثير). لو كان المقصود هو الدعم الاجتماعي لكان ينبغي أن تكون الأولوية للفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع ولن يكون نواب البرلمان بحال من الأحوال ضمن هذه الفئات.
يتقاضى نائب البرلمان حوالي 4000 جنيهاً في الشهر وهي تعتبر أعلى قليلاً من قيادات الخدمة المدنية وأساتذة الجامعات (باستثناء موظفي البنوك والمؤسسات الاقتصادية)، وهو ليس مبلغاً كبيراً مقارنة بتكاليف المعيشة وغلاء الأسعار التي تزداد يوما بعد يوم، ويتقاضى رئيس اللجنة في البرلمان 14000 جنيها ( المجلس به 17 لجنة) وقد وعدت قيادة المجلس بعد خروج الأعضاء الجنوبيين بتقليصها إلى 12 لجنة ولكن النواب المغاوير وقفوا سداً منيعاً فقد ظلوا ينتظرون خروج أعضاء الحركة الشعبية بفارغ الصبر حتى يرثوا مواقعهم)، ويتقاضى رئيس البرلمان حوالي 31000 جنيهاً (أي مليون جنيه في صباح كل يوم، ألا يحق له أن يدافع عن الحكومة بمناسبة وبدون مناسبة؟). ويبدو أن الفوارق كبيرة بين فئات البرلمانيين المختلفة وتعطي مبرراً للنواب من الدرجة الثالثة أن يتذمروا ويطالبوا بتحسين أوضاعهم ولو عن طريق الدعم الاجتماعي، ولكن الدعم الاجتماعي الرئاسي سيعم الجميع ويناله رئيس المجلس ورؤساء اللجان فهم أيضاً نواب منتخبون. ولكن هل تحتمل موازنة الدولة المتعبة بعد خروج عائدات بترول الجنوب مثل هذه القرارات الاستثنائية (وما أكثرها) التي لا أصل لها في الميزانية المجازة؟
والحقيقة أن الحزب الحاكم يراعي منسوبيه والداعمين له والأجهزة الحارسة له بصورة غير مسبوقة في تاريخ السودان، يتجلى ذلك في التعيينات للوظائف العليا والترقيات والمخصصات الرسمية (خارج الدعم الاجتماعي) والتغاضي عن التجاوزات المالية.
وما عادت سياسة الأجور في الدولة واضحة أو مفهومة، فقد كانت في وقت مضى أجور ضباط القوات النظامية وأساتذة الجامعات والقضاة هي الأعلى في الدولة ومتساوية تقريباً بين الفئات الثلاث، ولكنها اليوم لا رابط بينها فقد خرجت أجور القوات النظامية من اختصاص المجلس الأعلى للأجور الذي ينظر في أجور كل العاملين بالدولة، ولا علم لنا عن الجهة التي تحدد مخصصات منسوبي القوات النظامية ولكن مظاهر الحال تدل على أنهم يتنعمون بمرتبات عالية وبمعاشات أعلى (بارك الله لهم في رزقهم)، أما القضاة والمستشارون القانونيون فيتقاضون مرتبات أعلى من الأساتذة الذين درسوهم في الجامعات. والظلم الاجتماعي والتفاوت الطبقي وصل أعلى درجاته في عهد هذه الحكومة، ولا يكاد يمر أسبوع دون أن يتسرب للإعلام معاملة تميزية أو استثنائية لفرد أو جهة من منسوبي الحكومة أو التغاضي عن فساد زكمت رائحته الأنوف. وتظن الحكومة أنها بذلك تكسب تأييداً لسلطتها من الجهات والأفراد الذين تختصهم بريعها الحلوب، وبما أن الحكومة لا تستطيع أن تمنح رشاويها السياسية لقطاع كبير من الشعب السوداني فإن النتيجة الحتمية لمثل هذا السلوك غير العادل أن يشيع التذمر في أوساط الناس ويضعف مكانة الحكومة الأخلاقية في نفوس الناس، ويجعلهم يسخرون من دعاويها في إقامة المشروع الحضاري أو تطبيق الشريعة الإسلامية. ويغذي ذلك الاحتقان الشعبي ضد الحكومة خاصة بين الشباب وجحافل البطالة الجامعية وبروليتاريا المدن وفقراء الريف، وسيأتي اليوم الذي ينفجر فيه ذلك الاحتقان بسبب صغير لا يخطر على بال مثل انتحار محمد بوعزيزي في تونس أو موت معتقل في مخفر الشرطة المصرية. وفي كل مرة يدور نقاش سياسي بين مؤيدين للحكومة ومعارضين لها يبرز الحديث عن الرشوة والفساد والشركات المنهوبة والصرف السياسي البذخي والمعاملات المالية التفضيلية أياً كانت القضية المطروحة للنقاش، ولا يستطيع مناصرو الحكومة مهما طال لسانهم أن يردوا تهم الرشوة والفساد عن الحكومة بل قد يخوضون في نقدها حتى لا تطالهم التهمة.
