نحن — مقاتلى الحرية من الحركات الاربعة التى شكلت (الجبهة الثورية) — ثم انضم اليها المهمشون الذين هم على شاكلتهم — ويجمعهم ذات الهم من ابناء الشرق والشمال — كوش — والجبهة مفتوحة لكل من هو ملتزم باهدافها وقيمها — نحن — قد تواثقنا فى المقام الاول على (قيم) — وعلى اهداف وطنية — والقيم التى تواثقنا عليها فى الميثاق هى (حقوق الانسان) كما هى مضمنة فى المواثيق العالمية — اننا ندرك حجم معاناة اهلنا فى دارفور وكل كردفان — و مساحتنا هذه لا تضيق بذكر (منطقة جبال النوبة) — وذلك لكون ان نيران الابادة من طائرات الانتينوف تهبط على رؤوسهم الان — ولاننا نرفض طمس هذا الاسم (جبال النوبة ) وشطبه من الذاكرة — وعلى الرغم من ادراكنا لحجم معاناة اهلنا – الا ان (القيم) تشكل عنصرا اساسيا من عناصر الميثاق — واذا كانت القيم المضمنة فى المواثيق الدولية — نظريا — كلها بدرجة عالية من الاهمية و بمستوى واحد — الا اننا فى السودان الان نعطى اولوية قصوى لقيم التسامح وقبول الاخر ولقيم (الحرية)– و ذلك لطول ما عانينا من الاستبداد والقبضة الامنية وسيطرة عقلية شذاذ الافاق من المهوسين الدينيين على مسرح الحياة — وهى التى ادت الى تمزيق البلاد وطرد الجنوبيين — والادهى ان راس النظام يبشر (بالهوس الدينى) من جديد بعد انفصال الجنوب – لكل هذه الامور فان (مسالة ادارة التنوع ) تصبح اكبر تحدى يواجه التحالف الجديد — وتصبح قيم التسامح وحرية الاعتقاد والضمير والراى من الاولويات الفصوى لمجتمع ما بعد (خلع) الانقاذ فى مثل هذا اليوم 18 نوفمبر 1968 صدر حكم (محكمة الردة) ضد الشهيد محمود محمد طه — والذى تم تنفيذه فى 18 يناير 1985 بسجن كوبر بالاعدام مع الصلب فى عهد اللوثة المايوية — تحت ظل قوانين سبتمبر سيئة الذكر والتى وصفها النميرى نفسه فى لحظة تجلى (بالقوانين البطالة) — وعمر البشير بعد ان فصل الجنوب ووصل بالبلاد الى الدولة الفاشلة يبشرنا باعادة انتاج دولة النميرى ودولة بيوت الاشباح الانقاذية — لقد اعدم النميرى الشهيد محمود لانه عارض الدولة الدينية الثيوقراطية التى لا تسمح بحرية التعبير والصحافة وحرية الضمير وحرية الاعتقاد المنصوص عليها فى المادتين (18) و (19) من الاعلان العالمى لحقوق الانسان — وقال الشهيد محمود فى منشور هذا او الطوفان (الذى اعدم بسببه) بما معناه ان قوانين سبتمبر تمس حقوق الجنوبيين المسيحيين كمواطنين ومن ثم تهدد الوحدة الوطنية — لم يحتمل السفاح نميرى هذا النقد الامين الوارد فى المنشور — الجنوبيون يقولون لقد مات الشهيد محمود مناصرا لقضية المهمشين — ومن اجل دولة المواطنة ومن اجل قيم التسامح وتثبيت (حق الاخر — ان يكون اخرا) — ما نود ان نثبته هنا هو ان ذاكرة المهمشين حديدية — واننا لن ننسى هذا اليوم الذى تمت فيه مصادرة حرية وحياة الشهيد محمود — واننا حين نحى ذكرى هذا اليوم انما نسعى لتامين حقوقنا وحرياتنا جميعا — لان الذى جرى فى حق الشهيد محمود يمكن ان يحدث فى حقنا جميعا الان — واكبر دليل على ذلك هو ان تهمة الردة والاستتابة قد واجهت مولانا النيل ابو قرون نفسه — وهو احد حاشية النميرى وممن لهم ضلع فى محاكمة الشهيد محمود بالردة واعدامه عام 1985 اننا فى الجبهة الثورية السودانية نبشر (بدولة المواطنة) وهى دولة العدل والمساواة بين المواطنين بغض النظر عن العنصر او اللغة او الدين او الجنس او الموقع الجغرافى — اننا نتطلع الى (الوحدة) ولكن الوحدة بشروطها التى سنتواثق عليها بمحض اختيارنا — (الوحدة فى مذهبنا يجب ان تكون طوعية) — نتطلع الى وطن يشعر فيه كل مواطن (بالكرامة والعزة) — لن نقبل ان نكون (عبيدا ) فى وطننا — ولن نقبل ان نعيش مواطنين من الدرجة الثانية او الثالثة فى بلدنا — فاذا كان المركز قد قرر مصيره فى 19 ديسمبر 1955 فان الهامش السودانى فى دارفور وكردفان والشرق قد كان مغيبا انذاك — لذلك فان الوحدة مرة اخرى و كما ورد بمنشور هذا او الطوفان رهينة بالالتزام (بدولة المواطنة) و بانزال قيم حقوق الانسان (كما هى) مضمنة فى الاعلان العالمى موضع التطبيق فى ارض الواقع — ويصورة اخص قيم التسامح وحرية الضمير والراى — اننا فى الجبهة الثورية ندرك ان حكومة السودان مصادقة على جميع المواثيق والعهود الدولية منذ فترة الديمقراطية الثالثة — ورغم ذلك وقعت جرائم بيوت الاشباح ووقعت جرائم الابادة فى الجنوب القديم وفى دارفور وكردفان والنيل الازرق فى عهد الانقاذ — لذلك نحن معنيون بوضع الاليات والضمانات لتنفيذ هذه المواثيق — وكذلك نحن معنيون بتسليط الاضواء عليها ووضعها موضع العناية القصوى باعتبارها القيم التى تقوم على اساسها دولة (سودان) ما بعد الانقاذ ابوبكر القاضى الدوحة