وزير الخارجية يستقبل مدير عام المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة    منع قناة تلفزيونية شهيرة في السودان    ماذا قال ياسر العطا لجنود المدرعات ومتحركات العمليات؟! شاهد الفيديو    تم مراجعة حسابات (398) وحدة حكومية، و (18) بنكاً.. رئيس مجلس السيادة يلتقي المراجع العام    انطلاق مناورات التمرين البحري المختلط «الموج الأحمر 8» في قاعدة الملك فيصل البحرية بالأسطول الغربي    شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور المذيعة تسابيح خاطر في أحضان إعلامي الدعم السريع "ود ملاح".. تعرف على القصة كاملة!!    تقارير صادمة عن أوضاع المدنيين المحتجزين داخل الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأول القى بكاتبه داخل بيوت الاشباح ،مقال في وجه إمام جائر ،وقفات مع لقاء الرئيس (2)
نشر في السودان اليوم يوم 09 - 05 - 2012


البروفيسور محمد زين العابدين **
لقد قلنا فى الجزء الأول من هذا المقال أن السيد الرئيس إجاباته على كثير من الأسئلة التى سألها له المحاور الطاهر حسن التوم لم تكن مكتملة وكانت محتاجة لتفاصيل أدق حتى تتضح الصورة كاملة للمشاهد المواطن السوداني. وشخصي حقيقة لم أكن أعلم من قبل أن للسيد رئيس الجمهورية أكثر من بيت واحد وعلمت منه فى البرنامج أنه يملك بيتين أحدهما بكافورى والثانى بالمنشية حيث يسكن الشيخ ،وشقة بمجمع النصر غرب مجمع عفراء ومزرعة بالسليث لم يحدد مساحتها.
وكنت أظن كما عودنا كثير من العسكريين الذين حكموا السودان ابتداءً بالفريق إبراهيم عبود ومروراً بالمشير نميرى وانتهاءًً بسوار الذهب وتركوا الحكم وهم لا يملكون شروى نقير وليس لأي منهم غير بيت واحد امتلكوه قبل أن يستولوا على الحكم فقد كان همهم السلطة أكثر من الثراء وهذا ما كنت أظنه فى المشير عمر البشير وثقتي فيه أنه سيخرج بالحالة التي كان عليها قبل أن يستولى على السلطة والذي لم أسمع أى شائعة تدور حوله أنه يمتلك ويمتلك كما سمعت عن لآخرين. وليت السيد الرئيس قد أوضح كيف تسنى له هذا المال الذي أمتلك به كل هذه العقارات وهى غالية ومرتفعة الثمن وفى مناطق مميزة بالعاصمة تصعب على كثير من الرأسماليين ناهيك عن موظف دولة يعتمد على مرتبه ولو كان السيد الرئيس تاجراً بالإضافة إلى أنه حاكم ورئيس تكون هذه مصيبة أكبر.
