السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يغادر المستشفى بعد استكمال الفحوصات الروتينية    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزعيم جون قرنق في الخالدين ذكري تدوم و أمال تخيب و تتراجع .
نشر في السودان اليوم يوم 31 - 07 - 2012

. ! في هذه الايام نعيد ذكري رحيلك السابعة الي عوالم الخالود .. يأتي ذكراك و طعم المرارة تعتصر قلوبنا و الخصة شوكة في حلوقنا ... نعم نتذكرك و هذه الذكري يلونه دمعات الحزن الكبير حزن كبير علي وطن عن قريب لن يكون كما كان .. الذكري تأتي دولتان متناحرتان فالسودان الجديد اضحي حلم بعيد المنال و استحال الي خيال مستحيل .. السودان الذي أحببت يا قرنق و من أجله كافحت و ناضلت و استشهدت تبعثر .. اننا بكل ما فينا من جراح نبكيك يا قرنق اننا بكل عواطفنا المطعونة نبكيك يا وطن هذه الايام نبكي قرنق هذه الايام نبكي وطن نبكيكما بدمعات تتحجر المأقي .. !! الزعيم جون قرنق في الخالدين ذكري تدوم و أمال تخيب و تتراجع .. ( 1 ) لقد اختلف الناس كثيراً حول شخصية الدكتور جون قرنق ديميبور أتيم في اوقات مختلفة .. كما اختلف معه اقرب الاقربين اليه من قادة اركانه ... فقد تركه البعض من الرفاق ليتحالفوا مع خصومه الي الابد .. كما تركه أخرين حيناً من الدهر و لكنهم عادوا اليه بعد حين .. و ليس ببعيد عن المتابع للحركة الشعبية لتحرير السودان و قائدها الدكتور جون قرنق كثرة الا ختلافات بل و الانشقاقات التي لازمت حركته منذ بزوغ فجرها الباكر.. و من اشهرها اختلافه مع القائد كاربينو كوانين الذي يعد من أبرز المؤسسين للحركة الشعبية علي الاطلاق .. فكاربينو هو القائد الاول الذي قاد الحركة اولاً في توريت .. و حتي لا نذهب بعيداً فاحدث الاختلافات في مشوار الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق هي الاختلاف الاخير الذي حدث اثناء المفاوضات التي قادها اولاً القائد سلفا كير ميارديت ... و من ثم امسك الزعيم جون قرنق بنفسه ملف تلك المفاوضات ... و الاختلاف الاخير بينه و نائبه سلفاكير ميارديت و قبيل توقيع اتفاق نيفاشا.. و هو الاختلاف الاخطر في عمر الحركة المناضلة من حيث التوقيت و الفرصة التي كان ينتظرها الخصوم بفارق الصبر .. كان المناويين للحركة الشعبية يقومون بتسريبها و نقلها اولاً بأول و من وقت لاخر لشق صف الحركة الشعبية من اعلي قمة هرمها و من ثم اضعاف موقفها علي طاولة المفاوضات .. و تلك كانت هي الاختلافات التي تمناها خصوم الحركة الشعبية لتحرير السودان و بنوا عليها استراتيجياتهم في التفاوض و الحوار و كسب الادوار ورفع الاسهم .. و هي الاسترانيجية القائمة علي تحقيق الانتصار المبدئي علي الحركة بأختراق صوفها الداخلية و من ثم تفكيكها و هدم بنيانها و دك حصونها المنيعة من خلال هز و قوائمها و خلخلة اعمدتها الصلبة الثابتة .. الرجل جون قرنق الذي اختلف معه الموالين هو نفسه الرجل الذي تحالف معه ألد الاعداء و أشرس الخصوم علي الاطلاق من حيث الطرح النظري و الفكري الايدلوجي و الديني .. و الا فما هو التفسير المنطقي لتوقيعه لمذكرة التفاهم مع الشيخ الدكتور حسن عبدالله