إن العدل الاجتماعي والسياسي هو أساس بناء الدول القوية، وقد أدركت الدول الغربية هذا المعنى بصورة واضحة منذ تأسيس النظام الديمقراطي في تلك البلاد لذلك جعلت أهم ركائز الحكم تقوم على: تعزيز حكم القانون فلا يفلت منه أحد مهما كان منصبه، مبدأ الضبط والتوازن( check & balance) لكل سلطة حتى لا تطغى أو تنفلت، المحاسبة السياسية والقانونية لكل من يرتكب مخالفة، حرية التعبير التي تكشف خبايا الأخطاء والمخالفات، التداول السلمي للسلطة الذي يعطي المواطن حق الإطاحة بالحكومة الفاسدة أو الظالمة أو الضعيفة. وهي مبادئ يقرها الإسلام ويدعو لها ولكن حظها في التطبيق ضعيف في دول العالم الإسلامي التي أصبحت في مؤخرة الدول بميزان العدالة والحرية، ولكني أحسب أن ربيع الديمقراطية العربي الذي بدأ من تونس إلى مصر واليمن وليبيا والبحرين وسوريا لا بد سيواصل مداه في بقية الدول الاستبدادية لأنها حركة تسير في اتجاه العدالة والحرية وتلك مسيرة التاريخ التي لا رجوع .
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً
أ.د.الطيب زين العابدين
14 أغسطس
عقب نشر مقالي يوم الأحد الماضي 7 أغسطس بعنوان: إكرامية النواب.. دعم اجتماعي أم رشوة سياسية، اتصل الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني برئيس تحرير جريدة «الصحافة» ينفي بشدة معلومة وردت في المقال وهي أن مرتب ومخصصات رئيس المجلس الوطني تبلغ 31 ألفاً من الجنيهات، ولم يحدد لرئيس التحرير مخصصاته الحقيقية ،«منتهى الشفافية المالية التي اعتدنا عليها من رجال الإنقاذ!». وقام رئيس التحرير بنشر النفي الذي قال به الطاهر كما جاء منه في الصفحة الأولى من الجريدة في اليوم التالي من نشر المقال. وكان يمكن أن ينتهي الأمر عند هذا الحد، ولكن شاء الطاهر أن يذهب خطوة أبعد ليظهر سطوته على العبد الفقير، فاتصل بي تلفونيا نهار الإثنين بعد نشر التصحيح الذي طلبه ليقول لي: إن المعلومة التي نشرتها خاطئة ومن مصادر مجهولة وينبغي عليك الاعتذار عنها، فأجبته بأني استقيت معلومتي عن مرتبه ومخصصاته ومرتب النائب في البرلمان ورئيس اللجنة البرلمانية التي ذكرتها في المقال من أحد كبار القياديين في المجلس الوطني ولا نية لي في الاعتذار عنها.
وهنا اختفت لهجة التهذيب المصطنعة، وكشف الطاهر عن وجهه الحقيقي فقال لي مهدداً ومنتفخاً بسطوته: إنك تكذب بعد أن بلغت السبعين من العمر وسأشتكيك وأدخلك السجن! ولا أدري كيف عرف الطاهر مسبقاً أني مدان في المحكمة لا محالة وأن عقوبتي ستكون السجن؟ هل هذا منهج عدالة الإسلام الذي تعلمه في صفوف الحركة الإسلامية دهراً من عمره؟ أم هو حصيلته المحدودة في فنون القانون الذي درسه ومارسه سنين عددا؟ أم هو استغلال النفوذ وسلطة القوي على الضعيف التي أهلكت الأمم من قبلنا؟
وأياً كان السبب الذي حدا بالطاهر الى أن يكون متيقنا من إدانتي والحكم علي بالسجن، فإني أرحب بمناجزته في ساحة القضاء علانيةً أمام الملأ أياً كانت نتيجتها، ولكني متأكد بأنه سيندم على شكواه.