أننا لو أفترضنا أن السيد الرئيس قد قام بشراء كل هذا من فوائض مرتبه ومخصصاته كرئيس جمهورية لم يكن مطالباً لأن يعلن عنها وليته ترك صورته مشرقة في ذهت المواطن العادي الذى يتعلق بوطنيته ولكن كما يقول المثل جاء يكحلها عماها. وأعلان ممتلكاته بهذه الصورة المفتوحة سيجعله فى مقارنة ليست فى صالحة مع كل الرؤساء الذين حكموا السودان من قبله وخاصة مع الرؤساء العسكريين. رؤساء السودان الذين من قبله أبتداء بالسيد إسماعيل الأزهري وعبد الله خليل ومحمد أحمد المحجوب والصادق المهدي وجعفر محمد نمير وعبد الرحمن سوار الذهب والجز ولى دفع الله وانتهاء بالسيد أحمد الميرغني الذي أنقلب عليه، كلهم قد غادروا الحكم وليس واحد منهم يملك غير بيت واحد بل بعضه مات وبيته مرهوناً وبعضهم مات وهو مثقل بالديون. وحتى لو تمت المقارنة بينه وبين عسكرى آخر وهو المشير جعفر نميرى فقد حكم مدة طويلة مثله وهو برتبة مشار مثله وهو قائد أعلى وقائد عام للجيش السودانى مثله وله نفس مخصصات السيد الرئيس البشير ولكنه مات ولا يملك غير غرفتين خلف خلاف ببرندتين وداخل حوش الأسرة ولم يفسد أخوه مصطفى وهنا ستكون المقارنة مؤلمة فى حق السيد الرئيس وستدنى من أسهم السيد الرئيس فى نظر الشعب السودانى والذى لا نرضى له بحكم أن والده وأعمامه وبقية اسرته الممتدة ما زالوا يعيشوا بين ظهرانيتا فى قرية صراصر. وكما قلت فهو لم يكن مطالباً يكشف ما كتبه فى كشف أبراء الذمة عند النائب العام ، هذا غير أنه مطالب حسب قانون الثراء الحرام أن يوضح كيف تحصل على ما أقر به فى أبراء الذمة. أسفت أن يضع السيد رئيس الجمهورية نفسه فى موضع يقارن فيه بينه وبين الرؤساء الذين سبقوه لترجح كفة أى منهم عليه. وليته أحتفظ بما أشترى به هذه العقارات كوديعة الى أن يتقاعد عن الحكم وبعدها ليفعل بها ما يشاء اذا كانت هى حقاً من وفورات مرتبه ومخصصاته.
ولا أظن أن السيد الرئيس قد تحصل من المال الذى أشترى به عقاراته من أيرادات مزرعته والتى كانت ملكاً له منذ أن كان ضابطاً بالقوات المسلحة قبل أن يكون رئيساً ومساحتها عشرة أفدنة مثل كل الذين تحصلوا على حواشاتهم بمشروع السليت. وأعلم أن كثيراً من زملائى الزراعيين والبياطرة وخريجى كليات الأنتاج الحيوانى الذين يملكون هذه الحواشات يشكون مر الشكوى من الخسائر التى تنتابهم من زراعة هذه الحواشات أو الأبقار التى يربونها بالمزرعة وذلك نسبة لعلو وغلاء تكلفة الأنتاج من بذور التقاوى والأسمدة والمبيدات والعمالة وعلائق تغذية الحيوانات وأدويتها البيطرية. وهذه الحواشة وحدها أعتقد أنها كافية لتستهلك كل مدخرات السيد الرئيس من مرتباته ومخصصاته ناهيك عن أن تكون قد اضافت له دخلاً اللهم الا أذا كان يتحصل على هذه المدخلات مجاناً أو بسعر التكلفة وهذه ان كانت فهى عدم عدالة نهى عنها الأسلام.
تطرق السيد الرئيس أيضاً لتضخم حكومته ذات القاعدة العريضة والتى كان من المفترض أن تكون رشيقة وغير مترهلة للحالة الإقتصادية التى تمر بها البلاد بعد أن ذهب نصف بترول الجنوب مع الأنقصال. وعزا السيد الرئيس هذا الترهل للترضيات القبلية والجهوية والسياسية الحزبية وهذا لعمرى قاصمة ظهر الحكم فى السودان أن توزع السلطة والثروة فى البلاد على اساس قبلى وجهوى. ومن الذى قال للسيد الرئيس أن هؤلاء الذين عينهم قبلياً وجهوياً يمثلون قبائلهم أو جيهاتهم أو أحزابهم ؟ هل قدموهم له بأنتخابات مشهودة؟ وهذا هو نفس المنطق الذى اعتمده لتقسيم أقليم دارفور الى خمسة ولايات لترضيات قبلية والآن التامة يطالبون بولاية لهم لوحدهم ومن بعدها ستظهر قبائل أخرى وتقسم الأنقاذ السودان ذى كيمان المرارة فى الكرامة.