الترابي ... و الترابي معروف بانه عراب ثورة الانقاذ الوطني و هو صاحب مشروع البرنامج الاسلامي الحضاري في السودان ... والبرنامج او النظام الحضاري هو البرنامج الذي كان يستهدف بالدرجة الاولي مشروع السودان الجديد الذي يتبناه الحركة الشعبية و ينادي بها قائدها الدكتور جون قرنق .. لقد قام الشيخ الترابي من خلال المشروع الحضاري بتجنيد و عسكرة كل الشعب السوداني حتي المسيحين منهم .. و شكل منهم ألوية الجهاد المقاتلة لمحاربة الحركة الشعبية لتحرير السودان و تحقيق النصر للاسلام و المسلمين و الانقضاض علي المسيحية و المسيحين ولو بالمسيحين انفسهم .. عمل الترابي و جماعته علي ابراز و اظهار الحرب في السودان علي انها حرب دينية بين المسلمين و المسيحين او بالاحري بين أهل القبلة و الكفار مدغدغاً بذلك العواطف الدينية لتدعيم مشروعه الحضاري و تحقيق مأربه الشخصية في السلطة .. و بالرغم من قناعة السودانين جميعاً بأن الحرب السودانية لم تكن في يوم من الايام بحرب دينية او عرقية و قبليه اوحرب مذهبي و طائفي .. بالرغم من علم الجميع بان الحرب في السودان هو حرب علي الظلم و الاستعلاء الطبقي و سيادة المركز علي الاطراف السودانية الاخري و تسلط جهات بعينها علي كل شي في السودان دون سواهم ... اخرين كثيرين كانوا مع الرجل جون قرنق و اختلفوا معه لدرجة الخصومة و الافتراق و من ثم انقلبوا عليه حرباً و اقتتالاً مقوين صفوف خصومه و اعدائه .. و لكن غالبيتهم أدركوا في نهاية مطافهم بأنهم كانوا في عجلة من أمرهم تيقنوا من خطأ قرارهم فعادوا اليه بعد ان تأكدوا من النهايات الحزينة التي انتهوا اليها مع الاعداء بأنفسهم .. و كل من تفاوضوا معه احترموه و اشادوا به و قدروا اطروحاته و قضاياه و مطالبه الشرعية التي ظل يحارب لاجلها و يقاتل .. و قد اشاد به السيد الرئيس / عمر حسن احمد البشير عندما التقي به في يوغندا .. كما اشاد به الاستاذ علي عثمان محمد طه بعد ان جلس اليه لايام امتدت الي الشهور .. و قد اثمر التقارب بين الرجلين ليس فقط بأتفاق نيفاشا بل توطدت الي صداقات و علاقات اسرية حميمة .. و كل من جلس اليه في يوم من الايام اقتنع به و اراده شريكاً قوياً لبرنامجه .. و قد سبقهم في ذلك جميعا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي و مرشد الطائفة الختمية .. و البعض لم يزل يتذكر اتفاقية اديس ابابا للسلام الذي وقعه قرنق و الميرغني في العام 1988م .. و قد و قف الشعب السوداني كله مع هذا الاتفاق عندما رفضه الجبهة الاسلامية بقيادة الترابي الامين العام للجبهة الاسلامية القومية وقتها ... بينما استخف بها و احتقرها صهره السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء في الديمقراطية الثالثة و الاخيرة في السودان ... و قد رأينا جميعنا و بأم أعيننا كيف كانت أمال الشعب السوداني معلقة بهذا الرجل عندما تقاطروا و تسابقوا الي استقباله في الساحة الخضراء في قلب الخرطوم عاصمة السودان ... فذكري مجي و حضور الزعيم جون قرنق الي الخرطوم و الاستقبال التاريخي الذي استقبل به سيظل ذكري خالدة في صلب التاريخ .. كما ان القائد جون قرنق سيبقي