فالشخص الديمقراطي يؤمن بحكم القانون مهما كان رأيه في ذلك القانون، والشخص الاستبدادي هو الذي يظن أنه فوق القانون لسلطته أو سطوته أو ماله، ونظن أننا في زمرة من يؤمن بالديمقراطية. وحيرني معرفة وجه الجريمة التي تستحق السجن في خطأ ذكر الرقم الصحيح لمرتب أحد الدستوريين زيادة أم نقصاناً؟ وهل هناك أدنى شبهة بإشانة السمعة إذا ذكر المبلغ أكثر أو أقل من حقيقته؟ ولكن يبدو أن الطاهر يعاني من حساسية مفرطة تجاه التعرض لمخصصاته المالية في أجهزة الإعلام، فقد سبق له إبان رئاسته المجلس الوطني الذي سبق اتفاقية نيفاشا، أن دخل في احتكاك مع الصحافي عبد الحميد عوض الذي كتب في جريدة «الرأي العام» مادة عن مخصصات رئيس المجلس، فمنع من دخول البرلمان بعدها، ويحتار المرء في هذا القدر من الحساسية تجاه موضوع هو من القضايا العامة، لأن مخصصات الدستوريين مما يصدر عادة بقانون ينبغي أن يكون متاحاً لكافة الناس. ولكن بعض رجال الحكم يريد أن يغترف كامل مخصصاته من الدولة السنية، ومع ذلك يتمسح بالزهد فيها لأنه يدعي بأنه لا يعمل من أجل المخصصات المادية الفانية ولا من أجل المنصب الزائل، وإنما من أجل الدين والوطن، ويتمثل ذلك في الشعار الأجوف الذي يلوكونه صباح مساء: هي لله هي لله لا للمنصب ولا للجاه! وقد عاد الشعار سلباً على الإسلام والحركة الإسلامية حتى أصبح مصدر سخرية بين الناس.
وعلى كلٍ فإني أتحدى بملء الفم الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر أن يجرؤ ويأخذني إلى ساحة القضاء العادل، وأنا أرد على تهديده ووعيده بقول جرير المشهور عن الفرزدق:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً
فابشر بطول سلامة يا مربعا
وعرفت من المسؤولين في جريدة «الصحافة» أن الطاهر تقدم بشكوى إلى مجلس الصحافة والمطبوعات ضد الصحيفة، وبالطبع فإن مجلس الصحافة حتى لو اقتنع بصحة الشكوى لا يستطيع أن يدخلني السجن،أما تهمة الكذب التي رماني بها بعد أن بلغت السبعين من العمر «وقد بلغتها بالفعل»، فأنا أردها عليه وعلى الجماعة التي جاءت به إلى رئاسة البرلمان بمؤهلات متواضعة بديلاً عن الشيخ الدكتور حسن الترابي، فهي التي سرقت السلطة على ظهر دبابة في جنح الظلام، وحنثت بقسمها على المصحف الشريف أن ترعى وتحمي الدستور والنظام الديمقراطي، وخرجت للناس بكذبة بلقاء أخفت بها حقيقتها وحقيقة مركز السلطة الذي يدير الدولة من وراء ستار، «ودغمست» بحرافة عالية توجهها الفكري والسياسي عن العالمين. من الذي يكذب منا يا أحمد إبراهيم الطاهر؟ أنت وجماعتك الحاكمة أم شخصي الضعيف الذي وقف ضد كل ما فعلتموه في حق هذا البلد الطيب من خطايا وموبقات أدت إلى ما يحيط بنا اليوم من مشكلات وأزمات في كل أنحاء البلاد؟ وفعلت ذلك حتى لا يقال إن كل قيادات الحركة الإسلامية استمرأوا السلطة وسكتوا عن كل خطاياها لأنهم منتفعون منها، ولأن هدفهم لم يكن أصلاً إقامة الدين ولكن التذرع به واستغلال عاطفته والاتجار بها بين الناس!
وإذا كان ما قلته في حجم مرتبك ومخصصاتك يعتبر من باب الكذب الذي يستحق صاحبه دخول السجن، فماذا تقول في حق من يترأس البرلمان، الذي هو هيئة رقابية تشريعية نيابة عن الشعب، ويعجز عن تحريك ملفات الفساد الكثيرة التي يحفل بها تقرير المراجع العام كل سنة وتوضع على منضدة مكتبه، ومع ذلك يدعي بأنه يقوم بواجبه تجاه الشعب؟ ومازلت أعلن أن مرتب ومخصصات رئيس المجلس الوطني أكثر من المبلغ الذي ذكرته في مقالي المشار إليه، وأستطيع أن أبرهن على ذلك أمام محكمة فيها اتهام ودفاع وشهود وتطرح فيها الوثائق التي لا يكشف عنها الغطاء، لذا أنا أدعو الطاهر أن يثبت على تهديده لي ويأخذني إلى ساحة القضاء الذي يستطيع أن «يؤدبني» ويرمي بي في السجن كما توعد. أما الشكوى إلى مجلس الصحافة فلا تعدو أن تكون محاولة بائسة لحفظ ماء الوجه، وربما يظن الرجل أنه أقدر على إصدار ما يريد من إدانة وعقوبة من خلال لجنة شكاوى مجلس الصحافة، مقارنة بمحاكم القضاء وما يتم فيها من إجراءات دقيقة ومن مواجهات صريحة وعلنية بين الاتهام والدفاع، وما يتطلبه ذلك من شهود وبيِّنة وقسم على ما يدعيه كل طرف. ولكن الطاهر يريد أن يتفادى كل ذلك، لأنه يحمل قضية ضعيفة وخاسرة. والتحدي أمامه أن يثبت غير ذلك!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.