ان هذا التقسيم على الأساس القبلى والجهوى أيضاً لم يكن مرضياً اذ ان الذين نالوا هذه الحظوة هم القبائل والأقاليم والجهويات التى رفعت السلاح فى وحه سلطة الأنقاذ من دارفور وشرق السودان وحنوب كردفان وجنوب الفونج. وتبقى قبائل وسط السودان وما يعرف من قبل بالأقليم الوسط مظلومة ظلم الحين والحين مع أنهم الكثر عدداً والأكثر مساهمة فى الأقتصاد الوطنى والأكثر مساهمة فى تاريخ السودان النضالى ضد المستعمرين. وعدد البشر فيه اكثر من دارفور وتقطنه قبائل كبيرة من قبائل رفاعة وبطونها وقبائل الكواهلة وبطونها وقبائل الشكرية وبطونها وقبايل الشنابلة وبطونها والمسلمية وبطونها. وهذه القبائل تملك اعداداً كبيرة من المتعلمين المؤهلين ومن حملة الدكتوراة والبروفيسورات فى كل مجالات الحياة ولكن لم يحظ عدد يعتز به حتى الذين ينتمون للمؤتمر الوطنى بل لم بكن منهم رئيس ولا نائب رئيس ولا رئيس مجلس نواب وما ذلك الا لأنهم وطنيون متجردون لم يحملوا السلاح ولعلنا سننشر كتاباً أسوداً كما فعل أبناء دارفور فى المؤتمر الوطنى نحصى فيه نصيب هذه القبائل من السلطة والثروة.
وثالثة الأثافى أن حتى الذين نالوا مناصب دستورية أو تنفيذية سواءاً فى المركز أو ولايات الأقليم الأوسط الأربعة لم يكونوا من سكان الاقليم الأوسط الاصليين ولكن من النازحين اليهم من الاقليم الشمالي فى مرحلة قيام مشروع الجزيرة قى حقبة الاستعمار من بعد علم 1925م. وللأسف حتى هؤلاء الذين مثلوا الأقليم الأوسط فى السلطة دستورياً وتنفيذياً لم يكن ولائهم للأفليم الأوسط وكثير منهم ولد فى ربوع الجزيرة بل ولائهم للشمالية ويعطوا معظم الوظائف فى ولايات الأقليم للذين ينحدرون من الشمالية وهذا طريق سيولد الغبن عند قبائل الوسط التى ذكرتها وقد يضطرها ذلك لترفع السلاح كغيرها من المظاليم لأنهم وجدوا ان المطالبة بحقوقهم بالتى هى أحسن لا تجدى ويضطروا لرفع السلاح كغيرهم خاصة وقد رأوا رأى العين ما حققه رفع السلاح للمظاليم.
لا يمكن أن يتخيل احد قبيلة كقبيلة الحلاويين بكل أسهاماتها وتاريخها التضالى فى تاريخ السودان سواء علمياً أو أكاديمياً أو سياسياً ولا يوجد منهم ولا دستورى واحد أو وزير واحد ذو شأن. ولقد نسى أو تناسوا الذين يحكمون السودان الآن من أبناء الشمال أن فضل الجزيرة عليهم كبير ، فقد كان جل أهلهم يعملون خفراء زراعة ورى بالمشروع ، بل أن أهلنا ملكوا بعضهم الأراضى والحواشات وصاهروهم وناسبوهم وأكرموهم ونصروهم وفى بعض الأحيان قدموهم مرشحين فى العهود الديمقراطية ولذلك للجزيرة يد سلفت ودين مستحق على الحاكمين من أهل الشمال وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الحالى. ولكن كان جزاء الجزيرة من الحاكمين من ابناء الشمال جزاء سنمار فحطوا مشروع الجزيرة عن قصد وعن عمد وهو الذى كان عماد اقتصاد السودان قبل البترول.