مخلداً مع الكبار في التاريخ أؤلئك الذين صنعوا و كتبوا لبناء الامم .. و ستيبقي أمال و حلم السودانين بالسودان الجديد سطراً من سطور الرجل التي سطرها بفكره و رواها و فداءها بروحه .. !! الزعيم جون قرنق في الخالدين ذكري تدوم و أمال.......!! ( 2 ) ) *************** كان الحلم بالسودان الجديد حلماً حلواً جميلاً عشعش في خاطر الفتي الابنوسي منذ صباه الباكر ... و كان السودان الجديد فكرة تنمو و تكبر في مخيلة ابن الدينكا كما كان ينمو هو روحاً و جسداً و بدنا ... و وقتها كان السودان في بداية فجر الاستقلال .. لم يكن استقلال السودان الذي تم انذاك هو الاستقلال الذي حلم به السواد الاعظم من الشعب السوداني ... كما لم يكن استقلال 1 / 1/ 1956 م بحجم الطموحات و التطلعات و الامنيات الكبيرة لدي اغلب الشعب السوداني و بالاخص الاطراف البعيدة التي لم تذق طعم هذا الاستقلال كما لم تحس به و لو لساعة من الزمان ... لم يجد صبي الدينكا في هذا الاستقلال ما سيحقق أماله العراض او يشفي غليله الجامح في تحقيق الذات و نيل الحقوق و ارساء العدل علي أسس جديدة ... و قتها و هو في طفولته الباكرة كان الاستعمار لم يزل يجثم بثقله و رعونته علي صدر الشعب السوداني ... و كانت حركات التحرر في افريقيا و اسيا ترفل في اوج عنفوان ثوراتها تنادي شعوبها لمناهضة الاستعمار و الثورة ضد الرجل الابيض الذي استعبدهم و هيمن علي اوطانهم و استغل موارد بلادهم لصالحه .... كان جيمي كنياتا في كينيا ، و باتريس لوممبا في غرب افريقيا ، و المعلم العظيم جوليوس نايريري في تنجانيقا و تنزانيا بشرق افريقيا .. كما كان اديب افريقيا الشاعر الكبير المفكر الرصين صاحب كلمة الحرية في افريقيا سنغور بالسنغال .. ايام الابطال الكبار جمال عبد الناصر في شمال افريقيا بمصرفي ذلك العهد الاول كان نهرو و غاندي في الهند العظيمة و باندوق [اندونسيا التي تغني بها فنان السودان الكبير عبد الكريم الكابلي اغنيته الشهيرة اسيا و افريقيا .. و كانت باندوق نقطة الانطلاقة الاولي لدول عدم الانحياز و من هناك انطلقت الشرارات الاولي لحركات التحريرالتي اشعلها ثوار كثر في اسياء و افريقيا لا يسع المجال هنا لذكرهم .. اذ تضيق بهم هذه المساحة كما ان الذاكرة الضعيفة تخون و تحول في هذه العجالة دون ذكر اسماءهم و الثورات التي قاموا بها و اشعلوها نوراً و نار .. لكنهم جميعاً توحدوا في الاهداف العليا و الغايات العظمي و كانت الحرية هدفاً غالياً و التحرر الوطني مطلب و غايه ... و كان جلاء المستعمر عن ارض وتراب الوطن غاية نبيلة و قد تحقق لهم جميعا ان يروا و يقطفوا ثمار الحرية و الاستقلال في اوطانهم ليسعدوا بثمار كفاحهم و نضالات شعوبهم الابية .... علي درب هولاء الابطال الافذاذ سلك و سار قائدنا و علي نهج هولاء الكبار العظماء ثبت اقدامه و علي أرض الحرية التي ساروا عليها مشت اقدامه بثبات و عزة اباء .... فرسم للوطن مستقبلاً من وحي فكره المستنير و رؤيته الثاقبة ... عبد الطريق القويم ليسير فيه الشعب بثات و ثقة و يقين لا يعرف الخضوع و الخنوع و لا اللين او الانكسار ... خاض لاجل ذلك الحروب بعزيمة قوية لانه كان يؤمن بأن بلوغ الغايات العظمي لا تتم بدون التضحيات الشجاعة و الاستبسالات القوية التي لا تقهر و لا تهزم . ..