ثروت قاسم اليس الصبح بقريب ؟ إن بلاد السودان تبدو اليوم كالقصعة التي تتهافت عليها قوي الاستكبار كما تتهافت الأكلة على قصعتها ! ونحن لسنا قلة ( 30 مليون من البشر ) ! ولكن حتى لا نكون غثاء كغثاء السيل ، كما حذرنا من ذلك الرسول الكريم , فإن علينا أن نسترجع الماضي التليد , ونستصحب الحاضر المائل , لنستشرف المستقبل الواعد ! علينا أن نقف وقفة تدبر , وقفة صحوة , وقفة مراجعة للنفس ومعها ! ونحاول جهدنا الارتفاع الي مستوي المسئولية الوطنية , حيث الوطن هو المرجعية الحصرية ! وليس المصالح الشخصية , وليس المصالح الحزبية , وليس المصالح الجهوية , وليس المصالح الفصائلية ! أولم يخاطبنا القرآن الكريم بقوله : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) ! أذن يجب علينا أن نرتفع الى المستوى الجدير بأن نكون خير أمة أخرجت للناس ! ولن نستطيع الارتفاع الي هذا المستوي ( ونحن علي هذا الارتفاع لقادرين ) , الا باستعمال عقولنا التي وهبها لنا سبحانه وتعالي ! أولم يقل الإمام علي ابن ابي طالب : ( ربِّ من حرمته العقل ماذا أعطيته ؟ ومن أعطيته العقل ماذا حرمته؟ ) . في هذا السياق , العقل ماعون واسع يشمل , من بين مكونات اخري : + المزاوجة الصحية بين الواجب والواقع , بمعني ان نعمل الواجب من تحوطات قبلية قبل تفجير اي انتفاضة , + المثابرة علي يقظة الضمير , + الاهتداء بوضوح البصيرة , + العمل علي اعلاء كلمة الحق , + الاخذ بادوات الحداثة , مع استصحاب الاصول ! كل ذلك من بعض البعض لاعمال انوار العقل في كل ما يخص امورنا الدنيوية ! ! دعنا نبدأ أعمال العقل , بقراءة متانية للمتغيرات الحركية التي يفور بها , المسرح السياسي السوداني هذه الايام , ونحن علي مرمي حجر من عبور الريبكون ! اعمال العقل يقول أن الواقع السياسي ( وجود حوالي 60 فصيل وحركة معارضة مسلحة مقابل الكتائب الاستراتيجية الانقاذية الذئبية ) أكثر تعقيدا من أن يتم المزايدة عليه بالشعارات الجوفاء , الداعية للاطاحة الفورية الكيبوردية بنظام الانقاذ ! إن النفخ في الاحلام الوردية , والسيناريوهات الطوباوية , وتدبيج المقالات المنفلوطية الحماسية , لا يضمن , في حد ذاته , الاطاحة بالنظام ! وانما الاطاحة بالنظام تاتي من اعمال العقل , والتخطيط السليم , والاستفادة من دروس تونس , ومصر , وبالاخص درس ليبيا ! ذلك ان الموديل الليبي يقارب الموديل السوداني ! وقع الحافر علي الحافر ! رئيس مجنون محاصر وليس امامه اي مخرج ! كون كل دول العالم ( 192 دولة ) قد صوتت , بالاجماع , ضده في الجمعية العامة للامم المتحدة ( نيو يورك - الثلاثاء اول مارس 2011 ) , لتجميد ليبيا القذافي من عضوية مجلس حقوق الانسان ! حتي فنزويلا ونيكاراجوا وبوركينا فاسو وتشاد صوتوا ضد سفاح ليبيا ! فاين يمكنه الهرب الان من امر الله ؟ ولكن ترجمة ذلك علي الارض مزيدا من الشهداء ( 6 الف حتي يوم الاربعاء 2 مارس 2011 ) والجرحي ! ولا زال العداد راميأ , مع استمرار السفاح متخندقا في جحر ضبه ! الموديل السوداني صورة طبق الاصل من الموديل الليبي ! مع الاختلاف ان سفاح السودان مطلوب من العدالة الدولية ! وقائمة اوكامبو الخمسينية تحتوي اسماء جميع مساعديه النافذين , الملطخة اياديهم بدماء شهداء دارفور , واغتصاب اكثر من الف صفية اسحق دارفورية ؟ للاسف سوف يجد سفاح السودان وجلاوزته العدو امامهم ( الشعب السوداني ) , والبحر ( اوكامبو ) من خلفهم ! كلمة ( للاسف ) ... لان ذلك يعني مزيدا من الضحايا , كما في موديل ليبيا ! حالهم تحاكي حال قوم نوح كما في الاية 43 من سورة هود : ( ... لا عاصم اليوم من امر الله ... ! ) ( 43 – هود ) حقا وصدقأ ... لا عاصم اليوم من امر الله ! وكل حركة معاها برة ! الريبكون ؟ الريبكون , لمن لا يعرفه , هو نهر في شمال ايطاليا , عبره يوليوس قيصر , بجيوشه , في يناير من عام 49 قبل الميلاد , قاذفأ الامبراطورية الرومانية في أتون حرب أهلية , لم تبق , ولم تذر , وانتهت باغتياله في مجلس شيوخ روما , في عام 44 قبل الميلاد ! واصبح الريبكون يرمز في الادبيات العالمية الي الحد الفاصل , ونقطة التحول ! هل يماثل بحر العرب الريبكون ؟ ويكون الريبكون في هذا المعني الانفصال الدستوري لجنوب السودان في يوم السبت 9 يوليو 2011 ؟ أم هل تماثل انتفاضة النيم الشبابية القادمة بقيادة صفية اسحق الريبكون ؟ ويكون الريبكون في هذا المعني الاطاحة بنظام الانقاذ من جذوره ؟ ام هل يماثل الريبكون الاثنين معأ ... مزاوجة بين انفصال الجنوب وانتفاضة النيم القادمة ؟ وهل يحاكي الرئيس البشير الامبراطور يوليوس قيصر كل ما نعرفه ان بالونة الانقاذ منتفخة بضغائن وغبائن اهل بلاد السودان , وواقفة زنقار ! وان صفية اسحق ( الشعب السوداني ) ما انفكت تمسك في اياديها بدبوسة حادة المقطع ! ولا نعرف متي تختار الوقت المناسب لغرسها في البالون المنتفخ ؟ نعم ... القنبلة تتك , وازداد تتكانها , شيئأ , بعد ثورة 25 يناير في مصر , و17 فبراير في ليبيا ؟ وبعد رفض نظام الانقاذ للاجندة الوطنية بحلول يوم الاحد 6 مارس 2011 , وتقديمه مسودة دستور , معدل كرتونيأ , للبرلمان لاجازته ! القنبلة في انتظار الصاعق ! والصاعق في ايادي صفية اسحق ( الشعب السوداني ) ؟ ولا نعرف متي ينفجر الصاعق ؟ لا نرجم بالغيب , ولا نضرب الرمل , ولا نرمي الودع , ولا نقرأ في كرة بلورية ! ولو كنا نعلم الغيب , لاستكثرنا من الخير و ما مسنا السؤ ! ولكن نجزم بأننا قد وصلنا الي ضفاف الريبكون ! والسؤال هو متي العبور وراء صفية اسحق ؟ اليوم ام غدأ ؟ موعدنا الصبح لنري ! اليس الصبح بقريب ؟ محفزات الصاعق ؟ الاوضاع الماساوية في بلاد السودان متازمة اكثر من مثيلاتها في تونس , ومصر , وليبيا ! وكل المحفزات , والعوامل لتفجير انتفاضة متوفرة , وبكثرة ! ومن بين هذه العوامل والمحفزات , التي يشكل اي واحد منها صاعقأ لقنبلة الانقاذ , ودبوسأ لبالون الانقاذ , يمكن ذكر الاتي : + ملة الاستبداد الذئبية الواحدة , ومن علاماتها اغتصاب الفتيات الشريفات المثقفات المسالمات المتظاهرات , جهارأ نهارأ , وفي مكاتب الامن في وسط الخرطوم , + اهدار الكرامة والعزة السودانية , ومن علاماتها تغييب وتهميش قوي الاجماع الوطني , + العطالة المتفشية , خصوصأ بين الشباب , + الفساد الذي يزكم الانوف , وسرقة المال العام بواسطة قادة الانقاذ ( قصر بنت نافع ؟ ) , + الظلم والقهر والقمع , والتعذيب المؤسسي , + غلاء المعيشة والفقر المتفشي , + انفصال الجنوب , + محنة دارفور ! ولكن رغم هذه الدبابيس والصواعق , تستمر قنبلة الانقاذ في التككان , ويبقي بالون الانقاذ منفوخأ ومعلقأ في الهواء ! الي متي ؟ دعنا نستعرض , ادناه , وفي حلقة قادمة , بعض المتاريس والمعوقات التي تبطئ عملية غرز الدبوس في البالونة , وتؤخر عملية تفجير الصاعق ... بواسطة صفية اسحق ( الشعب السوداني ) ! دعنا نستعرض بعض الاسباب المؤدية لهذا التاخير : جيل الانترنيت من الشباب ! ذكرنا في مقالة سابقة , أن الانترنيت قد برهن بالبيان بالعمل في تونس ومصر , بانه وسيلة ناجعة وفاعلة في تجميع الشباب في مكان محدد , وفي وقت محدد للقيام بالتظاهر السلمي ! وكذلك في نشر الوعي السياسي العام , وفي الهام , وشحن وتفجير طاقات الشباب المكبوتة ! وذكرنا ان الانترنيت , ولاسباب كثيرة , اهمها اقتصادي , غير متوفر ومتاح لاغلبية الشباب السوداني , كما هو الحال في تونس ومصر ! أذ اقل من واحد في الالف من الشعب السوداني يتعاطي مع الانترنيت ! وضربنا مثلا , من بين مئات , بأعضاء المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي , الذين لا يسعي 80% منهم علي ايميلات شخصية ؟ ولكن المشكلة الاكبر ليست في الانترنيت , وعدم استعماله ( ضل الفيل ؟ ) , وانما في الفيل نفسه ( الشباب ؟ ) ؟ الوعي السياسي للشباب ؟ معظم شباب جيل الانقاذ ( الذين دخلوا المدارس الاولية بظهور شبح الانقاذ قبل 21 عاما حسوما ) , شباب غير ملتزم , وغير متنور سياسيأ ! خصوصأ بعد خفوت صوت العقائدية من علي فوق المسرح السياسي السوداني , وتاكل الالتزام العقدي الصارم بين افراد الشعب السوداني , خصوصأ فئة الشباب ! بعد سقوط حائط برلين وزوال الشيوعية ! وبعد سقوط صدام وزوال البعثية ! وبعد استشهاد الاستاذ وزوال الجمهورية ! وبعد موت الخاتم عدلان وزوال الحقية ! وبعد محاربة الانقاذ الشرسة لطائفتي الانصار والختمية ! بعد كل هذه العوامل السالبة والهادمة للالتزام العقدي في عملية السياسة السودانية , لم يبق علي الساحة السياسية من عقائدية شاحنة ومجيشة للشباب غير اسلاموية الانقاذ ! يلاحظ المراقب احتكار الانقاذ للمرجعية الاسلامية ... العقدية الوحيدة المتبقية في السياسة السودانية , والتي تشحن وتعبئ الشباب ! وتذكرهم بجنات عدن وببنات الحور ! عامل غياب العقدية المنورة والملزمة بين الشباب السوداني طيلة العقدين المنصرمين , ضمن عوامل اخري كثيرة , أدت الي انحصار اهتمامات معظم الشباب السوداني في توافه الامور الحياتية , وكيفية جمع المال , بأي وسيلة متاحة ! والابتعاد عن مجالات ساس يسوس , والتثقيف الذاتي ! تجد الشاب ( العاطل في الغالب ) يقضي سحابة يومه , في ارسال رسائل علي المحمول لصديقته ! وتري سماعات المحمول علي اذنيه معظم الوقت , وهو يستمع لاغاني شبابية علي المحمول ! في المرات القليلة التي يلج فيها باب اي انترنيت كافيه , تجده يشاهد الافلام , او يتحدث مع صديقته ! لن تجده , بالغلط , يقرأ في جريدة انترنيتية , او يكتب ! لا يعرف اسم ورير خارجية السودان , ولا يهمه ان يعرف ؟ لا يعرف متي ينفصل جنوب السودان دستوريأ , ولا يهمه ان يعرف ؟ سأل صديقي , عشوائيأ , عشرة من خريجي الجامعات ومن العاطلين , ستة اسئلة محددة ( الخرطوم – الثلاثاء اول مارس 2011 ) ! + لم يعرف اي منهم عن موضوع صفية اسحق ؟ + لم يسمع اي منهم عن ولم يقرأ للصحفية الشبابية المتميزة امل هباني ؟ + لم يسمع اي منهم عن الجبهة الوطنية العريضة ؟ + لم يسمع اي منهم عن المشورة الشعبية في جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ! + لم يستطع اي منهم ان يحدد هل استقل جنوب السودان في 9 يناير ام سوف يستقل في 9 يوليو ؟ + لم يسمع اي منهم عن الاجندة الوطنية التي اقترحها السيد الامام ؟ 60 حالة ( عشرة اشخاص و6 اسئلة ) ... كانت الاجابة سالبة في كل واحدة من ال60 حالة ؟ هل هذا الجهل المطبق ممكن ام ان صديقي يبالغ ؟ اذا كنت في السودان , وسمح الوقت , يمكنك القيام بعملية أحصائية ممثالة للتاكد من الوضع الماساوي الذي وقع فيه معظم الشباب في عهد الانقاذ الاسود ! الوعي السياسي ؟ نخلص من ذلك الي ان الوعي السياسي بين معظم الشباب متدني للغاية ! وبانعدام الوعي السياسي , تنعدم الغبينة ! وتنعدم الرغبة في تغيير النظام السياسي ... سبب المظالم ! وتنعدم الرغبة في التضحية , لانعدام الهدف وضبابية الرؤية ! ويسكن الخوف القلوب ! وتعشعش اللا مبالاة في النفوس ! ويتأخير ميقات تفجير الانتفاضة الشبابية ! من اليوم الي بكرة ! ومن بكرة الي بعد بكرة ! ومن بعد بكرة الي بعد بعد بكرة ! ودخلت نملة , خرجت نملة ! سوف نضطر للانتظار حتي تجد صفية اسحق من يدعمها من شباب جيل الانترنيت الملتزم , الواعي ... وهم ليسوا قلة , عددأ ! وان كانوا كذلك نسبيأ ! مفاجاءة سارة ؟ لا نرمي هذا الكلام للتخذيل ! وانما لوضع مراءة امام الوجه , لنري سؤاتنا , لكي نعمل علي اصلاحها ! ولا نستبعد حدوث مفاجاءات سارة , كما حدث في تونس ومصر , وليبيا , واليمن , وحتي في البحرين وعمان ! في هذا السياق , نقتبس من بعض ما قاله الكاتب والشاعر المصري فاروق جويدة ، عن شباب مصر الذي فجر ثورة 25 يناير : ( جاءت ثورة الشباب من جيل كنا ننظر له نحن الكبار باستخفاف كبير , وبانه جيل تافه , ضحل في ثقافته , غريب في انتماءه , كسول في أحلامه ! وكنا دائما نسخر منه , ومن أذواقه , وملابسه , وأفكاره ! هذا الجيل الذي جمع كل متناقضات عصره ووطنه بين ثقافة ضحلة قدمناها له طوال سنوات عمره , وانفتاح على العالم من خلال تكنولوجيا العصر ! واكتشفنا أيضا أنه كبر خارج هذا المناخ الثقافي الضحل ! لابد أن نعترف بأن هذا الجيل كان أكبر المفاجآت لنا يوم 25 يناير. ) انتهي كلام فاروق جويدة ! العقبي لشباب بلاد السودان , تحت قيادة الاستاذة الشريفة صفية اسحق ! فيلم الانتفاضة ؟ الفيلم اصبح معروفأ ! يبدأ بأن تنزل جماهير الشباب , المنظمة بالانترنيت , إلى الشارع , في مظاهرات سلمية ! تكسر هذه الجماهير الشبابية حاجز الخوف لدي بقية قطاعات الشعب السوداني ! فتهب جميع هذه القطاعات , بما في ذلك الشماشة , داعمة لحركة الشباب ! ربما ايضا , علي اساس الموت وسط الجماعة عرس ! الجماهير الشبابية المنظمة بالانترنيت , هي المغناطيس الذي يجذب باقي قطاعات الشعب للمشاركة في الثورة ! كان ذلك هو ما جرى في تونس ومصر ، وما يجري حاليأ في ليبيا والبحرين واليمن وعمان ! وما سوف يجري في بلاد السودان , باذنه تعالي ! كما هو مذكور اعلاه , فقد اعترف المراقبون في تونس ومصر بان جيل الشباب الذي فجر ثورة الياسمين في تونس , وثورة ميدان التحرير في مصر , وكسر حاجز الخوف , وانتصر لكرامة الشعب , وحرق دولة الفرعون , كان أكبر مفاجاة للجميع ؟ وسوف يفاجئ جيل الشباب السوداني الجميع بثورة النيم من ميدان ابو جنزير ... تحت قيادة الاستاذة الشريفة صفية اسحق ! نواصل ... ثروت قاسم [email protected]