بقلم/ شريف ذهب خلال الأيام الفائتة عقب استشهاد الثائر المناضل الدكتور خليل إبراهيم ، مرت بالبلاد أحداث كثيرة كشفت عن مدى الرعب و الإرباك الذي يعيشه نظام المؤتمر الوطني المتهالك ، منها تعاطي النظام مع التظاهرات الطلابية في الجامعات السودانية وكذلك مع قوى المعارضة بالداخل ، بجانب حبك بعض المسرحيات الهذيلة باستدعاء بعض ازرعها الاستخبارية التي تمت زراعتها سابقاً في صفوف المقاومة الدارفورية بغرض الاستخبار عن أنشطتها والاستدلال بأماكن تواجد قادتها لتقوم طائرات النظام باستهدافهم ، بجانب السعي لشق صفها بالدخول والخروج المتكرر وتكوين أجسام موازية والتي قد تكون خاتمتها تلك المسرحية الباهتة التي تم عرضها خلال اليومين الماضيين في احد فنادق الخرطوم تحت إشراف جهاز أمن ومخابرات النظام ، " وهذا الموضوع سنتطرق له لاحاً بشكل منفصل ومفصّل بعون الله . لكن تقديري أنّ أهم حدث مرت به البلاد خلال الأيام الماضية ولم يجد حظه من التناول الإعلامي برغم عظمه وجسامته يتمثل في المجزرة التي تعرض لها سكان ولاية سنار في إستاد مدينة سنجة والتي أشار إليها النظام في وسائطه الإعلامية انه حادث عرضي نتاج إطلاق خاطئ من احد الجنود لغاز مسيل للدموع أودى بحياة ثلاثة مواطنين واختناق بضع وثلاثين آخرين ؟ وهي رواية كاذبة وساذجة تنم عن استخفاف النظام بعقول الناس ، كونها مجافية للحقيقة تماماً كما استقيناها من مصادرنا الموثوقة من مكان الحدث . وأصل قصة هذه الكارثة الإنسانية تعود إلي أنّ المدعو عبد الرحيم محمد حسين وزبر حرب النظام ( المطلوب للعدالة الدولية في جرائم دارفور ) كان قد احضر بمعيته كلاً من الفنانين الغنائيين الأستاذ عبد الرحمن عبد الله والأستاذ عبد الله ( البعيو ) لأداء بعض الأغاني الحماسية ، وبشكل مقصود تم الطلب من الفنان عبد الرحمن عبد الله أداء أغنية ( وصّلنِي ود بندة ) ليطرب ويرقص على أنغامها عبد الرحيم محمد حسين وجنوده تشفياً عن اغتيالهم للشهيد الدكتور خليل إبراهيم في تلك المنطقة ، مما استثار غضب بعض الشرفاء من المواطنين الحضور نشب على إثرها احتكاك بينهم وبعض أفراد القوى الأمنية وبينهم ضابط برتبة عليا ما لبثت أن تطورت لأحداث شغب عارمة أدخلت الهلع في نفوس الحضور من كبار مسئولي النظام ، فقامت القوى الأمنية بإطلاق كثيف للغازات المسيلة للدموع أدت لوفاة وإصابة أعدد كبيرة من المواطنين تفوق الأرقام التي خرجت بها أجهزة إعلام النظام . هذه بإيجاز هي حقيقة ملابسات تلك الأحداث التي حاول النظام إخفائها كدأبه ، لكن الغريب هو تجاهلها من بعض قوى المعارضة بالداخل والتي انشغلت بصراعاتها الداخلية عوضاً عن الذهاب لموقع الحدث وتقصي الحقيقة من هناك والتضامن مع المواطنين لنيل حقوقهم كما فعلت ولو بشكل متأخر جداً مع قضية أهلنا المناصير في مروي . الرحمة والخلود للشهداء وأحرّ التعازي لذويهم وعاجل الشفاء للمصابين جراء هذا الحادث الأثيم .