و كان صنديداً جسوراً و فارساً شهماً غيوراً .. قهر الذات الانانية في نفسه ، و قتل شهوة النفس العمارة بالسوء في حياته كأنسان عادي .. اعدم لذة الراحة الوقتية التي كانت تنتابه من وقت لاخر كما قاوم الاغراءات و المكاسب الشخصية التي قدمت له في كثير من الاحاين لتسكتة .. و بذلك و اخرس كل الالسن التي كانت تطالبه بالخضوع و الاستسلام قبيل الوصول الي المرامي الكبري و بلوغ الأمال الرجوة ... كان يرفض كل انصاف الحلول التي طرحت و قدمت له فصبر و ثابرة حتي تتحقق له و لكل الشعب السوداني السلام الكامل الحقيقي الذي يقوم علي التنمية المتوازنة و القسمة العادلة للموارد و السلطة و التساوي في الحقوق و الواجبات ... كان يقفز علي كل العثرات التي توضع امامه وكان يعبر فوق كل الثغرات الي الغايات العليا .. و كان يعبر كل الموانع و المتاريس و الحواجز التي تقابله في طريق النصر الاتي .. و بفضل العزيمة القوية و الارادة الصلبة تمكن من صعود كل الجبال الشوامخ و استطاع بمهارته ان يتسلقها جميعاً .. و لان الحلم بالسودان الجديد الذي ولد معه كان ينمو و يكبر بداخله لم تكن كل جبال الدنيا الطبيعية و البشرية بقادرة علي ان تعطله او توقفه دون الوصول الي مبتغاه .. و ا ن راهن البعض علي جبال الاماتونج فان رهانهم حتماً كان رهان خاسراً ذلك لا ن حقيقة السودان الجديد قد قطع شوطاً بعيداً جداً في مداه النظري و الفكري و ها هو يتقدم المدي التطبيقي و التنفيذي و لو بصعوبة و عراقيل و مشاكل .... و رغم كل شي سيصمود السودان الجديد متحدياً كل الصعاب و العثرات التي توضع في طريق التنفيذ ... ان رؤيتة و نظريته الفكرية بالنسبة للسودان الجديد قد تجاوز كل المراحل المرتبطه بشخصيته الفريدة الي فكر الجماعة و ايمانها به كمبدأ و هذا ما لا تستطيع كل الكوارث الطبعية العوامل البشرية من محوها او تعطيلها او سبر اغواها ...... لم تكن كل المرارت و الدغائن و الاحقاد بقادرة علي هز شعرة واحدة من خصلات العزيمة و الاصرار و الارادة الصلبة التي عرفت فيه ... كما لم تكن للاعاصير و العواصف الهوجاء قدرة علي كسر البناء المتين الذي بناءه بساعديه القويتين وخطه بتخطيط فكره السليم الحكيم الحليم .... و ليس للتأمر و لا للمتأمرين من قوة او فاعلية قادرة تعطيل مسيرة مشروع السودان الجديد ... و بقدرة الله التي لا تقهر و بعزيمة الرجال الابطال التي لا تلين استطاع ربان سفينتنا الماهر ان يصل بها الي بر الامان .. استطاع بتفوق و اقتدار و مهارة سيظل خصومه يحسدونه عليها ما طال عمرهم و ما بقوا احيا علي الارض يمشون .... فبالرغم من كل الامواج العاتية و الانواء القاسية التي تقاذفت سفينة السودان الجديد بل قاربت في مرات كثيرة من تحطيمها و تدميرها و تحويلها الي ركام .... و بالرغم من جبال الجليد المتحركة