بل لقد لفظوا من تقدم من أبناء الجزيرة المؤهلين علماً وخبرة فى المجال الزراعى لينهض بمشروع أهله لأن الجمرة تحرق الواطيها كان لفظه وتعيين أحد أبناء الشمال مديراً له وما زال يتناوب عليه مدراء من أبناء الشمال , فقد تنكروا لهذا المشروع الذى آمنهم من خوف وأطعمهم من جوع بعد أن ضاق بهم شريط النيل فى الشمال.
نختم ونقول أنه ليس هكذا تورد الأبل وليس هكذا يساس ويحكم السودان لا بالفكر الآحادى ولا بالتعنصر القبلى والسبيل الوحيد هو عودة الديمقراطية والحرية للشعب ليختار من يختار لحكمه. والديمقراطية هى السبيل الوحيد لمكافحة ومحاربة الفساد الذى استشرى وضرب بأطنابه فى عهد الأنقاذ هذا من القمة الى أخمص القدمين.
هل أودع البشيرأقرار بابراء الذمة يوم أن أستولى على السلطة أم بعد أنتخابه أخيراً رئيساً للجمهورية. اذا كان اقراره هذا منذ عام 1989م فالكل يعرف حاله وحال اسرته وأنه لا أكثر من ضابط بالجيش والذين فى رتبته لا يملكون منزلاً حتى فى أمبدة.
بروفيسور/ محمد زين العابدين عثمان – جامعة الزعيم الأزهرى
ما كنت أظن أن اللقاء الذى أجراه الطاهر حسن التوم مع السيد رئيس الجمهورية فى قناة النيل الأزرق مساء يوم الجمعة الموافق 3 فبراير 2012م ونقلته فى نفس الوقت قناة التلفزيون القومية وقناة الشروق وأذاعة أم درمان يمر مرور الكرام على الكتاب الصحفيين والكتاب السياسيين وكذلك النخبة المتعلمة والمثقفة فى بلادى ، أذ كانت أجابات السيد الرئيس على كل الأسئلة التى طرحت عليه غير مكتملة وبعضها غير موفق علماً بأن اللقاء معلن له بوقت كاف والأسئلة معروفة للسيد الرئيس ولم تكن مفاجئة له.
كما أن الأخ الطاهر الذى اجرى اللقاء لم يحاول أن يستولد أسئلة جديدة من أجابات الرئيس ويدفع بها اليه فى مقابل أجابات السيد الرئيس. ولا أدرى هل الكتاب السياسيين الصحفيين قد أحجموا من تلقاء أنفسهم للتعليق على اجابات الرئيس زهداً أم خوفاً أم أنهم قد كتبوا ولكن مقص يد الرقيب كانت لهم بالمرصاد ومنعت ردودهم من النشر.
وأنى الآن متوكل على الله لأدلف تعليقاً على أجابات السيد الرئيس بالنقد الكامل بكل الجراءة وأتمنى أن تبتعد يد الرقيب عما أكتب لأن وسائل النشر التى لا تتحكم فيها يد الرقيب كثيرة ومقروءة بأعداد كبيرة من القراء أكثر من الصحف اليومية وأن الحكومة ليس لها المقدرة للتحكم فيها أو ايقافها فالعالم قد صار قرية بفعل تطور ثورة تكنولوجيا الألكترونيات. أجاب السيد الرئيس عن أنتشار الفساد المالى فى البلاد وخاصة من قبل المسئولين بأنه ليس هنالك فساداً يذكر ومعظم ما يقال عن الفساد فهو تهويل وأن الفساد المالى الذى تحصل عليه المراجع العام يساوى حفنة من ملايين الجنيهات وقد قام المراجع العام باسترداد الكثير منها ولا أدرى أنسى أم تناسى السيد الرئيس أن الفساد ليس كله فى القطاع العام فجزء كبير منه فى الشركات شبه الحكومية وهى شركات الحزب وجهاز الأمن والجيش والشرطة وأن هنالك كثير من المال يجبى ويجنب ولا يدخل قنوات المحاسبة ولم تجبى بأرنيك 15 وبذلك لا تمر على وزارة المالية ولا تخضع للمراجعة وكذلك ما حدث فى شركة اقطان السودان ليس ببعيد ومثلها كثر من شركات شبه القطاع العام.