في قلب المحيط الذي سلكه سفينة السودان الجديد و كل الصدمات المهولة التي هزت شراعها .. كان ايمان القائد و الربان بالوصول الي شاطيئ السلامة و الامان يفوق كل عقل و خيال و تصور ... و تلك هي الايمان التي تمكن بها من خوض كل البحار و المحيطات و جبال الجيلد الي المرسي و الميناء وصل الي شاطيئ الامان ووطئت قدماه تراب الحرية و الحق و السلام .. فهيهات لطائرة الشؤم ان تكون قد نالت من الحلم بالسودان الجديد شيئاً يسيراً ... ذلك لان الحلم لم يبق بعد حلماً او خيالاً و طيف .. فقد صار الحلم واقعاً و حقيقة لا تخطئها الاعين .. صار الحلم الذي حبل به وولد في احراش جنوب سوداننا الحبيب عند ميلاد بطلنا واقعاً و حقيقة تمشي بأرجلها بين الناس ... صارت البشارة الاولي التي زفت بميلاد صبيي الدينكا فأل جميل و أضحت صرخاته الاولي في لحظة خروجه من رحمه امه بمثابة نباءاً لاعلان عهد جديد لسودان جديد لم يزل وقتذاك حلماً في مهد الصبي .. و غدت زغاريد نساء الدينكا امهات ربيكا لحناً طوباوياً بطولياً ستردد جبال الاماتونج الشماء صدي سمفونيتها الخالدة بطول الحياة و عرضها ... و صدي هذا اللحن الشجي ستتغني به الصبايا الحسنوات كلما عزفت موسيقي النصر السرمدي ترنيمة ابدية تخلد هذا البطل الهمام و تذكر الاجيال بالسودان الجديد ... الزعيم جون قرنق في الخالدين ذكري تدوم و أمال..... ( 3 ) *************** بقلم م ايليا أرومي كوكو خمس سنين انقضت بالكمال و التمام تراجيديا الذكري تتجدد فينا كل يوم يتجدد فينا المأساة لحظات في كل عام ساعات الرحيل حية في اليقظة و المنام ذكري الغياب يتمدد في جلوسنا و القيام فكر السودان الجديد تلاشي و لم يعد حلم خمس سنين من الغياب سلب منا الاحلام فيا ايها الحلم الجميل كيف صرت فينا واقعاً معاشاً ... و يا حلم الاجداد و الاباء الشرفاء يا حلم كل الذين ساروا علي درب النضال و الكفاح يا ايها الحلم الذي سطره الشهداء بدمائهم كيف صرت حقيقة بين البشر تسير بين العالمين ... فيا ايها التاريخ المكتوب و المنقوش علي جدار الزمن بدماء الابناء الشهداء ستظل رمزاً للكفاح و النضال ليقراءك الاجيال القادمة جيلاً من بعد جيل ... ويا ايها الحاضر المسربل بالكأبة و الاحزان و المأسي .. و يا ايام الالام و الدموع و الاحزان الباقية ، ها هو القدر قد سطر للسودان عهداً جديداً ... هو غد للافراح و فجر المسرة و السلام سوف نستطيع ان نعيشها من بعد تراجيديا الحروب و الدماء و الدموع ... فيا ايتها الايام السود متي ترحلين عن السودان فلم نعد نطيقك ابداً ... ان فجر سوداننا الجديد قد جاء شاء البغاة الحاقدين ام ابوا ... ها هو فجر سوداننا الجديد قد أطل علي ارض وطننا رضي الظالمين بذلك ام رفضوا ....فها هو المستقبل المشرق بالامال الواعد بالنماء و الرخاء و الازدهار يدق علي ابواب بلادي فلا تدعوا عدوا الخير ان يغلق ابواب الغد في وجوهكم ... لا تدعوا لصوص الاحلام ان يسرقوا البمسة من شفاه اطفالكم الحالمين بأعياد السلام في كل ارجاء الوطن الكبير... ان كل الجبال العالية التي كانت تقف في طريق السلام و متاريس الطغاة ازيحت و ازيلت .. عندما زرع شهيدنا شجرة الحب و السلام في الساحة الخضراء ساعة قدومه الي الخرطوم .. كان حضور الشعب السوداني الكثيف بكل الوان طيفه الي هناك استفتاءاً و بيعة للسلام و ترحيباً بمقدم السودان الجديد .. كما كان احتشاد الجمهور المنقطع النظير الذي قدر بسته مليون فرد من الذين خرجوا لاستقبال رجل السلام العظيم خير دليل يعبر عن الحب الكبير و العشق المتناهي للسلام و قائد السلام و مفجر ثورة حقوق السودانيين المهمشين .. كل شي كان جميلاً منسقاً و مدهشاً ... فأسر الزعيم الصمت لان الموقف و المشهد كان افصح و ابلغ من كل بلاغة و بيان .. و عندما خاطب الزعيم شعبه بلغة الوجدان كان الشعب راضياً و فرحاً و ممتناً بالقائد الجسور .. لوح القائد للشعب بكلتا يديه فحلقت روحه لتعانق افئدة الحاضرين و المشاهدين .. فهل كان قائدنا يعلم بأنه في لحظة من لحظات الاستقبال و الوداع معاً .. هل كان يقول في صمت شكراً جزيلاً لمن احبهم و اخلص و تفاني في اخلاص الحب و الود لهم .. واعداً بتقديم باقي العمر مهراً لهذا الحب الخالد لشعب يستحق الحب حتي الموت لان من الحب ما قتل ... لقد سعي القائد لاجل احبائه السعي الحسن ... عمل لاجلهم و قد اكمل السعي والعمل و اتمه علي اكمل وجه .. أتم القائد كل العمل الذي خطط له بدقة و باقتدار و امتياز يحسد عليه ....... أحضر القائد الوديعة و الامانة العظيمة و سلمها للشعب لحظة تكريمهم له و لحظة وداعه لهم .. فبينما كان كل الشعب يستقبل قائده و زعيمه البطل بلهفة و حرارة و شوق كان القائد ويودع الشعب الوداع الاخير و كان وداعه وداع الواثق بنهاية المرحلة و نهاية لرحلة طويلة .... كانت الامانة التي سلمها القائد للشعب حلماً جميلاً جسدها امامهم واقعاً و حقيقةً .. كان الناس يحلمون بالحرية و العدل و المساواة بينهم بلا تميز بين عرق او دين او ثقافة او قبيله و عشيرة ... كان حلمهم هو العيش و الحياة بكرامة و عزة في وطنهم الواحد المتحد ... و الحياة الكريمة في الوطن كان حلماً لكثيرين و قد وجدوا في مشروع السودان الجديد كل الاماني و المضامين و القيم معني و مفهوم ان يكون الكل اسوياء و انداد و شركاء في هذا السودان الجديد من غير منَِ و لا اذي .. و قد استلم الشعب الوديعة كاملة غير منقوصة من يدي القائد العظيم .. فأستراح بذلك القائد من عبء حمل الامانة علي اكتافه لاكثر من اثنين و عشرين عاماً قضاها في الحل و الترحال لاجلهم ... اثنين و عشرين سنة لم يسترح فيها القائد سوي اثنين و عشرين يوماً قضاها في القصر الجمهوري بالخرطوم ... و كانت تلك الاثنين و العشرين يوم هي الايام الاخيرة له هنا في الارض و التي اشرنا اليها بأنها هي الايام التي استراح فيها .. و كانت راحته هي الراحة المعروفة عندنا في السودان براحة بخيت ... و راحة بخيت في المثل الشعبي السوداني هو راحة يعطي لصاحبها بأضافة الاعمال و الاعباء .. لانهم عندما ارادوا الراحة لبخيت جعلوا فتالاً للحبال ... في الايام الاولي القليلة التي مكث فيها في القصر الجمهوري داعبه ذات يوم الرئيس المشير عمر البشير بعد ان راه منهمكاً في عمله يستقبل هذا و يودع ذاك .. وفود تدخل اليه و اخري تنتظر دورها و القائمة طويلة ... داعب البشير نائبه الاول قائلاً ان العمل في القصر الجمهوري أصعب من العمل في الغابة .... فرد عليه النائب الاول قرنق بروحه المرحة قائلاً فلماذا لا نستبدل المواقع أبقي انا في القصر و تذهب انت الي الغابة ... و لكنه عندما عاد عودته الاخيرة الي الغابة ابتلعته الغابة التي ألفها و سبر اغورها لاكثر من اثنين و عشرين عاماً ... ابتلعته الغابة و اخفته في جوفها لانها كانت تخاف عليه من ان يبتلعه القصر .... ورجع الاسد الي الغابة و سوف لن يعود ايضاً الي القصر الجمهوري ... لم يعد الضرغام الي الغابة هذه المرة حباً و عشقاً للعرين .. و سوف لن يرجع الي القصر ليس لانه كره حياة القصور بسبب الممل و الرتابة او التعب و الكلل ... سوف لن يعود الزعيم البطل الي القصر مرة ثانية .. ذلك لانه ذاهب الي غابة ليست كغابات الجنوب التي لا ننكر سحر طبيعتها و روعة جمالها .. و الانسان في الغابات الجميلة قد لا يخشي او يخاف علي حياته من ان يفترسه وحش كاسر كما يخاف و هو يقطن القصور الرياسية التي لا تخلو من الغدر و المكر و الخيانة و سحق الارواح و سحلها ... فحياة القصور فيها ايضاً الحذر و الخوف و التوجس لا نها محاطة بالاغتيالات و الانقلابات و التصفيات الجسدية و بها مؤامرات افظع و افتك من مؤامرات الغابات ... ذهب قائدنا الي الغابة الابدية حيث ترقد الذئاب الخاطفة بجوار الحملان الوديعة دون ان تخدشها او تمسها بسوء او تصيبها بأذي ... ذهب زعيمنا الي تلك القصور التي لا يهاب فيها ساكنوها من غدر الخلان او من مكرالاصحاب لا من تربص الخصوم و الاعداء ... و هناك في تلك القصور ستستريح روحه راحتها الابدية في انتظار يوم الرب الذي سيقول له عند مجيئه ادخل الي الراحة الابدية ايها العبد الصالح الامين البار ... كنت اميناً في القليل فأقيمك علي الكثير .. ان تلك الايام القليلة التي قضاها الزعيم في القصر كانت كما اسلفنا هي ايامه الختامية و كالعارف بالنهاية التي كانت تنتظره في رحلته الاخيرة ... فقد قضي تلك الايام في عمل دؤب متواصل .. عمل كما تعمل النمل في وقت الحصاد .. لا بل عمل بنشاط و اجتهاد و همة كما تعمل ملكة النحل في الربيع ... و قد انجز القائد كل المهام التي كانت تتطلب وجوده و قف القائد علي كل التفاصيل النهائية كما اراد لها ان تكون ... وضع كل النقاط علي كل الحروف .. و عندما غادر القصر كان يدرك بأن ما فعله خلال تلك الفترة القليلة بالقصر كافي جداً حتي يسير علي خطاها الناس من بعده .. ( فطوبي لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون ) فالسلام الذي أرسي قواعدها الدكتور جون قرنق ديمبيور هو السلام الموصوف بالقول الالهي ( سلام الله الذي يفوق كل عقل ) و هذا السلام هو السلام الذي يحفظ بلادنا و وطننا السودان من كل شر و شبه شر من الان و الي الابد .. سلام الله الذي يربط البشر في وحدة اساسها المحبة و العدالة في الحقوق و الواجبات .. سلام الوحدة التي سيحرسها التنمية الشاملة و الازدهار و العمران في كل السودان بدون تحيز لفئة او تفرقة لطائفة من الناس .. وحدة السودان الجابة هي وحدة شاملة تتساوي فيها فرص العيش الكريم لجميع السودانين غض الطرف عن الانتماءات الدينية و القبلية .. وحدة جاذبة بلا افضليات و خيارات و تمييز ..
ايليا أرومي كوكو
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.