عن فساد الدستوريين والتنفيذيين والتشريعيين فى حكوماته قال الرئيس أن كل من يتولى منصباً يودع أقراراً بأبراء ذمته قبل أن يباشر عمله ويبقى السؤال هل النائب العام تحقق من أن كل ما كتبه المسئول فى أقراره يملكه؟ أم كتبه أحتياطى لينهب عليه؟ وهل حدث أن راجع النائب العام ممتلكات أى من المسئولين بعد ان فارق المنصب ليتأكد ما أذا كان قد أفسد أم لا؟ والرئيس قال أنه شخصياً قد أودع أبراء ذمة عند النائب العام وفيه أقر أنه يملك منزلاً فى كافورى وآخر بالمنشيئة وشقة بمجمع نصر ومزرعة كبيرة بالسليت ويبقى السؤال هل أودع هذا الأقرار بابراء الذمة يوم أن أستولى على السلطة فى 30 يونيو 1989م أم بعد أنتخابه أخيراً رئيساً للجمهورية.
اذا كان اقراره هذا منذ عام 1989م فالكل يعرف حاله وحال اسرته وأنه لا أكثر من ضابط بالجيش والذين فى رتبته لا يملكون منزلاً حتى فى أمبدة. وأذا كان أودع أبراء الذمة من قبل سنتين من حقنا أن نتساءل من اين للرئيس كل هذا؟
لا أدرى لماذا أعتقد السيد رئيس الجمهورية أن الفساد عند العاملين فى دوواوين الحكومة فقط. وهذا اللقاء معلن منذ زمن أليس للرئيس من مستشارين يساعدونه فى الأجابة على هذه الأسئلة حتى يبدو اكثر حصافة وهم يعلمون ان الشعب السودانى شعب لماح وكا يقول المثل عندنا يفهمها وهى طائرة ومخفية.
ولماذا لم يسأله مقدم البرنامج عن الفساد فى أنهيار مبانى عمارات جامعة الرباط والتى كان المتهم فيها وزير داخليته وأحد أقربائه المقاول المهندس؟ وهى قضية تمت تسويتها بعيداً عن أعين الشعب ولم يحاكم فيها أحد وحتى وزير الداخلية تقدم بأستقالته وقال الرئيس أن رفيقه قد ذهب فى أجازة محارب وأتى به ثانية بعد شهور مترقياً كوزير للدفاع، حسبى الله ونعم الوكيل.
أن كل قرائن الأحوال تقول أن أى أشاعة فى السودان خصوصاً عن الفساد هنالك فيها جزء من الحقيقة اذ المجتمع السودانى مجتمع مفتوح ومتداخل وكل صغيرة وكبيرة معروفة بين الناس وليست هنالك الخصوصية الشديدة بين ابناء المجتمع السودانى ويعرف أفراده بعضهم بعضاً جيداً وعندما يرى الثراء الفجائى يتساءل ويبحث ويستقصى ولا يلقى بالقول على عواهنه ويصل للحقيقة التى يعتبرها البعض أشاعة.
ألم يسمع السيد الرئيس أنه هو وأسرته متهمين بأنهم قد أستحوزوا وأستولوا على شريط الأرض الممتد فى كافورى والذى ترك فى المخطط ليكون للخدمات من مدارس ومستشفيات وغيره وأن صاحب الملك عزيز كافورى لم يعوض عليه بأعتبار أنه للخدمات وتبرع به وصار هذا الشريط عند الشعب السودانى يعرف بشريط حوش بانقا تهكماً كناية عن موطن الرئيس الأصلى بنهر النيل أذ أمتلكته أسرة الرئيس ونسابتهم وشهدائهم مساجداً.!!
أضافة الى ذلك فأن اشاعات الفساد على كل الألسنة تلاحق أخاه عبد الله وزوجته وداد وحالها عند الشهيد أبراهيم شمس الدين والآن وكذلك ما يحوم من شبهات فساد حول زوج أخت الرئيس. ليت مقدم البرنامج قد طرح هذه الأسئلة الشخصية على السيد الرئيس أو فتح البرنامج لأسئلة المشاهدين.
السيد الرئيس يطالب الشعب أو من يتحدثون عن الفساد بأن يقدموا المستندات والوثائق وهو شخصياً قد أعترف بالفساد ضمنياً عندما كون للفساد مفوضية أو آلية لمكافحة الفساد برئاسة أبوقناية ومع ذلك يقول أن هنالك تهويلاً للفساد.
فالفساد سيدى الرئيس جزء من التمكين الذى اعترفت به ومقنن بواسطة الدولة ومحمى بها وهو يضرب بأطنابه فى معظم الدستوريين والتنفيذيين والتشريعيين وأقربائهم وأبنائهم وأصدقائهم وهو ظاهر للعيان فى غابات الأسمنت وناطحات السحاب فى السودان الفقير الذى يعيش معظم شعبه تحت خط الفقر المعروف عالمياً، كيف تحكم سيدى الرئيس؟
الفساد سيدى الرئيس تحسمه كلمة واحدة دونما أن تكون محتاجة الى مستندات أو وثائق وهى من اين لك هذا؟ وهنالك قانون من اين لك هذا وقانون الثراء الحرام فعلهما وأجعل عليهما أمناء هذه الأمة الذين شهد لاهم بالأمانة والكفاءة والنزاهة لا يخافون فى الحق لومة لائم. والثراء الحرام حتى ولو بالشبهة قد عرفه سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه فى حادثتين.
الأولى عندما رأى وهوماراً يتفقد الرعية أن هنالك جمالاً ونوقاً سمينة وملساء من الشحم واللحم ورأى بقية النوق والجمال ضعيفة وعجفاء فسأل لمن هذه النوق والجمال فقيل له أنها لعبد الله بن عمر أمير المؤمنين. فنادى أبنه وقال له نوقك هذه قد أكلت كلأ الآخرين لأن الرعاة أفسحوا لها المراعى الخصبة لأنها أبل أبن أمير المؤمنيين فصادرها منه واضافها لبيت مال المسلمين ومثل هذه الشبهة كثيرة عند كثير من مسئولى حكومتك فهل أخذت لنا بحقنا منك ومن غيرك؟
والحادثة الثانية هى عندما أتى سيدنا عمر الصحابى الجليل أبوهريرة وكان قد ولاه على البحرين أتاه فى الديباج والحرير ومعه كثير من النعم، فسأله أمير المؤمنين عمر أن من أين له هذا؟ فقال أبوهريرة أنما أهدى الى وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية فقال له سيدنا عمر هلا جلست فى بيتك ليهدى لك فسلبه كل ذلك واضافه لبيت مال المسلمين وعزل أباهريرة عن أمارة البحرين فالسلطة العامة ليست فيها هدايا غير مغروضة وبذا يكون فيها سمت من الفسلد.
أليس هذا هو سيدنا عمر سيدى الر ئيس الذى تمت تسميتك عليه؟ لماذا لا تتشبه بمن سميت عليه؟ ومن تشبه بمن سمى عليه من أهل الصلاح فقد افلح والتشبه بالرجال العادلين فلاحة. أليس هذا هو الأسلام الذى تقول أنك تريد أن تقيم شريعته؟ والأسلام هو من صدق القول بالعمل وأعلم أنك تعرف طريق عدالة الأسلام ولكنك تزيغ عنها هوى فى النفس. وألا ما الذى يمنعك أن تقيم عدل الأسلام فينا؟ وشعاركم هى لله لا للمال ولا للجاه ولا للسلطان فقد دلت التجربة انكم قدكذبتم فيه وصار العكس هو الصحيح وصار صحبك ينطبق عليهم قول الرسول الكريم أن ترى الحفاة العراة رعاة الشاه يتطاولون فى البنيان ,أنظر اليهم أن كنت تتذكر حالهم قبل سلطتك فستعرفهم بسيماهم ولتعرفنهم فى لحن القول.
تحدث السيد الرئيس عن مذكرة الأسلاميين والمعروفة بمذكرة الألف أخ والتى ينوون رفعها للحركة الأسلامية ولم يقولوا نريد أن نرفعها للمؤتمر الوطنى وأن كانوا كلهم فى المؤتمر الوطنى ولكن الحركة الأسلامية قامت على الفكر الأسلامى ولها مسارها الطويل قبل المؤتمر الوطنى ولها تاريخها ومجاهداتها. لقد قام الرئيس بأستعدائهم عندما قال أنه سيحاسبهم وأنهم منفلتون وهم أقلة بالنسبة لعضوية المؤتمر الوطنى البالغة خمسة ملايين وهو يعلم علم اليقين أن معظم هذه الخمسة ملاييين كغثاء السيل مع السلطة اينما تميل ولن تجدهم عند الحارة وسينفضوا منك ويتركوك قائماً كما تركت عضوية الأتحاد الأشتراكى ذات الملايين المشير نميرى فى السهلة عندما جاءت الحارة.
والسيد الرئيس يعلم أن مركز وقلب المؤتمر الوطنى هم الأسلاميون من الحركة الأسلامية او الذين تربوا فى حركة الأخوان المسلمين وبدونهم لن يكون هنالك مؤتمراً وطنياً تعتد به. أنسى السيد الرئيس أو تناسى لا اعلم أن هذه السلطة هى سلطة الحركة الأسلامية وهم أهل الحل والعقد فيها وهم الذين نفذوا الأنقلاب فى 30 يونيو بكوادرهم أكثر من ضباط وافراد القوات المسلحة وأن الرئيس نفسه لم يكن له ضلع فى التخطيط لهذا الأنقلاب ولم تكن له كتيبة تابعة له فى سلاح المظلات وقد أتى به ليكون على قيادة الأنقلاب بعد استشهاد مختار حمدين رئيس التنظيم العسكرى الأسلامى داخل القوات المسلحة وقد اتى الرئيس من الجنوب وهو يجهز للسفر لبعثة الى جمهورية مصر العربية، هل نسى السيد الرئيس كل هذا التاريخ القريب؟ أن من حق الأسلاميين ان يرفعوا مذكرة لتنظيمهم اذا احسوا ان مشروعهم ودولتهم التى بنوها قد صارت ظالمة وأن مشروعهم الأسلامى قد ضاع هباءاً منبثاً مع سلطة فسدت وافسدت واضاعت الوطن والعباد ولذلك لا بد من تصحيح المسار.
والسيد الرئيس يعلم علم اليقين أن البقية الباقية معه من المنتمين فكراً وثقافة لمشروع الحركة الأسلامية لو رفعوا ايديهم عن النظام اليوم لسقط هذا النظام غداً ولن تنفعه عضوية المؤتمر الوطنى المليونية ولأن هذه الملايين لم تنفع المشير نميرى عندما أستعدى نميرى الأسلاميين ورمى بقياداتهم فى السجون. الأسلاميون سيدى الرئيس هم الذين ثبتوا هذا النظام وهم الذين قدموا الشهداء فى حرب الجنوب وهم الذين سهروا وحركوا مسيرات التاييد وهم الذين خدعوا الشعب السودانى باسم الدين طوال السنوات الماضية ليستمر حكم الأنقاذ أكثر من أثنين وعشرين عاماً ولن تنفعك القوات المسلحة حتى ولو كانت معك على قلب رجل واحد ولكن فيها الكثيرين الذين يأتمرون بأمر الحركة الأسلامية وليس بأمر القائد العام او الأعلى. ونواصل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.